لم يبق في بغداد غير خمس دور عرض سينمائية. رويترز

عيد حزين للسينما العراقية

تجمع عدد من السينمائيين والمخرجين التلفزيونيين والنقاد السينمائيين ومحبي السينما العراقيين، في دار سينما سميراميس في بغداد، للمشاركة في احتفال بالعيد 55 للسينما العراقية، عرض خلاله فيلم «فتنة وحسن» المأخوذ عن رواية روميو وجولييت لشكسبير. احتفالية حزينة في عيد السينما العراقية، خصوصاً مع توقف الإنتاج والمشكلات الفنية والأمنية والتراجع الكبير لعدد دور العرض. وعلى الرغم من أن الإنتاج السينمائي العراقي بدأ في الأربعينات لكن فيلم فتنة وحسن الذي انتج عام 1955 يعد البداية الحقيقية لصناعة السينما العراقية لأن جميع الممثلين والعاملين فيه كانوا عراقيين. وشمل الاحتفال عرض فيلم وثائقي عن عمل السينمائيين في مطلع الخمسينات، ومعرضاً لآلات التصوير والعرض السينمائي القديمة.

وشكا بعض المخرجين وخبراء صناعة السينما الذين حضروا الاحتفال، الوضع الحالي لصناعة السينما العراقية قائلين إنها تفتقر إلى الدعم الحكومي. وقال الناقد السينمائي مهدي عباس «السينما العراقية تعاني مشكلات منذ التسعينات. الإنتاج السينمائي توقف بعد إنتاج فيلم «الملك غازي» بسبب الحصار. لا يوجد شريط خام، لا توجد مختبرات،لا توجد معامل. الفيلم العراقي الروائي الطويل يكلف اليوم مئات الآلاف من الدولارات ويحتاج إلى ميزانيات ودعم خاص. فلذلك دائرة السينما والمسرح التجأت إلى إنتاج أفلام قصيرة وأفلام فيديو إلى أن تتاح لها الفرصة لإنتاج أفلام روائية طويلة.

وتعود الجذور الحقيقية للسينما العراقية إلى عهد الملكية في الأربعينات حيث ازدهرت بفضل اموال مستثمرين فرنسيين وبريطانيين، لكنها تراجعت مع وصول البعثيين إلى السلطة في العراق عام .1958 وبحلول نهاية الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات خصص نظام الرئيس الراحل صدام حسين أموالاً طائلة لدعم صناعة السينما العراقية التي اجتذبت عدداً من المخرجين العرب لإنتاج أفلام موجهة تمجد تاريخ العراق مثل «القادسية» للمخرج المصري صلاح أبوسيف الذي يصور انتصار العرب على الفرس عام ،636 وفيلم «المسألة الكبرى» للمخرج العراقي شكري جميل عن ثورة العراقيين على الاحتلال البريطاني في عام .1920

وحال الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق في أعقاب غزو الكويت عام 1990 ، دون الحصول على الأفلام الخام وغيرها من لوازم صناعة السينما، فانهارت تلك الصناعة. والفيلم الروائي الوحيد الذي انتج خلال فترة عقوبات الأمم المتحدة هو «الملك غازي» عام .1994 وقال المخرج التلفزيوني العراقي عزام صالح خلال الاحتفال «اليوم هو يوم الاحتفال بعيد السينما العراقية المنقرضة إذا كانت هناك سينما عراقية، ليس هناك سينما عراقية منذ أن بدأت وحتى الآن، السينما هي محاولات سينمائية، ليس هناك دعم من الدولة ولا أقصد من الحكومة لهذه المؤسسة»، وأضاف «السينما العراقية غير مؤسسة أصلاً، بدأت بالقطاع الخاص واستلمتها مؤسسات الدولة والدولة في زمن النظام السابق، حاوت أن تكون السينما لسان حالها، إعلام لسياسة الدولة في ذلك الوقت، أما في الوقت الحاضر لا الدولة ولا الحكومة لهما علاقة بالسينما ولا بالوسط الثقافي ولا بالفن ولابالآداب لا من قريب ولا من بعيد». وبعد عقود من نقص التمويل وسيطرة الدولة والحرب تناقص في الوقت الحالي عدد الكتاب والممثلين والمخرجين والمصورين السينمائيين مع خروج الكثير منهم إلى دول مجاورة هرباً من الأوضاع الداخلية بعد الاحتلال الأميركي. كما تراجع أيضاً عدد دور العرض السينمائي في العراق. قبل الاحتلال الأميركي في عام 2003 كان ارتياد دور السينما أمراً شائعاً بين العائلات لمشاهدة افلام الحركة الأميركية بطولة ارنولد شوارزنيغر وجان كلود وفان دام في 60 داراً للعرض السنيمائي أو نحو ذلك في بغداد.

وتقول دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة العراقية إن عدد دور العرض التي مازالت تعمل في بغداد لا يتجاوز خمسة مع إحجام هواة السينما عن ارتياد دور العرض خوفاً من هجمات المسلحين.

واصبح العراقيون يفضلون البقاء في المنازل حيث يمكنهم الآن مشاهدة مئات القنوات.

 

الأكثر مشاركة