«دبي.. أيقونة الحياة».. علي أبوالريش يتغنّى بـ«نوّارة البحر»
جرعة تحتفي بالكتاب ومنابع المعرفة في شهر القراءة بالإمارات.. تطلّ على عناوين مازالت محمّلة برائحة المطابع.. تبرز إهداءات إلى البلد الطيب أو لأعزاء محلهم القلب، وتغريدات من عالم غير افتراضي، وقطرات من ندى الماضي، وغيرها مما تيسر.. علّها تكون إشارات على حدائق ذات بهجة: الكتب في شهرها.
بلغة أنيقة تشبه المدينة، وغلاف يشع ببريق ذهب «ساروق الحديد»، يطلّ كتاب «دبي.. أيقونة الحياة» للمبدع علي أبوالريش، ناسجاً لذات الأحرف الثلاثة: الدال والباء والياء، أغنية ممتدة، وقصيدة طويلة، وخيالات تذهب في كل الجهات: تحلّق مع برج خليفة، وتغتسل بصفاء الخليج، وتستريح على ضفاف الخور، ولا تنسى التاريخ، فتتنقل بين قلعتي الفهيدي، ونايف، حيث روح المكان العتيقة.
| 127 صفحة، يضمها الكتاب الذي صدر حديثاً عن دار مداد الإماراتية. «دبي جاءت من «دال» الدهشة، و«باء» البسمة، و«ياء» اليسر». |
يستهل الكاتب الإماراتي الرحلة مع صانع «الأيقونة»: «مروض ركاب الحياة، مدلل حنين الخيل»، المنطلق من محبة الوطن ليصنع واحة يتحدث عنها كثيرون، وتجتذب الجميع إلى «حكمة الصحراء» وحكيمها، وعاشق الخيل: «بحكمة الصحراء ناولت الوطن رغيف الأمل، وجمرة التأمل، أمعنت في السرد.. أنعمت في القصد، والمقصود هو الوطن. بحكمة الصحراء، يا لها من فكرة جذلة، يا له من فجر صحا باكراً، ليوقظ الأبناء الصغار والكبار، كي يغسلوا وجوههم وينهضوا لإكمال الرحلة إلى القمر واستكمال رسم اللوحة المدهشة، يا له من نهار يفرك أجفان الناعسين، ثم يشير إلى الأفق، بأن هناك... لابد أن تنهي آخر السطر ليبدأ القطار في الرحلة التالية إلى محطة أخرى».
عقود الكلمات
ومع فضاءات دبي وروحها، يكمل مبدع «ثنائية الروح والحجر» و«زينة الملكة»، إذ لا تنتهي الصور ولا عقود الكلمات التي يصوغها علي أبوالريش، فدبي من وجهة نظره وبعين قلمه: «اسم يخرج من قائمة الأسماء والأشياء، فتكون دبي فقط... لا تتماهى مع النجوم، ولا تسابق إلا نفسها، فتكون هي نفسها، ويكون الزمن في مؤخرة العربات التي تركتها دبي عند أول محطة للسباق.. بحكمة الصحراء، هذه هي دبي الكوكب الذي مر على الزمن ثم سبقه، ثم تابع السير باتجاه المحطات المستحيلة، ليصبح المستحيل مجرد خرافة لا يطلقها إلا الكسالى».
ورغم أن كتاب «دبي.. أيقونة الحياة» الصادر حديثاً عن دار مداد الإماراتية في 127 صفحة، يعد بمثابة قصيدة وحالة متصلة عن المدينة، إلا أن المؤلف علي أبوالريش ينوّع في تلك القصيدة، ينثرها أحياناً – وهذا هو الغالب – وينظمها أحياناً أخرى، لاسيما في البداية والنهاية، إذ يسوّر أغنيته إلى دبي بأبيات، منها: «فأنت الغموض وأنت النهوض.. صنعت التفوق والمستحيلا.. وأسرجت خيلاً إلى الامتياز.. فنلت التميز والسلسبيلا»، ذلك في البداية، أما في الختام، فيقول: «يا إلهي.. عندما تأتي دبي.. ما الذي يسكن فينا؟ ما الذي يصبح ورداً.. ورياحيناً وتيناً؟ فكل شيء يحتوينا.. يغدق الحلم جنوناً.. وفنوناً.. ويقيناً».
حوار محب
يبدو علي أبوالريش وكأنه في سباق مع اللغة والقاموس والصور، كيما يظفر بما يناسب تلك التي يصفها، يحول المدينة إلى محبوبة يحاورها ويهديها كلماته: «دبي ألاحظت كم تشبهين النجوم الجميلة وبساتين الله والخميلة، ألاحظت أنك مثل أحلام الطفولة وأنفاس امرأة جليلة، ألاحظت يا دبي، أنك في الأصل جملة ما خطرت في رواية ولا حكاية، ولا في فضائل الفضيلة، ألاحظت يا دبي أنك كنبتة برية استلقت على وهاد الكون مدللة سليلة».
لا كلمة تداني دبي في حيزها لدى علي أبوالريش، فكل المفردات تالية لها، إذ لا يملّ المؤلف من التغزل في العيون التي يعشقها ونوّارة البحر والواحة والنجمة.. والكثير من أوصاف التألق في هذا الفضاء الجمالي، ولا ينسى صاحب الكتاب بالطبع أن يقرن هذه المدينة، بما تجيد صناعته: الفرح والتعايش ونقطة لتحقيق الأحلام: «المدينة الفاضلة» كما لا يمل من الحديث عنها علي أبوالريش.
إعداد ــــ محمد إسماعيل