محللون: ارتباط الأسواق المحليـــــــــة بالبورصات العالمية مستمر حتى تعافي الاقــتصاد العالمي
أرجع محللون ماليون تذبذب أداء أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي، إلى الارتباط بالأسواق العالمية والمجاورة، متوقعين استمرار ذلك الارتباط إلى حين التأكد من تخلص العالم من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
وقالوا إن صغار المستثمرين الأفراد الذين يحركون أسواق الأسهم المحلية بتعاملات محدودة مركزة على عدد قليل من الأسهم، أصبحوا يتأثرون نفسياً بما يحدث في الخارج من تطورات، مدللين على ذلك ببدء تداولات الأسبوع الماضي بحالة من التفاؤل، عقب صدور بيان مشترك عن زعماء دول الثماني، أعلنوا فيه عزمهم المساندة لبقاء اليونان داخل منطقة اليورو، ثم عودة الانخفاضات في جلسة الأربعاء جراء معاودة مخاوف من ألا يسفر الاجتماع المقبل للزعماء الأوروبيين عن خطوات جديدة لمعالجة أزمة الديون السيادية المتفاقمة للمنطقة.
وأكدوا لـ«الإمارات اليوم» أن عودة الأسهم للارتفاع يتطلب زيادة معدلات التداول كثيراً عما هي عليه حالياً، فضلاً عن وجود جهة تقود السوق وتحفز السيولة المتوافرة بالفعل لدى الأفراد والمؤسسات للعودة للسوق.
وأوضحوا أن أسواق الأسهم المحلية تمر حالياً بمرحلة (فراغ معلوماتي)، بمعنى غياب المحفزات في ظل انتظار نتائج الربع الثاني للشركات، مشيرين إلى أنه مهما توافرت السيولة المحلية، أو بلغت تقييمات الأسهم مستويات مغرية، فإن الخوف والحذر لايزالان يسيطران على المستثمرين، بسبب حالة عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد العالمي، فضلاً عن تراجع اهتمام المؤسسات المالية بالتداول في أسواق الأسهم المحلية، وتفضيلها البقاء خارج السوق.
الارتباط بالخارج
| 10.7 ٪ ارتفاعاً في صافي أرباح الشركات المحلية .قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «الشركات الإماراتية سجلت أرباحاً صافية عن الربع الأول من العام الجاري بقيمة 11.51 مليار درهم بزيادة نسبتها 10.7٪ مقارنة بالفترة المماثلة من عام ،2011 التي بلغت أرباحها فيها 10.4 مليارات درهم». وأضافت أن «أرباح قطاع البنوك بلغت 5.88 مليارات درهم، مسجلة انخفاضاً نسبته 2.9٪ مقارنة بالربع الأول من عام ،2011 في حين ارتفعت أرباح قطاعات الخدمات، والصناعة، والتأمين، بنسب 71 و23 و19٪ على التوالي»، مرجعة أرباح قطاع البنوك إلى انخفاض أرباح بنك الإمارات دبي الوطني، الذي يعتبر أكبر البنوك الإماراتية من حيث الأصول، بنسبة 54.6٪. وفي المقابل عوض هذا الانخفاض ما حققته بنوك كبرى أخرى من نمو في أرباحها والتي نمت بنسبة 12٪ ليصل إجمالي أرباحها إلى 4.1 مليارات درهم، ما يمثل 75٪ من إجمالي أرباح المصارف الوطنية بالفترة. ورصدت كنز أكبر الشركات تأثيراً في الأرباح المجمعة للشركات المحلية، فأكدت أن أهمها مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات) التي حققت نمواً في أرباحها للربع الأول بنسبة 5.8٪، لتبلغ 2.14 مليار درهم، كما سجلت شركة «طاقة» أرباحاً فصلية بقيمة 740 مليون درهم، بزيادة نسبتها 203٪ مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2011». وأشارت إلى أنه «في ما يتعلق بقطاع العقارات، فقد سجل نمواً نسبته 55٪ في الأرباح التي بلغت 1.38 مليار درهم، مقابل نحو 890.7 مليون درهم عن الفترة المماثلة من عام 2011». وأكدت أنه «بناء على ما حققته الشركات الإماراتية في الربع الأول من العام الجاري، فإن مضاعفات الربحية المبنية على الأرباح المتوقعة لعام 2012 تنخفض من 10.3 مرات (وفق أرباح عام 2011) إلى 7.7 مرات». |
وتفصــيلاً، أرجع خبير الأسواق المالية، محمد علي ياسين، تراجع أداء أسواق الأسهم المحلــية في الأسبوع الماضي إلى الارتباط بالأســواق العالمية والمجاورة، قائلاً: «شئنا أم أبينا، فنحن مرتبطون بما يحدث في البورصات العالمية، بصرف النظر عن العوامل الداخلية من أساسات جيدة، ونتائج أعمال إيجابية للشركات مصدرة للأسهم».
وأضاف أنه «في ظل الأزمة المالية العالمية، وتطورات مسألة الديون السيادية في أوروبا، أصبح المستثمر الفردي الصغير هو الذي يحرك أسواق الأسهم المحلية، وتالياً، يكون طبيعياً أن يتأثر ذلك المستثمر نفسياً بما يحدث في بورصات مجاورة وعالمية»، مؤكداً أن «حالة الضبابية وصعوبة توقع ما سيحدث، خصوصاً في ظل تحرك الحكومات الأوروبية الذي جاء دون التوقعات، سيجعل الأسواق المحلية تتأثر سلباً بما يحدث في البورصات العالمية».
