ثائر هلال يبحث عن «جيش نثق به»

قال التشكيلي السوري ثائر هلال «ما يحصل في بلدي أمر في غاية الخطورة، الصورة بالنسبة لي زلزالية وكارثية، ومن الطبيعي أن تكون دفقات المشاعر مختلفة، وأن يأخذ التعبير عن كل هذه المشاعر أدوات جديدة أقل تعقيداً، مشحونة بعاصفة من الأحاسيس التي طفحت على السطح»، وأضاف هلال الذي افتتح، أول من أمس، معرضه الفردي «جيش نثق به»، بصالة «أيام» في دبي: «منذ ما يقارب السنة وأنا منكفئ في مرسمي، أطلق لروحي العنان في محاولات للتعبير عن وجع جديد داهم الجسد، وأهدر كل هذا الوقت بين البحث والمتابعة والتسجيل، فمشاهد الدم اليومية والأرواح التي تزهق كل يوم كافية لتكون النفس مدمرة ومحبطة».

في سطور

ولد ثائر هلال عام 1967 بالناصرية في سورية، تخرج في قسم الاتصالات البصرية بكلية الفنون الجميلة في دمشق، شارك في العديد من المعارض المشتركة والفردية في دول عربية وأجنبية منذ عام ،1995 وشارك في بينالي بنغلاديش للفنانين الآسيويين (دهاكا بنغلاديش)، وشارك في معرضين بمتحف الشارقة، الإمارات العربية المتحدة. حاز الجائزة الثانية في التصوير من بينالي الشارقة الثالث، وعلى الجائزة الذهبية الكبرى من بينالي طهران الدولي، إيران.

توجد أعماله في مجموعات في متاحف ومعاهد فنية، منتشرة في جميع أرجاء العالم، بالإضافة إلى مجموعات خاصة كمجموعة غاليري أيام دمشق.

عنوان المعرض المستفز لم يأتِ من فراغ، وهو في الوقت ذاته ليس تهكميا أو استهزائيا، «جيش نثق به» عنوان ناقد ويشير إلى تطلعات وأمنيات ومعانٍ ودلالات كثيرة. يقول هلال: «نعم إنه مستفر، وهو يثير الشك، وهذه غاية مهمة لإثارة جدل الأسئلة بين العمل الفني ومتلقيه، ومحاولة لاستنفار الحواس والمحاكمات». ليس الغرض من أعمال المعرض البحث عن مواجهة من أي نوع «أنا لا أريد أي مواجهة، ويدمرني مشهد الموت وآلات الحرب، ومشهد السلاح الأعمى، أنا مع جيش يحقن الدماء وينتصر للأبرياء، الجيش الذي يحمي الحق والوطن، مع جيش يطلق النار على الأعداء فقط ».

هلال الذي يخرج في هذا المعرض أسلوبه الفني المعروف، أشار إلى أنه في هذه الأعمال يكترث إن كانت اللوحة وفية لثيمته المعروفة في أعماله. وقال «لا أعتقد أنني خارج تلك الثيمة، لأنها خاصة وتبرر لي على الأقل الخروج إذا جاز المعنى، فالدبابات حاضرة والطائرات الحربية والجندي بمعداته الثقيلة التي يحمي نفسه بها، كل هذه الصور نراها بشكل يومي ولحظي، أضفت إليها معالجتي الفنية الخاصة».

أعمال هلال في هذا المعرض ليست فنية بالمطلق، فهو اعتمد على صور حية مأخوذة من وسائل إعلامية عدة، وعمل على تضخيمها مع إضافات فنية بسيطة أراد الفنان وضعها أمام عين المتلقي، الألوان التي اعتمدها هلال هي الأسود القاتم مع رصاصي داكن وأبيض، ويقول عن خاصية ألوانه «الأسود هنا هو العتمة والكارثة والمصيبة، ومن ثم الحزن والألم وحرقة القلب، وهو أيضا إشارة إلى الحريق والدخان والرماد والفحم والجريمة والفناء وغياب كل شيء واختفاء الملامح، لتحضر الآت وأدوات الموت فقط وتتراجع الحياة، إنها آلات الموت المدمرة وهي بطبيعتها ذات شكل عدواني، مصفحة، مجنزرة، فولاذية»، مشيرا الى أن الصور « ذات جودة ضعيفة، إذ حصلت عليها من وسائل الإعلام والصحف، وبعضها مأخوذ من مقاطع فيديو أو بواسطة الهاتف، أو بواسطة كاميرات أشخاص محترفين وغير محترفين، وقد اعدت الاشتغال عليها واستخدامها، وحاولت جهدي أن أحافظ على طبيعتها الحية والعفوية والصادقة، لما فيها من بلاغة تعبيرية هائلة، تستحق الاهتمام والتوقف عندها، فهي تثير أسئلة وتكتنز معاني ودلالات غير منتهية».

وأوضح هلال «المشهد كان متوقعا بطبيعة الحال، الاحتقان كان موجودا على كل المستويات، وكان لابد للمشهد من أن يتفجر، لكنني في أعمالي مهتم فقط بأن أنتج عملا فنيا ولا أعرف من المهتم بلوحتي، الربيع العربي واقع وحقيقة هائلة نعيشها ونحياها، وننتج بالتوازي مع مفاصلها التاريخية، وتأثيرها في الفن سيكون بالغ الأهمية».

تترك أعمال هلال في هذا المعرض أثرا مربكا في النفس، وتختلط المشاعر بين تلك اللوحات بأحجامها الكبيرة، التي تبدو للوهلة الأولى تتغنى بالجيش، هذا الشعور الثقيل تخف وطأته عند الحديث مع الفنان وسؤاله عن قصده. في لعبته البصرية، اعتمد هلال على الأسود والأبيض، لتوضيح وجهة نظره التي لا تحتمل رمادية الموقف، يذكر أن المعرض مستمر حتى الـ15 من الشهر المقبل.

الأكثر مشاركة