أهالٍ يشتكون ضعـف مستــوى الطلبة في «العربية»
شكا ذوو طلبة بالحلقتين الثانية والثالثة ضعف مستوى أبنائهم في اللغة العربية، وعدم قدرتهم على القراءة والكتابة بصورة صحيحة، مشيرين إلى أن المناهج التعليمية تركز على اللغة الإنجليزية على حساب العربية، فيما أكد تربويون أن المدارس غير مسؤولة عن تراجع مستوى اللغة العربية، وفقدان بعض الطلبة أدوات التواصل بها، عازين السبب إلى اهتمام ذوي طلبة بتعليم أبنائهم الإنجليزية على حساب أي شيء، والتفاخر بذلك.
وتفصيلاً، أكد (أبوسلطان) أن ابنه في الصف العاشر، ولا يستطيع أن يكتب خطاباً من دون أخطاء إملائية ونحوية، إضافة إلى رداءة الخط، وعدم ترابط الجمل، على عكس مستواه في اللغة الإنجليزية التي يجيدها قراءة وكتابة، مشيراً إلى أن النظام التعليمي والمناهج الدراسية يلعبان دوراً رئيساً في تهميش اللغة العربية.
فيما أفاد (أبومحمد) بأن ابنه في الصف الثاني عشر، ومستواه الفعلي في اللغة العربية لا يتعدى طالباً في الصف السادس، مشيراً إلى أن ابنه لا يتمكن من قراءة الجريدة، ويتهجى اسماء المحال والإعلانات الموجودة في الشوارع.
وتابع «ابني يجيد الانجليزية كتابة وقراءة، وحتى محادثاته على مواقع التواصل الاجتماعي كلها باللغة الانجليزية»، لافتاً إلى أن الأمر في بدايته كان يفرحه، بسبب إجادة نجله اللغة الانجليزية، لكنه أصبح قلقاً الآن من تدهور مستواه في اللغة الأصلية، ما يؤثر في هويته ومستقبله.
| دعم اللغة العربية نسق مجلس أبوظبي للتعليم، مع وزارة التربية والتعليم لدعم اللغة العربية، وتطوير مناهجها وأساليب تدريسها. وأكدت وزارة التربية والتعليم أنها ستضع خططاً ومبادرات لتعزيز اللغة العربية في المدارس، فيما أطلق مجلس أبوظبي للتعليم حزمة برامج للنهوض بالعربية، منها برنامج المدرب اللغوي الذي يحصل عليه المعلمون، ويتم تدريبهم خلاله على التخطيط، والتدريس، والتقويم، وأنواع القراءة، وأنواع الكتابة، والوعي الصوتي، وتنظيم البيئة الصفية، إضافة إلى مبادرة «أبوظبي تقرأ»، والبرامج الاربعة الخاصة بتحسين تعلم الطلبة اللغة العربية، وهي كتاب «صحيفتي» لتنمية القراءة والكتابة اليومية، ودليل موجه إلى ذوي الطالب حول التعليم القائم على المعايير، وبرنامج التقويم المستمر عبر النصوص (تمعن)، و«المنهاج العربي المساند»، لدعم التعليم في المراحل التأسيسية من رياض الأطفال وحتى الرابع التأسيسي، والدليل الموجه إلى ذوي الطلبة حول التعليم القائم على المعايير، بهدف تعريف ولي الأمر بكيفية تعليم الطالب وفق معايير جديدة، وتأكيد أن مصدر التعلم ليس فقط في المدرسة. |
وذكرت (أم صالح) أن ابنتها لا تهتم باللغة العربية، ولا تُقبل عليها، بزعم أنها لن تحتاجها عقب المرحلة الثانوية، خصوصاً أن التعليم الجامعي كله باللغة الانجليزية، وأي عمل يشترط إجادة الانجليزية، ولا يتطرق إلى اللغة العربية، مشيرة إلى أن ابنتها وصديقاتها يتحدثن فيما بينهن بالإنجليزية فقط. وأيدتها هند عبدالله، مديرة قطاع في إحدى الهيئات الحكومية، قائلة إن أسرتها تضم 15 طفلاً وشاباً، جميعهم في المراحل الدراسية المختلفة، والقاسم المشترك بينهم هو عدم إجادة اللغة العربية، مشيرة إلى أن بعضهم يدرس في المرحلة الثانوية، ولا يستطيع كتابة جملة مفيدة من دون أخطاء.
وأوضحت أن استمرار تهميش اللغة العربية في المدارس سيؤدي مستقبلاً إلى عواقب وخيمة، خصوصاً أن اللغة العربية هي أساس الهوية والدين والحضارة والثقافة، وتهميشها يؤدي إلى الانسلاخ من كل ما ترتبط به اللغة.
وتابعت «أعرف كثيراً من الآباء والامهات الذين يشتكون من تدني مستوى الطلاب في اللغة العربية، وتحسنهم باطراد في اللغة الإنجليزية، كما ألمس تذمر كثير من الأمهات بسبب لعب وتخاطب أبنائهن مع بعضهم باللغة الإنجليزية»، مطالبة بتوعية الطلبة بأن اللغة العربية هي كيان وثقافة ومستقبل، وأن الموضوع ليس مجرد درجات يحصّلها الطالب في اللغة العربية.
فيما عزت أم ثلاثة أبناء، سلوى أحمد، تراجع مستوى اللغة العربية بين الشباب، وعدم مقدرة العديد منهم على الكتابة والقراءة بشكل صحيح، إلى انتشار المدارس الأجنبية بشكل كبير، وتدريس المنهاج من رياض الأطفال باللغة الانجليزية.
