ملتقى كُتّاب المقال الإماراتي.. «مسارات حوارية» بين المبدعين والمؤسسات الثقافية        

بالتعاون مع مكتبة محمد بن راشد، وبمشاركة نخبة من كتاب المقال والباحثين والإعلاميين، نظمت جائزة المقال الإماراتي ملتقى كتّاب المقال الإماراتي، الذي ناقش تطوّر هذا الفن ودوره في المشهدين الثقافي والإعلامي، وفي فتح مسارات للحوار بين المبدعين والمؤسسات الثقافية.

وتضمن برنامج الملتقى جلسة حوارية حملت عنوان «مستقبل المقال الإماراتي»، استعرضت مسار المقال الإماراتي والتحولات التي شهدها في ظل المتغيرات الثقافية والإعلامية، إلى جانب ورشة تدريبية موجهة للكتاب الشباب، ركّزت على تطوير أدوات الكتابة والتحليل وصياغة الرأي بأسلوب احترافي، كما شهدت الفعاليات برنامجاً مهنياً يتيح للكتاب التواصل مع دور النشر والمؤسسات الثقافية لبحث آفاق تعاون مستقبلية، ومعرضاً للكتب سلّط الضوء على أبرز إصدارات المقال الإماراتي وأعمال رواده.

وجرى خلال فعالية الملتقى، الذي يُقام للمرة الأولى، إطلاق كتاب «مقالات الدورة الأولى لجائزة المقال الإماراتي 2025»، الذي يقع في جزأين، وضم 104 مقالات للمشاركين، مقدماً نماذج تعكس رؤى كتابها في تناول قضايا المجتمع المعاصر، فيما كشفت الجائزة استعدادها للإعلان عن دورتها الثانية منتصف يناير 2026.

فروع جديدة

وفي قراءة لأهداف الجائزة، قال رئيس مجلس أمناء جائزة المقال الإماراتي، الدكتور عبدالخالق عبدالله، لـ«الإمارات اليوم»: إن الجائزة «جاءت لتواكب المشهد الأدبي والثقافي الإماراتي المزدحم بالفعاليات والرواد»، مؤكداً «ظن البعض أن المقال الإماراتي كان من الفنون التي لم تنل نصيبها من الإنصاف، لهذا السبب ولدت جائزة المقال الإماراتي لتعيد للمقال بريقه، وتمنحه قيمته الأدبية والتكريمية، لاسيما أن لدينا رواداً وكتاباً منذ نحو 50 عاماً لايزالون يواصلون مسيرة الإبداع، وقد كشفت الدورة الأولى من جائزة المقال الإماراتي، التي طرحناها أول مرة، حضوراً لافتاً لكتاب من جيلين، مخضرم وجديد، وذلك على الرغم من شروطها الصعبة، وأبرزها أن يكون المقال في حدود 1000 كلمة، لكننا فوجئنا بتدفق التجارب الإبداعية».

وفي السياق نفسه، أشار عبدالخالق عبدالله إلى أن الدورة الأولى حملت مفاجآت متصلة بغزارة المشاركات وجودتها، مؤكداً «وجدت لجان التحكيم أعمالاً كثيرة لا يمكن إلا أن تنال التقدير، خصوصاً أن الإمارات أرض الجوائز وعاصمة الجوائز العربية وفيها أكثر من 70 جائزة ثقافية وأدبية»، منوهاً بأن الجائزة جاءت لتستكمل رسم هذا المشهد وإثراءه وتحسينه. وحول التطوير في قواعد الجائزة في دورتها الثانية قال عبدالخالق عبدالله: «راجعنا الدورة الأولى واقترحنا فروعاً تستحق الاحتفاء، منها استحداث المقال الفني، وفئة كاتب المقال الواعد لمن دون 18 عاماً، كما أضفنا فرع الكاتب المقيم الذي يكتب باللغة العربية عن قضية إماراتية، لتصبح فروع الجائزة تسعة بدلاً من ستة فروع في الدورة الأولى».

