10.2 مليارات درهم توزيعات نـقـــدية للمستثمرين في الأسهم
تباين أداء أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي ما بين تراجعات حادة وارتفاعات نسبية، ما عزاه محللون إلى تأثير الاضطرابات السياسية، ووجود عوامل اقتصادية سلبية، فضلاً عن هيمنة المضاربة على الأسواق، وانسحاب المستثمرين بسبب التباطؤ الاقتصادي.
وأكد المحللون أن أي محاولة لتفسير تراجعات الأسواق الحادة في الأسابيع الماضية استناداً إلى عوامل سياسية محضة هو هروب من حقائق اقتصادية تترسخ يوماً بعد آخر، وأهمها مشكلة السيولة، إذ تتجه نسبة متزايدة من السيولة إلى الودائع الثابتة، بدلاً من توظيفها في استثمارات مباشرة أو غير مباشرة.
وقالوا إنه على الرغم من التوزيعات النقدية السخية للشركات المدرجة، التي تجعل حجم السيولة النقدية التي ستذهب للمساهمين في شكل توزيعات نقدية يقدر بنحو 10.2 مليارات درهم، إلا أن مشكلة التباطؤ مازالت تؤثر سلباً في الوضع العام، لافتين إلى أن الاعتقاد بأن الاقتصاد الإماراتي بخير طالما أن تقديرات صندوق النقد الدولي تؤكد أنه سينمو خلال عام 2011 بنسبة 3.25٪ يعد أمراً خاطئاً، إذ إن أيّ نمو بهذا القدر فقط في ظل ارتفاع أسعار النفط، هو في الحقيقة يعبر عن تراجع وانكماش في الناتج المحلي غير النفطي قدره 5.42٪.
عوامل اقتصادية
وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أداء أسواق الأسهم الإماراتية خلال الأسبوع الماضي كان متقلباً ما بين تراجعات حادة وارتفاعات لم تتمكن من تعويض خسائر فبراير المنقضي، التي حدثت نتيجة للاضطرابات السياسية في دول المنطقة والجوار».
وأضاف أن «تغير الأداء ما بين الارتفاع والتراجع كان نتاج عوامل اقتصادية، إذ إن تأثير الاضطرابات السياسية، ما كان يمكن أن يكون بهذه القوة، لولا هيمنة المضاربة على الأسواق وانسحاب المستثمرين بسبب التباطؤ الاقتصادي الذي تمر به الإمارات والدول الخليجية عموماً».
وأكد أن «أي محاولة لتفسير تراجعات الأسواق الحادة في الأسابيع الماضية والارتفاعات المتواضعة خلال الأسبوع الماضي استناداً إلى العوامل السياسية فقط هو هروب من حقائق اقتصادية تترسخ يوماً بعد آخر».
وأوضح أن «الاعتقاد بأن الاقتصاد الإماراتي بخير طالما أن تقديرات صندوق النقد تؤكد أنه سينمو خلال عام 2011 بنسبة 3.25٪ يعد أمراً خاطئاً، إذ إن أي نمو بهذا القدر فقط في ظل توقع ارتفاع أسعار النفط هو في الحقيقة تراجع وانكماش»، مسوغاً ذلك بأن «تجاوز أسعار النفط حاجز 100 دولار، وتوقع استقرارها عند معدل 90 دولار للعام الجاري بزيادة بنسبة 26٪، تعني أن مساهمة قطاع النفط ستكون بحدود 72 مليار درهم، ما يعني أن صندوق النقد يتوقع تراجع القطاعات غير النفطية حتى يستقر النمو عند توقعاته البالغة 3.25٪».
ودعم الشماع وجهة نظره بالقول إنه «إذا ما احتسبنا الزيادة في قيمة إنتاج قطاع النفط، والمقدرة بموجب المعدل السعري للنفط الخام للعام الجاري عند 90 دولاراً، فإن قيمة الناتج المحلي ستصل إلى 908 مليارات درهم، بمعدل نمو قدره 8.67٪».
