«السنيار».. تــراث إماراتي يعزّز الهوية
يظل ابتكار الأفكار والمواضيع، والتجديد من ناحية الشكل والقالب، العنوان الأبرز للموسم الرابع من برنامج «السنيار» على قناة سما دبي، الذي يبث يومياً بحلة جديدة، أثبتها نسق المتابعة الكبيرة التي حققها البرنامج في المواسم السابقة والمشاركات الجماهيرية الواسعة، التي مازال يسجلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإعلام الجديد، ويهدف البرنامج إلى تعزز الهوية الوطنية من خلال التراث الإماراتي، خصوصاً أنه يتنقل بين البيئات الإماراتية، الصحراوية والبحرية والجبلية، ويشمل جمهوره مختلف الأجيال.
| جائزة ذهبية حقق التصميم الخاص ببرنامج «السنيار» على قناة سما دبي، الجائزة الذهبية في مسابقة «PromaxBDA Global 2015»، المختصة برصد أفضل الأعمال الفنية في فئات الدعاية والغرافيك والديكور حول العالم، حيث حصد «السنيار» اعتماداً على التصميم المبتكر لمهندس الديكور مفيد عناني، أحسن ديكور على مستوى العالم، وعكس المرحلة التاريخية القديمة لمدينة دبي خصوصاً، ولدولة الإمارات عموماً، من خلال السوق القديمة والقهوة الشعبية وخباز الفريج، بالإضافة إلى بيت الحريم الذي تضمن محادثات ومشاهد درامية عكست روح الألفة والمحبة بين السكان، إلى جانب الجزء البحري من الديكور الذي يضم جميع إكسسوارات الصيادين والبحارة في تلك الحقبة التاريخية، والجلسة البدوية القديمة المقامة في بيت الشَّعر، فيما يتخلل البرنامج مشاهد درامية تقدم للجمهور المعلومة التراثية عن طريق المحادثات والنقاشات التي يؤثثها فريق البرنامج صحبة المذيع أحمد عبدالله، والمذيعة ليلى المقبالي.
|
ولا يخفي المدير العام للقنوات في مؤسسة دبي للإعلام، أحمد سعيد المنصوري، سعيه الدائم وبحثه عن كل ما هو جديد، متقاسماً مع مدير قناة سما دبي، خليفة حمد بوشهاب الكثير من الأفكار الخلاقة، خصوصاً بعد فوز «السنيار» بالجائزة الذهبية في مسابقة «PromaxBDA Global 2015» عن أحسن ديكور. ويجمع البرنامج بين الأصالة المتمثلة في «فريج» مستوحى من البيئات الإماراتية الثلاث، والحداثة بالاعتماد على أحدث الوسائل التي تعكس الأجواء المبهرة للبرنامج في الشهر المبارك.
مصطلح إماراتي
«السنيار» مصطلح إماراتي تراثي يستخدم عند خروج سفن الغوص المتتابعة في البحر، أو عند خروج مجموعة من الناس أو القوافل في رحلة في البر، لهذا السبب تم تضمين هذا المفهوم في فقرات البرنامج من خلال الرحلات الثلاث التي يقطعها المتسابق في كل حلقة ضمن البيئات الثلاث، إضافة إلى خمس محطات تشتهر بها كل رحلة وصولاً إلى المحطة الأخيرة، ومن دون إغفال وسائل المساعدة في هذه المسابقة التراثية، التي تشمل التقارير والخرائط المقدمة من لجنة الاختيارات المكونة من الباحثين. كما يتضمن البرنامج بالإضافة إلى الأسئلة الخاصة جوائز نقدية يومية وأسبوعية خاصة بالجمهور المتابع، تتم الإجابة عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة.
فائدة وعفوية
تتحدث مقدمة البرنامج، ليلى المقبالي، عن التجديد من ناحية الأسئلة والأمثال الشعبية والأبيات الشعرية التي تم توظيفها في حلقات الموسم الجديد، التي تجذب في كل عام فئات جديدة من الجمهور، «لدينا اليوم جيل جديد من المتابعين والمهتمين بالمعلومات الجديدة التي تقدم لهم المعرفة وتحقق الاستفادة، وأتمنى من متابعي (السنيار) أن يستفيدوا منها قدر الإمكان، لأن هدفنا الأساسي يظل تحقيق الفائدة في الجزء الخاص بالتراث والهوية».