وأشار ياسين إلى أن من العوامل السلبية المؤثرة كذلك على أسواق الأسهم، أن من تتوافر لديه السيولة يفضل الاحتفاظ بها، وأن من كان يستثمر في الأسهم فضل بيعها بأي سعر، لتقليل الخسائر، وخوفاً من حدوث تداعيات سلبية خارج التوقعات، على أن يعيد الشراء بسعر أقل».
وأوضح أن «ما يدعم ذلك التوجه أن أسواق الأسهم المحلية تمر حالياً بمرحلة (فراغ معلوماتي)، بمعنى أن المحفزات غير موجودة في ظل إعلان نتائج الربع الأول، والانتظار إلى فترة إعلان نتائج الربع الثاني»، لافتاً إلى أن «هذا الوضع أسفر عن تراجع معدلات التداول بشكل كبير، وتركز التداولات في عدد محدود من الأسهم».
ونبه ياسين إلى أن «عودة الأسهم للارتفاع، يتطلب ارتفاع معدلات التداول كثيراً عما هي عليه حالياً»، داعياً إلى وجود جهة تقود السيولة المتوافرة بالفعل لدى الأفراد والمؤسسات للعودة للسوق.
وأوضح أن «تلك المؤسسات التي ستقود السوق، ربما تبدأ باستثمار مبالغ مالية في شراء أسهم من مواردها الداخلية، أو من موارد حكومية مثل صناديق حكومية خاصة».
عدم يقين
من جهتها، قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، إن «الواضح أن تذبذب أسواق الأسهم المحلية يتم وفقاً لما يرد من أخبار عالمية، خصوصاً السلبي منها، فيما تبقى الارتفاعات متواضعة عند استقرار الأوضاع العالمية، ولا توازي التحسن الكبير في المعطيات الأساسية محلياً.
وأضافت أن «العامل الأساسي وراء ذلك، هو عدم اليقين المحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي، إذ إنه مهما توافرت السيولة المحلية، أو بلغت تقييمات الأسهم مستويات مغرية، فإن الخوف والحذر لايزالان يسيطران على المستثمرين».
وتوقعت كنز أن تحدث ارتفاعات غير متوقعة في بعض الأسهم من آن إلى آخر، بسبب استهداف تلك الأسهم من قبل المستثمر المؤسسي سواء المحلي أو الأجنبي.
وأكدت أن «تداولات الأسبوع الماضي بدأت بحالة من التفاؤل بسبب تبدد مخاوف المستثمرين تجاه الأخبار المتعلقة بخروج اليونان من منطقة اليورو، وذلك عقب صدور البيان المشترك عن زعماء دول الثماني، الذي أعلنوا فيه عزمهم المساندة لبقاء اليونان داخل منطقة اليورو، وتعهدهم بأخذ جميع الإجراءات الضرورية للتصدي للأزمة المالية، فضلاً عن إحياء الاقتصاد العالمي الذي يواجه تهديداً متزايداً جراء أزمة الدين في منطقة اليورو».
وأضافت أن «الأسواق العالمية والإقليمية تفاعلت بشكل جيد مع هذا الخبر الإيجابي، ما انعكس على أسواق الأسهم المحلية التي تفاعلت أيضاً مع مجموعة أخبار إيجابية كان في مقدمتها تعهد (صندوق خليفة) بتسوية ومعالجة مديونيات شريحة جديدة من المقترضين المتعثرين».
وأشارت كنز إلى أن «أسواق الأسهم المحلية واصلت حالة صعود هادئ حتى جلسة الأربعاء الماضي، التي بدأت على انخفاض جراء معاودة المخاوف من ألا يسفر الاجتماع المقبل للزعماء الأوروبيين عن خطوات جديدة لمعالجة أزمة الديون السيادية المتفاقمة للمنطقة».
وأكدت أن «الأسهم استقرت عند المستويات نفسها التي كانت عليها في جلستي الأربعاء والخميس، مع أحجام تداولات ضعيفة نسبياً في السوقين، ما يعني أن حالة الترقب والخوف لاتزال هي المسيطرة على نفسية المتعاملين».
تراجع الاهتمام
واتفق المحلل المالي، أحمد الراوي، مع آراء نظيريه حول الارتباط المباشر بين أداء أسواق الأسهم المحلية وأداء الأسواق العالمية والأسواق المجاورة.
وقال إنه «في ظل تراجع اهتمام المؤسسات المالية بالتداول في أسواق الأسهم المحلية وتفضيلها البقاء خارج السوق، إلى حين وضوح الرؤية حول الأداء المتوقع في المستقبل، فقد أصبح المتعاملون الأفراد يتابعون التطورات الجارية على الساحة العالمية، خصوصاً في ما يتعلق بأزمة الديون اليونانية، وما تردد عن خروجها من الاتحاد الأوروبي لاتخاذ قرار البيع أو الشراء».
وأكد أن «هذا الوضع سيستمر فترة إلى حين التأكد من تخلص العالم من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وفي تلك الحالة سيعود الزخم لأسواق الأسهم، وستعود السيولة المترقبة سواء من المؤسسات المالية أو الأفراد لتحقق الأسهم قفزات غير مسبوقة».