عبدالله صالــح: وداعاً لـ «ديناصـورات» الخشبة
بعد أربع سنوات متتالية ظل فيها بعيداً عن إدارته، عاد الفنان عبدالله صالح ليترأس أحد أعرق مؤسسات الإبداع المسرحي في دبي، وهو «مسرح دبي الشعبي»، الذي مضى على تأسيسه نحو ثلاثة عقود، مبرراً الغياب بـ«ظروف صحية»، رغم أن تلك الفترة شهدت إشرافه على الأعمال المسرحية.
وفي لقاء إعلامي غاب عن حضوره شباب المسرح، كشف مجلس الإدارة الجديد عن ملامح أنشطة العام الجاري، وهو اللقاء الذي اقتصر على المتحدثين الرئيسين فيه، إلى جانب عبدالله صالح وعادل إبراهيم وسعيد عبدالعزيز، وسليمان سعيد، إلى جانب مسؤولة الإعلام واللجنة الثقافية الشاعرة الهنوف محمد، فيما تغيّب العنصران الشابان الوحيدان في مجلس الإدارة وهما الفنانان حمد الحمادي وعادل خميس، لظروف قدمها المتحدثون على أنها «قهرية» و«صحية».
هذا الغياب جاء متناقضاً مع الخطة التي أعلنها مجلس الإدارة الجديد حول أنشطة المسرح هذا العام، ويبدو نظرياً أنها تولي عناية كبيرة بتوفير فرص متعاظمة للشباب، سواء من حيث إقامة ورش مختلفة، أو إنتاج عدد من المسرحيات التي قد تستوعب الكثيرين منهم.
وساق عبدالله صالح قائمة طويلة من المشروعات، مؤكّداً لـ«الإمارات اليوم» أنه وسائر أعضاء «المجلس» على استعداد للمساءلة في نهاية الموسم، سواء أمام سائر الأعضاء، أو أمام الإعلام المحلي، الذي يرصد ما يدور في كواليس خشبات المسارح بدقة.
ولم ينف صالح أهمية تجاوز الإشكالية الرئيسة التي تقف حجر عثرة أمام طموحات مختلف المسارح المحلية، وهي «ضعف الميزانية»، مؤكّداً أن هناك وعوداً حقيقية من هيئة دبي للثقافة والفنون، وكذلك وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بدعم المشروعات الجديدة للمسرح، الذي سيمضي في خطته الاستراتيجية، حتى في حال عدم تبدل حال «الميزانية الشحيحة» بشكل كبير.
وأوضح صالح أن «المجلس الجديد سيكون منفتحاً أيضاً على المؤسسات والشركات الراغبة في دعم الحراك الثقافي والفني في دبي»، مضيفاً: «هناك العديد من المؤسسات المستعدة لتقديم الدعم، ودورنا هو التواصل معها، وجذبها إلى دائرة الاهتمام بالشأن الثقافي والفني، الذي لا يمكن أن يكون بمعزل عن دوائر المال والأعمال، في سياق التزامها المجتمعي».
وأشار صالح إلى أن هناك إجماعاً من مجلس إدارة «دبي الشعبي» على ضرورة المشاركة في مختلف المهرجانات والفعاليات المسرحية المحلية مثل: «أيام الشارقة المسرحية»، و«مهرجان دبي لمسرح الشباب»، و«مهرجان الإمارات لمسرح الطفل»، فيما سيكون أول الأعمال المسرحية المنتجة خلال المرحلة المقبلة خاصة بعمل موجّه للجمهور، حيث تستعد الفرقة للمشاركة في «شعبيات 2»، وهي مسرحية يقدمها شباب الفرقة من النوع الترفيهي، ويسهم في إنجازها عدد من شباب الفرقة.
العمل الجماهيري الأضخم، حسب تأكيد صالح، سيكون مرتبطاً بإجازة عيد الأضحى، مشاركة نجم خليجي كوميدي معروف، لم يشر إلى اسمه، في حين ستشارك الفرقة في تقديم عمل «لو باقي ليلة» بمناسبة «اليوم الوطني الـ43».
الورش المسرحية لا تغيب عن نشاطات «دبي الشعبي» في موسمه الحالي، حيث كشف صالح عن تقديم ورشة مسرحية في الأداء التمثيلي تحت عنوان «من الموهبة إلى الإبداع»، إضافة إلى ورشة أخرى للمواهب الأحدث سناً، يتزامن انطلاقتها مع مطلع شهر رمضان.
وكشفت الشاعرة الهنوف محمد، أن هناك تنسيقاً من المنتظر أن يثمر شراكات مع عدد من المؤسسات الثقافية، من شأنها ألا يبقى المسرح منعزلاً عن سائر فنون الإبداع، مضيفة: «أولى هذه الاتفاقات ستكون مع اتحاد وأدباء الإمارات، فيما سيتلوها عدد من اتفاقات الشراكة مع (بيت الشعر) في الشارقة، وغيرها من المؤسسات المهتمة بالثقافة والفنون بشكل عام».
وأشارت الهنوف إلى عدد من الأنشطة التي أقرّها المجلس، والتي يتماس بعضها مع مناسبات اجتماعية ووطنية مهمة، منها مشاركة الفرقة في الاحتفال بيوم العمل الإنساني في 21 من يوليو المقبل، ومسابقات ثقافية مجتمعية عن إنجازات المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في 22 يوليو المقبل أيضاً، وغيرها من الفعاليات الأخرى.
