الرواية الرقمية تفرض حضورها على أدب الطفل
تشهد الرواية الرقمية الكثير من النقاشات، سواء ما كتب منها للطفل أو غيره، وهي الرواية التي تكتب - إضافة إلى الكلمات - بالصورة والصوت والمشهد السينمائي والحركة، ويتم رسم الكلمات فيها بمشاهد ذهنية ومادية متحركة، وبإيقاع لغوي سريع، وهي أمور تفرض على الروائي نفسه أنْ يتغير، فلم يعد كافياً أنْ يمسك بقلمه ليخط الكلمات على الورق، بل أنْ يكون شمولياً، وأن يكون مُبرمِجاً، وعلى إلمام واسع بالحاسوب ولغة البرمجة، وغيرها.
هذه النقاشات كانت جزءاً من ندوة ثقافية بعنوان «الكتاب الرقمي من الإنتاج إلى التداول»، استضافها مهرجان الشارقة القرائي في دورته الثامنة التي تُقام حالياً في الشارقة شارك فيها كل من: محمد سناجلة، والكاتبة الأسترالية كرستي بيرن، وأدار الندوة دينا قنديل، وذلك بحضور من قبل المهتمين بأدب وثقافة الطفل، والمحتوى الإلكتروني التفاعلي، وتم خلال الندوة استعراض العديد من المحاور التي تعرف بالأدب الرقمي، ومساراته، وأهمية استخداماته في تعزيز ثقافة الطفل، وتنمية مهاراته المختلفة.
ويؤيد سناجلة أن العالم يعيش الآن في عصر الثقافة الصورية بامتياز حيث تشكل الصورة الثابتة والمتحركة عماد هذه الثقافة، استناداً إلى حكمة قديمة مفادها: «أن صورة واحدة تغني عن 10 آلاف كلمة» وقد مر الزمن لتتأكد هذه المقولة، حتى وصل العالم إلى عصر الصورة، مقابل تراجع ملحوظ في عصر الكلمة، ويسمى هذا العصر الزمن الرقمي، وإنسان هذا الزمن هو الإنسان الافتراضي الذي فرض لغته ومفرداته الجديدة على اللغة عموماً كما هو واضح في مواقع التواصل وغيرها.
وبين سناجلة أن عوامل نجاح الكتابة الرقمية للطفل وغيره تقوم على أن فعل الكتابة كما هو معروف يتوجه لمتلقٍ هو القارئ الافتراضي، وحتى يصل الكاتب إلى هذا المتلقي لابد أن يخاطبه بلغته نفسها، ذلك أن الكتابة هي فعل جدلي بين طرفين، الكاتب من جهة والقارئ من جهة أخرى».
وقالت الكاتبة الأسترالية كرستي بيرن: «قدمتُ من السوق الأسترالية، وهي ليست متقدمة في مجال المحتوى الرقمي، وأعتقد أنه بسبب قلة عدد السكان علينا أن نتوجه نحو السوق الرقمية لمخاطبة أكبر عدد ممكن منهم»، وبينت أنها سبق لها العيش في اليابان لمدة ثلاث سنوات، وأن هذا الوقت كان كافياً لها لدراسة الأساطير الصينية والاستفادة من قصص الخرافات الشعبية لتعزيز المفهوم القيمي للطفل.
ملتقى الأدب
تستضيف قاعة ملتقى الأدب، ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي الثامن سلسلة ندوات أخرى، حيث ستقام مساء اليوم الجمعة ندوتان أخريان، الأولى بعنوان (كيف تكون لك بصمتك المميزة كرسام كتب أطفال؟) تليها ندوة أخرى على القاعة نفسها بعنوان (الدور المفقود لمسرح الطفل العربي).
العالم أكثر نضجاً
ترى الكاتبة كرستي بيرن أن العالم الرقمي أصبح أكثر نصجاً اليوم في مخاطبة قضايا الطفل، وتنمية ثقافته، وأن على كُتاب أدب وثقافة الطفل الاستفادة من المحتوى الرقمي والانتقال إليه طالما أنه يتيح للقارئ الطفل وغيره الاطلاع على جهود المؤلفين والعلماء في التأليف، والاطلاع عن قرب على أدق التفاصيل الصغيرة التي دونوها في رواياتهم من خلال روابط الكتابة الرقمية الملحقة بالصور الفوتوغرافية والفيديوية التي تقرب بدورها القارئ من الكاتب على عكس الصورة النمطية المتعارفة في الكتابة الورقية.