وأشار إلى أن «تأكيد صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة 3.25٪، يعني بصورة غير مباشرة أننا أمام انكماش في الناتج المحلي غير النفطي قدره 5.42٪ خلال عام 2011»، لافتاً إلى أن «القطاعين الحكومي والعام، اللذين يشكلان 40٪ من الناتج المحلي غير النفطي ــ لن يتأثرا بالتراجع بسب امتلاكهما إيرادات نفطية، في حين أن القطاع الخاص الذي يشكل تقريباً 60٪ من الناتج المحلي غير النفطي سيتحمل كامل هذا الانكماش في ناتجه، والذي سيكون بحدود 13.5٪ مقارنة بعام 2010».
مشكلة التباطؤ
ونبه الشماع إلى أن «مشكلة التباطؤ في الإمارات هي السيولة، إذ إن نسبة متزايدة من السيولة تتجه إلى الودائع الثابتة بدلاً من توظيفها في استثمارات مباشرة أو غير مباشرة، وذلك في وقت لا تزال نسبة كبيرة من القروض عالقة في أسهم وعقارات تراجعت قيمها بنسب كبيرة منذ بداية الأزمة المالية العالمية».
وذكر أنه «على الرغم من الصورة السلبية لأوضاع السيولة المعطلة كودائع والعالقة كقروض، إلا أن الحال يمكن أن يتغير بتأثير إجراءات نقدية تتخذها السلطة المختصة، وكذلك بفعل تأثير العوامل الاقتصادية في دول المحيط العربي والخليجي»، مقترحاً أن يراجع المصرف المركزي سياسة أسعار الفائدة، لاسيما وأن تحديدها حالياً يتم استرشاداً وقياساً بسعر الفائدة على شهادات الإيداع، ما يعطي مجرد مؤشر غير ملزم للمصارف في تحديدها لأسعار الفائدة، فضلاً عن أنه يوجد هوة كبيرة بين سعر الفائدة للإيداع وسعر الفائدة للإقراض.
تأثير الاضطرابات
وقال الشماع إنه «على الرغم من التأثيرات السلبية للاضطرابات السياسية في عدد من الدول العربية، إلا أن تلك الاحداث ستؤدي في نهاية المطاف إلى تحسن سنلمسه في اقتصاد الإمارات التي تتمتع بوضع اقتصادي واجتماعي وسياسي عالي الاستقرار». وأضاف «من الواضح أيضاً أن تدفقات السيولة ستتحسن في معظم الدول التي تعاني الاضطرابات السياسية بسبب إجراءات سريعة لتحسين مستويات المعيشة وتقليص التفاوت الحاد في توزيع الثروات».
وأكمل «من جانب آخر، فإن أسعار النفط التي من المرشح أن تظل فوق مستوى 100 دولار خلال الشهور المقبلة ستعزز من فرص الدول العربية، خصوصاً دول الخليج من الإنفاق على خطط التنمية الضخمة، إذ إنه من المتوقع في ظل تأثير الأحداث السياسية أن توجه كل الإيرادات نحو الداخل، ما سيرفع من مستويات المعيشة في الدول الخليجية».
وأشار إلى أن «التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية، التي تبدو مثيرة للقلق، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى اجتذاب موجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة، لاسيما للإمارات، التي تتمتع بوضوح كامل في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك كونها غير مرشحة لأي نوع من التأثيرات التي تجري في المنطقة»، لافتاً إلى أن «اثر هذه التغيرات في اقتصاد الإمارات قد لا يظهر على الفور وقد يتطلب بضعة اشهر قبل أن تتضح معالم واتجاهات التغيرات التي تجري في المنطقة وأثرها في النظام الاقتصادي».
ودعا الشماع السلطات الاقتصادية في الدولة إلى توفير مستلزمات ومقومات اجتذاب الاستثمارات العربية والأجنبية المتوقعة، إذ إن المستثمر الأجنبي (وبما في ذلك العربي) يرغب في أن يرى بيئة استثمارية جذابة لنقل استثماراته إليها.
توزيعات نقدية
من جهتها، قدرت المحللة المالية، مها كنز، حجم السيولة النقدية التي ستذهب للمساهمين في شكل توزيعات نقدية بنحو 10.2 مليارات درهم. وقالت إن «تلك التوزيعات تشمل 5.7 مليارات درهم توزيعات من قطاع البنوك، و562.4 مليون درهم من قطاع التأمين، أما بالنسبة لقطاع الخدمات، فستوزع مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات) الجزء الثاني من توزيعاتها السنوية في ابريل المقبل بقيمة إجمالية تبلغ 2.77 مليار درهم، فيما بلغت قيمة التوزيعات المقترحة لشركات القطاع الباقية 740.8 مليون درهم، فضلاً عن توزيعات نقدية لشركات قطاعي الصناعة والفنادق بقيمة 441.2 مليون درهم».
