الأسواق تشهد عمليات تسييل لـ «خروج آمن ومربح»
أفاد خبراء ومحللون بأن التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط حالياً، دفع مستثمرين إلى عمليات تسييل، لجني أرباح وخروج آمن ومربح، لافتين إلى أن القلق من تداعيات الأحداث السياسية زاد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.
وأكدوا أن الأسواق في الإمارات تمنح المستثمرين فرصة جيدة للشراء، ويتوقع أن يشهد السوق تحسن أسعار الأسهم خلال الفترة المقبلة، وأن يعود للانتعاش بعد أن يتبين التأثير الحقيقي للضربة المتوقعة في سورية، لافتين إلى أن الأسواق تتفاعل سلباً بشكل مبالغ فيه إزاء هذا النوع من المخاطر، كما في مرات عدة سابقاً.
وأنهت أسواق الأسهم المحلية تعاملات أغسطس الجاري على خسائر بلغت 13.7 مليار درهم، بعد موجة هبوط كبيرة، مبددة أرباحاً بلغت 16.7 مليار درهم منذ بداية الشهر.
وتراجع مؤشر سوق الإمارات المالي خلال أغسطس بنسبة 2.7%، محصلة انخفاض سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 2.9%، وسوق دبي المالي بنسبة 2.5%، كما انخفض المؤشر خلال الأسبوع الجاري بنسبة 5%، نتيجة تراجع سوق أبوظبي بنسبة 5.4%، وسوق دبي المالي بنسبة 6.5%.
جني أرباح
وتفصيلاً، أفاد التقرير الأسبوعي لشركة «مباشر» للخدمات المالية، بأن أسواق الإمارات أغلقت جلسات نهاية الأسبوع، منخفضة بنسبة 5% عن نهاية جلسة الأسبوع السابق، الذي يعد الأكبر منذ بداية الاتجاه الصاعد مطلع العام الجاري.
وأضاف أن خبراء أرجعوا أسباب هذا الانخفاض إلى الأحداث السياسية غير المتوقعة التي تشهدها المنطقة، وتخوف المتعاملين من تأثر الأسواق بما سيحدث من تطورات.
وحول الحركة السعرية، بيّن التقرير أن السوق يتعرض لجني أرباح بعد تسجيله ارتفاعات واضحة اقتربت من 65% منذ بداية عام 2012، إذ سعى متعاملون ومضاربون إلى حصد أرباح هذه الارتفاعات، إلا أن الأحداث الحالية تثير بعض التذبذبات في التحركات السعرية.
وأضاف أن الأحداث الحالية دفعت المتعاملين الساعين إلى جني الأرباح إلى عمليات بيع واسعة، والخروج الآمن قبل تطور الأحداث، ما دفع مؤشر سوق دبي إلى الانخفاض بنسبة 14% في يومين متتاليين قبل تقليص الخسائر والإغلاق عند مستوى 2523 نقطة، ليصل التراجع الأسبوعي إلى نسبة بلغت 6.5%.
وذكر أن السوق شهد ارتفاعات مبالغاً فيها قبل يوم الثلاثاء (الذي أعلنت فيه عن تحركات ضد النظام في سورية)، إذ وصلت في يومي الأحد والإثنين إلى 1.2 و1.06 مليار درهم على التوالي، وهو الذي عدّه البعض ارتفاعاً مبالغاً فيه، وأعلى من متوسطات التداول.
وأوضح أن هذه الارتفاعات في أحجام التداول تعد إشارة فنية سلبية، تشير إلى أن السوق سيشهد موجات «تسييل» بدأت تظهر خلال تداولات الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي.
وبينت الإحصاءات أن الانخفاض الحاد دفع بالمؤشر إلى منطقة الدعم الرئيسة التي تراوح بين 2400 و2500 نقطة، إذ تحمل منطقة الدعم تلك أهمية متوسطة الآجل، سجلت اختراقاً إلى أعلى في منتصف يوليو تأكيداً للاتجاه الصاعد.
