«الأحمر» هيمن على شاشات التداول في أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع المنقضي. الإمارات اليوم

غـيـاب المحفزات يـدفـع الأسهـم المحلية إلى مزيد من التراجع

هيمن اللون الأحمر على شاشات التداول في أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع المنقضي، بعكس البورصات الأميركية التي واصلت الصعود بدعم من توقعات عالمية متفائلة حول الاقتصاد العالمي وأداء الشركات الأميركية.

وتراجع مؤشر سوق الإمارات طوال أيام الأسبوع الماضي، لتبلع نسبة تراجع المؤشر منذ بداية العام الجاري 4.17٪، وذلك مقابل ارتفاع مؤشرات الأسواق الأميركية بنسبة تراوحت ما بين 9.5 و11٪ خلال الفترة ذاتها.

وعلى الرغم من إعراب محللين ماليين عن دهشتهم من مفارقة ارتفاع البورصات في الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت منها الأزمة المالية العالمية، وتراجع الأسواق الإماراتية التي توجد في اقتصاد يعد الأكثر قدرة على التعافي من تداعيات الأزمة، فإن تقارير عالمية حسمت الأمر وأظهرت تزايد الثقة بالاقتصاد الأميركي.

وأكد المحللون أن الموجة الثانية من برنامج التيسير الكمي، تمكنت من إعادة الثقة إلى آفاق أداء الشركات الأميركية، مطالبين الإمارات بتطبيق برامج مماثلة أسوة بأميركا يوفر من خلالها المصرف المركزي السيولة للحكومة لتستخدمها لشراء سندات من المصارف بضمان رهون عقارية عالقة لدى البنوك الوطنية، مشيرين إلى غياب محفزات الدخول إلى أسواق الأسهم المحلية.

اللون الأحمر

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «اللون الأحمر سيطر على مؤشر سوق الإمارات خلال الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى منذ أشهر عدة، فعلى مدى خمسة أيام لم يعرف المؤشر اللون الأخضر».

تفضيل الأسهم

قال رئيس قسم الشؤون الاقتصادية للأسواق الناشئة وأبحاث أسواق العملات في «باركليز كابيتال»، بييرو غيزي، إن «استطلاع المستثمرين العالمي لشركة (باركليز كابيتال) كشف عن اعتقاد 40٪ من المشاركين بأن الأسهم ستكون فئة الأصول المفضلة عام ،2011 بينما يظن 34٪ أن الأصول المفضلة ستكون السلع، ويعتقد أقل من 10٪ أن سندات الخزينة الأميركية ستحقق تفوقاً ملحوظاً». وأضاف أنه «وفقاً للاستطلاع، الذي تم بمشاركة 2000 مؤسسة تراوحت بين صناديق التحوط ومؤسسات إدارة أموال والمؤسسات المفوضة للتداولات ومكاتب تداول الشركات، فإن 86٪ من المشاركين يتوقعون أن تشهد الولايات المتحدة فترة من النمو دون المعدلات المعتادة، ويتوقع أقل من 6٪ من المستثمرين حدوث ركود مزدوج في الولايات المتحدة»، مشيراً الى أن «الاستطلاع أظهر كذلك أن النمو سيكون الموضوع الأهم في الأسواق الناشئة، إذ يعتقد 40٪ من المستثمرين في الأسواق الناشئة بأن سوقي العملات والأسهم اللتين تتمتعان بتاريخ حافل في النمو ستتمكنان على الأرجح من تحقيق أداء متميز بغض النظر عن عمليات التقييم أو كلفة تمويل الشراء».

وأضاف أن «أسواق الأسهم المحلية شهدت تراجعاً في المؤشر العام وفي قيم التداول بتأثير من عوامل عدة أضعفت تعاملات المستثمرين الأجانب غير العرب والمستثمرين المحليين، الذين جمدوا حركتهم الأسبوع الماضي وأخلوا الساحة للمضاربين»، موضحاً أن «مؤشر الإمارات انخفض خلال الأسبوع الماضي بنسبة 2.03٪، وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسواق العالمية وبنسب مختلفة تراوحت ما بين أدنى مستوى من المكاسب لمؤشر (الداو جونز) الأميركي عند 0.59٪، وأعلى مستوى لمؤشر فوتسي عند 1.34٪».

وأكد الشماع أن «ظاهرة تراجع الأسواق المحلية في الوقت الذي تواصل الأسواق العالمية ارتفاعها، وبالذات الأميركية التي يفترض أن أسواق الدولة تحاكيها منذ فترة طويلة، مسألة تحتاج التوقف عندها طويلاً لمعرفة العوامل التي يمكن أن تساعد الأسواق المحلية على محاكاة أسواق الولايات المتحدة، ليس فقط في الانخفاضات، وإنما أيضاً عند الارتفاعات».

ودلل على ذلك «بارتفاع مؤشرات الأسواق الأميركية بنسبة تراوحت ما بين 9.5 و11٪ منذ بداية العام الجاري، فيما تراجعت أسواق الإمارات بنسبة 4.17٪».

وتساءل عن الأسباب التي تجعل الأسواق التي ترتفع هي في الموطن الأصلي للأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي، بينما الأسواق التي تتراجع هي في الاقتصاد الأكثر قدرة على التعافي من آثار الأزمة، بسبب ما تتمتع به من موارد مالية ريعية تشكل على الأقل 30٪ من ناتجها المحلي الإجمالي».