فيما يصف مقدم البرنامج أحمد عبدالله، أسباب تعلقه بالبرنامج بعد أربعة مواسم ماضية، قائلاً «أحب نجاح (السنيار) وردود فعل الجمهور خصوصاً فئات الأطفال الصغار التي تتابع المفردات التراثية بشغف واضح، وهنا أود التوقف عند التجديد الذي سجله البرنامج هذا الموسم في مضمون الغرافيك وطريق طرح الأسئلة، واستحداث عدد من المراجع التراثية المتخصصة في بيئات البر والبحر والزراعة». ويتابع «في هذا الموسم هنالك تركيز واضح على الجانب التطبيقي الواضح على الشاشة، فالحديث عن بعض المصطلحات مثل (الطوي) أو (القراقير) أو (السيارات الكلاسيكية) سيكون مرفقاً بشرح تفصيلي وعدد من النماذج المصاحبة».
تراث عريق
ويؤكد المعد العام للبرنامج، عبدالله بن خدوم لـ«الإمارات اليوم» أهمية التجديد في مضمون الحلقات، التي تعكس البيئة التراثية الإماراتية بمختلف شرائحها الاجتماعية، سواء كانت بدوية أو حضرية منحدرة من المناطق الساحلية أو المناطق الجبلية، ويضيف «حاولنا تفادي التكرار في الأسئلة والطرح والتناول بشكل عام، من خلال توظيف أمثال شعبية وأبيات شعرية متوارثة ومعروفة، بشكل نركز فيه على اختيار السؤال عن بعض المفردات الشعبية الخاصة، أو استكمال بعض الأبيات الشعرية الناقصة أو الأمثال الشعبية بطريقة ترسخ في أذهان الأجيال الجديدة»، متابعاً «هدفنا في المقام الأول خدمة مجتمع الإمارات، والحفاظ على جملة عاداته وتقاليده الاجتماعية، وترسيخ الذاكرة الشعبية وتراث الإمارات العريق».
من جهته، يقول الباحث الإماراتي جمعة بن ثالث، «نعمل كفريق عمل متكامل من أجل إيصال المعلومة التراثية للمشاهد بالطريقة السليمة التي تحقق الأهداف المعرفية أولاً، بغض النظر عن قيمة الجوائز المقدمة، كما حرصنا في هذا الموسم على تنويع المشاركات والمعلومات التي تقدم في هذا البرنامج للمرة الأولى، لهذا يمكننا اعتبار برنامج السنيار سباقاً في مجال تقديم المعلومات الموثقة من قبل مجموعة من الباحثين في مجال التراث الإماراتي، كالأخت (أم عزان)، التي تقدم للمرة الأولى كل ما يتعلق بزينة المرأة وأدواتها وعطورها في الماضي، ما ساهم في صنع فرق مقارنة بالبرامج التراثية التي تعرضها القنوات المحلية». فيما يقول العضو في لجنة الأسئلة، سالم هلال عبيد، إن «الأسئلة التي تطرح في البرنامج تراثية بحتة، يتم اختيارها بعناية وتوثيقها من خلال الحلقات، ومن ثم شرحها وتبيان أصولها وسياقات استعمالاتها». ويضيف «أنا عضو في لجنة الأسئلة التراثية في التعقيب على القصائد والأمثال والحكايات، وتتعلق مهمتي بشرح معاني الأبيات الشعرية والأمثال الشعبية التي استقيت خبرتي فيها، من خلال الأهل، ومن خلال الحرص على مرافقة كبار السن، ومتابعة كل ما يتعلق بالتراث»، مؤكداً أن «تراث دولة الإمارات منظومة متكاملة يجب المحافظة عليها ورعـــــايتها تحــــــــت خـــــيـــمة العــــــادات والتقاليد والهوية الوطنية».
