إلهام القاسمي: كـلمات محمد بن راشد مصدر إلهامي
تستعد إلهام القاسمي لتحقيق إنجاز جديد للمرأة الإماراتية، مع منتصف ابريل المقبل، عبر قيامها برحلة إلى القطب الشمالي من دون أى مساعدة أو دعم، لمدة ثلاثة أسابيع، لتكون بذلك أول امرأة عربية تطأ قدمها القطب الشمالي، وأول مواطنة إماراتية تشرع في القيام بمثل هذه الرحلة من دون مساعدة أو دعم.
وقالت القاسمي لـ«الإمارات اليوم» «كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كانت الدافع الأول لقيامها بهذه الرحلة الصعبة التي تستغرق ثلاثة أسابيع»، وتنطلق من دبي إلى مدينة لونجيربيرن النرويجية، حيث تقوم هناك بالتجهيزات والتجارب النهائية للمغامرة، كذلك الفحص النهائي لمعداتها للتأكد من سلامتها واستكمال ما ينقص من معدات، لتطير بعد ذلك إلى بورنيو وهي محطة روسية على الجليد العائم تقع ما بين خطي عرض 88 و،89 ومن هناك تنطلق مع فريقها على أدوات التزلج إلى القطب الشمالي حيث تستغرق الرحلة نحو 12 يوماً، حسب حالة الطقس.
وأوضحت «سنقوم بالتزلج عبر المحيط المتجمد وليس اليابسة، وبالتالي لن يكون هناك مسار ثابت لرحلتنا لنتمكن من للالتفاف حول الجدران الثلجية العالية التي تكونت بفعل ارتطام كتلتين جليديتين، وأحياناً لتجنب التشققات الجليدية التي تؤدي إلى مياه المحيط المظلمة وأحياناً اخرى يجب تجنب الطبقات الجليدية الرقيقة والهشة التي قد تتشقق عند المشي عليها. وأيضاً يجب التغلب على الرياح والتيارات البحرية التي عادة تحرك المنطقة القطبية في الاتجاه المعاكس للذي نسلكه، وهذا يعني أنه إذا قطعنا مسافة ثمانية أميال في اليوم باتجاه الشمال، وحين نتوقف للراحة، سيكون الجليد قد تحرك ميلين باتجاه الجنوب الشرقي».
طموح للمستقبل
وأضافت القاسمي «أعتقد أننا كأمة يمكن أن نكون أكثر طموحاً نحو الإنجازات المحتملة للجيل المقبل، بما في ذلك الإنجازات التي لا نستطيع حتى تصورها الآن، فقد عمل آباؤنا وأجدادنا بجد لبناء دولة عظيمة، وعلينا أن نواصل ذلك من خلال التحفيز والدافع، وهذا لا يتحقق بدون رأس المال البشري»، لافتة إلى انها تلقت الكثير من الدعم من شعب الإمارات، والمسؤولين على حد سواء، ولذلك تريد أن يمتلك الجميع هذا الإنجاز، وتريد لهم أن يتذوقوا طعم النجاح، وأن يتعطشوا لمزيد من الإنجازات.
رحلة من دون مساعدة
وأفادت القاسمي التي تعمل في مجال المال والحسابات، بأنها حالياً في المرحلة الثالثة من مراحل الإعداد للرحلة، التي بدأتها في أغسطس .2009 وانتظمت في برنامج تدريبي صارم جداً في نوفمبر ،2009 سبقه عام كامل قضته في بناء لياقتها البدنية العامة عن طريق التدريب ثلاث مرات أسبوعياً، موضحة أنها فضلت أن تأتي رحلتها عبر المحيط الشمالي المتجمد من دون دعم، أي ان تقتصر على استخدام الوسائل الطبيعية للإنسان، أي الساقين والذراعين، على عكس «الرحلات المدعومة» التي يتم فيها الاستعانة بوسائل غير بشرية مثل المعدات الميكانيكية. كما ستكون رحلتها لاستكشاف القطب من دون إمدادات أو إسقاط جوي أو أي مساعدات أخرى. ما يعني أنها ستحمل كل لوازم الرحلة لمسافة تقدر بـ100 ميل بحري إلى القطب الشمالي إما على زلاجة تجرها بنفسها أو على زلاجة تجرها الكلاب.
وأشارت «الغرض من الرحلة هو دفع نفسي للخروج من منطقة الراحة، وهذا يمكن تحقيقه فقط من خلال القيام بذلك، فأنت تعرف الحدود الحقيقية لما أنت قادر عليه كإنسان، لهذا السبب كانت الرحلة من دون أي مساعدة أو دعم مناسبة تماماً، أعتقد أن المتطلبات الذهنية ستكون مطلوبة أكثر من المادية. من الممكن أن يكون لديك جميع المواد لبناء مبنى بسهولة، ولكنك لن تنجح من دون الفكرة الصحيحة»، مشيرة إلى أنه سيشرف على إدارة الرحلة مشرفون من ذوي الخبرة الكبيرة وينتمون إلى واحدة من أكبر الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال، تعرف باسم «مستكشفي القطب».
