معرض الشارقة للكتاب.. الحكاية من الخيمة إلى 16 ألف متر مربع

بعدد محدود من الناشرين؛ انطلقت الدورة الأولى من معرض الشارقة الدولي للكتاب في 18 يناير عام 1982، ولم يحقق المعرض مبيعات كبيرة. وكان نجم استهلال ذلك المعرض هو الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الذي حل ضيفاً على الحدث الوليد.

 

نظمت الدورة الخامسة من المعرض، خلال الفترة من الرابع إلى 15 نوفمبر 1986، بمشاركة 320 دار نشر، قدمت 30 ألف عنوان. وحفلت الدورة ببرنامج ثقافي شارك فيه فاروق شوشة، والطيب صالح، وخالد سعود الزيد، وسليمان العيسى، وأدونيس، وآخرون.

بين خيمة البدايات في عام 1982، والمساحة الممتدة على أكثر من 16 ألف متر مربع في 2015؛ ثمة حكاية طويلة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وجهد متراكم «للسمو بالروح وبنائها بالثقافة والفنون»، على حد تعبير حادي تلك المسيرة في الإمارة التي ستعيش عرسها الثقافي الأبهى اليوم؛ مع انطلاقة موسم جديد لمعرض كتاب حجز لنفسه مكاناً بين الأربعة الكبار عالمياً، ولم يقنع بذلك، إذ يمتلك طموحاً مشروعاً لتبوؤ موقع الصدارة، حسب أحد مسؤوليه.

رفض معرض الشارقة الدولي للكتاب أن يكون مجرد سوق كتاب كبيرة، ليتحوّل إلى حالة ثقافية، تجمع القارئ والناشر والمثقف، في رحاب الكتاب الذي يبقى نجم الحدث؛ ليطوف الجميع حوله، ويتلاقون من أجله بشكل خاص، يستوي في ذلك قادمون من بلدان عربية، وآخرون من دول كثيرة حول العالم، بعد أن ذاع صيت الشارقة ومعرضها الذي صار وجهة للمتخصصين الباحثين عن مساحة تواصل مع الآخر، وكذلك للقراء العاديين الذين ينشدون جديد المعرفة، وحصاد المكتبات.

اليوم.. الشارقة على موعد، لـ11 نهاراً وليلاً، مع الكتاب ورموزه، وكذلك مريديه ممن يضعون خططاً سنوية لزيارة الإمارة في هذا التوقيت بشكل خاص، لتفتح الشارقة درب سياحة جديداً، مقاصده رفوف دور النشر، وأغلفة الكتب، وصفحات معارف أنتجتها أقلام من الشرق والغرب، وتعهدتها دور نشر في بيروت، أو القاهرة، أو تونس، أو غيرها من العواصم العربية والغربية المهمومة بتلك الصناعة التي تكافح من أجل الحياة رغم التحديات.

ثورة على الكونكريت

متى كانت البدايات، وما ملامحها، وإرهاصات الحلم، وآليات تحقيقه؟.. أسئلة قد تراود أذهان البعض، ويجيب عنها بشكل خاص كتاب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «حصاد السنين»، الذي يفصّل مسيرة الشارقة الثقافية في 30 عاماً، وفي القلب من تلك المسيرة معرض الشارقة الدولي للكتاب.

قبل انطلاقة المعرض بنحو ثلاث سنوات كان الوعد والتخطيط، وذلك في 18 أبريل عام 1979، حينما خاطب صاحب السمو حاكم الشارقة الشباب في مناسبة مسرحية: «إنه قد آن الأوان لوقف ثورة الكونكريت في الدولة، لتحل محلها ثورة الثقافة»؛ في إطار خطة «مدروسة لإعادة الشباب إلى الاهتمام بمجالات الثقافة». وكان من ملامح تلك الخطة معرض الكتاب الذي انطلقت دورته الأولى في يناير 1982، ولكن «لم يحقق المعرض النجاح المطلوب حيث تقلص عدد الزائرين والمشترين في الأيام الأخيرة بشكل ملحوظ وهكذا تورط القائمون على المعرض، والناشرون كذلك، بمسألة تصريف الكميات الهائلة من الكتب»، كما ذكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في «حصاد السنين».

الدورة الثانية جاءت في العام نفسه؛ وفي مساء 14 أكتوبر سنة 1982 تم افتتاح المعرض الثاني للكتاب في الشارقة. واشتمل المعرض الذي استمر أسبوعين على أكثر من 12 ألف عنوان، وضم أكثر من 20 قسماً. ونظم أربع محاضرات ثقافية بقاعة إفريقيا؛ استضافت محمود أمين العالم، والدكتور محمد جابر الأنصاري، والدكتور عبدالعظيم مناف، والقاص زكريا تامر. كما أقيمت أمسيتان شعريتان لخليفة الوقيان وأحمد دحبور.