مشاركة نسائية
تشعر موزة عبدالله بن حضيبة (أم عزان)، الباحثة والخبيرة في مجال التراث الإماراتي، بالسعادة وهي تتحدث لـ«الإمارات اليوم» عن مشاركتها الفاعلة في البرنامج، من خلال التطرق إلى كل ما يخص المرأة في الماضي، كالحديث عن العطور والدخون ومختلف المهن اليدوية التراثية التي تشكل بدورها مادة غنية ساهمت في زيادة نسب المشاهدة والمشاركة الفعالة لفئة النساء في البرنامج. وتقول «تردني العديد من الاتصالات المهتمة بتضمين فقرات تتعلق بالمسميات القديمة لزينة المرأة، وهذا ما حاولنا استحداثه في هذا الجزء، من خلال خبرتي في هذا المجال، ومشاركتي في العديد من الفعاليات التراثية وعملي في لجنة تحكيم بطولة دبي العالمية للضيافة، التي ساهمت في التعريف بتقاليد الطهي الإماراتية والضيافة الخليجية وتعزيز مفاهيمها لدى الأجيال».
غزالة والحريم
بين البرنامج الإذاعي «سوالف حريم» و«السنيار» تمضي غزالة مبارك أوقاتاً لا تنسى معبرة عن شخصيتها الودودة والقريبة إلى القلب، لما تحمله من صفات تقترب من «المشاكسة» والطرافة التي تضيفها لأجواء البرنامج، الذي تتحدث عنه. تضيف «أعترف بأن مشاركتي في (السنيار) جعلتني أتعمق بشكل أكثر في التراث وأندمج في هذه الأجواء الأسرية بسرعة كبيرة، لهذا أحاول البحث دائماً عن كل ما هو جديد مثل الحديث عن العطور والدهون وغيرها من المستحضرات، التي تتذكرها الأمهات والجدات إلى اليوم».
بالمقابل، توضح المسؤولة عن تقديم الأكلات الشعبية الإماراتية (أم راشد) في «السنيار» والمحكمة في بطولة دبي العالمية للضيافة، الفرق بين «اللقيمات» و«الفقاع» و«الخنفروش». وتقول «ما يقدم في المهرجانات التراثية من حلوى تراثية لا يطلق عليه اسم (لقيمات) وإنما (فقاع)، نظراً لكمية الزيوت المستخدمة في تحضيره، فيما يتميز (الخنفروش) باستخدام دقيق الخبز إلى جانب المكونات الرئيسة الأساسية من سكر وزعفران وهيل وغيرها من المنكهات الخاصة بهذه الحلوى الإماراتية المعروفة».
رؤية إخراجية
لا تختلف الأجواء الخاصة لبرنامج «السنيار»، لدى المخرج الإماراتي محمد النجفي، صاحب اللمسات الإبداعية للعديد من البرامج الناجحة على قناة سما دبي، الذي يستكمل تقديم رؤيته بمحاولة التركيز على الأجواء التراثية التي تجمع المقهى والدكان ومخبز الفريج، بالإضافة إلى المشاهد الخاصة بالأجواء البحرية والصحراوية والجبلية.
ويشرح: «تم توزيع 12 كاميرا في استديو البرنامج وبطريقة فنية تسمح للمشاركين والضيوف بحرية الحركة والعفوية، وتقديم فقرات منوعة على مدى 90 دقيقة في بث مباشر، مع نخبة من الفنيين والمساعدين مثل محمد السيلاوي وأحمد الروبي وفادي الخطيب وسلمان الزراعي.
فريق العمل
في سياق الحديث عن النجاح الذي حققه البرنامج، الذي يبث على قناة سما دبي يومياً، ابتداء من الساعة 11:30 ليلاً ولغاية الساعة الواحدة صباحاً، والإعادة الساعة الثالثة والنصف صباحاً، والساعة الـ10:30 من صباح اليوم التالي، تجدر الإشارة إلى جهود فريق العمل بداية من الإشراف العام والفكرة التي صاغها مدير قناة سما دبي، خليفة حمد بوشهاب، ومروراً بمراحل الإعداد التي تولاها الباحث عبدالله بن خدوم، إلى جانب المنتج المنفذ حسين المناعي، والمنتج محمد سليم، ومساعد منتج عدنان المرزوقي، وصولاً إلى لجنة الأسئلة التراثية التي تضم كلاً من جمعة بن ثالث ومسعود راشد وموزة بن حضيبة وسالم هلال وغزالة مبارك، فيما يتولى الفنان عبدالله صالح مهمة الإعداد والإخراج المسرحي، يشاركه في أداء المشاهد التمثيلية كل من حميد سمبيج وأحمد مال الله، إلى جانب المساهمة القيّمة للجهات الداعمة للبرنامج مثل هيئة دبي للثقافة والفنون، ومركز دبي التجاري العالمي.