بدء أعمال إنشاء «اللوفر أبوظبي»

دشن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعمال إنشاء متحف «اللوفر أبوظبي» الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، بحضور الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمس، في فندق «قصر الإمارات» في أبوظبي.

وأكد صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أن «الإمارات تخطو خطوة مهمة في هذه الشراكة الثقافية التي ستقود إلى تطوير متحف اللوفر أبوظبي صرحاً جديداً للثقافة والفنون الإنسانية».  

 

ساركوزي ومحمد بن زايد يتفقدان معرض فعاليات برنامج «حوار الفنون». تصوير: إريك أرازاس


وأشار ساركوزي إلى الاحترام الكبير الذي تكنّه فرنسا إلى أبوظبي شعباً وقيادة، وقال «فرنسا تشارككم اليوم الاحتفال بهذا الحدث المهم، لثقتنا بأنكم تؤمنون، مثلنا، بأن للثقافة دور جوهري في بناء حضارات الشعوب».

وأضاف «بدأنا معاً رحلة فريدة للتبادل والتعاون الثقافي في ما بيننا، وأنا على ثقة بأن هذا التعاون سيزداد متانة وأن شراكتنا ستزداد قوة وصلابة».

وقال الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن «علاقات الصداقة التاريخية بين أبوظبي وفرنسا قد تزداد متانة وعمقاً مع كل مرحلة، يتم إنجازها في مشروع متحف اللوفر أبوظبي المشترك، الذي سيكون منارة للإشعاع الحضاري والثقافي في المنطقة والعالم»، مشيراً إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي إلى الدولة تترافق مع انطلاق عمليات تشييد متحف اللوفر أبوظبي، الذي يجسد على أرض الواقع طموحات الجانبين الإماراتي والفرنسي لتعاون حقيقي في المجال الثقافي في ما بينهما.

ووضع ساركوزي والفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الحفل رسالتين داخل «الكبسولة الزمنية» الرمزية، التي سيتم وضعها في وقت لاحق في متحف اللوفر أبوظبي، بعد أن تسلماهما من طفلين، إماراتي وفرنسي.

وافتتحا فعاليات برنامج «حوار الفنون: اللوفر أبوظبي» الذي يتم في جلساته الكشف عن مفهوم متحف اللوفر أبوظبي، ويستمر حتى الثاني من يوليو في «غاليري وان» في فندق «قصر الإمارات».

وتفقد الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وضيفـه خـلال افتتاح فعاليات البرنامج المعروضات الفنية النادرة التي ضمها «غاليري وان»، والتي تضم باكورة الأعمال الفنيـة الخاصـة بمقتنيات متحف اللوفـر أبوظبي، بالإضافـة إلى أعمـال فنيـة وأثريـة من «متحف اللوفر» في باريس ومتاحف فرنسية.

بوابة مثالية

وقال الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث رئيس مجلس إدارة شركة «التطوير والاستثمار السياحي»، إن «حوار الفنون: اللوفر أبوظبي» بوابة مثالية للتعرف عن قرب إلى الآفاق الثقافية والفنية الرحبة التي سيتيحها متحف اللوفر أبوظبي لزواره في المستقبل القريب، وأن الحدث يوفر أيضاً لمحـة عن أجواء ورؤية المتحف، قبل اكتماله فعلياً في «المنطقة الثقافية» في «جزيرة السعديات».

وأضاف «نرحب بضيوفنا من قادة الحركة الثقافية والفنية وخبراء المتاحف في فرنسا الذين حرصوا على الانضمام إلينا في افتتاح البرنامج، وإدارة سلسلة من الندوات وحلقات النقاش العامة حول متحف اللوفر أبوظبي، ودوره المنتظر جسراً للحوار الثقافي».

وقال مدير متحف اللوفر في باريس، هنري لويريت، «يعد متحف اللوفر أبوظبي مشروعاً فريداً، وهو ليس محاولة لتشييد نسخة من متحف اللوفر، بل سيتمتع بخصوصية ثقافية وشخصية جديدة تماماً، مستفيداً من المقومات الرئيسة لمؤسستنا العريقة، وفي مقدمها المهارات والخبرات الفرنسية في قطاع المتاحف، وتكاملها مع روح الانفتاح الحضاري التي تتسم بها الإمارات، ليضيف بذلك بعداً جديداً لهويته العالمية».