وأضافت «تتضمن هذه المرحلة جولات طويلة من سحب الإطارات مع القيام بالكثير من تدريبات القوة، كما عدت أخيراً من معسكر للتدريب القطبي لمدة خمسة أيام في الولايات المتحدة في ولاية مينيسوتا، حيث محاكاة نوع البيئة والتحدي الذي سأواجهه كل يوم، وقد أجريت بعض التعديلات لبرنامج التدريب نتيجة لذلك، حيث يشرف على تدريباتي أربعة مدربين من ذوي الخبرة والإنجازات الشخصية؛ فأحدهم شارك 20 مرة في سباقات الرجل الحديدي، والثاني متمرس في تسلق الجبال، والثالث خبير في تدريبات القوة، والرابع صنف ضمن المراكز الـ10 الأولى للمتزلجين المتميزين في أوروبا. بالإضافة إلى التدريب الشخصي، ومعرفة كيفية البقاء على قيد الحياة في البيئات الصعبة، وخلال شهر مارس سأقوم برحلات جليدية في جبال الألب لمدة ستة أيام وسيشرف عليها ثلاثة من المرشدين. وخلال الرحلة سيرافقني اثنان من الخبراء في مجالات الرعاية الصحية والحماية تحت الظروف القطبية، لمراقبة حرارة جسمي باستمرار، وفحص الأطراف للتأكد من عدم إصابتها بالتجمد، أما الحماية الوحيدة المطلوبة في القطب فستكون من الدببة القطبية، وسنستخدم المشاعل لتخويفها وأيضاً لدينا أسلحة نارية نستخدمها فقط إذا تعرضنا للهجوم من الدببة، وقد تلقيت تدريبات خاصة على كيفية الاستخدام الصحيح لهذه الأدوات».
واعتبرت القاسمي نفسها محظوظة بالدعم الكبير الذي تجده من أفراد أسرتها، على الرغم من قلقهم على سلامتها خلال الرحلة، مشيرة إلى ان والدها سيقوم بمرافقتها حتى آخر نقطة في النرويج قبل بداية الرحلة، أما إخوتا فسينضمون إليه في هذه النقطة لحين عودتها، وتابعت «والدتي تعطيني يومياً أفكاراً جديدة عن الأدوية الشعبية القديمة التي تساعد في زيادة مناعة الجسم لكي اتناولها أثناء الرحلة».
| استعدادات ذهنية
قالت إلهام القاسمي «يعد التدريب البدني الجانب الأهم في استعداداتي، وهو شاق للغاية، وهناك أيضاً الإعداد الذهني؛ من خلال الكثير من التأمل، وتدريبات اليوغا والحوارات مع الأشخاص الموثوق بهم، خصوصاً الأسرة، حيث شاركت في برنامج تدريبي لليوغا لمدة تسعة أيام، تضمن ممارسة الصمت للمساعدة في التحضير للرحلة ذهنياً، كذلك أُكثر من الدعاء والتضرع إلى الله في هذه الأيام لإيماني العميق ان الشعور بالقرب من الله من أهم عوامل النجاح، وأضافت «أيضا تمثل التغذية عاملاً مهماً في الاستعدادات، فيجب علي تقريباً مضاعفة حصتي الغذائية، وأن أتحكم في نوعية الطعام الذي أتناوله الآن لكي أعتاد على كمية و نوع الطعام الذي سأتناوله خلال الرحلة، بالإضافة إلى تناول المكملات الغذائية لضمان تحقيق التوازن لجسمي بشكل كامل، وتزويده بجميع العناصر الغذائية الضرورية لتعزيز مناعتي وقوة تحملي. كذلك أهتم كثيراً في فترة التحضيرات بالحصول على قسط وافٍ من النوم العميق لا يقل عن ثماني ساعات يومياً، والالتزام بالنوم مبكراً لأستيقظ نشيطة للقيام بدورتين تدريبيتين يومياً، وهذا يعني أيضاً أن حياتي الاجتماعية قد توقفت قبل بضعة أشهر، حيث إن كل وقتي خارج العمل مخصص للتحضير للرحلة، ويعد هذا تغييراً جذرياً في حياتي». |
تحديات وصعوبات
وقالت القاسمي ان «التحدي الأكبر الذي واجهها في الإعداد للرحلة، تمثل في الحصول على الدعم المالي الكافي. وعلى الرغم من الحماس الكبير الذي وجدته من قبل مؤسسات في الدولة، وتعهد (طيران الإمارات) وبنك الإمارات دبي الوطني بدعم الرحلة راعيين لها، إلا أنني مازلت في حاجة إلى المزيد من الدعم لتغطية بقية تكاليف الرحلة، وهو ما آمل ان يتحمس له رعاة من القطاع الخاص، وان ألقى دعماً من الحكومة لدعم هذا الإنجاز لدولتنا الحبيبة وللعالم العربي ككل. وأيضا لابد من تغطية التكاليف الأساسية للرحلة للسماح لي بالتركيز على جمع المال لجمعية خيرية بالتعاون مع الرحلة»، لافتة إلى ان الصعوبات لم تقتصر على الجانب المادي فقط، ولكنها شهدت مشكلات بدنية بعدما أصيبت قصبة رجلها بسبب كثرة الجري، ما اضطرها إلى خفض التمارين، كما أصيبت بفتق اضطرها إلى التوقف تماماً عن التدريب لمدة 10 أيام، إلى أن تعافت من العملية الجراحية التي اجرتها.
وأكدت «هذه النكسات كانت مهمة جداً لأنها اختبرت التزامي الذهني، فضلاً عن قدرتي على اتخاذ قرارات مسؤولة، وإصراري على إتمام الرحلة بأكملها من خلال الاستمرار في التدريب مع معاناة الإصابة، وكانت هذه المشكلات بمثابة تجربة عملية لكيفية مواجهة الإصابات والتغلب عليها، ففي النهاية أشعر بأن جميع التحديات تقوم ببناء الشخصية، لذلك لا يسعني إلا أن أكون ممتنة ومتطلعة إلى المستقبل، إيجابية ومتجهة نحو الهدف».