وأفادت بأن اقتراب المؤشر من هذه المنطقة يبدأ حدة التذبذب في التسارع، ما يزيد من المخاطرة التي تعرض لها المتعاملون في اليومين الماضيين، إذ إن هناك مشترين يرونها فرصة شراء بعد انخفاض منتظر، واقتراب الأسهم من مستويات دعم مهمة، في المقابل، هنالك بائعون يرون أن هنالك خطراً شديداً في الوجود في سوق حقق مكاسب مرتفعة في ظل ظروف سياسية غير واضحة المعالم، ونتيجة لذلك، جاء تذبذب السوق الحاد، من الانخفاض للارتفاع، والعكس.
وحول الاتجاه القصير الآجل، فإن نظرة المحللين ترى أنه يحمل إشارات سلبية، خصوصاً في ظل التراجع الحاد، وأن أي محاولة للارتفاع ستقابل بالبيع من مستثمرين ينتظرون عودة السوق إلى أسعار شرائهم، حتى يبيعوا ويخرجوا من السوق.
أما في حال حدث ارتداد قوي بحجم تداول مرتفع، فإن من ينتظرون البيع سيعاودون التفكير مرة أخرى في الحفاظ على مراكزهم، وهو ما يدفع السوق إلى الارتفاع، ويشجع دخول سيولة جديدة عند أسعار متدنية، من المرجح أن تعيد مؤشر سوق دبي إلى مستوى 2700 نقطة، ومؤشر سوق أبوظبي إلى مستوى 3900 نقطة مرة أخرى خلال تداولات الأسبوع المقبل.
وحول الاتجاه الطويل الآجل، ينظر المحللون بإيجابية، إذ يتوقع أن يظل إيجابياً، مستهدفاً مستوى 3000 نقطة قبل نهاية العام الجاري، إذا ظل المؤشر ثابتاً أعلى من مستوى 2300 نقطة.
خروج مربح
من جانبه، قال المحلل المالي، هيثم عرابي، إن «الخسائر التي تكبدتها أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي، جاءت نتيجة الأوضاع السياسية في المنطقة عموماً».
وأضاف أن «ردة فعل الأسواق غير مبررة، ولا تعتمد على أنباء التطورات في سورية فقط»، مشيراً إلى أن السوق سجل ارتفاعات جيدة خلال الفترة الماضية، وبات جني الأرباح يداعب العديد من المستثمرين، الذين وجدوا في الأنباء الحالية فرصة لـ«خروج مربح».
ولفت عرابي إلى أن «الأسواق في الإمارات تمنح المستثمرين فرصة جيدة للشراء، إذ من المتوقع أن يشهد السوق تحسن أسعار الأسهم خلال الفترة المقبلة، إلا في حال عدم الإعلان عن موعد لتنفيذ العمليات العسكرية، ما يزيد من حالة التردد لدى المستثمرين خلال الفترة المقبلة».
توقع انتعاش
إلى ذلك، أكد مدير الاستثمار للصكوك العالمية وأدوات الدخل الثابت - الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة «فرانكلين تمبلتون» للاستثمارات، محيي الدين قرنفل، أن «أسواق الإمارات تأثرات بالأحداث العالمية التي شهدتها الساحة العالمية، متأثرة كذلك بالأسواق العالمية والخليجية، فضلاً عن حالة الترقب التي خيمّت على جميع المستثمرين في العالم إزاء الموعد الذي سيبدأ فيه المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تقليص برنامج التحفيز النقدي».
وأضاف أن «الارتفاعات التي سجلتها الأسواق خلال الفترة الماضية دفعت العديد من المستثمرين، لاسيما المؤسسات الأجنبية، إلى تسييل الأسهم، للاستفادة من الأرباح التي حققتها الأسهم، وخروج سريع، تحوطاً للتراجعات المتوقعة، نتيجة استمرار الأوضاع السياسية في المنطقة».
ولفت قرنفل إلى أن «ارتفاع أسعار النفط العالمية والذهب شجع الكثير من المستثمرين للخروج من أسواق الأسهم التي يتوقع أن تشهد تراجعات»، متوقعاً أن تسجل التداولات ارتفاعات ملحوظة خلال الفترة المقبلة.
وقال إن «الأسواق ستستمر في حالة قلق نتيجة غياب الرؤية، للتطورات السياسية في الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن السوق يتفاعل سلباً بشكل مبالغ فيه إزاء هذا النوع من المخاطر، كما في مرات عدة سابقاً.
وتوقع أن تعود الأسواق للانتعاش بعد أن يتبين التأثير الحقيقي للضربة المتوقعة في سورية.