السينما تتحدى العتمة
هناك تواطؤ تام على ما يبدو، واتفاق ضمني بين ضيوف الدورة 16 من مهرجان الإسماعيلية السينمائي على تجاوز أخطاء ومشكلات المهرجان، خصوصاً انقطاع التيار الكهربائي. ولا شك في أن روح النكتة لدى غالبية المصريين، عملت على تخفيف حدة ردة الفعل من قبل الضيوف، عبر اطلاق نكات من هنا وهناك، تصف الحالة المصرية في فترة حكم الرئيس المصري الحالي محمد مرسي.
لا يمر عرض فيلم بسلام دون قطع تيار الكهرباء، وهذا أمر أصبح على ما يبدو طبيعياً، لكن أن يتكرر قطع الكهرباء أو أن تتوقف الشاشة على جمل لها علاقة بنقد الاسلاميين مثلاً، يبدو مريباً ومتعمداً. لكن على الرغم من جميع الصعوبات والأزمات يبدو الجميع مسكونين برغبة إنجاح هذه الدورة التي تقام في ظروف صعبة.
| عرض أمس «اليكترو شعبي» ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة للمخرجة هند مضبش، «فيلم الحيط» ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة للمخرجة اللبنانية اوديت مخلوف. «يوم معاد» ضمن مسابقة أفلام التحريك للمخرج البلغاري سفيلين ديميتروف. «تريزا داتروفا، ولدت عام 1989»، «اسكتشاتي بتاكلني» ضمن مسابقة أفلام التحريك للمخرجة المصرية نور أبيض. «عندما تلتقي الجنة بالنار» فيلم أميركي يشارك ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، للمخرجة ساشا فريد لاندر. |
وقال مؤسس المهرجان هاشم النحاس «هذه الدورة من المهرجان تتحدى وزير ثقافة يريد أن يلغي الجمال في مصر، عندما أكون بين ضيوف المهرجان، نشاهد فيلما وينقطع تيار الكهرباء، ويلوذ الصمت دون تأفف، فمصر بخير، ويحبها الجميع». وقال المخرج السوري داني أبولوح المقيم في فرنسا، الذي عرض له فيلم الحركة «راندا»: «شعرت بالألم على الأخطاء التقنية التي رافقت عرض فيلمي الذي يعرض عالميا لأول مرة في مهرجان الاسماعيلية». وأضاف «أما بالنسبة لقطع الكهرباء فهو يجعلني أعيش حالة مصر والمصريين ومعاناتهم التي تترجم فوراً بروح النكتة في قلوبهم». وقال المخرج الايطالي فابريوني بوني، الذي عرض له فيلم «الفضاء» يشاركه في اخراجه جورجيو دي فينينيس ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة «أول شيء اشعر به عند قطع الكهرباء أن استرق السمع للصمت المخيم على الجميع، والذي ينتهي عادة بعبارات عربية أطلب دائماً ترجمتها، لأكتشف أنها نكات على الوضع الذي تعيشه مصر»، مؤكداً «المهرجان على ما يبدو هذا العام يتحدى شيئاً ما والتحدي بحد ذاته يخلق حالة يتوحد فيها جميع المتضررين، فيتجاوزا الظلمة معاً». وقال المخرج الألماني من أصل تركي تون كابتان، الذي عرض له فيلم «السيد سيبزينروبل» ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة «ثمة شعور بضرورة الوقوف الى جانب مصر في الظلمة المتمثلة بقطع الكهرباء فيها في وقت عروض الأفلام، والتي تعمل حالة تشتت ذهني للحظات خصوصاً اذا كان الشخص منهمكاً في المشاهدة ويريد ان يعرف ماذا سيحدث في المشاهد اللاحقة».
الذي حدث اثناء عرض فيلم «18 يوماً» الذي يشارك فيه 10 مخرجين مصريين، أنه لم يتوقف فقط في تأخير عرضه بسبب الكهرباء، بل تجاوز الأمر بعد عودة الكهرباء حيث توقفت الشاشة كلياً أثناء عبارات لها علاقة «بالدين ومفهومه المتطرف»، ما خلق حالة من الاحتجاج على ضرورة معرفة المشهد ولو بالكلام، وهذا ما حدث فعلاً، كل جملة يتم قطعها يقف فرداً من فريق العمل ليحكي المشهد للمشاهدين بشكل حي ومباشر، هذه هي مصر التي تخلق حالة نوعية دائماً تجعل من غض البصر عن الفوضى ضرورة وطنية الى حين.
وبدوره قال المخرج اللبناني نيكولا خوري الذي يعرض له فيلم «الحارة» ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة «كل شيء يستطيع المصري أن يبسطه، ويخفف الغضب الذي قد يعتري صاحب الفيلم وهو من حقه، لكن الوضع يجب دعمه من قبلنا فالمرحلة فيها الكثير من التحديات، وواجبنا الانساني أن نصمت على الأقل تجاه أي اخفاق بحق عروض افلامنا خصوصاً اذا كان الظرف أكبر من قدرة المهرجان على اصلاحه كقطع تيار الكهرباء».
وقال مدير المهرجان محمد حفظي «ابتسامة الضيوف رغم قطع التيار الكهربائي عن عروض أفلامهم، تدل على مدى وقوفهم الى جانب الشعب المصري ومعاناته، ودعمه بطريقة غير مباشرة في تحديه نحو تحقيق الحرية الكاملة».