تحسن أداء الأسواق المحلية أصبح مرهوناً بتحسن أداء البورصات العالمية. تصوير: باتريك كاستيلو

محلـّلون: تجميــد السيولة وغياب المحفزات يبطـئان أسـواق الأسهم المحلية

رفعت أسواق الأسهم المحلية شعار «لا جديد» مرة أخرة في الأسبوع الماضي، والذي ماثل أسابيع شهدتها منذ التاسع من أغسطس الماضي، من حيث المعدل اليومي لقيمة التداول، الذي لم يجاوز 150 مليون درهم، واستقرار المؤشر العام عند المستوى نفسه، على الرغم من تذبذبه بين ارتفاع وانخفاض.

وحمّل محللون ماليون المصارف جزءاً من المسؤولية عما يحدث في أسواق الأسهم، لتجميدها السيولة المتوافرة لديها، مؤكدين أن توافر السيولة لدى المصارف، سيدفعها إلى ضخ السيولة في النظام المصرفي، ما يعيد الانتعاش والسيولة إلى أسواق الأسهم والأسواق الباقية.

وقالوا إن خيبة الأمل التي سيطرت على المستثمرين في أنحاء العالم كافة، لعدم وجود محفزات تمكن الاقتصاد العالمي من التعافي، انعكست سلباً على أداء البورصات العالمية، وعلى الأسواق المحلية، ما جعل عدداً قليلاً جداً من المضاربين يستمرون في مضاربات غير مجدية، تترقب هامش حركة سعرية يغطي العمولة، وأي هامش ربح يمكن تحقيقه.

وأشاروا إلى إمكانية طلب المصرف المركزي من المصارف تمديد فترة ضمان الودائع، وصولاً إلى استقرارها، لافتين إلى أن ذلك سينعكس ايجاباً على المصارف، ويمنح المودعين، خصوصاً الوافدين من الأثرياء، ثقة كاملة.

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع: «مر أسبوع جديد مثل غيره من أسابيع الفترة الممتدة منذ التاسع من أغسطس الماضي، إذ لم يجاوز المعدل اليومي لقيمة التداول 150 مليون درهم، فيما ظل المؤشر العام مستقراً عند المستوى نفسه، على الرغم من تذبذبه خلال الفترة المذكورة بين ارتفاع وانخفاض».

وأضاف أن «هذا الوضع يؤكد مجدداً أن قاعات التداول لم تعد منبراً استثمارياً، وأن متداولين قليلي العدد يدخلون ويخرجون من السوق، في مضاربات لا تؤدي إلا إلى توزيع أدوار بين رابح تارة، وخاسر تارة أخرى، ليبقى الجميع دون ربح أو خسارة، باستثناء ما يدفعونه من عمولات، ما يسهم في مزيد من الإضعاف لقيم التداول».

وأوضح أن «أعداداً كبيرة من مستثمرين يمتلكون القسم الأعظم من الأسهم غير المتحركة، ينتظرون تحسن أداء الأسواق، وانقضاء العوامل السلبية قبل أن يعاودوا الدخول»، عازياً الجمود في حركة الأسواق، والذي مر عليه نحو عامين ونصف العام، منذ بلوغ القاع في فبراير من عام ،2009 إلى عدم حركة السواد الأعظم من الأسهم أساساً».

وقال إن «معظم حملة الأسهم، سواء المرهونة لمصرف، أو غير ذلك، فضلوا الاحتفاظ بها إلى حين تغير الحال»، لافتاً إلى أن «ما يتم تداوله من أسهم لا يشكل سوى نسبة بسيطة جداً من الأسهم المصدرة، ما سبب ضيق هامش التحرك السعري للأسهم، خصوصاً في سوق دبي المالي».

وأكد أن «هذا الأمر أسهم في تراجع قيمة التداول، وزاد من جمود حركة المؤشر في دبي، وجعل قيمة تداولاتها تتقارب مع قيمة تداولات سوق أبوظبي، بعد أن كان الفارق كبيراً لمصلحة (دبي المالي)».

وربط الشماع بين ضيق الحركة السعرية وانخفاض قيمة التداول، إذ يؤثر أحدهما في الآخر سلباً، ويعمق جمود حركة الأسواق، مبيناً أنه «عندما تكون طلبات الشراء بقيم منخفضة ولكمية محدودة من الأسهم، فإن المنافسة بين المشترين تكون قليلة هي الأخرى، وتالياً، فإن المشتري يعرض أقل الأسعار للشراء، بما يجعل الحركة السعرية ضيقة».

ضمان الودائع

وأرجع الشماع تدني معدلات التداول، وتحرك الأسهم في نطاقات سعرية ضيقة إلى شح السيولة، قائلاً إنها مسألة لا يمكن أن تنتهي إلا عندما ترتفع السيولة لدى المصارف، ما يتطلب ارتفاعاً ملموساً في الودائع من جهة، واطمئنان السلطة النقدية والمصارف إلى استقرار هذه الودائع، خصوصاً الودائع المقيمة، ومن أنها لن تغادر نتيجة قلقها من سلامة الوضع المالي للجهاز المصرفي».

وقال إن «الأخبار حملت نبأ دعوة المصرف المركزي مسؤولين تنفيذيين للمصارف للبحث في إمكانية تمديد فترة ضمان الودائع، وربما الطلب من المصارف خفض أسعار الفائدة للإقراض»، مرجحاً أن تكون مسألة تمديد ضمان الودائع فترة طويلة قادمة، بات في حكم المفروغ منه، وستكون له انعكاسات إيجابية جداً سواء على المودعين أو على المصارف، التي «تحلحل» موقفها المتشدد إزاء الإقراض، على الرغم مما قد يطلبه «المركزي» بشأن نسب السيولة.

