سلطان: الشعر الشعبي يختزل ذاكرة الأمة

دعا صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى إقامة روابط للشعر الشعبي والشعر النبطي في مختلف أقطار العالم العربي، لصقل الشعراء وتوجيههم وتقييم إنتاجهم وإبداعهم الفكري والأدبي، مؤكّداً أن دعمه لهم سيكون بكل ما أوتي من إمكانات.

جاء ذلك، خلال لقاء سموّه الشعراء المشاركين في الدورة الـ12 لمهرجان الشارقة للشعر الشعبي، الذي يقام تحت شعار «القصيدة الشعبية ضمير ورسالة». وأوضح صاحب السموّ حاكم الشارقة أن «هذا المهرجان، وهذا الملتقى، ليس حكراً على شعراء النبط أو الباحثين في هذا المجال فقط، بل هو إضافة فكرية، كونه يختزل ذاكرة الأمة وتاريخها الذي لا يمحوه شيء لأنه محفوظ في الصدور».

سالم بوجمهور: عنوان المحبة

كرّم صاحب السموّ حاكم الشارقة، ثلاثة شعراء إماراتيين هم: سالم بوجمهور، ومصبح الكعبي، وشيخة الجابري، في مهرجان الشعر الشعبي.

وقال بوجمهور لـ«الإمارات اليوم»: «إن الشعر الشعبي وعاء لحفظ التراث، ولا يقل أهمية عن الشعر الفصيح». وأضاف: «التكريم الذي حظيت به من قبل صاحب السموّ حاكم الشارقة في المهرجان هو عنوان المحبة قبل كل شيء، وقبل كل المعاني الثقافية، فهذه البلاد تتعامل مع مثقفيها ومبدعيها بكثير من الحب، وبالتالي جاء التكريم من منطلق المحبة، التي هي الأقوى والأهم في هذه الحياة. كما أن التكريم عنوان التشجيع والتحفيز والتأكيد على مكانة المبدع عموماً، والشاعر الشعبي خصوصاً».

وأردف: «يعكس هذا التكريم الطابع الإنساني العميق في الشارقة، وفي دولة الإمارات عموماً، حيث يجد المبدع مكاناً راقياً هنا ويحظى بالمحبة والتقدير، وكل هذا ليس غريباً على الإمارات، وهو أمر طبيعي من قبل راعي الثقافة والعلم والمعرفة صاحب السموّ حاكم الشارقة، الذي تتعدّد وتتنوّع إسهاماته وأبحاثه المعرفية، وتجد لها مكاناً في كل مكتبات العالم».

حسن إدلبي: نص بصري

وقّع عدد كبير من الشعراء وجمهور الشعر الشعبي وضيوف مهرجان الشعر الشعبي الـ12 على ثلاث لوحات وجوه للشعراء الثلاثة المكرمين: سالم بوجمهور، ومصبح الكعبي، وشيخة الجابري، رسمها الفنان حسن إدلبي، حيث كانت في مدخل قصر الثقافة.

وقال إدلبي لـ«الإمارات اليوم» حول ذلك: «حاولت من خلال هذه الرسومات للشعراء الثلاثة المكرّمين أن أقدم نصاً بصرياً يوازي النص الشعري لهم، نوعاً من التقدير لهؤلاء الشعراء»، مضيفاً أن «فكرة عرض هذه اللوحات، خلال افتتاح فعاليات مهرجان الشعر الشعبي، وتوقيع الشعراء والزوّار والضيوف والجمهور على تلك اللوحات، يضيف لمسة جمالية جديدة على اللوحات، وتؤشر إلى أننا جميعاً اشتركنا في رسمها، فبعد التوقيع عليها تصبح لوحة للجميع، لأصدقاء ومحبي الشعراء المكرّمين».

وأشار إلى أن «هذه الخطوة تمنح اللوحة بُعداً إضافياً وروحاً جديدة، وأن الشعر يكمل الرسم، وكذلك هي حال الرسم، بمعنى وجود تكامل وتفاعل بين هاتين الحالتين من الإبداع».

ونوّه إلى قيمة الشعر الشعبي، كونه جزءاً من التاريخ يروي أحداث المكان والزمان. واستعرض سموّه أمامهم تجربته البحثية في تاريخ القواسم وأصولهم، وكيف أنه وجد في القصيدة الشعبية مصدراً مهماً لدعم بحوثه ودراساته.

وأشار صاحب السموّ حاكم الشارقة، إلى أن «اعتناء الشارقة بالشعر الشعبي والنبطي لم يأت من فراغ ولا من هواء، بل هناك حاجة ملحة في عالمنا العربي دعتنا إلى ذلك الاهتمام بهذا الرافد الثقافي والتاريخي للأمة».

وكلّف صاحب السموّ حاكم الشارقة، دائرة الثقافة والإعلام بمسؤولية الإشراف على إقامة روابط الشعر الشعبي في أقطار الوطن العربي، ومتابعة إنشاء صناديق التكافل فيها لدعم الشعراء، من أجل إثراء الشعر الشعبي والارتقاء به. ووجّه بدعم الشعراء من خلال نشر دواوينهم الشعرية، وتسجيل قصائدهم ونشرها عبر قنوات التلفزة المختلفة، لتعريف العالم بهم وبإبداعاتهم.

