«اللوفر أبوظبي».. 620 تحـفة تروي رحلة الإنسانية والحضارة البشرية

بحثاً عن الروابط بين الإنسان في كل زمان ومكان؛ يأخذ متحف اللوفر أبوظبي، الذي كشفت عنه أبوظبي، أمس، زواره في رحلة إنسانية وتاريخية نادرة، يروي فيها قصصاً عالمية عن تطور البشرية والحضارة في كل أنحاء العالم، عبر أكثر من 620 عملاً فنياً تضمها مجموعة مقتنيات المتحف، توزعت على 12 فصلاً امتدت على مساحة 6400 متراً مربعاً، وتظللها تلك القبة التي استمدها المصمم العالمي جان نوفيل، مصمم المتحف، من البيئة التراثية في الإمارات ومن ظلال أشجار النخيل في الواحات، ليصنع منها ما يشبه المظلة التي تسمح بدخول أشعة الشمس نهاراً، وفي المساء تتلألأ النجوم التي يضمنها تصميم القبة بالضوء لتبدو القبة مثل سماء مرصعة بالنجوم تطفو على سطح المياه التي تحيط بها، وهو ما يصفه نوفيل قائلاً: «كان المراد إنشاء عالم مضياف يجمع بين الضوء والظل وبين التأمل والهدوء، ينتمي إلى بلد محدد بتاريخه وجغرافيته دون أن يكون تجسيداً سطحياً أو متكلفاً لتقاليد تؤدي إلى الملل. إنه مكان هادئ ومعقد في آنٍ معاً، وهو بذلك يكرس مفهوماً مختلفاً عن المتاحف المحيطة».

- اللوفر أبوظبي ليس مجرد متحف، لكنه جولة عبر التاريخ، ومركز للتواصل والتسامح وقبول الآخر، وهي الرسالة التي يحملها المتحف للعالم أجمع.

- يأخذ المتحف بأروقته ومعروضاته زواره في رحلة إنسانية وتاريخية نادرة، يروي فيها قصصاً عالمية عن تطور البشرية والحضارة.

- اللوفر أبوظبي ليس مجرد مبنى يضم مقتنيات وأعمالاً فنية، لكنه مركز فني وروحي يعكس ملامح المدينة التي يوجد بها بشكل مختلف بعيداً عن التكرار.

- أسبوع افتتاح اللوفر أبوظبي مناسبة وطنية تاريخية، حيث يستقبل المتحف زواره ببرنامج حافل بالفعاليات والعروض العالمية الفنية والموسيقية وعروض الرقص.

أعمال معارة

يعرض اللوفر أبوظبي عند الافتتاح 300 عمل فني مُعار من متاحف فرنسية شريكة، من أبرزها لوحة «جميلة الحدّاد» للفنان العالمي ليوناردو دافينشي (متحف اللوفر باريس)، و«بورتريه ذاتي» للفنان فينسينت فان جوخ (متحف أورسيه ومتحف دى لا أورانجيريه)، ومنحوتة «الملاحة» العاجية النادرة من إمبراطورية بنين (متحف برانلي – جاك شيراك)، و«الكرة الأرضية» للفنان فينسينزو كورونيلّي (مكتبة فرنسا الوطنية)، وزوج من الأواني من متحف جيميه (المتحف الوطني للفنون الآسيوية)، ولوحة «نابليون عابراً جبال الألب» للفنان جاك لويس دايفيد (المتحف الوطني لقصر فرساي)، ولوحة أوغست رودان «جان دير» من مجموعة «مواطنو كاليه» (متحف رودان)، وغيرها من أهم التجارب الفنية العالمية.

برنامج افتتاحي

سيشكل أسبوع افتتاح اللوفر أبوظبي مناسبة وطنية تاريخية، حيث يستقبل المتحف زواره ببرنامج حافل بالفعاليات والعروض العالمية الفنية والموسيقية وعروض الرقص، بالإضافة إلى ورش عمل وعرض «أضواء اللوفر أبوظبي»، وهو عبارة عن عرض من الألعاب النارية والضوئية تقدمه شركة «غروب إف». ويأتي في مقدمة الفعاليات الموسيقية الرئيسة بالبرنامج عروض المغني الفرنسي وعازف الروك على الجيتار ماتيو شديد والمعروف باسم (–M–).

