إعادة إعمار ما دمره زلزال اليابان تزيد الطلب على السلع من جميع أنحــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء العالم. رويترز

«الفجر»: إعادة إعمار اليابان فرصة لنمـو الاقتصاد العالمي

توقع محللون ماليون أن تشهد أسواق الأسهم العالمية مزيداً من الهبوط بسبب تفاقم أوضاع الاقتصاد العالمي على خلفية زلزال اليابان، والصعود السريع لأسعار النفط. وقالوا إنه على الرغم من أن زلزال اليابان يعد كارثة إنسانية، إلا أنه سيدفع باتجاه تسريع خطى تعافي الاقتصاد العالمي، إذ إن الاقتصاد الياباني يعد من أكثر اقتصادات العالم حيوية، ومن المتوقع أن تكون عملية إعادة الإعمار التي ستتم فيها أسرع عملية إعادة إعمار في التاريخ، مفسرين ذلك بأن إعادة الإعمار سترفع من مستويات الطلب على السلع كافة من جميع أنحاء العالم، وسيكون الضخ النقدي عنوان عملية الإعمار هذه.

وأضافوا أن ما أصاب المفاعلات النووية اليابانية سيؤخر لسنوات عدة مقبلة الطلب على الطاقة النووية كبديل للنفط، الأمر الذي سيسرع بدوره من العوامل الدافعة لأسعار النفط نحو الارتفاع، ما سيفيد الدول الخليجية المنتجة للنفط.

وأكدوا أن مديري صناديق الاستثمار العالمية مازالوا يعارضون أي عمليات للشراء في بورصات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قبل أن تتكشف ملامح واضحة تؤكد استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة.

إعادة الإعمار

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم المتقدمة خرجت من عنق الزجاجة وعادت للمستويات التي كانت عليها قبل الأزمة المالية العالمية، كما أن قطاع المنازل في طريقه التدريجي نحو التعافي، والاقتصاد العالمي يحث الخطى للاستعداد لعودة النمو القوي ربما خلال العام المقبل».

ودلل على ذلك بارتفاع أسعار النفط، التي اتخذت من اضطرابات ليبيا، التي لا تنتج سوى 1.5 مليون برميل، ذريعة لتحقيق قفزات نحو الأعلى.

وذكر أن «زلزال اليابان هو الآخر على الرغم من كونه كارثة إنسانية، إلا أنه سيدفع باتجاه تسريع خطى تعافي الاقتصاد العالمي، إذ إن الكارثة حلت في واحد من أكثر اقتصادات العالم حيوية، ومن المتوقع أن تكون عملية إعادة الإعمار التي ستتم أسرع عملية إعادة إعمار في التاريخ»، مفسراً ذلك بأن «إعادة الإعمار سترفع من مستويات الطلب على كل شيء، من بضائع رأسمالية إلى معدات وأجهزة ومواد بناء من جميع أنحاء العالم، وسيكون الضخ النقدي عنوان عملية الإعمار هذه».

وأكمل «في الوقت ذاته، فإن ما أصاب المفاعلات النووية اليابانية سيؤخر لسنوات عدة مقبلة الطلب على الطاقة النووية كبديل للنفط، الأمر الذي بدوره سيسرع من العوامل الدافعة لأسعار النفط نحو الارتفاع ما يفيد الدول الخليجية المصدرة للنفط»، لافتاً إلى «ضرورة التغلب على مشكلة شح السيولة حتى تستقبل أسواق الأسهم والعقار والأسواق المحلية الأخرى التعافي العالمي بمثله محلياً، وحتى لا يكون التعافي العالمي بمعزل عن اقتصاد الإمارات الذي تأثر سلباً بتراجع النمو العالمي».

تفوق خليجي

تداولات «إعمار»

ارتفع أداء سهم شركة إعمار العقارية بنسبة 10.07٪ خلال جلسة تداول الأحد الماضي، ليصل إلى مستوى 2.95 درهم، واتبع ذلك جلسات تذبذب خلالها السهم مسجلاً في النهاية انخفاضاً مع نهاية الأسبوع بنسبة 3.39٪ عن أعلى مستوى وصل إليه السهم، ليغلق على 2.85 درهم.