وأوضح أن «التمديد سيعطي الثقة الكاملة للمودعين، خصوصاً الوافدين من الأثرياء، والذين باتوا يتأثرون من الشائعات المغرضة التي تهول من ديون الشركات المرتبطة بالحكومة، وأحياناً بالأصول الضامنة لهذه الديون»، لافتاً إلى أن «استقرار الودائع، خصوصاً الودائع الوافدة لمقيمين، سيطمئن بدوره المصارف، التي تقع تحت ضغوط رفع نسبة الأصول ذات السيولة العالية، ما يسهل عودتها تدريجيا للإقراض، وينعكس في النهاية إيجاباً على أسواق الأسهم».

من جهته، أرجع الرئيس التنفيذي لشركة «غلف مينا» للاستثمار، هيثم عرابي، استمرار تراجع أداء أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي، إلى عودة الارتباط القوي بين الأسواق المحلية والبورصات العالمية.

وقال إن «ارتباط أداء الطرفين أصبح بنسبة 100٪، خصوصاً بعد أن أصبح جميع المستثمرين حول العالم يترقبون تطورات أزمة الديون السيادية في أوروبا، فضلاً عن اجتماعات (الفيدرالي الأميركي)، وينتظرون خطة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على أمل صدور قرارات أو إجراءات للخروج من أزمة الركود التي تهدد الاقتصاد العالمي».

وأضاف أن «خيبة الأمل التي سيطرت على المستثمرين في أنحاء العالم كافة، لعدم وجود محفزات تمكن الاقتصاد العالمي من التعافي، انعكست سلباً على أداء البورصات العالمية، وعلى الأسواق الخليجية»، لافتاً إلى أن نسبة الانخفاض في الأسواق الإماراتية جاءت أقل، نتيجة شح المعروض من الأسهم، في ظل اختفاء طلبات الشراء».

وأكد أن «تراجع معدلات التداول لمستويات متدنية جداً، يعد مؤشراً إلى أن أسعار الأسهم وصلت إلى مستويات متدنية جداً عند القاع، وأنه لا توجد مخاوف من تحقيق الأسهم المحلية مزيداً من الانخفاضات التي تؤدي إلى حالة من الهلع بين أوساط المستثمرين». وأفاد عرابي بأن «نتائج أعمال الشركات المحلية لن يكون لها تأثير يذكر على أسعار الأسهم المحلية في القريب العاجل، لاسيما أن الشركات الخليجية حققت نمواً في أرباحها بنسبة 20٪ في المتوسط في العام الماضي، ويتوقع أن تحقق نمواً في الأرباح نهاية العام الجاري بنسبة 25٪، لكن دون تأثير إيجابي في أسعار الأسهم».

وأشار إلى أن «تحسن أداء الأسواق المحلية، أصبح مرهوناً بتحسن أداء البورصات العالمية، في حال القضاء على مخاوف نفسية مسيطرة على مستثمرين عالميين، وبث الطمأنينة في مستقبل الاقتصاد العالمي من خلال إعلان مؤشرات فعلية إلى عدم حدوث تباطؤ عالمي سريع، وإعلان حزمة من الإجراءات المحفزة، مثل زيادة مخصصات صندوق الطوارئ في أوروبا إلى تريليوني دولار، ما يمكن أوروبا من مواجهه مشكلات اليونان وإسبانيا وإيطاليا، فضلاً عن تنفيذ خطة فعالة لتحفيز الاقتصاد الأميركي»، لافتاً إلى أن «تأخر القرارات الاقتصادية المحفزة يزيد المخاوف حول الاقتصاد العالمي، ويؤكد عدم وجود بوادر على تحسن اقتصادي قريب».

مسؤولية البنوك

بدوره، حمّل المدير التنفيذي لشركة «ضمان» للأوراق المالية شهاب قرقاش، البنوك العاملة في الدولة، جزءاً من المسؤولية عما يحدث في أسواق الأسهم من عزوف للمستثمرين عن التداول، بسبب تجميدها للسيولة المتوافرة لديها».

وقال إنه «على الرغم من ازدياد السيولة في البنوك، فإن حالة الخوف المسيطرة أدت إلى عدم إقبال المستثمرين على الاستثمار، لاسيما بعد أن أصبحت السيولة تفضل عدم التوظف في استثمارات جديدة».

وأضاف أن «السيولة متوافرة، والمستثمرين التقليديين لا يزالون موجودين في أسواق الأسهم المحلية، ويترقبون ارتفاعات للدخول بقوة»، مؤكداً أن الانتعاش يمكن أن يحدث في أي وقت، لكن الأسواق تنتظر من يشعل فتيل الارتفاعات، والذي سيكون في الوقت ذاته الأكثر ربحية بشرط أن يتسم بصبر وقدرة على تحمل المخاطرة».

وأشار إلى أن «توافر السيولة لدى المصارف، سيدفعها مجبرة إلى ضخ السيولة في النظام المصرفي، ما يعيد الانتعاش والسيولة إلى أسواق الأسهم وللأسواق الباقية»، محدداً أربعة معطيات سيكون لها تأثير إيجابي في أسواق الأسهم خلال الفترة المقبلة، وهي تدني أسعار الأسهم، ووصول تقييماتها إلى مستويات مناسبة ومحفزة للشراء، وتحقيق الشركات المصدرة للأسهم ربحية جيدة، واستمرارها في منح توزيعات أرباح جيدة على أسهمها، فضلاً عن قلة الخيارات الاستثمارية الأخرى التي يمكن توظيف السيولة المتوافرة حالياً فيها».

الأكثر مشاركة