50 %

من العاملين في المتحف من الإماراتيين.

«ما سر هذا التشابه؟».. سؤال يطرح نفسه مع كل خطوة داخل اللوفر أبوظبي، ومنه يستمد المتحف اختلافه عن المتاحف الأخرى التي عادة ما تفصل بين الأعمال والمقتنيات بناء على حضارة منشأها، بينما يسلط اللوفر الضوء على أوجه التشابه والقواسم المشتركة للتجربة الإنسانية عبر مختلف الحضارات والثقافات عبر مجموعة مقتنيات وأعمال معارة تروي قصصاً من مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها البشرية. وتضم هذه المجموعة أعمالاً متنوعة بداية من القطع التاريخية وصولاً إلى الأعمال التكليفية العصرية المصممة للمتحف حصرياً، لتبرز موضوعات وأفكاراً مشتركة تعكس بمجملها أوجه التشابه والتبادل بين الثقافات والحضارات المختلفة حول العالم، متجاوزة بذلك الحدود التاريخية والجغرافية.

ليس مجرد متحف

«اللوفر أبوظبي ليس مجرد متحف».. هذه العبارة كانت القاسم المشترك في كلمات المشاركين في المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس في المتحف بجزيرة السعديات بأبوظبي، للإعلان عن افتتاح «اللوفر أبوظبي» بحضور مكثف من ممثلي وسائل إعلام من مختلف أنحاء العالم جاؤوا لتغطية الحدث الفريد.

وأشار رئيس مجلس إدارة دائرة الثقافة والسياحة وشركة التطوير والاستثمار السياحي محمد خليفة المبارك، إلى أن اللوفر أبوظبي ليس مجرد متحف، لكنه جولة عبر التاريخ، ومركز للتواصل والتسامح وقبول الآخر، وهي الرسالة التي يحملها المتحف للعالم أجمع، معرباً عن إيمانه بأن الأجيال المقبلة ستكون أفضل بفضل وجود أماكن مثل اللوفر أبوظبي.

هدية الإمارات للعالم

وأضاف المبارك: «نتذكر اليوم مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: اللوفر أبوظبي هدية من الإمارات للعالم».

وعن التصميم المعماري للمتحف الذي وضعه المصمم العالمي جان نوفيل، قال: «ما نقدره في هذا التصميم هو كيف أعادنا نوفيل إلى تراثنا وتاريخنا، بعد أن استطاع ان يستوعب ثقافتنا المحلية، فعندما ندخل إلى المتحف ونرى انعكاسات الضوء من القبة نتذكر واحات مدينة العين، حيث تحيط بنا أشجار النخيل لتظللنا طوال اليوم».

وأوضح المبارك أن هناك أكثر من 50% من العاملين في المتحف من الإماراتيين الذين اكتسبوا مهارات العمل في مختلف المجالات في المكان من خلال دورات تدريب وإعداد بالتعاون مع الشركاء في فرنسا.

وتحدث المصمم المعماري العالمي جان نوفيل عن تجربته في تصميم اللوفر أبوظبي منذ تكليفه بالأمر في عام 2006، معرباً عن سعادته بتحول الحلم إلى حقيقة، مشدداً على قناعته بأن كل مبنى لابد أن تكون له جذور تعكس الثقافة المحلية التي ينتمي إليها، وأن كل مشروع يجب أن يحمل ثقافة روحية ما، «عندما اطلعت على مخطط المنطقة الثقافية في السعديات وما يضمه من مشاريع ثقافية وفنية ضخمة، أدركت ما الذي ستكون عليه هذه المساحة من الصحراء التي لم يكن بها سوى الرمال ومياه البحر».

وأضاف: «اللوفر أبوظبي ليس مجرد مبنى يضم مقتنيات وأعمالاً فنية، لكنه مركز فني وروحي يعكس ملامح المدينة التي يوجد بها بشكل مختلف بعيداً عن التكرار، ولذلك نرى أن البعد الروحي والفلسفي حاضر بقوة في بناء المتحف، كذلك الحرص على أن يكون المبنى بمثابة فضاء مريح يتسم بالنقاء الفني، تحميه القبة من أشعة الشمس الحارة كما تحمي أشجار النخيل الناس في الواحات، بينما تبدو القبة مثل نافذتنا نحو الفضاء».

