طبعة أولى

«في الشعر الإفريقي».. إبداعات من القارة السمراء

صدر مع عدد شهر يناير الجاري لمجلة «دبي الثقافية» كتاب جديد بعنوان «في الشعر الإفريقي المعاصر.. جيل الرواد نموذجاً» من ترجمة الناقد المغربي الدكتور حسن العرفي.

يشير العرفي في مقدمة «في الشعر الإفريقي المعاصر» إلى أن الكتاب «يسعى إلى فتح نافذة إبداعية على واحد من أكثر آداب الشعوب أصالة وتنوعا وغرابة، خصوصا أن المكتبة العربية تفتقر إلى كتب ودراسات حول الأدب الإفريقي والأدباء الأفارقة، إذ قليلة، بل ونادرة، هي الكتب التي تعرضت له، أو غطت جوانب منه».

يعرّف الكتاب بنماذج مميزة للأدب الإفريقي، ومن أبرزها الثلاثي المؤسس «سنغور ـ سيزير ــ داماس» الذين قادوا مسيرة شعر الزنوج. وتحضر في الترجمات حرقة الإنسان الإفريقي وعذاباته «كما نتعرف الى عنف إيقاعاته وصخب مشاعره ودموية أو سوداوية رؤيته للأشياء. وكذا تحديه الواقع المريض، وتطلعاته من أجل تحقيق وجود إنساني كريم ولائق» حسب العرفي.

يقول إيمي سيزير: «زنوجتي ليست حجرا صممها ينهض ضد جلبة النهار.. زنوجتي ليست قطرة ماء ميت على عين الأرض الميتة.. زنوجتي ليست برجا ولا كنيسة، هي ممتدة في أديم الأرض الأحمر.. هي ممتدة في أديم السماء الحار.. هي مفتضة بصبرها سحنة الإرهاق الكالحة».

بينما يقول الشاعر السنغالي سنغور في قصيدة بعنوان صلاة إلى الأقنعة: «أيتها الأقنعة إليك أيتها الأقنعة.. أيتها السوداء.. أيتها الحمراء.. أيتها البيضاء السوداء.. وأنت في الجهات الأربع.. حيث تهب أنسام الروح.. أقدم تحيتي في صمت.. فلست أنت آخر جد تقنع برأس أسد.. فبك استمر هذا المكان المرفوض.. مشعاً بابتسامة أنثوية.. بابتسامة تتذابل.. وبك تصفى هذا الهواء الأبدي... حيث أتنسم ريح آبائي..».

وفي سياق متصل، يعرج المترجم على الزنوجة في شعر الراحل محمد الفيتوري، إذ إن الشاعر الذي ولد في السودان، كان «واعيا بوضعه كإفريقي وشاعراً بدمامته، ذلك أن سواد بشرته خلق لديه عقدة نقص، وكان رد الفعل الذي ولده هذا الشعور بالمهانة هو إحساسه بالكبرياء الذي دفعه إلى التميز وفرض الذات، ولم يكن أمامه سوى الفن ليجسد من خلاله هذه الرغبة». يقول صاحب ديوان «عاشق من إفريقيا» عن واحد من رموز الكفاح في القارة السمراء، وهو لومومبا: «في قلبي أنت.. البطل الأسود ذو القدمين العاريتين.. الراكضتين على نهر الكونغو.. كانت تركض خلفهما أشجار الغابات.. كانت تتهدج لهما أنفاس الظلمات.. كانت أمواج الكونغو.. توغل في الركض». دبي ــ الإمارات اليوم

«التجلّي».. عايدة الدرمكي تموسق النثر

عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان، صدرت للشاعرة الإماراتية عايدة الدرمكي مجموعة شعرية بعنوان «التجلي» في 19 قصيدة في 84 صفحة.

وتأتي «التجلي» في فترة زمنية تشهد طغيانا للنثرية على كثير من الاعمال التي توصف بأنها شعرية، الا ان النثرية التي تسم قصائد عايدة الدرمكي تتميز بأمر واضح جلي، اذ تأتي مموسقة ذات ايقاع يرافق كثيرا من قصائدها.

وقال الشاعر الإماراتي ابراهيم الهاشمي عن المجموعة، إنها «حروف مشبعة بالشجن.. تخرج من بين طيات الوهاد والهضاب والفيافي مشبعة بأريج الواحات الخصب وعناقيد الرطب وطعم الافلاج الفرات، ومعنى يذوب شدوا مخلصا لهذه الأرض وناسها. انها قوة بطعم الشوق.. وعبارة كلها صدق ووضوح وتجلٍ.. سكبتها عايدة الدرمكي في عقد نضيد طرزته بحرص شديد بكل عواطف النبل والخفر والحياء والإقدام والاقتحام والابتهال والمناجاة والتحدي، فجاء بوحها صافيا.. صادقا.. شفيفا.. عذبا. عايدة الدرمكي قلم يحفر اسمه بأناة وصبرة ابداع وتجلٍ».

كتبت الشاعرة في الإهداء: «لغتي معك لغة غير محكية.. تعكس بصفائها اصدق المشاعر.. التي احياها معك وتبوح لك.. دائما بأعمق الأسرار التي نعيشها معا.. إليك.. اخط نبض الحرف.. وإليك.. اهدي هذا العمل»

القصيدة الاولى «مداد بوحك» حملت اجواء شعرية لم تتوافر دائما لكثير من مثيلاتها «وأخيرا حان وقت الكتابة.. وحانت ساعة انطلاق القلم بين يديك.. بعد ان طال أسر هذا المسكين بين دفتي حياتنا معا.. وأخيرا قد حان وقت الكتابة.. لتكن ساعة البوح إذن. فراغات مسكونة بالوهم الجميل.. وتفاصيل منقوشة بأحلام مسترسلة.. وصرخات مدوية تجتاح كياننا».

وتنتقل الى القول في جو من الموسقة والنثرية الآلية: «هو صمت اعجزني تبريره وأرهقني تفسيره.. صمت يؤجل انبلاج الصباح.. ويزيد آلام الفؤاد.. ووجع القلوب.. وآهات الأرواح.. وها انت تعلن لي بأنه قد حان وقت الكتابة.. لأترقب طريق الضياع من بعدك.. وأتمعن في مفردات الهلاك من بعدك.. لأحاول ان ابرهن بأن لي حياة اخرى من بعدك.. وبأن لي عالماً آخر أحياه من بعدك».

في قصيدة «يا لسخرية الحياة» جو شعري دافئ يضع القارئ في اجواء من جبران خليل جبران. تقول عايدة: «ايتها الروح التي تتسلل بداخلي بخفة غريبة.. لتحيل الصخب والضجيج الى هدوء وسكينة.. تتسلل بخفة من بين الدمع اليابس المتحجر في عيني.. تتسلل في سكون هذا الليل.. لأصغي من خلالها الى همس الورود.. وقبلات المحبين.. وحفيف اوراق الارواح الخاوية.. وترنيمات القلوب المحطمة.. ووشوشة السواقي الوجلة».

الأكثر مشاركة