«الأسبوع الإماراتي - الصيني».. تبادل معرفي وحضاري

أكد مثقفون عرب وصينيون أهمية كتاب الرئيس الصيني شي جين بينغ «حول الحكم والإدارة»، لكل من يسعى للتعرف إلى الصين من الداخل، وفهم أبعاد التجربة التنموية في الصين، فضلاً عن إنجازات الرئيس الصيني، والرؤية التي استندت إليها هذه الإنجازات، مشددين على عمق العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتعدد مجالاتها وتنوعها، وأن الثقافة والفنون تلعبان دوراً بارزاً في تعزيز التعاون المشترك بين البلدين. كما اعتبروا زيارة الرئيس الصيني لدولة الإمارات علامة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.

أسبوع الأفلام الصينية

تجسيداً لما تمثله الفنون من أهمية في العلاقات الصينية - الإماراتية المشتركة، تم أمس إطلاق «أسبوع الأفلام الصينية»، ضمن فعاليات «الأسبوع الإماراتي الصيني»، ويتضمن عرض خمسة أفلام على مدى أسبوع مجاناً للجمهور، في منارة السعديات ودور العرض. وأوضح رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، محمد خليفة المبارك، أن الأسبوع يعرض روائع السينما الصينية للجمهور في أبوظبي والإمارات، بما يعكس تنوع وعمق ما تقدمه من أعمال، إلى جانب سلسلة من الحوارات واللقاءات المصاحبة، وهو ما يعزز العلاقات المشتركة بين البلدين، القائمة على التكامل والتفاعل الحضاري. وأوضح نائب وزير تنفيذي لدائرة الدعاية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني رئيس الهيئة الوطنية للسينما وونج شاو هوي، أن الصين تشهد زخماً كبيراً في الإنتاج السينمائي في الفترة الأخيرة، معرباً عن أمله في أن تسهم الأفلام المختارة للعرض في تعريف الجمهور في الإمارات بالمجتمع الصيني، كما توقف أمام محطات تعاون بين البلدين في مجال الإنتاج السينمائي، منها عرض فيلم «الحب العذري» في دبي، والحفاوة التي وجدها العرض، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التعاون بين البلدين في إنتاج وتصوير وعرض الأفلام.

وتحدث السفير الصيني لدى الإمارات ني جيان، عن أهمية الأفلام في التعريف بالآخر، باعتبارها تعكس تاريخ الإنسان، والتغيرات التي تطرأ على المجتمعات، كما تقدم خبرات وتجارب متعددة للمشاهد.

- الشيخ زايد أدرك مبكراً أهمية الانفتاح على العالم لأجل ترسيخ مكانة الإمارات وجهة عالمية للتسامح.

5 أفلام يتضمنها «أسبوع الأفلام الصينية» هي: «اغرب بعيداً يا سيد روم»، و«السمكة الكبيرة والبيغونيا»، و«حرب الذئاب2»، و«صيد الوحش»، و«عاصفة الصحراء».

جاء ذلك خلال تدشين النسخة العربية من كتاب الرئيس الصيني، ومعرض للكتب الصينية، صباح أمس، في منارة السعديات بأبوظبي، ضمن فعاليات «الأسبوع الإماراتي الصيني»، الذي يستمر حتى 24 يوليو الجاري، وحضر الحفل الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ونورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، والدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة رئيس المجلس الوطني للإعلام، والدكتور علي بن تميم، مدير عام شركة أبوظبي للإعلام، وني جيان، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الدولة.

وأكدت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة بنت محمد الكعبي، في افتتاح الحفل، الدور الكبير للرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات من الآباء المؤسسين، طيّب الله ثراهم، إلى الأبناء حاملي الأمانة، التي وضعت نصب عينيها الريادة في تعزيز قيم التواصل والتلاقي وتقدير ثقافة الآخر، بوحي من إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، الذي أدرك مبكراً أهمية الانفتاح على العالم، لأجل ترسيخ مكانة الإمارات وجهة عالمية للتسامح، ومنصة لتلاقي وتكاتف الإنسانية جمعاء، وهو القائل: «إن بابنا مفتوح وسيظل دائماً كذلك».

وأضافت الوزيرة الكعبي أن انفتاح دولة الإمارات لا يقتصر على الجوار القريب فقط، الذي تضمن علاقتنا الشقيقة الوطيدة معه روابط النسب والدم واللغة والدين، ووحدة المسيرة والمصير، بل على العالم كله من أدناه إلى أقصاه، عبر انتهاج سياسات التلاقي والتكامل والتعاون مع العالم في جميع المجالات، ومع الصين خصوصاً، والتي أطلق الرئيس شي جين بينغ، في عام 2013 خطتها التنموية «الحزام والطريق»، مستهدفة تحقيق النهضة والاستدامة آسيوياً، عبر إحياء طريق الحرير التاريخي، وهي الخطة التي رحبت بها الإمارات، واعتبرتها فرصة تاريخية للعب دور مؤثر في حركة التجارة الدولية بريادتنا الاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية والمعرفية، ومكانتنا العالية الاستراتيجية الرائدة، وقدراتنا اللوجستية الاستثمارية.