استثمار في الثقافة

«اللوفر أبوظبي ليس مجرد متحف».. هذا ما أكده كذلك مدير المتحف مانويل راباتيه، موضحاً أن المتحف منذ اللحظة الأولى يمثل جسراً بين الثقافات والفنون، وحواراً متواصلاً في الفنون والتاريخ على مستوى العالم، لافتاً إلى أن المتحف الجديد يعبر عن أبوظبي التي تجمع بين جنسيات وثقافات متعددة، «كما أتاح لنا العمل على إنجاز المتحف فرصة التعامل مع جيل جديد من الإماراتيين الذين كانوا مصدر إلهام لنا جميعاً».

وأشار راباتيه إلى أن أبوظبي حريصة على الاستثمار في الثقافة والتعليم والفن، «ونحن جزء من هذا الاستثمار، ولذلك لا نعتبر أن عملنا انتهى بافتتاح المتحف، لكنها بداية، حيث نسعى إلى اجتذاب الشعوب جميعها في المنطقة لزيارة اللوفر أبوظبي، ليس مرة واحدة فقط، ولكن أكثر من مرة من خلال تنظيم العديد من المعارض والفعاليات، وأن يشعروا بأنهم جزء من مغامرة اللوفر أبوظبي»، لافتاً إلى أن المتحف سيستضيف الفترة المقبلة عدداً من المعارض الخاصة، أولها سيكون بعنوان «من متحف لوفر لآخر.. افتتاح متحف للجميع»، ويفتتح في 21 ديسمبر هذا العام، ويقتفي المعرض تاريخ متحف اللوفر في باريس خلال القرن الثامن عشر.

وأوضح أن المتحف يتضمن عناصر أساسية، الأول يتمثل في المبني المعماري الذي يمثل عملاً فنياً مبدعاً شهد إنجازه العديد من التحديات التي تم تجاوزها، والعنصر الثاني يتمثل في المقتنيات والأعمال الفنية.

تعاون مشترك

واستعرض مدير متحف اللوفر في باريس رئيس المجلس العلمي في إدارة وكالة متاحف فرنسا جان لوك مارتينيز، في كلمته، المراحل التي مر بها العمل لإنجاز هذا المشروع الضخم، وجوانب التعاون بين الجانبين الإماراتي والفرنسي. مضيفاً: «نشهد اليوم افتتاح اللوفر أبوظبي الذي يُعد صرحاً ثقافياً فريداً من نوعه، وينضم إلى المشاريع الثقافية الأكثر طموحاً في العالم في أوائل القرن الحادي والعشرين. ويحمل هذا المتحف أسمى المعاني والرسائل المتمثلة في الانفتاح على العالم، وهو ما يُعد ركيزةً أساسية وأولوية مهمة في وقتنا الحاضر. ومع انطلاق هذا المشروع المذهل، كانت لدى الإماراتيين رغبة قوية لتعزيز أواصر التعاون مع فرنسا وإنشاء متحف على مستوى اللوفر الباريسي. واليوم، نفخر بخبرات المتاحف الفرنسية وأعمالها الفنية الرائعة التي من شأنها أن تسهم في تكليل اللوفر أبوظبي بالنجاح وإبهار العالم، وترسيخ مكانته بأنه علامة فارقة في تاريخ المتاحف والثقافة في العالم».

اهتمام بالمستقبل

في حين ركزت نائب مدير متحف اللوفر أبوظبي حصة الظاهري على اهتمام المتحف بإعداد وتدريب الكوادر الإماراتية للعمل في المتحف في مختلف التخصصات، وتوظيفهم عقب تخرجهم، وكذلك التواصل مع المؤسسات التعليمية في كل المراحل لتنفيذ برامج خاصة وعامة للطلبة، وتوفير وسائل تعليمية تناسب مختلف الأعمار، لافتة إلى أن اللوفر أبوظبي يتضمن متحفاً للأطفال، بما يؤكد التزام اللوفر أبوظبي بإلهام الجيل المقبل وتوسيع قاعدة جمهور الثقافة والفنون في المنطقة، وهو يضم مساحات عرض تدعو صغار الزوار (6-12 عاماً) وعائلاتهم إلى الاستكشاف والتأمل عبر سلسلة من المعارض الرئيسة المؤقتة.

الأكثر مشاركة