ياسمين ترينكا تُكرّس موهبتها في «عيون الآخرين»
مع حصولها على جائزة أفضل ممثلة في النسخة الـ20 من مهرجان روما السينمائي الدولي، عن دورها في فيلم «عيون الآخرين -Gli occhi degli altri»، لا تؤكد ياسمين ترينكا موهبتها الاستثنائية فقط، بل أيضاً قدرة السينما الإيطالية المعاصرة على تقديم أعمال غنية بالبعد النفسي والاجتماعي.
وينتمي الفيلم إلى الدراما النفسية، ويستعرض قصة امرأة تواجه صراعات داخلية عميقة مع محيطها الأسري والاجتماعي، وقد استخدم المخرج الإيطالي، ماركو بيرتيني، تقنيات تصوير متقدمة تجمع بين الكاميرا المحمولة والمقاطع الثابتة لإيصال حالة التوتر النفسي للشخصيات، والإضاءة الخافتة والزاوية الدقيقة للكاميرا كانتا أداتين فنيتين أساسيتين، تمنحان المشاهد شعوراً بالتقارب مع صراعات البطلة، وكأننا نرى العالم بعينيها، بما يتماشى مع عنوان الفيلم «عيون الآخرين».
أداء ترينكا في هذا الفيلم بحسب العديد من التقارير النقدية يُعدّ درساً في التمثيل الموجّه نحو التفاصيل الدقيقة: من حركات اليد الصغيرة التي تعكس القلق الداخلي، إلى لغة العينين التي تعكس صراعها النفسي، تنجح في جعل المشاهد يعيش التجربة معها دون أي شعور مصطنع، وأبرز المشاهد تحليلاً هو مواجهة البطلة لقرار حياتي مصيري وسط عائلة معقدة العلاقات، حيث يمزج التوتر الداخلي بالهدوء الظاهر، وهو ما منح دورها طبقات متعددة من العمق الدرامي.
بيرتيني استخدم تقنيات متميزة في المزج بين الواقعية والرمزية، الكادرات الطويلة، وتلاعبه بالمساحات المفتوحة والمغلقة، أعطت شعوراً بالضغط النفسي والعزلة، وهو ما يعكس صراع البطلة بين العالم الداخلي والخارجي، الموسيقى التصويرية الدقيقة والهادئة لم تكن مجرد خلفية، بل كانت جزءاً من السرد النفسي، تكشف ما تحمله الشخصية من انفعالات مكبوتة.
ويندرج فيلم « عيون الآخرين» ضمن موجة حديثة من السينما الإيطالية التي تركز على التحليل النفسي والاجتماعي للشخصيات النسائية، ويُقدّم الفيلم تجربة أكثر حدة وعمقاً، ويبرز قدرة الممثلة على حمل ثقل القصة بالكامل على أكتافها، ما يعكس تطور فن الأداء في السينما الإيطالية المعاصرة.
فوز ياسمين ترينكا بجائزة أفضل ممثلة ليس مجرد تكريم لفرد، بل هو إشادة بالسينما الإيطالية القادرة على إنتاج أعمال تجمع بين العمق النفسي والحرفية الفنية العالية.