وقالت إن المناهج والقصص المقروءة في رياض الأطفال تدرس باللغة الإنجليزية، وبذلك لا ننقل فحوى القصة فقط، بل ثقافة كاملة للغة دخيلة، تترسخ في وجدان الاطفال، إضافة إلى أن هذه المدارس تهمش اللغة العربية ولا تعطيها الأهمية المناسبة.
وأضافت أن الإعلام أيضاً له دور كبير في تهميش اللغة العربية، كون معظم الأفلام والمسلسلات والرسوم المتحركة التي تعرض في التلفزيون ويشاهدها الأطفال والمراهقون باللغة الإنجليزية، وحتى قصص الأطفال الإنجليزية تلاقى رواجاً كبيراً لجودة الكتابة والرسم والتصميم والإخراج والموضوع.
في المقابل، أكد تربويون عدم مسؤوليتهم عن ضعف بعض الطلاب في اتقان اللغة العربية، وحمّلوا الأهل المسؤولية، نتيجة تفاخرهم بالحديث باللغة الإنجليزية، وعدم إلزام الابناء منذ الصغر بالحديث باللغة العربية وتشجعهم على الكتابة والقراءة بها، مشيرين إلى أن اختلاف التركيبة السكانية في المجتمع، وتحدث معظم العمالة المنزلية باللغات غير العربية، أسهم في تفاقم المشكلة.
وأفاد معلم اللغة العربية، أحمد عبدالله، بأن المدارس لا تتحمل وحدها مسؤولية تردي أوضاع اللغة العربية وتراجعها في العديد من المجالات، أمام اللغة الإنجليزية، إضافة إلى انتشار لغات مشوهة في الحديث، وتأثير ذلك في الأطفال في فترات تكوينهم، مشيراً إلى أن الطلبة يأتون إلى المدرسة بمفردات لا تمت إلى اللغة بصلة، اكتسبوها من الخادمات في المنزل، والعمالة الوافدة في الأسواق التجارية.
وأكد معلم التربية الإسلامية، محمد وصفي، أن معظم البيوت بها خدم لا يتحدثون اللغة العربية، وأمهات وآباء يقضون معظم النهار في العمل، ولا يجدون الوقت الكافي للتحدث مع أبنائهم عند العودة، كما يفضلون التحدث باللغة الانجليزية، لأنها تضفي عليهم مكانة اجتماعية، وتوحي بعلمهم الوافر بلغات أخرى، فضلاً عن اعتمادهم على الخادمات في تربية أبنائهم، بجانب ظاهرة الزواج بأجنبيات، وما يتبعها من نشأة الأطفال غير مدركين لأهمية اللغة العربية ولا يعرفون جمالياتها.
وذكرت مديرة إحدى المدارس، تدعى (أم عبدالرحمن) أن التعليم العالي وسوق العمل، لعبا دوراً أساسياً في تهميش اللغة العربية، وعدم اهتمام الطلبة والأهل بها وتركيزهم على اللغة الانجليزية، خصوصاً أن الالتحاق بالجامعة يتطلب الحصول على درجات مرتفعة في اللغة الانجليزية، ولا يتطرق إلى اللغة العربية، إضافة إلى أن الحصول على عمل في الدولة شرطه الأول إجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة، ومعظم طلبات التوظيف لا يوجد بينها شرط إجادة اللغة العربية، واستمارة طلب العمل تكون باللغة الانجليزية فقط، لذلك يهتم الآباء بإتقان أبنائهم اللغة الإنجليزية من الصغر، من دون الحفاظ على اللغة العربية، وتنميتها لدى أبنائهم.
وشددت على أن المدارس لا دخل لها في تهميش اللغة العربية، مؤكدة اهتمام المدارس باللغة العربية، ومحاربة ظاهرة تهميش المجتمع لها، لكنها لا تجد مساندة من معظم الاسر، إذ إن الطالب بمجرد دخوله باب المنزل يعود إلى الحديث بالإنجليزية مع اخوته وذويه.
من جانبها، وضعت مديرة قطاع المناهج العربية في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة كريمة المزروعي، حلولاً للحفاظ على اللغة والثقافة العربية، منها التحدث مع الأبناء في المنزل باللغة العربية فقط، وجعلها اللغة الرسمية للتخاطب، حتى مع الخدم، مع ضرورة إشعار الأبناء بأن آباءهم ومعلميهم من محبي اللغة العربية الجميلة، بجانب التحدث معهم دائماً عن أهمية اللغة العربية بالنسبة للعرب والمسلمين.
وتابعت أنه يتعين عدم مدح الأبناء أو أبناء الغير عند تحدثهم باللغة الانجليزية على حساب العربية، حتى لا يترسخ في عقول الاطفال أن اللغة الانجليزية يجب الاعتماد عليها، لأنها تسعد الآباء، وعدم السخرية من الطفل الذي يتحدث بالعربية.
وأكدت أهمية تشجيع استخدام اللغة العربية في المنزل عن طريق القراءة، والسماح بمشاهدة البرامج والرسوم المتحركة العربية فقط، وإعداد مسابقات لكتابة القصة والشعر مثلاً، أو قراءة أكبر عدد من القصص العربية، وتنفيذ أنشطة مشتركة، مثل كتابة بطاقات تهنئة للجد والجدة والأصدقاء باللغة العربية، وممارسة الألعاب التي تنمي استخدام اللغة العربية، مثل الألغاز اللغوية وغير ذلك مما يزخر به التراث العربي.
وطالبت المزروعي الآباء بقراءة قصص الأطفال كل يوم، وتشجيع الأطفال على اختيار القصص التي تناسب ميولهم، وتشغيل الإذاعات العربية يومياً، وسماع الأخبار والمشكلات وحالة الطقس، لربط المستمع بالعالم من حولة باللغة العربية وجعله جزءاً منه.