انتشار واسع

بعد البدايات؛ اجتذب المعرض دور نشر حرصت على الحضور في الشارقة، ليتنامى عدد المشاركين، وكذلك الرواد كل عام، وأيضاً الرموز الثقافية العربية التي حلت ضيفة على المعرض، فالدورة الثالثة التي انطلقت في الثامن من أكتوبر عام 1984، شهد افتتاحها رائد القصة القصيرة والروائي الراحل يوسف إدريس. بينما شاركت في الدورة الخامسة قامات ثقافية عربية من حقول إبداعية مختلفة، فالتقى جمهور الشارقة مع الشاعر السوري أدونيس، والشاعر المصري فاروق شوشة، والروائي السوداني الراحل الطيب صالح، ومبدعين ومثقفين آخرين حرص المعرض على استضافتهم.

بالإضافة إلى ذلك؛ كان معرض الشارقة للكتاب بمثابة مساحة لإثراء الساحة الثقافية، وإطلاق مبادرات جديدة، لتخدم ليس فقط المقيمين في الشارقة والإمارات، بل كل الدول العربية، ففي الدورة الثالثة للمعرض أكد صاحب السمو حاكم الشارقة أن «العمل الثقافي بالشارقة سيشهد خلال الفترة المقبلة نقلة كبيرة». وفي كل دورة كانت كلمة سموه تحث على التزود من الكتب، وضرورة دعم من يعملون في تلك الصناعة بشكل خاص. وأكد أن «الكتاب يحق له أن يعفى من كل ما يؤجل ويعوق وصوله إلى الناس، صغاراً وكباراً، الكتاب يحق له أن يعفى من كل قيد أو رسم أو عبء، يقلل جريانه مجرى الدم في الناس».

ورفع المعرض شعارات كثيرة في كل دورة من دوراته لتبقى عالقة في الأذهان، مثل «القراءة للجميع»، و«اقرأ أنت في الشارقة»، وسواهما، وكانت هناك التفاتة كبيرة من المعرض للأطفال بشكل خاص، إذ انتبه صاحب السمو حاكم الشارقة مبكراً إلى «أجيال المستقبل»، ورأى أنهم «فرس الرهان»، لذا كان شعار الدورة الـ19 من المعرض: «القراءة للصغار». وفي الدورة الـ27 للمعرض كشف عن مبادرة رائدة وهي «مشروع ثقافة بلا حدود»، لتتوالى المبادرات، وتبني دعم دور النشر المتميزة، وكذلك المبدعين، عبر جوائز سخية، صارت من ثوابت المعرض الأشهر في المنطقة، والذي يمتلك حلم الوصول إلى الأشهر عالمياً، مزاحماً فرانكفورت ولندن.

10

كانت للدورة العاشرة من معرض الشارقة ظروف خاصة، إذ أتت عقب دورة تم إلغاؤها «نظراً للظروف المضطربة التي صاحبت حرب الخليج». وانطلقت الدورة العاشرة في 13 نوفمبر 1991، واستمرت حتى 22 من الشهر نفسه، بمشاركة 476 دار نشر، عرضت نحو 80 ألف عنوان.

20

في الرابع من نوفمبر عام 2001، انطلقت فعاليات الدورة الـ20 من معرض الشارقة، بمشاركة أكثر من 600 دار نشر، عرضت أكثر من 84 ألف عنوان. ووقع الشاعر المصري الراحل عبدالرحمن الأبنودي في الرابع والخامس من نوفمبر 2001 على أعماله الشعرية المطبوعة والمسموعة.

30

الدورة الـ30 لمعرض الشارقة للكتاب انطلقت فعالياتها في 16 نوفمبر عام 2011، وشارك فيها أكثر من 894 دار نشر عربية وأجنبية، وقدمت نحو 260 ألف عنوان، وتواصلت فعاليات الدورة الـ20 على مدى 11 يوماً، لتختتم في 26 نوفمبر 2011.

34

تنطلق اليوم الدورة الـ34 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وسيفتتحها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، في مركز إكسبو الشارقة، بمشاركة 1546 دار نشر من 64 دولة، ستعرض مجتمعة أكثر من 1.5 مليون عنوان.

وسيحضر حفل الافتتاح الذي سيتضمن توزيع جوائز معرض الشارقة للكتاب وجائزة اتصالات لكتاب الطفل، عدد كبير من الشخصيات الرسمية والثقافية والفكرية، ووزراء الثقافة ومسؤولو السلك الدبلوماسي والقنصلي في عدد من الدول الشقيقة والصديقة، إلى جانب مشاهير المجتمع ونجوم الفن والإعلام، ومن بينهم الممثل المصري محمد صبحي، والإعلامي البريطاني جون مكارثي، والشاعر النيجيري بين أوكري، والممثل الهندي موهانلال.

وأعلنت إدارة المعرض، التابعة لهيئة الشارقة للكتاب، أخيراً، عن اختيار الأمير خالد الفيصل، الشخصية الثقافية للدورة الحالية، التي ستستمر حتى 14 الجاري، تقديراً لإسهاماته الثقافية والخيرية والإنسانية، وسعيه إلى ترسيخ الوسطية والاعتدال، وتشجيعه للحوار والتفاعل مع الثقافات المختلفة.

كما يتضمن المعرض أكثر من 900 فعالية متنوعة موزعة على البرنامج الثقافي والمقهى الثقافي وبرنامج الطفل ومحطة التواصل الاجتماعي وركن الطهي. ويشارك في الفعاليات مئات الشخصيات الثقافية والإعلامية والفنية، إلى جانب الممثلين والعارضين والطهاة ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.

الأكثر مشاركة