سلوم حداد: «حوت» اللاذقية لم ينافس «باب الحارة الدمشقية». تصوير: محمد شاهين

سلوم حـداد: «دبي للإعلام» أسهـــــــــمت فـي تـألق الدراما السورية

ما بين إخفاقات ونجاحات متباينة المستوى يعمل الفنان السوري سلوم حداد، من دون أن توقفه الأولى أو تبهره الثانية، ففي الوقت الذي وصل فيه إلى قمة تألقه بعد أعمال أبرزها «الزير سالم» و«الفوارس» و«الكواسر» و«الموت القادم إلى الشرق» و«دعاة على أبواب جهنم» و«المتنبي»، عاد ليقدم واحدة من الأعمال التي أجمع العديد من النقاد والمتابعين على أنها الحلقة الأضعف في سلسلة أعماله وهي «عنترة بن شداد»، لكن النجم السوري لم يلبث أن عاد بقوة عبر أحدث أعماله «الحوت» بمشاركة نخبة من نجوم الدراما السورية، عبر شاشة دبي الفضائية خلال شهر رمضان الماضي .

حداد الذي اعترف في حواره مع «الإمارات اليوم» بأخطاء «عنترة» متحلياً بشجاعة الفارس، رأى أن الألق الذي تعيشه الدراما السورية حالياً يعود في جانب منه إلى «مؤسسة دبي للإعلام»، مضيفاً «تلفزيون دبي كان سباقاً في الانفتاح على الإنتاج الدرامي السوري منذ أكثر من 20 عاماً، وعودته الآن إلى هذا المجال الإنتاجي، تمثل عودة حميدة وبادرة جيدة، سوف تكون لها نتائجها الإيجابية الملموسة في مجال صناعة الدراما السورية، يبدو لي أنهم الأذكى في الاستفادة من الطاقة الدرامية السورية؛ بل هم بالفعل الأذكى في هذا الإطار» .

خطأ

وأضاف سلوم حداد «أخطات في القبول بعمل ضعيف مملوء بالأخطاء ممثلاً في مسلسل «عنترة»، لكني أمتلك شجاعة الكشف عن تفاصيل هذا الضعف الذي يعود إلى ضعف كاتبه غسان زكريا، وعدم مقدرته على إنجاز السيناريو في الوقت المحدد لذلك، ما وضع أسرة العمل بالكامل تحت ضغوط هائلة وتسبب في القبول بكثير من الأخطاء في المشاهد، من أجل الوفاء بالعقود المبرمة مع جهات أخرى يهمها أن تتسلم المسلسل جاهزاً قبيل الموسم الرمضاني».

ورأى حداد أن هناك قاعدة ذهبية في العمل الدرامي يؤمن بها وهي أن «افتقاد المساحة الزمنية بين إنجاز السيناريو ومشاهد التصوير، خطر يجهض أي عمل درامي». مضيفاً «النص في هذه الحالة أشبه بالعجين الذي يتوجب على خبازه تحرّي خضوعه لعملية التخمير المناسبة، كي يصبح خبزاً شهياً»، مشيراً إلى أن عدم وجود تلك المساحة بالنسبة إلى الممثلين، لا يجعلهم يتعايشون مع الملامح النفسية للشخصيات، ما يفقد أداءهم عنصر الصدقية لمصلحة الأداء الآلي الجامد، وهو ما وقع فيه مسلسل«عنترة» الذي كان يتم تصوير مشاهده بعد دقائق فقط من إنجاز النص الخاص بكل منها».

تطور

ورأى حداد أن تطور الدراما السورية في المرحلة الحالية «مرتبط بعوامل عديدة تضافرت جميعاً لتضع تلك الصناعة المتطورة في مكانها الصحيح، بعد فترة طويلة من التقوقع غير المبرر، وافتقاد فرص حقيقية للحضور على شاشات عربية مهمة، فيما يتعلق بنسبة الانتشار والمشاهدة». مضيفاً «تفوق الممثلون السوريون على أنفسهم أولاً في المرحلة الأخيرة، سواء لجهة اختيارات النصوص الجيدة، أو الجودة الفنية والاهتمام بتطوير الأدوات، وهو العنصر الذي دعمه تراكم المخزون الفني للممثلين، في الوقت الذي شكل الدعم الرسمي الذي بدأت تلقاه تلك الصناعة من الدولة، فصلاً آخر شديد الأهمية بالنسبة إلى الممثل السوري».