وأضافت أنه «حتى نهاية الأسبوع المنقضي، أفصحت 87 شركة وطنية مدرجة عن نتائج أعمالها السنوية للعام المالي ،2010 من إجمالي 105 شركات، وبلغت الأرباح الإجمالية لتلك الشركات 21.3 مليار درهم».
وذكرت أن «البنوك الوطنية المدرجة التي أفصحت عن نتائجها لعام 2010 بلغ عددها 19 بنكاً وطنياً من إجمالي 21 بنكاً مدرجاً في السوق الإماراتية، وبلغت أرباحها الصافية 16.95 مليار درهم»، موضحة أن «مجالس إدارات 16 بنكاً اقترحت توزيعات نقدية للمساهمين بقيمة إجمالية تصل إلى 5.7 مليارات درهم (متضمنة توزيعات نقدية لبنك دبي الإسلامي ــ الذي لم يعلن عن أرباحه حتى الآن ــ بنسبة 10٪)».
وذكرت كنز أن «20 شركة تأمين وطنية (من إجمالي 27 شركة تأمين مدرجة في السوق) أفصحت عن أرباحها لعام ،2010 والتي بلغت قيمتها الإجمالية 948.9 مليون درهم، إذ اقترحت مجالس إدارات 13 شركة منها توزيعات نقدية بقيمة إجمالية بلغت 562.5 مليون درهم».
الخدمات والصناعة
وأشارت إلى أن «25 شركة وطنية مدرجة في قطاع الخدمات (من إجمالي 30 شركة) أعلنت عن تحقيقها أرباحاً إجمالية قدرها 38.2 مليون درهم، إذ حققت شركات القطاع (بخلاف الشركات العقارية وعددها 17 شركة) أرباحاً بلغت جملتها 11.1 مليار درهم، أما الشركات العقارية المعلنة وعددها ثماني شركات، فقد كانت حصيلة أعمالها عموماً خسائر تجاوزت 11 مليار درهم». وأوضحت أن «مجالس إدارات سبع شركات في قطاع الخدمات اقترحت توزيعات نقدية للمساهمين بلغ إجماليها 5.48 مليارات درهم، منها توزيعات نقدية من (اتصالات) بقيمة 4.74 مليارات درهم، وزعت الشركة الجزء الأول منها في يوليو ،2010 والبالغ 1.97 مليار درهم، أما الجزء الثاني فسيتم توزيعه في أبريل المقبل».
ولفتت كنز إلى أنه «في قطاع الصناعة والفنادق أفصحت 23 شركة وطنية مدرجة في القطاع عن أرباحها للعام 2010 (من إجمالي 27 شركة في القطاع)، وقدرها 3.4 مليارات درهم، واقترحت 14 شركة توزيعات نقدية بقيمة إجمالية تبلغ 441.2 مليون درهم».
ارتفاعات جيدة
بدوره، قال وسيط التداول، علاء الدين علي، إن «أسواق الأسهم المحلية شهدت ارتفاعات جيدة خلال الأسبوع الماضي، لتعوض بعض الأسهم النشطة جزءاً كبيراً من الخسائر في قيمتها السوقية خلال الأسابيع الماضية بسبب عمليات البيع تفاعلاً مع تطورات الأحداث السياسية في المنطقة».
وأضاف أن «مؤشر سوق الإمارات المالي تمكن خلال الأسبوع من الارتفاع بنسبة 4.14٪، وزادت القيمة السوقية بنحو 14.63 مليار درهم، ما يعكس ارتفاعات في أسعار الأسهم نتجت عن عمليات شراء استطاعت التغلب على عمليات البيع لجني الأرباح، التي ظهر تأثيرها بوضوح في آخر جلسة تداول من الأسبوع المنقضي»، مؤكداً ضرورة التغلب على ظاهرة البيع بعنف عقب تحقيق الأسهم أي ارتفاعات، التي يمارسها المضاربون من أجل منح السوق فرصة للصعود تعيد الثقة والسيولة وتحفز مستثمرين ومؤسسات مالية على العودة مجدداً للتداول النشط».