المعرض يضم 38 صورة من دول عدة. تصوير: إيرك أرازاس

«دقائق عشــوائية».. جماليات مـن الحياة اليومية

مشاهد من الحياة، نقابلها يومياً في طريقنا إلى العمل أو المنزل، وغالباً لا نتوقف أمامها كثيراً، ولكنها تتحول إلى عمل فني يجذب الأنظار في معرض الفنانة الإماراتية سلامة المنصوري، والذي افتتح مساء أول من أمس، في قاعة الغاف في أبوظبي، حاملاً عنوانا لافتاً هو «دقائق عشوائية»، وهو عنوان تراه المنصوري معبرا عن موضوع المعرض الذي يصور مشاهد من الحياة اليومية، التقطتها في أماكن ودول مختلفة، حيث تنقلت بكاميراتها بين الإمارات وإيطاليا وألمانيا والنمسا والتشيك وغيرها.

ويضم المعرض الذي يستمر حتى 16 ديسمبر الجاري 38 لوحة من التصوير الفوتوغرافي، التقطتها الفنانة من 2005 إلى ،2009 بعين الفنان التي تمتلك القدرة على رؤية الجمال في ما يحيط بها من تفاصيل الحياة التي نادرا ما يلتفت إليها كثيرون: شوارع ضيقة وأخرى متسعة، طرقات خالية وغيرها تموج بالحركة والحياة، شاب يقف متأملا الشارع والحياة من حوله، طفلة تلهو أمام مطار لا تعبأ بدموع الفراق أو اللقاء التي غالبا ما تحتضنها جدران المطارات، فنان يجلس ليزين إسفلت الشارع برسوماته بألوانها الزاهية، وغيرها من اللقطات التي تضمنها المعرض، ويستشعر المتلقي نحوها بقدر غير قليل من الحميمية والجمال النابع، مما تتصف به من عفوية وبساطة. واستعانت الفنانة بمقتطفات من كتاب لباولو كويللو، لتعبر عن بعض صورها «دقائق عشوائية» التي تظهر اللحظات العادية بطريقة غير عادية.

صور الشوارع

وقالت سلامة المنصوري ل «الإمارات اليوم»، «على الرغم من أن لدي الكثير من الصور للشوارع والناس، إلا أنني لم أفكر مطلقا في إقامة معرض يجمع هذه الصور، حتى قرأت كتابا للمصور العالمي هنري كارتير حول تصوير الشوارع، وهو اتجاه في عالم التصوير أسسه كارتير، وله أسسه ومصوروه ومسابقاته ومعارضه، وهذا ما شجعني على إقامة المعرض». وأضافت «اعتدت أن أحمل الكاميرا معي في كل مكان أذهب إليه لالتقاط الصور، حيث أجد قدرا كبيرا من الجمال في الصور العشوائية، وما تتميز به من عفوية وبساطة، وبما لديها من قدرة على التعبير عن معانٍ إنسانية وجمالية مهمة، تبرز مما يمكن تسميته بالفوضى الخلاقة». مشيرة إلى أن إحساس الفنان وعينه اللاقطة والحساسة للجمال تمتلك القدرة على رؤية جماليات مخفية في ما هو عادي ويومي، وعليه أن يسعى إلى لفت أنظار الآخرين لهذا الجمال، ومشاركتهم فيه.

وأوضحت المنصوري أن التصوير في الشوارع كما يحمل من جماليات، يحمل صعوبات أيضا، مثل صعوبة التعامل مع أناس لا تعرفهم، وما قد يحمله هذا من حرج، وضرورة أن يتصف المصور بالقدرة على اقتناص اللقطة المناسبة والتقاطها بسرعة كبيرة، لأن فقدان هذه اللحظة يصعب تعويضه وتعويض الصورة، كما أن يكون لديه سرعة رد الفعل واتخاذ القرار. وأوضحت أن تصوير لقطات للحياة اليومية أكثر سهولة في الخارج، لأن معظم المدن الأوروبية سياحية مفتوحة، اعتاد سكانها على وجود السائحين على مدار العام، والتقاط الصور التذكارية معهم، بينما مازال التصوير في مجتمعاتنا المحلية مثيراً لقلق كثيرين.

وتشير المصورة الإماراتية إلى صور باللونين الأبيض والأسود، تمثل لقطة جانبية لشارع في مدينة غربية تظهر فيها طاولة مطعم فارغة، وأشخاص من جنسيات مختلفة، ينظر كل منهما في اتجاه غارقا في أفكاره وعالمه. وتقول إن هذه اللوحة من أقرب الأعمال التي يضمها المعرض إلى نفسها، لأنها تعكس وضعا أصبح سائدا في العالم حاليا، هو انعزال وتباعد الأفراد، على الرغم من وجودهم في مكان واحد، حتى أصبح الإنسان يعيش في ما يشبه العزلة، على الرغم من وجوده بين الناس، معتبرة التصوير بالأبيض والأسود يمتلك جاذبية خاصة، ويساعد على منح الصورة المزيد من العمق.

نقطة تحوّل

وأوضحت المنصوري التي تحمل شهادة بكالوريوس في إدارة المعلومات الصحية إن المعرض يمثل نقطة التحول الأولى في مشوارها الفني، فهو معرضها الفردي الأول بعد معارض مشتركة. لافتة إلى أن مشاركتها في المعارض السابقة كانت تركز على الموضوعات المرتبطة بالتراث وبيئة دولة الإمارات. وقالت «تقديم أعمال ذات طابع تراثي يمثل كذلك نوعاً من التحدي للفنان، حيث يصبح عليه أن يجد منظوراً جديداً للتعبير عنه، من خلال أعماله، بما يخلق تميز العمل والفنان عن أعمال كثيرة، تناولت التراث ومفرداته، من فنانين محليين أو عرب أو حتى أجانب، خصوصا أن هناك فنانين عديدين نجحوا في تقديم أعمال ناجحة ومتميزة، عبروا بها عن جوهر التراث والصحراء وغيرها من المفردات التراثية. وهذا لا يمنع أن هناك الكثير الذي يمكن تقديمه في هذا الاتجاه، في حال اجتهدنا وحرصنا على تقديم أفكار مبتكرة وذات خصوصية».

الأكثر مشاركة