ولم يخفِ بطل «الحوت» المنافسة القوية التي تلقاها الدراما السورية من نظيرتها المصرية». مضيفاً « يجب ألا ننفخ كثيراً في بوق ذلك التنافس الذي لا يعدو كونه تنافس أبناء المهنة الواحدة، وهو ما ينطبق على أي سلعة سواء مادية أو ثقافية تلقى رواجاً وإقبالاً كما هو حال الدراما المصرية والسورية حالياً، لكن الأهم هو الاستفادة من هذا التنافس لمصلحة الدراما العربية، وجذب الدراما الخليجية والمغاربية وغيرها لآفاق الدائرة التنافسية نفسها، كي نصل في النهاية إلى منتَج درامي عربي جيد، يواكب التقدم الكبير التي تشهده تلك الصناعة في بيئات أخرى، مثل الدراما المكسيكية والتركية والأوروبية وغيرها».

دفاع

ودافع النجم السوري عن اللهجة غير الواقعية التي استُخدمت في مسلسل «الحوت» وعُرِض حصرياً على شاشة دبي الفضائية، وجاءت مغايرة للهجة الساحلية المشهورة لدى أبناء اللاذقية التي مثلت البيئة المتخيلة للعمل، قائلاً : «كان من الصعب تقديم عمل مغرق في المحلية يتطرق إلى مشكلات مجتمع الصيادين إبان فترة الانتداب الفرنسي على سورية، من خلال لهجة محدودة الانتشار وصعبة الفهم أيضاً خارج مجتمعها الجغرافي، وداخل سورية نفسهـا، فما بالنا بالمشاهــد العربي على اختــلاف لهجتــه الخاصـة، لا سيما أن الرؤية الفنية للعمل ارتأت الخروج من خصوصية الطرح المتعلق بمكان وزمان معينين، إلى شمولية أرحب من خلال إسقاطات تتعلق بصراعات نفسية وبشرية وطروحات ترصد جوانب الطمع وحب السيطرة والتملك من جهة، وطبيعة علاقة البعض بالمستعمر في ظل مصالح شخصية تعلو أحياناً لدى هذا البعض عن مصلحة الوطن العليا من جهة أخرى».

ونفى الفنان السوري أن تكون منافسة الجزء الثالث من مسلسل «باب الحارة» وغياب بعض الممثلين عنه، هو الدافع وراء حشد عدد من النجوم في «الحوت» وقال: «لا تستطيع أن تعمل وتجتهد من أجل الإبداع في الوقت نفسه الذي تراقب فيه الآخرين، لا سيما أن كل نجاح في مجال الدراما السورية يصب بشكل أو بآخر في مصلحة سائر الأعمال، مع مراعاة أن سوق الدراما دائماً تبقى متعطشة للأعمال الجيدة التي تستطيع أن تفرض نفسها دائماً، تماماً كما تفرض المعادن النفيسة والأحجار الكريمة تميزها عن نظائرها».

وأرجع حداد الذي يملك تجربتين سينمائيتين فقط هما «حادثة النصف متر» و«الترحال»، عدم مواكبة صناعة السينما السورية لما تشهده الدراما السورية من حضور عربي إلى «سوء أحوال دور العرض السينمائية السورية، الأمر الذي أدى إلى فقدان السينما في سورية بالأساس جمهورها، فضلاً عن غياب الاستوديوهات المؤهلة لتلبية مطالب التصوير السينمائي، وعدم تلقيها الدعم نفسه الذي حصلت عليه الدراما التلفزيونية».

آه يا مسرح

الفنان السوري سلوم حداد قدم سابقاً عددا من المسرحيات منها «نكون أو لا نكون»، «في انتظار أليسار» «رسول من قرية تميرة»، وردا على سؤال لـ«الإمارات اليوم» عن موقع المسرح في أعماله حالياً، تنهد بمزيج من الحسرة والاندهاش ما بين حاليه الماضي والحالي، وقال «كأن هذا ليس زمن المسرح، او كأن المسرحيين الآن في زمان ليس زمنهم، لا توجد أسباب مباشرة لخفوت هذا الفن عربياً بعد النجاحات الكبيرة التي حققها» مضيفاً : «المسرح من الفنون التي تحتاج إلى حضن رسمي دائماً من الدولة، كما تحتاج أيضاً إلى نص قوي، وممثلين جيدين، وجمهور واعٍ، ولا أظن أن معظم هذه العناصر مفتقدة بالضرورة».

 

حداد تألق في الدراما التأريخية

الأكثر مشاركة