محللون: نقص السيولة عمّق تأثر الأسهم المحلية بالأحداث الإقليمية
قال محللون ماليون إن نقص السيولة، ونتائج الأعمال غير الجيدة لبعض الشركات، خصوصاً في القطاع العقاري، عمّقا تأثر أسواق الأسهم المحلية بالأحداث السياسية التي تشهدها دول في المنطقة، رافضين في الوقت ذاته اتخاذ تلك الأحداث مسوغاً وحيداً للانخفاضات الكبيرة التي حدثت في أسواق الأسهم المحلية، اذ انخفض مؤشر سوق الإمارات المالي خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.86٪، ليغلق على مستوى 2523.19 نقطة، وشهدت القيمة السوقية انخفاضاً بقيمة 12.69 مليار درهم، لتصل إلى 368.79 مليار درهم. كما تراجع مؤشر «داو جونز» في سوق دبي المالي «تايتنز 10» بنسبة 4.83٪ ليغلق على مستوى 1977.82 نقطة.
وأضافوا أن الأحداث أفرزت حالة من القلق بين أوساط المستثمرين، مؤكدين أن الإمارات ودول الخليج ستستفيد من تلك الأحداث التي قادت إلى ارتفاع أسعار النفط، وستؤدي لاستقطاب مستثمرين أجانب.
عوامل داخلية
وتفصيلاً، قال المدير المالي الأول في شركة ضمان للاستثمار، وليد الخطيب، إن «الأداء السيّئ لأسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي لم يكن نتاج عوامل خارجية والاضطرابات السياسية التي شهدتها دول عربية فقط، وإنما جاء بفعل عوامل داخلية أهمها نتائج الأعمال غير الجيدة لبعض الشركات».
وفسر ذلك بالقول إن «شركات عقارية نشطة أعلنت عن نتائج أعمال سنوية دون التوقعات، ما أثر بقوة على معظم الأسهم، خصوصاً أن هذه الشركات تستحوذ على نسبة تزيد على 70٪ من التداولات اليومية».
وأضاف أنه «على الرغم من أن نتائج أعمال الشركات في قطاعات معينة مثل المصارف جاءت أفضل من التوقعات، فإن نتائج الأعمال السلبية للشركات العقارية أظهرت أنها لاتزال في خضم الأزمة، ولم تتمكن حتى الآن من الخروج من تداعياتها».
وأكد أن «الآراء التي تعزي تراجع أسعار الأسهم المحلية، إلى الاضطرابات السياسية في دول عربية، غير دقيقة، إذ إن بورصات عربية تمكنت من الصعود وقت حرب الخليج التي كانت ذات تأثير سلبي مباشر في دول المنطقة».
عازياً ذلك الصعود إلى وجود معطيات ايجابية محلية وقتها مكنت الأسهم من الصعود، وأهمها الطفرة العقارية، ونمو أعمال الشركات وأرباحها، فضلاً عن الملاءة المالية الجيدة للمصارف، وتوسعها في الإقراض وتمويل مشروعات.
وذكر الخطيب أن «انفتاح أسواق الأسهم الاماراتية والخليجية عموماً على تعاملات الأجانب، جعل تأثير تعاملاتهم أكبر، مقارنة بالأسواق المنغلقة أمام الاستثمار الأجنبي».
وأوضح أن «وجود الأجانب جعل تأثير تعاملاتهم يظهر سريعاً، وينعكس على الأسواق، من خلال نقل مشكلات خارجية إلى الأسواق المحلية التي لا ترتبط بشكل مباشر مع تلك المشكلات».
وبيّن أن «المشكلة التي تعانيها أسواق الأسهم المحلية هي المبالغة في ردة فعل المتعاملين تجاه ما يحدث، إذ إنه على الرغم من نتائج الأعمال غير المحفزة للشركات، ووجود عوامل سلبية خارجية، فإنه كان يجب على أسعار الأسهم الحالية ألا تصل إلى هذه المرحلة من التدني التي تفوق المنطق».
أحداث المنطقة
من جهته، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم الخليجية عموماً والإماراتية خصوصاً تأثرت خلال الأسبوع بالأحداث في المنطقة العربية عموماً، وفي البحرين خصوصاً».
وأضاف أنه «على الرغم من عدم وجود مبررات للهلع، والخروج الجماعي من السوق، فإن الأسواق المحلية استمرت في التراجع حتى الثلاثاء الماضي بضغط من خروج أجانب، وعدم دخول سيولة جديدة تعوض سيولة الأجانب الخارجة».
وأوضح أن «من الأمور التي أسهمت كذلك في تراجع الأداء، أن شريحة المستثمرين التي تدخل لمحاولة الاستفادة من الانخفاضات الكبيرة التي تحدث، ظلت غائبة عن الأسواق بسبب شح السيولة المتفاقم في الأسواق الخليجية والإماراتية».
لافتاً إلى أن «الأجانب غير العرب خرجوا من الأسواق المحلية بما قيمته 113 مليون درهم خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع، شكلت نسبة 12٪ من قيمة تداولات الأسواق، إذ تتعرض المنطقة ككل لدرجة من التدفقات الرأسمالية إلى الخارج».
