«بحّارة الإمارات» عن الرجال الأشداء الطيبين و«العكوس»

صور معظمها بالأبيض والأسود تعكس كل ألوان المشاعر؛ وتروي فصلاً من الماضي، من زمن الرجولة والغوص، لتوثق ببريق اللؤلؤ وكل خيرات الأعماق صغيرها وكبيرها؛ ملامح من حكاية الإمارات، وقصة بحّارتها الأشداء مع ساحل خليجهم العربي؛ وكذلك موانئ بعيدة ذهبت إليها سفن الأجداد طلباً للرزق الحلال.

بالكثير؛ تبوح لقطات رونالد كودراي، في كتابه «بحارة الإمارات»، الذي تتراجع فيه الكلمات والتعليقات، لتتقدم الصورة التي تأخذ القارئ إلى زمن النواخذة واللآلئ والأسواق وتجفيف الأسماك على الشواطئ.

يحفل كتاب: «بحارة الإمارات.. صور من الألبوم العربي، مجموعة نادرة من الصور التي تم التقاطها في منتصف القرن العشرين»، بتفاصيل (بصرية) كثيرة عن خور دبي وسواحل الإمارات؛ وفضاءات أخرى، ولا تغيب سيرة حامل الكاميرا، الذي يسطر جوانب من حياته بالكلمة والصورة.. بداية من الإهداء مروراً بقصته مع الإمارات وأهلها، وصولاً إلى عشقه لتلك الآلة التي أطلق عليها أهل الإمارات «العكوس»، في إشارة إلى انعكاس صورة الأهداف بداخلها.

يتقاسم بطولة الصور: الماء والموج، والسفن التقليدية ومن عليها من بشر لوّحت الشمس وجوههم، وكذلك صغارٌ لهوهم لا يختلف كثيراً، وكأنهم يستعدون لتحمل المسيرة، والانضمام إلى الآباء على متن القوارب؛ فمن بين أبرز الصور واحدة لصبية يحاولون ضبط شراع «قاربهم الصغير في الماء»، مستخدمين مواد وأقمشة قديمة، قد تكون من هِبات البحر هي الأخرى.إهداء الكتاب يحمل حكاية هو الآخر؛ فهو إلى زوجة شجاعة - تحملت الكثير رغم إصابتها بشلل الأطفال، كما يصفها زوجها كودراي: «كنت أعتزم إهداء زوجتي العزيزة هذا الكتاب بمناسبة اليوبيل الذهبي لزواجنا الذي يصادف 26 فبراير 2002، لأنه يروي بعض الذكريات الذهبية العزيزة على قلبينا، خلال الفترة التي عشناها في الإمارات المتصالحة، إلا أنه ولسوء الحظ، وبينما أعكف على تأليف بعض الكتب قبيل حلول الألفية الثالثة، أبلغني الأطباء بأنني مصاب بمرض عضال وأنني سوف أموت خلال فترة قصيرة، فتقبلت قدري بصبر وشجاعة». ولذا أوصى الزوج ولديه بأن يكملا المسيرة، وينفذا ما اعتزمه. وبجوار الإهداء ثمة صورة للزوجين في شهر العسل، ولا تفارق الكاميرا كتف كودراي.

منضماً إلى شركة نفطية، جاء كودراي إلى الإمارات في أواخر الأربعينات، «وكانت آلة التصوير مشهداً نادراً جنوب شرقي الجزيرة العربية أواسط القرن العشرين، وحين كنت ألتقط الصور في تلك المنطقة، لم يكن الكثيرون من الأشخاص الذين كنت أقوم بتصويرهم قد سبقت لهم مشاهدتها».

ويشير صاحب الكتاب إلى سماحة الناس في الإمارات إلى أقصى الحدود – على حد وصفه – إذ لم يعادوا تلك الآلة رغم جهلهم بها، وكذلك لم يحرّموا ما يقوم به ذلك «الغريب»، كما الشأن في أماكن أخرى متشددة، رأت في التصوير عملاً يتنافى مع العقيدة.

ويلفت المصوّر إلى طيبة الناس، التي تكمل السماحة، إذ كانت اللقطات «ثمرة مشاركة ممتعة لي ومسلية للآخرين من دون استثناء، ويعود السبب في ذلك إلى حد كبير إلى طيبة الناس الذين كنت أصورهم أو أسافر برفقتهم».

أتقن كودراي لغة أهل البلاد، وتعاطف معهم، وحاول أن يروي جانباً من مسيرتهم عبر الصورة في أمكنة مختلفة، ويسرد الراحل في كتابه الذي صدر عن موتيفيت للنشر، بدعم من بنك دبي الوطني، كيف كان يتخيّر كاميراته وكذلك أفلامه، والصعوبات التي واجهته في تظهير (تحميض) الصور، ووجدت إبداعاته طريقها لمجلة عالمية مثل «ناشيونال جيوغرافيك».

يشار إلى أن الكتاب يقع في 176 صفحة، تشغلها الكثير من الصور والقليل من الكلمات، ليبدو الكتاب استراحة بين جنبات زمن الخمسينات.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة