لا أحد يعرف «مصر رايحـة على فين»
قال الإعلامي والكاتب المصري إبراهيم عيسى إن البلاغات القانونية التي يتلقاها تراوح بين 10 و12 بلاغاً يومياً، وبلغ إجمالي القضايا والبلاغات المرفوعة ضده خلال الشهور الـ10 الأخيرة 120 بلاغاً وأربع قضايا تتنوع بين إهانة الرئيس وإهانة القضاء والتهرب الضريبي وغيرها، في الوقت الذي بلغت القضايا ضده في فترة الرئيس السابق محمد حسني مبارك أربعة قضايا وأحكام بالسجن. مؤكداً أن التهديدات التي يتلقاها تتعدد بين الملاحقات القضائية والتهديد بالقتل وشتائم اللجان الالكترونية التابعة لـ«الإخوان المسلمين» عبر الانترنت، والتي بلغت حداً مرضياً، لكنه مدرب على هذه التهديدات وتجاهلها منذ عام 1992، لذلك يمارس حياته بصورة طبيعية رغم التهديدات، فيقرأ ويكتب روايات ويستمع إلى الموسيقى.
وأوضح عيسى انه لا يمكن الاجابة عن سؤال «مصر رايحة على فين»، مضيفاً: «نحن الآن في معمل كيمياء، ولا توجد معادلة جاهزة يمكن الاعتماد عليها، فالبلد تتغير سريعاً، والمعادلة ليست مضمونة، كما أن الاطراف لا تعمل كلها لمصلحتنا، ويمكن أن تتفجر المعادلة في وجوهنا في أية لحظة، وكذلك يمكن أن ننجو. ولذلك علينا ان نعمل بجد وندرك أن النظام الحكم لن يتغير، وأنه لن يحدث أي تغيير، كأن ينزل الجيش إلى الشارع، دون إرادة الشعب والتعبير عنها حتى لو بالصمت، فحركة الشارع هي الفيصل». كما عبر عن رفضه خلال الامسية التي اقيمت مساء اول من امس، ضمن فعاليات «مجلس حوار» بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، للسؤال عن التشاؤم أو التفاؤل في الأوضاع الحالية، لان البلد يحترق وليس هناك مجال لإلقاء الاسئلة، وعلى الجميع أن يعمل لإطفاء الحريق وبعدها يمكن التساؤل حول الخسائر والأوضاع».
صناعة
| لقطات - تركزت فعاليات البرنامج الثقافي خلال الأيام الماضية في الفترة المسائية، واقتصرت الفترة الصباحية على قليل من الانشطة الخفيفة، وهو ربما يرجع إلى رغبة القائمين على البرنامج الثقافي اقامة الانشطة التي يشارك فيها كبار الكتاب وضيوف المعرض في المساء، لضمان وجود الجمهور، ولكن هذا التكدس المسائي ادى إلى تداخل مواعيد الامسيات وفرض على الحضور الاكتفاء بأمسية او اثنتين على الاكثر. - أدى تقارب أماكن إقامة الفعاليات والأمسيات والندوات في معرض الكتاب إلى تداخل الأصوات وتشويش الحضور، بحيث يصل المشاركون في أمسية إلى امسية أخرى مجاورة، ويجعل من الصعب الاستماع إلى اصوات المتحدثين بوضوح. - شهد اليومان الأول والثاني تكرار اعتذار بعض المتحدثين في الندوات عن عدم الحضور، او تخلفهم عن المشاركة بسبب لاسباب مختلفة بعضها شخصي والآخر تنظيمي. |
رفض عيسى فرضية أن ثورة يناير صناعة إخوانية، موضحاً أن «الإخوان» كانوا ضد الثورة، وهذا موثق ومؤكد، واجتماعهم مع عمر سليمان دليل على ذلك، لكنهم قاموا باستثمار الثورة بعد ذلك وركبوا نتائجها، وليس فعلها نفسه. داعياً الجميع لاحترام غموض التاريخ قليلاً، فليس جديد أن تكون هناك مناطق في التاريخ يلفها الغموض مثل المتسبب في حريق القاهرة 1952 أو قاتل الرئيس الأميركي جون كينيدي، خصوصاً أن الثورة المصرية علمياً لا يمكن اعتبارها ثورة، لانها لم تنتهِ وهناك ثورات تستمر 10 سنوات او أكثر. مضيفاً: «نحن مطالبون بالتعامل مع كل ما حدث ونستفيد منه جيدا من خلال التحليل ليقودنا إلى حل، فلا يمكن علاج المرض دون فهمه وتشخيصه بطريقة سليمة».