وذكر الشماع أن «المضاربين عادوا للشراء يوم الأربعاء بحذر شديد، وبقيمة تداولات منخفضة، ما أدى الى ارتداد محدود في أسعار الأسهم على الرغم من عودة الاطمئنان، وزوال أثر الاضطرابات في المنطقة، وانفراج الأزمة جزئياً في البحرين، والذي كان يفترض أن يزيل أثر التراجعات التي حدثت في ثلاثة أيام».
ونبه الشماع إلى أن «أثر الاضطرابات السياسية ما كان سيظهر بهذه القوة التي ظهر بها في الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع، لو لم تكن الأسواق المحلية تعاني شحاً في السيولة متمثلاً بصورة خاصة في التدفقات النقدية السالبة للقروض المصرفية في كل منطقة الخليج»، مشيراً إلى أن «التراجعات التي حدثت في الأسواق الخليجية لم تشهدها سوق المنامة البحرينية، على الرغم من التظاهرات، كونها لم تشهد تدفقات نقدية سالبة للقروض كما حدثت في أسواق الإمارات، السعودية، عمان، والكويت، التي تأثرت بالأحداث مع بعدها جغرافياً وموضوعياً عنها».
وأفاد بأن «أداء أسواق الأسهم يتأثر بعوامل عدة بما في ذلك حساسيتها العالية للتطورات السياسية، إذ إن المستثمرين في توجههم نحو أسواق الأسهم، يسعون إلى التوفيق بين العائد الأعلى من عائد الوديعة المصرفية، وفي الوقت نفسه يضعون أموالهم في صورة شبه سائلة يمكن استدعائها في اقرب مدة زمنية وفقاً لما تمليه المتغيرات الاقتصادية والسياسية».
وذكر أن «المتعاملين في أسواق الأسهم المحلية من مواطنين وأجانب، يدركون تماماً أن ما يجري في بلدان عربية، هو انعكاس لأوضاع اقتصادية متردية زادتها الأزمة المالية العالمية توتراً »، مؤكداً أن «أسواق الخليج ذات الاقتصاد المتطور ودخل الفرد المرتفع، هي في منأى عما يدور في الدول العربية، خصوصاً أن تراجعات أسواق الأسهم خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع، التي عمت دول الخليج لم تكن تعبر عن عوامل حقيقية بقدر ما كانت ردة فعل لمستثمرين أجانب».
وأكد الشماع أن «الإمارات ودول الخليج ستستفيد من الاضطرابات السياسية التي قادت لارتفاع أسعار النفط ربما بصورة دائمة، وستقود أيضاً لاستقطاب مستثمرين أجانب لن يجدوا في أسواق الشرق الأوسط سوى الخليج والإمارات مكاناً مفضلاً لاستثماراتهم».
وشدد على ضرورة تنفيذ ما أقرت به اللجنة الوزارية التي كلفتها الحكومة عام ،2008 بمعالجة آثار الأزمة الاقتصادية، والتي حثت البنوك على زيادة إقراضها للقطاع الخاص، وعدم الاكتفاء بتحقيق النمو في القروض المصرفية من خلال الائتمان المقدم إلى جهات حكومية.
السوق الإسلامية
أما المحلل المالي، جيرار آلفيل، فقال إن «مؤشرات (داو جونز) للسوق المالية الإسلامية، والتي تغطي أسهم الأسواق العربية، تكبدت أكبر نسبة خسائر في فبراير الجاري، بسبب الأزمات السياسية والاضطرابات المدنية التي شهدها عدد من الدول العربية، إذ أرخت هذه الأزمات بثقلها على تلك الأسواق».
وأضاف في التقرير الشهري الخاص بأداء مؤشرات داو جونز للأسواق المالية الإسلامية، أن «هذه الاضطرابات أدت إلى تراجع مؤشر داو جونز للسوق المالية الإسلامية في الكويت بنسبة 8.64٪، كما أقفل كل من مؤشر داو جونز للسوق المالية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي على 1293.33 نقطة، مسجلاً تراجعاً نسبته 5.03٪، وتراجع مؤشر داو جونز في سوق دبي المالي (تايتنز 10) بنسبة 4.83٪ على 1977.82 نقطة».
وأوضح أن «هذه التراجعات تتناقض إلى حد كبير مع الارتفاع الحادث في أسعار النفط، والتي عادة ما ترفع أسواق الاسهم الشرق اوسطية، إذ سجّل مؤشر داو جونز للنفط والغاز في السوق المالية الإسلامية أكبر نسبة ارتفاع بين مؤشرات داو جونز لأسهم القطاعات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وبلغ 4.17٪ مقفلاً على 4096.17 نقطة».
وأكد أنه «على الرغم من أن تقييمات الأسهم في أسواق الخليج العربي منخفضة، لكن المستثمرين الدوليين لا يزالون يتجنبون المنطقة في الوقت الحاضر، ما يتطلب إتباع الحذر خلال فترة الأشهر الثلاثة إلى الخمسة المقبلة».