وحثّ صاحب السموّ حاكم الشارقة، المشاركين كافة على مزيد من العطاء، وعدم استصغار أي جهد لهم، منوّهاً إلى ضرورة الابتعاد عن كل ما فيه إحداث فرقة وكراهية، وأن تكون إبداعاتهم حول الأخلاق الحميدة، وتعزيز الكلمة الواحدة، والترابط والتلاحم حول كل ما من شأنه رفعة المجتمع والحفاظ على مكتسباته.

بدورهم، أثنى المشاركون في فعاليات الدورة الـ12 من مهرجان الشارقة للشعر الشعبي بجهود صاحب السموّ حاكم الشارقة، ورؤيته الفكرية السديدة، التي جعلت من الشارقة درعاً وحصناً منيعاً لجميع الإبداعات الفكرية الأدبية والفنية، مشيدين بمبادرات سموّه ومكارمه المتواترة في دعم الشعر الشعبي وشعرائه، شاكرين لسموّه هذه الدعوة الكريمة بإقامة هذه الروابط، ومقدرين تفضله بلقائهم وتبادل الأحاديث معهم.

وكان صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، قد كرّم ثلاثة من الشعراء الشعبيين الإماراتيين، خلال افتتاح فعاليات المهرجان، أول من أمس، بحضور سموّ الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة. وشمل التكريم الشعراء: سالم بوجمهور، ومصبح الكعبي، وشيخة الجابري. ويشارك في المهرجان 42 شاعراً من مختلف الدول العربية، وتستمر فعالياته حتى السابع من فبراير الجاري، ويصاحب المهرجان ندوة فكرية، و10 قراءات شعرية، منها سبع أمسيات، وثلاث أصبوحات، وندوة للإعلاميين.

وقال رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عبدالله العويس: «تجدّد الشارقة ترحابها بشعراء الوطن العربي، وباحتضانها لروّاد القلم والحرف، وذلك في تأكيد جديد على أهمية التراث العربي وصونه، وفي القلب منه الأدب الشعبي، ويأتي الشعر الشعبي في مقدمته»، لافتاً إلى أن «هذا الاحتضان من قبل الشارقة يؤكد أهمية التكامل الثقافي العربي، وحرص الشارقة على تكريم الشعراء والمبدعين، والرعاية الكريمة لهم من قبل صاحب السموّ حاكم الشارقة».

وقال مدير مركز الشعر الشعبي، راشد شرار: «لأن الكلام في غالبيته متطابق، اسمحوا لي أن أتحدث من الأعماق، وبوح من القلب، فالشارقة اليوم هي العروس، والشعراء هم طلّاب هذه العروس الذين جاءوا يخطبون ودّها، فهنيئاً للشارقة بهذا الحب». ولفت إلى أن «ما يميز هذا المهرجان في دورته الـ12 هو وجود الشاعر الشعبي الكبير راشد بن جعيثن». وألقى قصيدة شعبية، قبل أن يقدم طلبة مدارس الذيد لوحة تراثية بعنوان «فن العازي».

وتابع الحضور أمسية شعرية إماراتية، للشاعرين درويش بن عيد، وراشد الشلال، الذي جاء لحضور الافتتاح والمشاركة في الأمسية، على الرغم من عودته قبل يومين من رحلة علاج، ويسافر اليوم لمتابعة رحلة العلاج في ألمانيا. وأشار إلى أن «تكريم المبدع في حياته لفتة جميلة جداً، حيث اعتدنا سابقاً على تكريم المبدع في مماته». وقال لـ«الإمارات اليوم»: «إن الإمارات قادرة على إعادة تصدير الشاعر إلى وطنه الأم، من خلال رعايته ومتابعته ودعمه وتشجيعه في المشاركة في مثل هذه المهرجانات، والتظاهرات الكبرى التي تمنح الجميع الفرصة المناسبة كي يكون حاضراً وفاعلاً في المشهد الشعري، خصوصاً والإبداعي عموماً».

يميل مدير مركز الشعر الشعبي، راشد شرار، إلى الحديث باللهجة الشعبية حتى في المؤتمرات الصحافية، وفي مناسبات الشعر الشعبي يزداد هذا الميل لدى الإعلامي والشاعر راشد شرار، وكذلك كان حاله في افتتاح فعاليات الشعر الشعبي الـ12.

وقال شرار لـ«الإمارات اليوم»: «إن المهرجان، منذ انطلاقته، تميز بقوته وحضوره المميز والفاعل على الساحة الشعرية الشعبية، بفضل رعاية وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي»، لافتاً إلى أن «فعاليات وأنشطة مركز الشعر الشعبي عديدة ومتنوّعة، وقريبة من المجتمع».

وتابع: «ما يميز المهرجان هذا العام أنه لم يعد مقتصراً على مدينة الشارقة، بل تعداها إلى كل مدن ومناطق الشارقة، وكذلك شمل دبي، في خطوة تؤشر إلى الاستمرار في الحضور في كل إمارات ومدن الدولة».

الأكثر مشاركة