إنشاء سوق للسندات يفيد المصــارف و« المحافظ » والمستثمرين
قالت شركة الفجر للأوراق المالية، إن دعوة محافظ مصرف الإمارات المركزي إلى إنشاء سوق للسندات الحكومية والسندات المؤسسية ذات النوعية الممتازة، تستثمر فيها البنوك العاملة في الدولة، تعد خطوة مهمة لمواجهة شح السيولة الذي تعانيه الأسواق، نتيجة سحب المصارف السيولة من دورة الأعمال، وهو ما قلل من آثار التعافي الذي يشهده الاقتصاد الإماراتي.
وقدرت الشركة حجم السيولة المسحوبة من دورة الأعمال بما يصل إلى نحو 44 مليار درهم، وأكدت أنها تعد كافية لترك آثار انكماشية قوية في الاقتصاد، ما يتطلب التنفيذ السريع لدعوة محافظ المصرف المركزي بتفعيل أسواق السندات لتصبح أداة التمويل البديل للإقراض المصرفي المتشدد.
| سندات إماراتية
قالت المحللة المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «عدد إصدارات الشركات الإماراتية من السندات في العام الماضي بلغ 19 إصداراً بقيمة 6.2 مليارات دولار، وكانت حصة الإصدارات السيادية والشركات الإماراتية معاً تقارب 32٪ من المبلغ الإجمالي لسوق السندات الخليجية، بإصدارات قيمتها 9.5 مليارات دولار». وبينت أن «إصدارات السندات الخاصة بالإمارات تلقى اهتماماً بالغاً من قبل المستثمرين والشركات وصناديق الاستثمار في أوروبا وأميركا، وهو ما تحقق أيضاً بالطرح الأخير لشركة (طيران الإمارات)، الذي أغلق الأسبوع الماضي على قيمة طلبات تجاوزت خمسة مليارات دولار، في حين كانت تنوي الشركة جمع 750 ألف دولار من هذا الإصدار، الأمر الذي جعل الشركة ترفع قيمة الإصدار إلى مليار دولار». وذكرت كنز أن «عدد إصدارات السندات المدرجة في سوق دبي المالي بلغ خمسة إصدارات لسندات سيادية، إضافة إلى إصدار واحد من الشركات التجارية، وهناك سند واحد مدرج في سوق أبوظبي للأوراق المالية يخص بنك أبوظبي الوطني». |
وأشارت «الفجر» إلى أن سوق السندات المقترحة تهم أيضاً المصارف من خلال إتاحتها زيادة درجة كفاءة إدارة السيولة بها، ورفع درجة تطورها المالي، بحيث تتمكن المصارف من تقديم سندات الخزينة كفالةً لضمان اقتراض من المصرف المركزي، فضلاً عن تحسين قدرتها على التنافس في استقطاب ودائع المتعاملين بما أنها ستجد نافذة مستقرة لإعادة استثمار الأموال المودعة.
ونبهت الشركة إلى أن الاهتمام ببناء هذه السوق الثانوية للسندات ليس فقط لخدمة القطاع المالي فحسب، بل يمتد إلى المحافظ الاستثمارية كافة للشركات العامة والخاصة وشركات التأمين والصناديق الاستثمارية وصناديق التقاعد والأفراد أيضاً، مسوغة ذلك بأن عدداً كبيراً من المستثمرين يحتاجون إلى بدائل استثمارية جديدة، بخلاف العقار والأسهم والودائع البنكية ذات المردود الضعيف، كما أن عدداً آخر منهم لديه سيولة فائضة، لكنه لا يرغب في المخاطرة بها في استثمارات غير مضمونة أو بها مخاطرة كبيرة.
إقرار «المركزي»
وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «مصرف الإمارات المركزي أقر أخيراً بوجود شح في السيولة، حينما صرح المحافظ بأن مشكلة المصارف تكمن في إدارة السيولة المتوافرة لديها، ودعا إلى إنشاء سوق للسندات الحكومية والسندات المؤسسية ذات النوعية الممتازة، تستثمر فيها البنوك العاملة في الدولة».
وأضاف أن «المصارف الإماراتية لا تكتفي بحجز السيولة التي تتزايد لديها وعدم منح القروض، وإنما تسحب السيولة بصورة مستمرة ومتواصلة من دورة الأعمال، وترفع من الضغوط الانكماشية، التي تقلل من آثار التعافي الذي يشهده الاقتصاد الإماراتي منذ مطلع العام الجاري»، مستشهداً على ذلك بأنه «خلال الربع الثالث من العام الماضي حصلت المصارف المفصحة على 15 مليار درهم كفوائد عن إجمالي القروض الممنوحة من قبلها، والبالغة 854 مليار درهم، وهو ما يوازي معدل فائدة سنوية تبلغ 7٪، وفي المقابل قدمت المصارف قروضاً للأفراد والمؤسسات بما قيمته 4.4 مليارات درهم فقط، أي أن التدفق النقدي الصافي الخارج من المصارف هو 10.6 مليارات درهم خلال الفصل الثالث، ليصل إلى 42.4 مليار درهم خلال العام بأكمله».
وأوضح الشماع أن «الفارق بين التدفقات الداخلة للمصارف والتدفقات الخارجة تم اكتناز جزء كبير منه في خزائن المصرف المركزي في شكل شهادات إيداع وأرصدة ومتطلبات احتياطي (بحدود 25 مليار درهم)، أما المتبقي فوزع بين زيادة في النقد وبين الاستثمارات الخارجية».