مجموعات فنية

وإلى المقتنيات الفنية النادرة التي يعرضها «حوار الفنون: اللوفر أبوظبي»، يقدم المعرض أيضاً فيلماً وثائقياً قصيراً يتناول رؤية جان نوفيل لتصميم المتحف كمدينة متكاملة فوق جزيرة مستقلة بحد ذاتها، حيث تتداخل أشكال وخطوط هندسية مستمدة من الفنون العربية العريقة في نسيج واحد، يحتضن اتجاهات فنية عديدة من ثقافات وحضارات مختلفة.

ويرافق الفيلم معرض صور ضوئية كبيرة الحجم للفنان توماس ستروث، تقدم إطلالة على قاعات عرض متحف اللوفر، وتتميز بالجمع بين انطباع الزائر والرؤية الناقدة للمصور الفنان.

وسيضم متحف اللوفر أبوظبي، المقرر اكتماله بين عامي 2012 و،2013 مجموعات فنية مهمة من كل العصور والاتجاهات الفنية وجميع المناطق الجغرافية في العالم، بما فيها الاتجاهات الفنية المعاصرة التي ستُظهر العلاقة المتبادلة بين الأعمال الفنية العالمية على تباين أشكالها وحقبها الزمنية. وسيعرض مجموعات مستعارة من متحف اللوفر في باريس ومتاحف فرنسية، إلى جانب مجموعته الخاصة التي يجري تجميعها حالياً. وسيقدم أرضية مثالية للجمع بين الفنون الجميلة وأعمال تشكيلية وقطع أثرية تم اقتناؤها من مختلف أنحاء العالم، بأسلوب عرض فريد من نوعه في مجال المتاحف.

وتهدف رؤية جان نوفيل لتصميم المتحف، الذي يشغل مساحة 24 ألف متر مربع (260 ألف قدم مربعة)، إلى تشييد مُجمع من الأجنحة والساحات والممرات والقنوات، تتلاحم في ما بينها لترسم ملامح مدينة تطفو فوق سطح البحر. وسيعلو مبنى المتحف قبة كبيرة، يبلغ قطرها نحو 180 متراً، تتميز بخطوط وأشكال مستوحاة من الهندسة المعمارية العربية التقليدية، وتسمح بمرور الضوء الطبيعي من خلالها.

 
خصائص التصميم

استفاد المعماري العالمي الذي تولى مسؤولية تصميم متحف اللوفر أبوظبي، جان نوفيل، من خصائص موقع «جزيرة السعديات»، فهي جزيرة طبيعية نقية وسط البحر بين الرمال والمياه والضوء والظلال. ويهدف التصميم إلى تزويد الزوّار بخبرات فنية ومعمارية متنوّعة ومتباينة، تطرح في حد ذاتها حواراً حراً بين الثقافات. وتغطي قبة على شكل مظلة كبيرة، قطرها 180 متراً نحو ثلثي مساحة المتحف، وهي تحمل البصمة المعمارية التي تميّز التصميم المعماري المساجد، والأضرحة، إذ تستند إلى أربعة أعمدة، وتحتضن الماء، لتستحضر تراثها المعماري العريق في قالب هندسي حديث. وتنخفض خطوط القبة بصورة حادة، لتتلاحم مع مكونات المتحف، وتمتزج بالضوء.

ونجح جان نوفيل في رسم ملامح حوار بين التراث المعماري والتجارب الفنية البصرية، وصياغتها في علاقات أساسية بين الضوء والظل، والموازنة بين ارتفاع وانخفاض حرارة أجواء المتحف. وتزاوج القبة بين الخطوط والأشكال الهندسية الفريدة للمشربية، وهي أحد المكونات التقليدية الأصيلة والرئيسة في تقاليد الفنون التشكيلية الشرقية التي تقدم في الوقت نفسه نظام تكييف هواء طبيعي.

وتسمح الثقوب، الموزعة بصورة تبدو تلقائية لكنها مصممة بتتابع هندسي دقيق، للضوء بالنفاذ بحرية إلى المتحف، وتغطية قاعاته وساحاته برفق، بينما توفر ممرات مظللة للزوار، ما يضمن التحكم في درجة الحرارة من دون حجب الضوء الطبيعي.

وتستدعي «قطرات» الضوء التي تهطل من القبة صورة «التعريشات» التقليدية التي تترك ظلالها على الجدران، الستائر، وتنثر الضوء الخفيف عبر أسواق وأزقة المدينة «المتحف».

الأكثر مشاركة