وقالت الكعبي: «نسعى مع الصين إلى تعميق وتمتين العلاقات الثقافية والمعرفية، وقد اجتزنا شوطاً كبيراً في هذا الجانب، وحققنا إنجازاً مهماً يتبلور كل يوم في مزيد من مبادرات الترجمة والنشر والتوزيع، وبرامج الابتعاث للطلبة وتعليم اللغتين العربية والصينية في كل من البلدين، وتوجيه شبابنا وخريجينا إلى الصين كخيار علمي وعملي، ونموذج مثالي لاكتساب الخبرات والمعارف، خصوصاً إذا اشتملت على تجربة عريقة في الحكم الراشد والواعي، والمقتدر على أن يحقق التنمية ويعزز الاستدامة والوفرة والرخاء لبلد المليار والنصف مليار، هذه المعرفة المتمثلة في كتاب شي جي بينغ (حول الحكم والإدارة)، وهي المعرفة الأكثر أولوية للقراء، ليس في الإمارات فقط، بل في وطننا العربي الكبير، فهذا الكتاب المهم يمثل مصدراً معرفياً ومرجعاً في الحكم واستراتيجيات الإدارة الناجحة». مشيرة إلى أن تعاون الإمارات مع الصين هو أكثر من مجرد تبادل اقتصادي وتجاري، بل هو تكامل ثقافي وإنساني، واستمرارية تبادل معرفي وحضاري لخير البلدين ورفاه الشعبين.

وأوضح نائب وزير تنفيذي لدائرة الدعاية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وونج شاو هوي، أن كتاب الرئيس الصيني «حول حكم الإدارة» يقدم مقاربة للتجربة الصينية في الاشتراكية والانفتاح والإصلاح الاقتصادي، لافتاً إلى أن أفكار شي جين بينغ توضح الحكمة الصينية المستلهمة من تجارب الحزب الشيوعي الصيني، وحضارات البلاد التي تعود لأكثر من 5000 عام، كما يدعو إلى استشراف المستقبل.

بينما أشار السفير الصيني لدى الإمارات ني جيان إلى أن الكتاب يوفر إرشادات للأمة الصينية، لتحقيق نهضتها المنشودة، كما يشدد على القيم الصينية التقليدية مثل الصداقة وحق الجيران والانسجام واحترام الاختلاف والتباين. موضحاً أن الإمارات تمثل نموذجاً للانفتاح والتنمية في الشرق الأوسط. كما لفت إلى أن مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها الصين، تتوافق مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإحياء طريق الحرير القديم.

«حول الحكم والإدارة»

وأعقب حفل تدشين النسخة العربية من كتاب الرئيس الصيني شي جين بينغ «حول الحكم والإدارة» ندوة لمناقشة الكتاب، تناول المشاركون فيها جوانب مختلفة منه، وأشار السفير الإماراتي السابق لدى الصين عمر البيطار، إلى أن الكتاب يسلط الضوء على فكر الرئيس ورؤيته، ويقدم توثيقاً مميزاً لتصريحاته وخطاباته، بما يسهم في إدراك نظام حكمه وخططه لقيادة البلاد والنهوض بها. معتبراً أن أهم ما يميز برنامج الرئيس هو محاربته الفساد، وعمله على تحقيق العدالة الاجتماعية، ووضع الشعب على قيمة الأولويات، كما يقوم البرنامج على أسس مهمة مثل الاهتمام بالتعليم وتعزيز الثقافة وتطوير قدرات الإنسان والتطور التكنولوجي، في حين ترتكز سياسة الرئيس على تحقيق التعايش المشترك للبشرية، وهو ما يجسده مشروع الحزام والطريق الأممي ومشروع البنك الآسيوي للتنمية. من جانبه ذكر مدير إدارة برامج المكتبة الوطنية في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي سعيد حمدان، أن كتاب شي جين بينغ يقدم تعريفاً متكاملاً للداخل الصيني، وعلاقات بلاده مع العالم، ويؤكد ضرورة إنجاز وبناء مجتمع الحياة الرغيدة بشكل كامل، وترسيخ الثقة الذاتية بالثقافة، والاهتمام بالأسرة، وتحسين معيشة الشعب، وبناء الصين الجميلة. لافتاً إلى إشارة الرئيس الصيني في كتابه إلى الفساد، باعتباره أكبر مهدد لتنمية المجتمع. كما أشار إلى أن الرئيس الصيني يتحدث في الجزء الأول من الكتاب بحميمية كبيرة عن العلاقة مع العرب. مشيراً إلى استمرارية العلاقات الصينية العربية، وتجذرها منذ طريق الحرير القديم.

الأكثر مشاركة