المؤسسات المالية تحجم عن التداول لنقص السيولة. تصوير: مصطفى قاسمي

سيطرة صغار المضاربين أعادت ظاهرة ارتباط الأسواق المحلية بالبورصات العــالمية

قال محللون ماليون إن معدل التداول في أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي لم تختلف كثيراً عن الأسابيع السابقة، إذ مازالت تعاني الانخفاض بسبب غياب الاستثمار المؤسسي، خصوصاً الاستثمار الأجنبي، وسيطرة صغار المضاربين على التداولات، مشيرين إلى ان سيطرة صغار المضاربين على التداولات أفرزت عودة ظاهرة ارتباط الأسواق المحلية بالبورصات العالمية، وزيادة حساسيتها للانخفاضات التي حدثت في الخارج.

وقالوا إن نتائج أعمال الشركات التي تم الإعلان عنها أخيراً، خصوصاً «إعمار العقارية» لم تسهم في زيادة معدلات التداول، ولم تتأثر الأسواق بتلك النتائج، إذ جاءت ضمن توقعات المحللين، ولم تكن هناك أيه مفاجآت إيجابية أو سلبية.

وأضافوا أن أسواق الأسهم المحلية أصبحت تدور في دائرة مغلقة، لأن المؤسسات المالية تحجم عن التداول لنقص السيولة، مؤكدين أن إمعان المصارف في حجب القروض واستمرار السياسة النقدية المتشددة،جعل أسواق الأسهم المحلية خالية من الأموال التي يمكن أن تنعش التداولات، وتزيد من عمق السوق.

عودة الارتباط

وتفصيلاً، قال عضو الجمعية الأميركية للمحللين الفنيين، حسام الحسيني، إن «أداء أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي كان سلبياً بشكل عام، خصوصاً من ناحية انخفاض معدلات التداول وتراجع أسعار الأسهم»، عازياً ذلك إلى «عودة ظاهرة ارتباط الأسواق المحلية بالبورصات العالمية وزيادة حساسيتها للانخفاضات التي حدثت في الخارج نتيجة سيطرة صغار المضاربين على التداولات في ظل غياب الاستثمار المؤسسي».

احتياطي «المركزي»

قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «بيانات مصرف الإمارات المركزي عن القاعدة النقدية لشهر يونيو الماضي، أوضحت ارتفاع الاحتياطي الإلزامي بمقدار 2.2 مليار درهم»، معتبراً أن «تلك الزيادة في الاحتياطي تمثل مبلغاً كبيراً في تأثيره في قدرة المصارف في خلق النقود والتوسع بالائتمان». وأكد أن «نسبة 18٪ التي تمثل النسبة الفعلية التي يفرضها (المركزي) للاحتياطي الإلزامي تشمل الودائع الادخارية إلى جانب الودائع تحت الطلب أو الجارية». ونبه إلى أن «شمول الودائع الادخارية بنسبة احتياطي إلزامي غير مبررة لا عالمياً ولا عملياً». وسوغ ذلك بأن «النسبة العالية للاحتياطي الإلزامي تفرض عالمياً على الودائع تحت الطلب، والتي يمكن أن تتقلب بصورة حادة، وبما يستوجب الاحتراز لها»، موضحاً أنه «من الناحية العملية في الإمارات فإن الودائع الادخارية تتمتع باستقرار عال، وتتزايد بصورة مطردة من دون أي تقلب».

واختتم الشماع، بالقول إنه «يترتب على ارتفاع نسبة الاحتياطي الإلزامي تقليل قدرة المصارف على خلق نقود تحت الطلب، وهو ما يقيد السيولة في الاقتصاد، ويعرضه لاستمرار التباطؤ، ولاستمرار ركود أسواق المال، التي من دون ارتفاع أسعار الأسهم ستبقي ثروات الأسر منخفضة، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار العقارات، وهو ما يشعرها بالفقر ويحول دون انتعاش الحياة الاقتصادية».

وأكد أن «أسواق الأسهم المحلية أصبحت تدور في دائرة مغلقة، لأن المؤسسات المالية تحجم عن التداول لنقص السيولة، وفي الوقت ذاته، فإن تعاملات هذه المؤسسات يزيد السيولة في أسواق الأسهم». وأضاف أن «هناك ثلاثة أنواع رئيسة من المؤسسات المالية في أسواق الأسهم، هي شركات إدارة الأصول التابعة للبنوك، والشركات الاستثمارية التي تدير الصناديق الاستثمارية، وكذا المجموعات التجارية، وهي شركات مملوكة لأفراد ذوي ملاءة مالية مرتفعة».

وأشار إلى أن «شركات إدارة الأصول التابعة للبنوك محجمة بشكل عام عن الاستثمار في أسواق الأسهم المحلية، بسبب السياسة المتحفظة للبنوك في الاستثمار وتفضيلها الاحتفاظ بالسيولة».

وأوضح أن «الشركات الاستثمارية التي تدير الصناديق الاستثمارية ابتعدت عن التداول أيضاً نتيجة لشح السيولة في ظل عزوف عملائها من المستثمرين منذ أكثر من عامين ونصف العام عن الدخول لأسواق الأسهم»، لافتاً إلى أن «الشركات المملوكة لأفراد ذوي ملاءة مالية مرتفعة ابتعدت هي الأخرى عن أسواق الأسهم، حيث تأثر ملاكها بسبب الأزمة، وتحولوا من أسواق الأسهم لقنوات استثمارية أخرى بعد تسييلهم الأسهم التي في حوزتهم للوفاء بالتزامات مالية أخرى، خصوصا في القطاع العقاري».