غياب المحفزات

وقال الشماع إن «العوامل المحفزة على الدخول إلى أسواق الأسهم المحلية غائبة، بعكس الولايات المتحدة التي نجحت في إيجاد المحفزات من خلال سياسات التخفيف الكمي عبر حث الأفراد والمؤسسات على الهروب من الدولار المتراجع، وكذلك عبر شراء سندات الخزينة الأميركية من محفظة المصارف وإفراغها من الأدوات الاستثمارية وبما يحفز المصارف على شراء البديل الاستثماري المتمثل في الأسهم».

وبين أن «الوضع يختلف في الإمارات، فعلى الرغم من تراجع قيمة الدرهم المرتبط بالدولار إزاء العملات الدولية، فلا أحد يهرب منه إلى البديل المتمثل في الأسهم».

وأوضح أن «انخفاض قيمة العملة الإماراتية، الناجم عن سياسة التخفيف الكمي الأميركية، لا يخدم الاقتصاد الإماراتي كما هو الحال في الولايات المتحدة»، مطالباً الإمارات بـ«اتخاذ سياسة للتخفيف الكمي أسوة بأميركا، يوفر من خلالها المصرف المركزي السيولة للحكومة لتستخدمها لشراء سندات من المصارف بضمان رهون عقارية عالقة لدى البنوك الوطنية».

مشكلة السيولة

ونبه الشماع إلى أن «مشكلة السيولة مازالت تشكل المانع الرئيس لتعافي الأسواق الإماراتية، إذ تجمع البنوك أقساط الديون المستحقة على الشركات والأفراد في حالة السداد، ولا تعيد هذه السيولة إلى الدورة الاقتصادية، أي بإعادة إقراضها».

وعزا ذلك إلى أن «معظم البنوك لديها قروض واجبة السداد، وتفضل الاحتفاظ بما يأتيها من سيولة من الشركات والأفراد المدينين لها لغرض تسديد ما عليها من التزامات»، مدللاً على صحة حديثه «بتقارير المركزي الإماراتي في أكتوبر الماضي، التي أظهرت تراجع القروض بمقدار 700 مليون درهم، وهو ما يعني أن المصارف سحبت هذا المبلغ من التداول وجمدته لديها، أو أضافته لما تسعى إلى تجميعه لمواجهة التزامات في معظمها خارجية واجبة السداد».

وشدد على أن «توقف المصارف عن الإقراض يؤدي إلى انقطاع دورة السيولة، ويتبلور بمزيد من الانخفاض في قيم الأصول المالية والعقارية، لينعكس مرة أخرى على المصارف».

وذكر أن «ارتفاع قيم أصول قطاعي العقارات والأسهم سيحل الكثير من مشكلات المديونية المتعثرة للشركات، وسيعيد إلى المصارف قدرتها على إطلاق القروض».

وأشار إلى أنه «في حال ارتفاع أسواق الأسهم، فإن عشرات المليارات من القروض برهن الأسهم ستتحرر، شريطة أن يضع البنك المركزي جدولاً زمنياً تدريجياً لضمان عدم تسييل الأسهم التي ترتفع أسعارها دفعة واحدة، وبما يؤدي مرة أخرى إلى انهيار الأسواق».

ولفت الى أنه «عند تحرر جزء من القروض بضمان الأسهم، فإن السيولة الإضافية التي تحررت يمكن أن تتجه إلى السوق العقارية، خصوصاً أن التراجع الذي طرأ على أسعار الوحدات العقارية جعلها أكثر جاذبية لاستقطاب تمويلات البنوك نتيجة لانخفاض نسبة المخاطرة في القروض حالياً، مقارنة مع سنوات الطفرة العقارية».

وأكد الشماع ضرورة أن «يتجه التيسير النقدي في حال إقراره إلى السوق العقارية وأسواق الأسهم في آن واحد، نظراً للعلاقة المتبادلة بين الطرفين».

تحسن الاقتصاد

إلى ذلك، أوضح الاستبيان الشهري لبنك «أوف أميركا ميريل لينش» لآراء مديري صناديق الاستثمار، أن «44٪ من المديرين الذين تم استطلاع آرائهم توقعوا تحسن الاقتصاد العالمي عام ،2011 مقارنة مع 35٪ فقط توقعوا ذلك الشهر الماضي، كما توقع 51٪ منهم ارتفاع أرباح الشركات العام المقبل، مقارنة بنسبة 36٪ فقط توقعوا ذلك الشهر الماضي، وأعرب عدد أكبر من المستثمرين عن ترجيحه لارتفاع التضخم، إذ توقع 61٪ ارتفاع معدل التضخم الأساسي العام المقبل».

وأكد الاستبيان العالمي، الذي شارك فيه 209 من مديري صناديق الاستثمار الذين يشرفون على توظيف 569 مليار دولار، أن «الأسهم الأميركية كانت أكبر المستفيدين من استمرار عزوف المستثمرين عن الأسهم الأوروبية، فمع استمرار أزمة الديون السيادية في أوروبا، أخذ المستثمرون يتحولون إلى الأسهم الأميركية، إذ أكد 16٪ من المستثمرين إفراطهم في حيازة تلك الأسهم مقارنة مع 1٪ فقط في نوفمبر الماضي، بينما أكد 4٪ منهم إفراطهم في حيازة الأسهم الأوروبية، بانخفاض كبير عن نسبة 15٪ أكدوا ذلك في أكتوبر الماضي».

وذكر كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش» للبحوث العالمية، مايكل هارتنت، أن «صفقة الضرائب الأميركية الجديدة الوشيكة، والموجة الثانية من برنامج التيسير الكمي، عاملان تمكنا من إعادة الثقة إلى آفاق أداء الشركات الأميركية، في وقت يبدو فيه أن أوروبا فقدت حظوتها لدى المستثمرين، بينما يتساءل الكثيرون عن مدى احتمال استمرار نمو الاقتصاد الصيني».

الأكثر مشاركة