للمرة الأولى

على صعيد متصل، أكد عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم وعضو مجلس أمناء الجائزة، جمال الشحي، أن مكتبة محمد بن راشد شريك لجائزة الإمارات للمقال الإماراتي، وكان لها دور كبير في دعم هذا الجائزة، قائلاً: «لاشك أن إقامة هذا الملتقى للمرة الأولى جاءت ثمرة هذا التعاون الذي سيغدو سنوياً، وذلك، بعد أن بات لكتّاب المقال الإماراتي بُعد عربي عبر نشر كتاباتهم في صحف عربية، كما أن التكنولوجيا فتحت طرقاً جديدة للنشر بعيداً عن الطريقة الكلاسيكية، وأن الهدف يتمحور حول بناء جيل جديد يفهم تقنيات كتابة المقال بشكل صحيح، ويقدم حضوره الفاعل في المشهد الثقافي، لهذا أرى أن الجائزة تمنح المشاركين فرصة لحضور أوسع على كل المستويات».

وأكد الشحي أن ملتقى كتّاب المقال الإماراتي يمثل أهم فعالية في جائزة المقال الإماراتي، واصفاً الحدث بأنه «حفل ثقافي لكتاب المقال الإماراتي»، مضيفاً «لا شك أن فن المقال الصحافي أثبت وجوده بالتوازي مع الرواية والقصة القصيرة والشعر، خصوصاً أن مقالاً واحداً يمكن أن يؤثر ويصنع رأياً عاماً، فيما استطاع المقال الإماراتي أن يتكيف مع مشهد ثقافي متنوّع ومتطوّر، والدليل وجود عدد كبير من كتاب المقال الإماراتيين في الجرائد العربية»، معتبراً أن جائزة المقال الإماراتي التي تُعد الأولى في المنطقة باتت تملك مؤسسة ومنصة ترعاها.

قضايا إنسانية

بدورها، قالت عضو مجلس أمناء الجائزة، الدكتورة مريم الهاشمي، لـ«الإمارات اليوم»: إن الجائزة «جاءت لتعيد النظر في مفهوم المقال داخل المجتمع الثقافي وفي أفق التلقين، خصوصاً أن الوعي الجمعي يحصر المقال غالباً في القضايا المجتمعية والسياسية، بينما الهدف هو نقل الوعي إلى تعدد أشكال المقال ووظائفه»، وأضافت «الكتابة عن فيلم سينمائي أو ظاهرة ثقافية يمكن أن تكون مدخلاً لقراءة المجتمع، تماماً كما يفعل المقال حين يتناول القضايا العميقة والتحولات التي يمر بها المجتمع العربي على سبيل المثال».

وشدّدت الهاشمي على أن الأقلام الإماراتية المشاركة لم تهمل القضايا العربية، بل كانت مواكبة وملامسة ومتماهية مع القضايا العربية والقومية والإنسانية، مؤكدة أن الناقد الإماراتي مطالب بأن يكون ملماً بكل الفنون لأنه «لا يمتلك رفاهية التخصص»، مضيفة «لايزال النقد مواكباً للتطورات الأدبية والتحوّلات الإبداعية في دولة الإمارات، لهذا السبب ظل المقال النقدي حاضراً بوصفه أداة للارتقاء بالكتابة وتطوير الحس التحليلي».

الجيل القادم.. رائد المستقبل

في رسالته للجيل الجديد، أشار رئيس مجلس أمناء جائزة المقال الإماراتي، الدكتور عبدالخالق عبدالله، إلى أن منصات التواصل الاجتماعي لا تلغي المقال المكتوب، وأن الفضاء الرقمي «فعل إضافة لا فعل إلغاء»، مؤكداً: «لا أخشى غياب قارئ أو كاتب، لهذا السبب أدعو إلى التواصل بين الجيل المخضرم والجيل الجديد، فرائد المستقبل، الذي يرتقي بالمقال الإماراتي إلى العالمية، موجود في الجيل القادم».

الأكثر مشاركة