وقالت المحللة المالية، مها كنز، إن «محصلة تعاملات الأجانب على سهم (إعمار) كانت على مدار جميع جلسات الأسبوعين الماضيين (شراء)، ما أدى الى رفع نسبة تملك الأجانب في أسهم الشركة من 21.45٪ في نهاية جلسة 3 مارس الماضي إلى 22.03٪ في نهاية الأسبوع الماضي».

وأكدت أن «إجمالي ما أضيف إلى محافظ المستثمرين الأجانب من سهم (إعمار) بلغ 35.36 مليون سهم خلال الأسبوعين الماضيين».

وأكدت أن «الأسبوع الماضي شهد إصدار 14 شركة توصيات لسهم (إعمار)، إذ أوصى ستة محللين بالشراء، وستة آخرون رأوا أن من المتوقع أن يتفوق السهم على أداء السوق، بينما أصدر اثنان توصية بالاحتفاظ بالسهم»، موضحة أن «معدل السعر المستهدف للسهم وفق إجماع المحللين بلغ 4.56 دراهم، وهو ما يفوق السعر الحالي بنسبة 66٪».

وأكد الشماع أنه «على الرغم من زيادة حدة الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية ودول الجوار خلال النصف الأول من مارس الجاري، إلا أن أسواق الأسهم في كل من قطر والسعودية وعمان تمكنت من تحقيق مكاسب تفوق ما حققته الأسواق الإماراتية التي ارتفعت بنسبة 1.1٪، فيما ارتفعت السعودية بنسبة 2.1٪، وقطر بنسبة 2.3٪ وعمان بنسبة 1.6٪».

وأضاف أن «أسواق الإمارات، غير المعنية بما يجري من توترات، عندما تتراجع بنسب تفوق تراجع أسواق الدول الخليجية التي تقل عنها في مستوى كفاءة اقتصاداتها، فإن نزيف خسائر القيمة السوقية يتواصل ويتواصل مع تزايد حدة مشكلة السيولة».

وأوضح أنه «خلال فترة شهر منذ منتصف فبراير وحتى منتصف مارس الجاري، خسرت أسواق الأسهم 19 مليار درهم من قيمتها السوقية»، معتبراً أنه «على الرغم من كون القيمة السوقية تعبر عن الثروة الورقية التي يملكها المجتمع، إلا أن تراجعها لا يخلو من الانعكاسات السلبية على مستويات السيولة الحقيقية في الدولة من جهة، وعلى أداء سوق الأسهم ذاتها من جهة أخرى، وذلك من خلال تأثيرها في قيم التداول وأداء المؤشر الذي يرتبط بعلاقة موجبة قوية مع قيم التداول».

قروض وسيولة

وقال الشماع إنه «على الرغم من وصول قيمة القروض التي قدمتها المصارف الإماراتية في نهاية ديسمبر الماضي إلى 1.31 تريليون درهم، منها قرابة 60 مليار درهم قروضاً لغير المقيمين، فقد واصلت مشكلات شح السيولة في الاقتصاد بإظهار دلائلها في كل زوايا الاقتصاد، خصوصاً في أسواق الأسهم والعقارات».

وأضاف أن «القروض التي قدمتها المصارف الإماراتية في عام 2010 انخفضت إلى قرابة 13 مليار درهم، وذلك من معدل يزيد على 203 مليارات خلال العامين 2007 و،2008 وعلى 24 ملياراً عن العام 2009».

وأكد أن «من يعتقد أن لدى المصارف المحلية سيولة كافية ولكنها تفضل الاحتفاظ بها، هو مخطئ تماماً، إذ إن ودائع المقيمين هي أقل من القروض المقدمة للمقيمين بفارق 72.56 مليار درهم، بعد أن نستبعد ودائع غير المقيمين وهي ودائع أجنبية»، مستنتجاً أن «المصارف ليس لديها السيولة التي تمكنها من إعادة الإقراض للمستويات التي كان عليها في الأعوام 2006 و2007 و2008».

تنشيط الاقتصاد

وطالب الشماع صناع السياسة النقدية بمزيد من الاهتمام بكفاءة الأداء الاقتصادي بالقدر الذي يعطونه من الاهتمام للكفاءة المالية، بمعنى ترتيب أوضاع الاقتصاد الإماراتي بما يعيد السيولة إلى سابق مستوياتها، وبما يعيد الحركة الاقتصادية النشطة التي استقطبت سابقاً اهتمام المستثمرين الأجانب، ويعيدهم مرة أخرى».