وأشار ابراهيم عيسى إلى أن الثورة لم تسهم في تشجيع المصريين على القراءة، لكنها أدت إلى رفع مستوى الاهتمام لديهم، ولكنه اهتمام أثقل كهل صاحبه، وسبب له الارتباك والتوتر، لانه لم يصاحبه زيادة في الوعي أو في مستوى الثقافة أو التعليم، فأصبح المواطن المصري بلا معيار أو قاموس يستطيع من خلاله فهم المصطلحات التي يتعامل معها. في الوقت نفسه لا يمكن التسليم بأن الشعب المصري ليس مؤهلا للديمقراطية حاليا، لانه لابد أن يبدأ في التعليم وممارسة الديمقراطية، تماما مثل الشخص الذي لن يتمكن من قيادة السيارة دون أن يتدرب على ذلك، «لكن علينا أن نكون حذرين حتى لا تضيع السيارة وسائقها للأبد».
إعلام
حول الهجوم على الاعلام في مصر، اعتبر عيسى انه يتم تحميل الإعلام أكثر مما يحتمل، فالإعلام تقوم مهمته على ركيزتين الاولى كشف الحقيقة والثانية ترسيخ الحرية، ولذلك من الطبيعي ان يتحدث الإعلام في السياسة، لكن لان السياسة طغت على المشهد ظهر الاعلام كأنه متورط.
وأضاف: «الإعلام المصري جزء من المجتمع ككل، ومن الطبيعي أن يصيبه ما يصيب المجتمع من أمراض، وجزء من الجنان الذي نعيشه أنه لا توجد في مصر مؤسسة إعلامية لديها مجلس إدارة حقيقي، سواء محطة تلفزيونية أو حتى صحيفة بما في ذلك الفضائية التي كنت شريكاً فيها، فكلها تدار بشكل فردي ومزاجي وعشوائي.
من جهة أخرى، من لا يجب الخلط بين مقدم البرامج والمعلق التلفزيوني، فمن الطبيعي أن يكون لكل قناة معلق يتولى تحليل الأحداث اليومية، وهي مهنة موجودة في كل العالم، وعندما يكون القائم بهذه المهمة جاهل فهي مشكلة القائمين على المحطة او الوسيلة أو الوسيلة الإعلامية، وليست مشكلة الوسيلة نفسها». معتبرا أن التحول في المواقف اصبح شيئاً مألوفاً، وأن هناك الكثير من الاعلاميين وغيرهم يرفضون الحديث او التصريح بآرائهم ومواقفهم حتى يتضح المشهد تماماً، وينحازوا للفئة القوية، وهو امر لا يقتصر على الإعلاميين فقط، لكنه يوجد في كل مهنة، بل في داخل كل فرد منا.
وعن اختياره الداعية الديني موضوعاً لروايته «مولانا»، قال ان رجل الدين هو أهم متلاعب في عقل المجتمع الآن، فدعاة القنوات الفضائية يسوقون المجتمع إلى فهم واحد ورؤية واحدة للدين، وهم يمثلون ظاهرة عمرها لا يزيد على 10 سنوات، فهي ظاهرة بكر وعالم مملوء بالكواليس عرف تفاصيله وأسراره من خلال العمل في الاعلام واستضافه ما يزيد على 180 داعية في برنامجه التلفزيوني، وكان لابد من نقل هذه الصورة عبر الرواية واستعراض الدوائر المتشابكة بين الإعلام والسياسة والدين والمال.