الخيرفي الإمارات.. منهج أسسه زايد

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة»..

منذ بداياتها الأولى؛ ارتبطت سيرة دولة الإمارات بالخير والعطاء على مختلف المستويات، ورغم أن كثيراً من الدول لها إسهامات في مجال العطاء، إلا أن ما تميزت به الإمارات منذ تأسيسها، هو أن العطاء والخير والجهود التطوعية التي تقدمها تخضع جميعها لرؤية واضحة الملامح، أسس لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومنهج أخلاقي استمده من تعاليم الدين الإسلامي، ومن مراعاة لقيم وثوابت نشأت عليها الشخصية الإماراتية، والعربية بشكل عام، تظهر بينها قيم مثل الكرم ونجدة الملهوف كمكونات أصيلة في بنية الشخصية والهوية الوطنية، من المستحيل أن يتم طمسها أو تجاوزها.

من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي:

«الخير كلمة سمعناها ورأيناها وعايشناها في زايد رحمه الله، ونراها اليوم في أبنائه حفظهم الله. تعريفي للخير أيها الإخوة من خلال تجربتي المتواضعة ليس في التبرع أو العطاء أو السخاء فقط.. الخير الحقيقي هو في إحداث فرق، فرق في حياة إنسان أو حياة مجتمع أو مسيرة وطن».

لذلك ليس غريباً أن يعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عام 2017 في الإمارات عاماً للخير، للتركيز خلال هذا العام على ثلاثة محاور رئيسة، هي: ترسيخ المسؤولية المجتمعية في مؤسسات القطاع الخاص لتؤدي دورها في خدمة الوطن، وترسيخ روح التطوع وبرامجه التخصصية في فئات المجتمع كافة، لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية للمجتمع، بالإضافة إلى ترسيخ خدمة الوطن في الأجيال الجديدة، كإحدى أهم سمات الشخصية الإماراتية.

وكما أشار صاحب السمو رئيس الدولة إلى أن إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أرسى قيم العطاء وعمل الخير كأحد المبادئ الرئيسة التي انطلقت منها رسالة دولة الإمارات، وجعلت أياديها البيضاء ممتدة إلى كل مكان، وقال: «إن أهم ما يمكن أن نغرسه في شعبنا هو قيم وإرث زايد الإنساني، وتعميق مبدأ العطاء بأنواعه كافة في نفوس أبنائنا».

بشكل عام؛ حملت الرؤية التي رسمها المغفور له الشيخ زايد للمعونات والعطاء ملامح إنسانية عميقة، ما جعلها مادة للعديد من الدراسات والكتب، منها كتاب «بقوة الاتحاد: صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. القائد والدولة» الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي يشير إلى أن من أبرز خصائص المعونات التي تقدمها دولة الإمارات هي استجابتها بسرعة كبيرة للاحتياجات الإنسانية، بدلاً من التركيز حصرياً على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل، وهو موقف زرعه الشيخ زايد. وفي ذلك خروج حميد عن المألوف؛ لأن أحد الانتقادات الموجهة للمعونات الدولية يرتبط بعجزها عن الاستجابة الفورية في الأزمات، بحسب الكتاب الذي يشير إلى أن خصوصية نهج زايد ومرونته تجاه المعونة الدولية لهما قيمتهما الفريدة، فمن منظور معين، كان الشيخ زايد ببساطة يطبق المبادئ السامية للإسلام التي تجعل الكرم إلزامياً على كل مسلم.

وقال أحد الباحثين: «إن إنجازات الشيخ زايد خلال حكمه كانت نابعة أساساً من بلورته لعقيدة حكم متكاملة تجسد نظرته الإنسانية»، وهذا الأساس الأخلاقي لدولة الإمارات كان قائماً على خبرته في حكم أبوظبي في السنوات السابقة على قيام الاتحاد، لافتاً إلى أن كثيراً ما كان الشيخ زايد يفضل عدم منح الأموال على سبيل «الصدقة»، وإنما التحقق مما هو ضروري لتحسين نوعية حياة المتلقين.

وعقب وفاة المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، استمر نهجه الكريم مع تولي صاحب السمو الشيخ خليفة مقاليد الحكم، ما يتجلى في موقف دولة الإمارات من قضايا وأحداث متعددة، ومساهماتها في العديد من المنظمات الدولية. ويبرز كذلك في تصريحات وشهادات لكبار المسؤولين الدوليين، من بينهم الدكتور جاك ضيوف، المدير العام السنغالي لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بين عامي 1994 و2011، ومقرها روما، وفقاً لما ورد في كتاب «خليفة: رحلة إلى المستقبل» للكاتب غريم ويلسون الصادر عن «الأرشيف الوطني»، إذ يقول الدكتور ضيوف: «كانت مهمتنا قيادة الجهود الدولية لمحاربة الجوع، وبوسعي أن أقول جازماً: إن هناك عدداً قليلاً من القادة الذين آمنوا بهذا المثل الأعلى، كما آمن به الشيخ زايد والشيخ خليفة». ويضيف: «كان الشيخ خليفة رجلاً أستطيع أن ألجأ إليه. ومازلت أتذكر تلك اللقاءات التي جمعتني به، وأظهر فيها معرفة واسعة بالتحديات العالمية. ودأب على المساهمة شخصياً عقوداً كقائد عالمي من خلال صندوق أبوظبي للتنمية، وبالاضطلاع بأدوار أخرى؛ فقد كان ملمّاً بمعلومات تفصيلية عن المسائل المطروحة. ومع انخراطه في طيف متنوع من القضايا الطارئة والملحّة، كان في الوقت نفسه مهتماً شخصياً بالاستدامة؛ أي بكيفية تمكين العالم من إطعام نفسه على نحو أفضل». أما الدكتور عزالدين إبراهيم، الذي كان مستشاراً للمغفور له الشيخ زايد، فيذكر في مقابلة له منشورة في الكتاب، قول صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان: «إن الفقر يولّد الأمية، والأمية تولّد الجهل، والجهل يولّد الضعف وسرعة التأثر، والأخيرة تولّد التطرف، والتطرف وجد مساحة كافية ليكبر»؛ ولذلك شنّ الشيخ خليفة والإمارات حرباً على الجهل «بتقديم الدعم المباشر للتعليم في عشرات الدول النامية، ودَعَما التنمية الاجتماعية والاقتصادية لعشرات الملايين من الأشخاص، عبر مئات المشروعات المحددة والمساهمات من حكومة إلى أخرى.

الأكثر مشاركة