وأوضحت الهنوف أن سلسلة من البرامج الثقافية التي تبدأ في أغسطس المقبل بورشة في الكتابة المسرحية، يحاضر فيها الدكتور هيثم الخواجة، وتقام في مقر «دبي الشعبي»، إضافة إلى شهادة للفنان ياسر القرقاوي في الأسبوع الأول من سبتمبر المقبل حول «التجربة الشبابية في المسرح» و«أمسية الأوائل» في الأسبوع الثاني من الشهر ذاته، وهي عبارة عن شهادة في تجربة الفنانين الأوائل، ويحاضر فيها عبيد علي، وأحمد الأنصاري.
نائب رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الشعبي، الفنان عادل إبراهيم، أكّد أن المجلس الجديد يعتزم تكوين لجنة تسويق شبابية يكون هدفها العمل على إيجاد حلول تسويقية عملية وعصرية تسهم في توفير التمويل اللازم للمشروعات الجديدة للمسرح، موضحاً أن «هناك العديد من الأعضاء الذين لديهم قدرات تسويقية عصرية، وأن مختلف أعضاء مجلس الإدارة سيقومون بدور مساند في هذا الجانب».
رهان خاسر
قال رئيس مجلس الإدارة الجديد لمسرح دبي الشعبي ، الفنان عبدالله صالح إن هناك «ديناصورات»، يصادرون الأعمال الشبابية ولا يسمحون لها الوصول إلى ابعد من دائرة ضيقة، مؤكداً أن الإبداع الذي يفرضه العناصر الشابة سيكسب الهان في النهاية، وسيجر أصحاب هذا الاتجاه على الانزواء.
وأكد صالح على أن أحد أهم المبادرات التي يمكن أن يقدمها المخضرمون في هذه المرحلة يبقى مرتبطاً بدعم اصحاب تلك المواهب، سواء ضمن الورش المباشرة، او من خلال دعم تجاربهم الإخراجية والفنية والتمثيلية، دون أن يؤدي ذلك إلى التأثير على الشخصية المستقلة للموهبة الشبابية.
صالح الذي يعد احد أكثر الفنانين الذي استعان شباب المسرح الإماراتي بنصوص من إبداعه، وكان آخرها مسرحية «الوجه الآخر» التي فازت بمعظم جوائز دبي لمسرح الشباب في دورته الماضية، اضاف : «المراهنون على غير الشباب في المسرح حتماً خاسرون».
وشائج «ثقافية»
برّرت الشاعرة الهنوف محمد، التي تترأس اللجنة الإعلامية والثقافية في مسرح دبي الشعبي، فكرة توقيع اتفاقات شراكة مع مؤسسات ثقافية تهتم بأجناس إبداع أخرى بخلاف المسرح، محاولة الخروج من دائرة «العزلة»، التي باتت تربطه مع غيره من وسائل التعبير الإبداعية مثل الشعر والقصة والرواية.
ونفت الهنوف أن تكون هذه الفكرة بمثابة إخلاص منها لعوالم الإبداع الأدبي، مضيفة: «صالح الحركة المسرحية يقتضي ذلك، فهناك نقاط تماس كثيرة ومشروعات متعددة يمكن أن تثمرها علاقات شراكة مع مؤسسات مهمة في المجتمع، مثل (اتحاد الكُتّاب)، و(بيت الشعر)، كما أنه لا يمكن الحديث عن شراكات مع مؤسسات اقتصادية واجتماعية، دون أن يتحقق ذلك بشكل مسبق».
تحدي الكتابة
تواءم التجديد الذي أخفى الكثير من معالم التصدعات في المقر المتهالك لمسرح دبي الشعبي، مع رغبة مجلس الإدارة «الجديد» في إحداث حراك حقيقي يوائم بين رغبة الأعضاء في أن يعود المسرح ليبقى بمثابة «بيت ثان» لهم، يجدون فيه متنفساً حقيقياً لهم، وبين الاستعداد لاستقبال عروض «جماهيرية»، حسب تأكيد الفنان عبدالله صالح.
مشكلة الأعمال الجديدة الأكثر معاصرة أطلّت برأسها أيضاً في تصريحات صالح، الذي نفى فكرة أن فرض سلطة رقابية على الكتابات الشابة هو سبب عزوف الشباب عن الكتابة للمسرح، مؤكّداً أن هناك حاجة ماسة لورش تعنى بتدريب الشباب على كيفية إثراء مواهبهم في هذا الإطار.
وفرّق صالح في مجال التأليف المسرحي بين ما أسماه «جموح الخيال وخصوبته» وبين ما اطلق عليه «فوضى التعبير»، مستشهداً بورشة قدمها الفنان حافظ أمان، أخيراً، في مسرح الشباب، مضيفاً: «التحديات المجتمعية تفرض علينا أن نكون أكثر وعياً وقدرة على التعامل مع مفردات الإبداع، الذي يبقى على نقيض مع الفوضى». وأعرب صالح عن أمله في أن يتمكن الكُتّاب الشباب في إيجاد موطئ قدم حقيقي لهم، ليس من خلال المهرجان المخصص لاستيعاب إبداعاتهم محلياً، وهو «دبي للشباب»، الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون.
مواكبة
أكّد عادل إبراهيم أن مجلس الإدارة الجديد عازم على أن تتمكن خشبته الحديثة، في مواكبة المنتج الحضاري المميز، الذي يسود مختلف أوجه الحياة في دبي، في إطار رسالة حضارية إلى العالم، في أن المنتج المسرحي قادر على مواءمة هذا التطوّر الاقتصادي والعمراني والسياحي الهائل الذي تشهده الإمارة. وأشار إلى أن المجلس الجديد يعتزم تكوين لجنة تسويق شبابية يكون هدفها العمل على إيجاد حلول تسويقية عملية وعصرية تسهم في توفير التمويل اللازم.