رخص قيمة الأسهم الإماراتية حالياً أسهم في ارتفاع نسبة الجنسيات الأوروبية المشترية لها أخيراً. تصوير: إريك أرازاس

استمرار تراجع الدولار يزيد جاذبية الأسهم والعقارات المحلية

قال محللان ماليان، إن «انخفاض قيمة الدرهم الإماراتي نتيجة تراجع الدولار الأميركي تجعل قيمة الأصول المادية والمالية في الدولة أرخص، ما يستقطب المستثمرين الأجانب».

وأضافا أن «انخفاض قيمة العملة يؤدي إلى التضخم المستورد، أي ارتفاع أسعار السلع بسبب التضخم، ومن ثم يحفز أسعار الأسهم على الارتفاع، إذ يشعر المستثمرون برخص الأسهم التي يتم تداولها عند مقارنتها بأسعار السلع الأخرى التي تكون أغلى كثيراً».

وأوضحا أن «العقارات هي الأخرى ستكون المستفيد الأول من تراجع العملة الإماراتية، إذ ستصبح أسعارها مغرية وجذابة للمستثمرين الأجانب».

وأشارا الى أن «مشكلة نقص السيولة التي تعانيها أسواق الأسهم سيمكن التغلب عليها، مفسرين ذلك بأن زيادة جاذبية الأصول المالية، ومنها الأسهم، سيحفز الكثير من المتداولين أو المستثمرين الذين توجهوا إلى التداولات العالمية في أسواق العملات والسلع، وخصوصاً الذهب على الاستفادة من العائد الاستثماري على العودة مجدداً إلى أسواق الأسهم».

مخالفة التوقعات

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للاوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم المحلية استمرت في مخالفة توقعات المحللين الفنيين خلال الأسبوع الماضي، وواصلت أداءها الصعودي متخطية عمليات جني الأرباح»، عازياً ذلك إلى «عدد من العوامل التي تزيد من تفاؤل المستثمرين المحليين والأجانب وتوفر أجواء إيجابية، منها الانتهاء من معالجة ديون دبي العالمية، والتهافت الكبير على سندات حكومة دبي وسندات (إعمار العقارية)، وبداية ظهور حل لمشكلة كل من شركتي (أملاك) و(تمويل)».

وأضاف أن «تأثير تلك العوامل ظهر جلياً، خصوصاً أنها تزامنت مع الارتفاعات القوية التي شهدتها الأسواق العالمية، والتي باتت ترتبط بمعامل ارتباط موجب قوي منذ إعلان انضمام الأسواق المحلية إلى مؤشر فوتسي»، لافتاً الى أن «قيمة التداولات وأداء الأسواق أظهرا تحسناً كبيراً، فخلال الفترة من بداية سبتمبر الماضي حتى إقفال الخميس الماضي، ارتفع مؤشر سوق الإمارات بنسبة 12.5٪، فيما ارتفع المعدل اليومي لقيمة التداولات خلال الفترة ذاتها بنسبة 175٪، مقارنة مع المعدل اليومي لتداولات شهر أغسطس المنصرم».

عوامل إضافية

وسوغ الشماع الأداء الجيد نسبياً للأسهم المحلية بعوامل إضافية، منها: «الدخول النشط للمؤسسات الاستثمارية الأجنبية وغير العربية، الذي بلغ خلال الفترة من بداية سبتمبر الماضي حتى إقفال الأربعاء الماضي 308 ملايين درهم صافي مشتريات».

وأوضح أن «الارتباط القوي بين أداء مؤشرات الأسواق المحلية مع الأسواق الأميركية يعود إلى أسباب تتعلق بأسعار صرف العملتين الأميركية والإماراتية، المرتبطتين بسعر ثابت »، مفسراً ذلك بأنه «بالنسبة إلى الأسواق الأميركية، فإن توقعات انخفاض قيمة الدولار يدفع المستثمرين إلى السعي إلى استباق مزيد من تراجع الدولار بالخروج منه والذهاب إلى أدوات استثمارية أقل تعرضاً للتراجع كالنفط أو الذهب والأسهم، أما في الإمارات، فإن فرص الخروج من الدرهم إلى أدوات استثمارية بديلة في ظل توقع تراجع قيمة الدرهم المرتبط بالدولار أصبحت محدودة في ظل اضطراب الاقتصاد العالمي وعدم استقرار أو وضوح فرص الاستثمار البديلة، باستثناء الذهب»، مضيفاً أن «الاستثمار في العقارات والمضاربة فيها لم يعودا ممكنين، كما هي الحال في النصف الأول من عام ،2008 عندما كان تجنب تراجع الدولار والعملة الإماراتية يتم بالتوجه نحو الاستثمار العقاري عالي المردود وقتها».