وأكد أن «السيولة المسحوبة من دورة الأعمال تصل إلى قرابة 44 مليار درهم تعد كافية لترك آثار انكماشية قوية على الاقتصاد، ما يتطلب التنفيذ السريع لدعوة محافظ المصرف المركزي بتفعيل أسواق السندات لتصبح أداة التمويل البديل للإقراض المصرفي المتشدد، خصوصاً أن الأضرار الاقتصادية قد تكون وخيمة، إذا لم تتسارع خُطا معالجة أوضاع السيولة».
الارتباط العالمي
وقال الشماع إن «أسواق الأسهم الإماراتية أصبحت مرآة تعكس مشكلات الاقتصاد العالمي من دون أن تكون كذلك في أوقات تحسنه وتعافيه، وهي بالتأكيد لا تعكس الأداء الحقيقي لاقتصاد الدولة».
وأضاف: «على الرغم من أن الأسواق تحسنت معظم أيام الأسبوع الماضي وسجلت ارتفاعات قوية نسبياً، إلا أن هذا الارتفاع كان تعويضاً عن الخسائر غير المبررة التي تكبدتها خلال شهر مايو، إذ فقدت 50٪ من المكاسب التي كانت حققتها خلال الفترة منذ الثالث من مارس حتى 21 أبريل الماضيين، التي بلغت 11.14٪».
وأكد أن «ارتفاعات الأسبوع الماضي جاءت لتعويض هبوط غير مبرر بالمعايير التقليدية لأداء الأسواق، وأيضاً لارتباطها مجدداً بمسار الأسواق العالمية في مايو الجاري»، لافتاً إلى أن «هذا الترابط مع مؤشرات الأسواق العالمية لم يكن يوماً دليلاً على حسن الأداء إلا بالقدر الذي يزداد فيه وجود الاستثمارات الأجنبية العابرة للحدود بكثافة».
وأوضح الشماع أنه «منذ بداية العام الجاري عندما بدأ الاقتصاد العالمي يظهر مؤشرات التعافي، وعندما تسارعت خُطا ارتفاع مؤشر «داو جونز» من بداية العام حتى نهاية أبريل المنصرم ليصل إلى مستويات ما قبل الأزمة ويتخطاها في بعض الأوقات، تزايد ضعف الارتباط بين الأسواق المحلية والعالمية»، مشيراً إلى أنه «عندما بدأت أزمة الديون الأوروبية تظهر من بداية مايو الماضي حتى عاد الارتباط الموجب القوي للظهور ثانية لتصبح أسواق الأسهم الإماراتية خير رفيق للأسواق العالمية في درب الهبوط، لكنها نادراً ما تكون صديقاً وفياً لها في درب الصعود».
دعوة المحافظ
من جهتها، قالت المحللة المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «دعوة محافظ المصرف المركزي للإسراع في إطلاق سوق محلية نشطة للسندات والصكوك الحكومية والمؤسسية ستوفر الأدوات المالية الاستثمارية التي يستخدمها المصرف المركزي ضمن أدواته غير المباشرة للإدارة النقدية، ما يزيد من كفاءته في تنفيذ السياسة النقدية عن طريق تنفيذ عمليات السوق المفتوحة، وتالياً يتحقق التوازن في الأسواق، في ما يتعلق بضح السيولة أو امتصاصها».
وأضافت أن «سوق سندات الخزينة والصادرة عن المؤسسات ذات النوعية الممتازة تهم أيضاً المصارف على محاور عدة، منها: زيادة درجة كفاءة إدارة السيولة بها، ورفع درجة تطورها المالي بتطوير سوق ما بين المصارف، بحيث تتمكن المصارف من تقديم سندات الخزينة ككفالة لضمان اقتراض من المصرف المركزي»، موضحة أنه «سيكون بوسع المصارف أيضاً تحسين قدرتها على التنافس في استقطاب ودائع المتعاملين، بما أنها ستجد نافذة مستقرة لإعادة استثمار الأموال المودعة».
وأكدت كنز أن «سوق السندات الحكومية والصادرة عن المؤسسات ستعمل على توجيه جزء من السيولة النقدية المعطلة لديها، ما يدعم ربحية محافظها الاستثمارية، لاسيما أن المؤسسات المالية لديها حالياً وفر عال من السيولة».
ونبهت إلى أن «الاهتمام ببناء هذه السوق الثانوية ليس فقط لخدمة القطاع المالي فحسب، بل يمتد إلى المحافظ الاستثمارية كافة للشركات العامة والخاصة وشركات التأمين والصناديق الاستثمارية وصناديق التقاعد والأفراد أيضا»، مسوغة ذلك بأن «عدداً كبيراً من المستثمرين يحتاج إلى بدائل استثمارية جديدة بخلاف العقار والأسهم والودائع البنكية ذات المردود الضعيف، كما أن عدداً آخر منهم لديه سيولة فائضة، لكنه لا يرغب في المخاطرة بها في استثمارات غير مضمونة أو بها مخاطرة كبيرة». ولفتت إلى أن «ضعف تداولات السندات في الأسواق المحلية جعل الجهات الرقابية واللجان المعنية تعكف حالياً على تطوير البنية الأساسية لتلك السوق، من خلال تقنين لأنظمة التداول ووضع القواعد والضوابط التي تخص شروط الإفصاح والإدراج والتسوية والمقاصة». وأضافت أن «توافر سوق منظمة لتداول المنتجات المالية في أسواق الأسهم المحلية، التي تتميز بعوائد مالية ثابتة، وكذا بقلة المخاطرة عليها، خصوصاً إذا كانت سندات سيادية تصدرها الدولة ومضمونة، يعد مطلباً مهماً لبناء محافظ استثمارية متنوعة».