التراجع في الأداء وقيم التداول سيستمر إذا لم تطرأ تغيرات جوهرية في الأسواق. تصوير: دينيس مالاري

«الأخضر» يعود إلى الأســـــواق بدعم من الصندوق العقاري ونتائـج البنوك

قال محللون ماليون إن الأخبار الإيجابية التي تناقلتها وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي، لاسيما المتعلقة بتأسيس مؤسسة دبي للاستثمار صندوقاً عقارياً، والنتائج الفصلية الجيدة للشركات والمصارف، دفعت بشكل كبير حركة التداولات إلى الارتفاع، عقب مزيد من الثقة والارتياح لدى المستثمرين، محذرين من تسييل الأصول الضامنة لقروض متعثرين.

وأكدوا أن أداء الأسواق المحلية تأثر بنظيرتها العالمية، وقاده مضاربون لجني أرباح في الأسبوع المقبل، لافتين إلى أن الأسواق تنتظر الفرص نحو مزيد من الارتفاع، وزيادة حركة التداولات، وتحتاج إلى دوافع محلية لاستدامة الأداء، مثل التحسن في القطاع العقاري، واستقرار الشركات الرئيسة والملاءة المالية لها، وقدرتها على سداد الديون.

وكان مؤشر سوق الإمارات للأوراق المالية، سجل ارتفاعاً خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.84٪ ليغلق عند مستوى 2.398 نقطة، بعد تراجع استمر نحو 16 جلسة متوالية، إذ شهدت القيمة السوقية لتداولات الأسبوع ارتفاعاً بقيمة 2.95 مليار درهم لتصل إلى 353.22 مليار درهم، في ما تم التداول بقيمة إجمالية أسبوعية بلغت 537.50 مليون درهم توزعت على 9138 صفقة.

وجاءت مكاسب مؤشر سوق دبي المالي خلال الأسبوع بدعم من خمسة قطاعات كان أداؤها إيجابياً، في حين اقتصرت التراجعات على قطاعين فقط، بينما ظلت بقية القطاعات من دون تغيير، وكانت أعلى المكاسب خلال هذا الأسبوع من نصيب قطاع العقارات بنسبة ارتفاع بلغت 3.65٪، فيما تراجع قطاع البنوك بنسبة 1.54٪، ليصل إلى مستوى 917.37 نقطة، وجاء قطاع الاستثمار في المركز الثاني بتراجع نسبته 0.39٪.

أزمة اليونان

أرباح 16 مصرفاً في الربع الثالث

بين التقرير الأسبوعي لشركة الفجر للأوراق المالية، أن عدد البنوك التي أفصحت عن نتائجها المالية للربع الثالث من عام ،2011 (وذلك حتى نهاية الأسبوع)، وصل نحو 16 مصرفاً وطنياً، من إجمالي 21 مصرفاً مدرجاً في سوق الإمارات.

وأفاد بأن تلك البنوك حققت أرباحاً صافية بقيمة 4.603 مليارات درهم، وبمعدل نمو بلغ 4.8٪، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، البالغة 4.392 مليارات درهم، إلا أن نتائج تلك البنوك جاءت أدنى من الأرباح في الربعين الأول والثاني من العام الجاري، والتي حققت بهما تلك البنوك أرباحاً صافية بقيمة 5.73 و5.99 مليارات درهم على التوالي.

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، همام الشمّاع، إن «قرار قمة الدول الأوروبية التي أوشكت على وضع نهاية لما سمي بأزمة الديون الأوروبية، دفع مؤشر سوق الإمارات للارتفاع للمرة الأولى منذ بداية يونيو الماضي، بنسبة تزيد على 1٪، كما ارتفعت قيم التداولات عن مستوى المعدل اليومي الذي ساد في الأيام الأربعة الأولى من الأسبوع لتصل إلى نحو 200 مليون درهم».

وأضاف أنه «لا يمكن اعتبار هذا الأداء المتأثر بالأسواق العالمية، والذي قاده مضاربون على أمل جني أرباح في الأسبوع المقبل، تحسناً قابلاً للاستدامة»، موضحاً أن الأسواق تواجه مخاطر كبيرة، حاول المضاربون تجاوزها الخميس الماضي، للاستفادة من فرصة الطفرات السعرية التي تحققت في الأسواق العالمية.

وأكد أن «السمة الرئيسة التي لازمت الأسواق الإماراتية خلال الفترة الماضية ستبقى مستمرة، إلى حين إيجاد حلول جذرية للمشكلات ذات الطبيعة المالية والنقدية التي تواجه اقتصاد الدول».

وبين الشماع أن «التراجع في الأداء وقيم التداول سيستمر إذا لم تطرأ تغيرات جوهرية»، مشيراً إلى أن المعدل اليومي لقيم التداول وصل إلى رقم غير مسبوق تاريخياً، شكل بحد ذاته هاجساً لمخاوف المتداولين من أن يكون هذا التراجع نذيراً بوجود أزمة حقيقية تجاوز حدود الشركات وأدائها، لتصل إلى النظام المالي والمخاطر المالية التي تواجهه، نتيجة لتراجع الودائع منذ مايو الماضي بقيمة 61 مليار درهم».

