ماريو إنفليزي مؤلف «الكتب الممنوعة». أرشيفية

«كلمة» يصدر «الكتب الممنوعــــة»

أصدر مشروع «كلمة» للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ترجمة جديدة بعنوان «الكتب الممنوعة» من تأليف الكاتب الإيطالي ماريو إنفليزي، ونقلته إلى العربية المترجمة وفاء البيه، في إطار الاستعدادات للمشاركة في الدورة الجديدة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب خلال الفترة من 28 مارس حتى الثاني من أبريل المقبل.

وذكر بيان للهيئة، أمس، أن الكتاب يهدف إلى تقديم ملخّص إجمالي لتاريخ الرقابة على المطبوعات في الحضارة الغربية، متتبّعاً المسار الشائك لحرية التعبير عن الرأي، وأنواع الرقابة المسلطة على الكتب والكتّاب، بما فيها من قيود على النشر بكل أنواعه. وإذ يتناول المؤلّف بالدراسة والمعالجة نشأة الرقابة، وإعداد قوائم الكتب المحظورة، ودور محاكم التفتيش حتى بزوغ شمس عصر التنوير، فهو يبرز جلياً دور اللاهوت في ذلك، فضلاً عما أنتجته المعرفة من أدوات ومؤسسات تولت شأن الرقابة أيضاً.

ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول، يقدم الفصل الأول تاريخ الرقابة الذي يرتبط بظهور قوة الكتاب المطبوع وقدرته على الانتشار بيسر فائق بين أفراد الشعوب المختلفة، الذين كانوا بمنأى في الماضي عن الثقافة المكتوبة. وغيرت الطباعة، وقيام نظام تجاري سرعان ما امتد إلى أطراف أوروبا كلها، من ظروف التلاقح الفكري، فزاد الإصدار المطبعي، وتحولت بعض مدن أوروبا إلى مراكز للنشر يقصدها الناشرون والمؤلفون والقراء، ولقد أثار ذلك قلق الكنيسة، فسعت إلى إقرار مبادئ عامة لرقابة استباقية يخضع لها الإنتاج الأوروبي المطبوع.

ويتناول الفصل الثاني قوائم الكتب الممنوعة التي أعدّها أساتذة اللاهوت، ورعتها محاكم التفتيش، والتي شملت مطبوعات ذات انتشار واسع ولا تتعارض في شيء مع القضايا اللاهوتية الشائكة. وامتدّ الجدل إلى شرعية قراءة التوراة بين العامة، كما دخل العلم والأدب حيز عمل المراقبين، وتعرضت بعض أكثر المؤلفات الأدبية شهرة إلى التحريف على يد منقّحين. وتشير أدوات الرقابة الرسمية، كالقوائم والمراسيم، إلى مدى الاضطراب الذي شهده المشهد الثقافي والاجتماعي في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

ويعرض الفصل الثالث لحدود الرقابة، وإصرار كنيسة روما على تطبيق خطة شديدة الإحكام للتأكد من تطبيق القائمة والحفاظ على الخصائص المركزية، ما استدعى إعداد مشروع لجلب كل قوائم الكتب المحظورة، التي جمعها المحققون إلى روما، وكل قوائم كتب مكتبات الطوائف الدينية المختلفة، ما شكل مشهداً عاماً ثرياً لقراءات رجال الدين والدومينيكان واليسوعيين. ويشير المؤلف إلى عدم قدرة المحكمة المقدسة على إقامة رقابة فعلية على تداول الكتب المحظورة، وندرة محاكمة الأشخاص الذين وجدت في حيازتهم تلك المؤلفات.

ويتناول الفصل الأخير القرن السادس عشر بالتركيز، إذ اشتدت الرقابة عبر قنوات تشريعية صارمة، وبلغ التعاون بين محكمة التفتيش وجامعتي سالامانكا وألكالا، اللتين كانتا تتوليان مهمة تحديد الهرطقة، مداه، ثم اتجه عمل محاكم التفتيش بعد ذلك إلى التعويل على ذاتها، لكن في أعقاب ذلك، وفقا للمؤلف، سعت الدولة إلى فرض سلطتها على المطبوعات، ومع ذلك لم تنهر الرقابة كلياً وإنما تراخت شدتها. ويؤكد الكتاب أنه رغم التطورات الحاصلة بشأن تراجع الرقابة في أوروبا لم يتم إقرار حرية النشر رسمياً إلا مع صدور «إعلان حقوق الإنسان والمواطن» في باريس في 26 أغسطس عام ،1789 الذي تضمّن أن «تبادل الفكر الحر، والآراء، أحد حقوق الإنسان الأكثر تقديراً، ويحق لكل مواطن أن يتحدث ويكتب وينشر بحرية كاملة في ما عدا ما يُعد تجاوزاً، وفقاً للحالات التي نصت عليها القوانين».

الأكثر مشاركة