وقال الحسيني، إن «المؤسسات المالية الأجنبية خرجت من أسواق الأسهم المحلية منذ فترة وزاد خروجها أخيراً بسبب الخسائر التي تعرضت لها في البورصات العالمية، ما عمق من مشكلة نقص السيولة في الأسواق الإماراتية».

وأضاف أن «نتائج أعمال الشركات التي تم الإعلان عنها أخيراً خصوصاً (إعمار العقارية) لم تسهم في زيادة معدلات التداول، ولم تتأثر الأسواق بتلك النتائج، إذ جاءت ضمن توقعات المحللين، ولم تكن هناك أيه مفاجآت إيجابية أو سلبية».

وأشار إلى أن «تحسن أداء أسواق الأسهم المحلية أصبح مرتبطاً بالإعلان عن انضمامها إلى مؤشر مورغان ستانلي في نهاية العام الجاري»، متوقعاً أن «تشهد أسواق الأسهم المحلية تحسناً نسبياً في أسعار الأسهم ومعدلات التداول في بداية الأسبوع الثاني من شهر رمضان».

إجازة صيف

ومن جهته، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم المحلية واصلت التداول بقيم منخفضة متأثرة بحالة الفراغ المادي والمعنوي، إذ خلت من المستثمرين الذين لم يعد معظمهم من إجازة صيف ما قبل رمضان».

وأضاف: «كما خلت الأسواق من الأموال التي يمكن أن تنعش التداولات، وتزيد من عمق السوق، بسبب إمعان المصارف في حجب القروض واستمرار السياسة النقدية المتشددة التي تتضح من خلال ارتفاع قيمة الاحتياطي الإلزامي لدى البنك المركزي في شهر يونيو الماضي».

وأكمل أن «أسواق الأسهم تأثرت أيضاً بتراجع حماسة من تبقى من المتداولين بسبب بطئ الحركة في شاشات التداول خلال الساعات الأربع لجلسة التداول اليومية، التي أصبحت طويلة بما جعل حركة البيع والشراء تتسم بالتثاقل».

وأوضح أن «مثل هذا الأمر جعل من يريد أن يشتري يخشى قدرته على البيع، ومن يرغب في البيع يخشى ألا يتمكن من الشراء، خصوصاً في ظل حالة التهويل الإعلامي العالمي لأزمة رفع سقف الدين الأميركي»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من أن النهاية الحتمية لتلك الأزمة تبدو واضحة للجميع، وهي التوصل إلى حل لها، إلا أن الأسواق لا يسعها إلا أن تتفاعل بصورة إيجابية مع الأزمة المرعبة في نتائجها الكارثية في حالة قرر الكونغرس الأميركي رفض الحل».

وأكد الشماع، أن «أسواق الأسهم الإماراتية شهدت في ظل هذه الأوضاع استمرار التقلبات في المؤشر وفي القيمة السوقية، نظراً لغياب شبه كامل للعرض والطلب الحقيقي الذي يعكس تفضيلات المستثمرين، في ضوء أداء الشركات والتحليل الفني القائم على أساس الحركة التاريخية». وبين أن «العرض والطلب أصبحا يتحددان من قبل عدد محدود من المتعاملين في ظل غياب المستثمرين وغياب الصناديق والمحافظ، بل حتى غياب أعداد كبيرة من المضاربين، الأمر الذي يؤدي إلى جعل التغيرات في المؤشر تجري بصورة اعتباطية، خصوصاً إذا ما تمت الصفقة على سهم له وزن ثقيل في المؤشر العام»، لافتاً إلى أن «التغيرات التي تحدث في القيمة السوقية للأسهم أصبحت مجرد أرقام لا تعكس الحقيقة».

عوامل متراكمة

أما المحلل المالي والمدير التنفيذي في شركة ثنك إكستريم، فادي الغطيس، فقال إن «أسواق الأسهم المحلية تعاني حالياً عدداً من العوامل المتراكمة لفترة زمنية طويلة أهمها ضعف معدلات التداولات، ووصولها إلى مستويات متدنية جداً، وكذا عدم وجود محفزات في الأسواق تجذب المستثمرين، وهروب كبار المستثمرين وخروج المحافظ المحلية والأجنبية».

وأضاف أن «الأسواق شهدت أخيراً مجموعة من الظواهر السلبية الجديدة مثل خروج شريحة ليست بصغيرة من المضاربينأ، الأمر الذي يجعل أسواق الأسهم الإماراتية في وضع لا يحمد عقباه»، مؤكداً أن دخول فصل الصيف حالياً وسفر كثير من المستثمرين ودخول شهر رمضان لها تأثيرات سلبية في الأسواق». وأوضح الغطيس، أن «الأزمة المالية العالمية والديون الأميركية كان لها كذلك تأثير سلبي في الأوضاع الاقتصادية في معظم دول العالم، ما انعكس على مجريات الأمور في أسواق الأسهم الإماراتية».

الأكثر مشاركة