وأوضح أن «هذه المخاوف أكدتها بيانات المصرف المركزي، إذ تراجعت قيم التداول في سوقي أبوظبي ودبي الماليين لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، إذ وصلت إلى 85 مليون درهم خلال الأسبوع الماضي، وهي تعادل 1/70 من قيمة تداولات السوق السعودية، خلال الفترة نفسها والتي كان معدلها اليومي 5.9 مليارات ريال، كما تشكل 1/5 من قيمة تداولات سوق الكويت، التي كان معدلها اليومي 303 ملايين درهم».

وذكر الشماع أن «انحدار المعدل اليومي لقيم التداول يثير بحد ذاته قلقاً من وجود بوادر لأزمة جديدة في الأسواق، فتراجع الودائع التي كشفت عنها بيانات المصرف المركزي، والتي أعادت الفجوة بين القروض والودائع، بعد أن تقلص الفارق بين الودائع والقروض في أغسطس الماضي إلى اقل من 22 مليار درهم هبوطاً من 74 مليار درهم في ابريل الماضي».

انتظار فرص

إلى ذلك، قال مدير مركز الشرهان للوساطة، جمال عجاج، إن «الأخبار الإيجابية التي أعلنت خلال الأيام الماضية، إضافة إلى تحسن النتائج الفصلية للشركات، لا سيما البنوك، حفزا أسواق المال المحلية للارتفاع، بعد تراجع دام أكثر من 16 جلسة تداول متتالية، الأمر الذي ظهر جلياً على نفسية المستثمرين وحركة البيع والشراء».

وأكد أن «السوق ينتظر أي فرصة للارتفاع بعد الحالة السيئة التي ظل عليها خلال الفترة الماضية، إذ تشبث بأخبار إيجابية مثل تأسيس الصندوق العقاري، والمشروعات العقارية التي أعلنتها دبي»، مشيراً إلى أن «إنشاء صندوق لمعالجة أزمة ديون اليونان، دفع بمزيد من الطمأنينة والثقة لدى المستثمرين».

وأوضح عجاج أن «السوق حالياً يحتاج إلى دوافع محلية أكثر من أي شيء آخر، إذ ينتظر مزيداً من التحسن في القطاع العقاري، إضافة إلى استقرار الشركات الرئيسة والملاءة المالية لها، وقدرتها على سداد الديون، الأمر الذي سيكون له أثر كبير على تداولات السوق».

وتوقع أن يشهد افتتاح السوق جلسة خلال الأسبوع الجاري، على تراجع طفيف نتيجة جني أرباح، بعد أن شهدت حركة التداولات الخميس الماضي ارتفاعاً كبيراً، ما يعطي السوق زخماً جديداً، ويعيد الحركة للتداولات وللمستثمرين».

أزمة سيولة

من جهته، قال الشريك في شركة الفجر للأوراق المالية، نبيل فرحات، إن «الأوضاع في الأسواق المالية أصبحت تنتقل من وضع صعب إلى أصعب، وهو أمر تزامن مع شح السيولة في الأسواق المالية، الذي بدوره يؤدي إلى ذبذبة سعرية عالية، إذ إن سعر السهم قد ينخفض بشدة نتيجة لعدم توافر الطلب في وقت نفاذ أمر البيع».

ولفت إلى أن «البنوك بدأت بتجنيب مخصصات للقروض المتعثرة بناء على تعليمات المصرف المركزي، ما يدفع بنوكاً إلى اللجوء إلى القضاء لملاحقة المستثمرين المتعثرين، الأمر الذي يقضي على ما تبقى من أصول المستثمرين».

وبين فرحات أن «هذه الشريحة من المستثمرين كانت تلعب دوراً فعالاً في تطوير الأسواق المالية، وتعوض خلوها من صانع السوق، فضلاً عن أنها كانت تلعب دور اليد الخفية التي تدخل الأسواق المالية في مرحلة ركود».

وذكر أن «المشكلة التي تكمن وراء هذه الأرباح المتصاعدة تتمحور في سحب السيولة من الأسواق، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى استمرار تراجع قيم الأصول الضامنة للديون (العقار والأسهم)، ما يقود إلى مزيد من الإعسار لدى المدينين»، لافتاً إلى أن ذلك يتزامن مع اقتراب فترة السنوات الثلاث التي ضمنت خلالها الحكومة الودائع المصرفية، ما يولد ضغوطاً على الودائع باتجاه سحب جزء منها، خصوصاً غير المقيمة، وهذا بدوره سيدفع المصارف إلى الضغط على المدينين لسداد أقساط القروض المستحقة، وفي الحالات القصوى (تسييل) الأصول الضامنة».

وأكد أن «التسييل قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض والتراجع الحاد في قيم الأصول، ما قد يدفع بدوره إلى مزيد من الضغوط على الودائع المصرفية مولداً بذلك مخاطر نظامية تهدد النظام المالي بأسره»، مضيفاً أن «استيفاء الفوائد عن قروض عالقة وغير منتجة، بسبب تراجع الأصول العقارية والمالية المستثمرة بها، وعدم القدرة على تسييلها والتصرف بها، وانخفاض العائد التأجيري للعقارات، في وقت توقفت فيه المصارف عن إقراض القطاع الخاص، أدخل ذلك الأخير في دورة من ركود الأعمال قد تتحول إلى كساد في حالة عدم إيجاد حلول».

الأكثر مشاركة