وأشار إلى أن «مثل هذا الاستقطاب سيتم متى ما عادت السيولة إلى مستوياتها السابقة بفضل سياسات التخفيف الكمي، إلى جانب السياسات النقدية التقليدية من نسبة احتياطي إلزامي، وسعر فائدة، اللذين لايزالان مرتفعين على الرغم من التباطؤ الحادث حاليا». وأوضح أن «عودة السيولة ستعيد تدفق الأموال الأجنبية، وكذا الطلب على العقارات من قبل الأجانب، ما يمكن الشركات من الحصول على السيولة للوفاء بالتزاماتها الخارجية، وتالياً سترتفع القيمة السوقية، ما سيزيد نفسياً من سرعة تداول النقود ويوجد انتعاشاً واضحاً في الحياة الاقتصادية». ولفت الشماع إلى أن «تنفيذ سياسات التخفيف الكمي يمكن أن يتم من خلال طرق عدة، من بينها شراء المصرف المركزي المزيد من السندات التي تصدرها الشركات الحكومية والشركات التي للحكومة حصة عالية فيها، إضافة إلى السندات التي تصدرها المصارف، بما يرفع من مستويات السيولة لديها ويمكنها من العودة للإقراض».

زلزال اليابان

من جانبه، توقع الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في بنك الإمارات دبي الوطني، غاري دوغان، أن تشهد أسواق الأسهم العالمية مزيداً من الهبوط بسبب تفاقم أوضاع الاقتصاد العالمي على خلفية الزلزال المدمر وأمواج تسونامي التي ضربت اليابان، عازياً ذلك إلى أن «اليابان، التي يعد اقتصادها ثالث أكبر اقتصاد في العالم، تترقب مشهداً مستقبلياً مجهول المعالم، إذ تشير التوقعات قريبة المدى إلى ضعف أداء الاقتصاد الياباني على نحو كبير، ولاسيما مع إغلاق مرافق الإنتاج في عدد من الشركات مثل (تويوتا)».

وقال دوغان إن «الارتفاع السريع لأسعار النفط وزلزال اليابان عاملان أديا إلى إضعاف زخم البورصات العالمية التي هبطت بنسبة 2.4٪ على مدار الأسبوع الماضي، وبنسبة 3.4٪ عن أعلى ارتفاعاتها التي سجلتها في 18 فبراير الماضي، فضلاً عن تعزيز مخاطر تراجع النمو الاقتصادي العالمي». وأضاف أن «أسواق السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت ارتفاعاً متأخراً الجمعة قبل الماضية بالتزامن مع عدم تسجيل مظاهر احتجاج سياسي في السعودية، كما تمت معظم عمليات الشراء بشكل رئيس خلال الأسبوع الماضي عبر حسابات إقليمية مرتبطة بمديري أموال عالميين يعارضون أي عمليات للشراء قبل تكشّف ملامح واضحة تؤكد استقرار الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». وأكد وجود فرص كبيرة في أسواق سندات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع نمو حجم الائتمان لدول الخليج، متوقعاً تسجيل موجة ارتفاعات جيدة على صعيد حجم الائتمان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجرد عودة الأمور السياسية إلى نصابها بمنطقة الخليج.

ركود اقتصادي

بدوره، قال كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية»، مايكل هارتنت، إن «توقعات المستثمرين العالميين في مارس الجاري تحولت إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي، يتزامن مع تباطؤ في النمو وارتفاع في التضخم وأسعار الفوائد، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل السيولة النقدية». وأضاف أن «الطفرة التي شهدتها أسعار النفط العالمية، أخيراً، أدت إلى ازدياد مخاوف المستثمرين حول آفاق نمو الاقتصاد العالمي وربحية الشركات، حيث بات 24٪ من مسؤولي تخصيص الاستثمارات، يتوقعون انخفاض هوامش الأرباح التشغيلية للشركات خلال الشهور الـ12 المقبلة»، موضحاً أن «31٪ من مديري صناديق الاستثمار لايزالون يعتقدون أن الاقتصاد العالمي سيتحسن خلال العام المقبل، لكن هذه النسبة تراجعت عن 51٪ في فبراير الماضي».

الأكثر مشاركة