وأكد أن «المستثمرين حالياً، سواء المحليون أو الأجانب، اتجهوا لمحاكاة المستثمرين في الأسواق الأميركية في سعيهم لتقليل خسائر انخفاض العملة».

وتوقع أن «يستمر التراجع الذي شهده الدولار خلال الشهرين الماضيين، والذي أعاده إلى المستوى الذي كان عليه قبل 10 أشهر تقريباً، ليلامس المستويات التي كان عليها في منتصف عام 2009»، مشيراً الى أن «هذا التراجع ستكون له آثار إيجابية في اقتصاد وأسواق المال الإماراتية، لوجود علاقة عكسية قوية بين الدولار من جهة، (وبالتالي قيمة العملة الإماراتية)، وبين كل من مؤشرات أسواق الأسهم وقيمة التداول من جهة أخرى».

انخفاض الدرهم

وقال الشماع إن «انخفاض قيمة العملة الإماراتية نتيجـة لتراجـع الدولار الأميركي يجعل قيمة الأصول المادية والمالية أرخص، ما يستقطب المستثمرين الأجانب في الوقت الذي يحث المستثمرين المحلين على الدخول إلى الأسهم هرباً من العملة المتراجعة».

وأضاف أن «انخفاض قيمة العملة يرفع أيضاً الرقم القياسي لأسعار المستهلك (التضخم)، وتالياً يحث أسعار الأسهم على الارتفاع لمواكبة المستوى العام للأسعار».

وحدد الشماع ثلاثة عوامل رئيسة ستكون وراء ارتفاع أسواق الأسهم، فيما لو استمر تراجع قيمة الدولار، ومن ثم قيمة العملة الإماراتية، قائلاً: «أول هذه العوامل هو التضخم المستورد، إذ إن ارتفاع أسعار السلع بسبب التضخم يؤثر في الأسهم، خصوصاً ذات القيم الصغيرة»، مسوغاً ذلك بأنه «كلما تراجعت القوة الشرائية للدرهم، شعر المستهلك برخص الأسهم التي يتم تداولها بسعر درهم فما دون، إذ يقارنها بأسعار السلع الأخرى، التي تكون أغلى كثيراً».

وأوضح الشماع أن «العقارات هي الأخرى ستكون المستفيد المهم من تراجع العملة الإماراتية، إذ ستصبح أسعارها مغرية وجذابة للمستثمرين الأجانب»، مشيراً إلى أن «تراجع الدرهم سيجعل الأصول المالية (ومنها الأسهم) رخيصة جداً للمستثمرين من غير المتعاملين بالدولار الأميركي».

وأشار إلى أن «العامل الثالث هو رخص قيمة الأسهم الإماراتية حالياً، ما يفسر ارتفاع نسبة الجنسيات الأوروبية المشترية للأسهم في أسواق الدولة في الآونة الأخيرة».

سيولة جديدة

من جهتها، قالت المستشارة الاقتصادية لشركة الباري كابيتال، نادين وهبة، إن «أسواق الأسهم المحلية شهدت خلال الفترة الماضية زيادة في معدلات التداول، ما يعكس دخول سيولة جديدة».

وأضافت أن «هذه السيولة مكنت الأسواق من تجاوز عمليات جني الأرباح ومكنت المؤشرات من الحفاظ على المستويات التي وصلت إليها، خصوصاً مؤشر سوق دبي المالي الذي أغلق فوق مستوى 1700 نقطة».

وأكدت وهبة أن «نتائج الشركات، خصوصاً الشركات العقارية والبنوك، ستكون هي المحدد الرئيس لتحركات الأسهم في الفترة المقبلة»، مفسرة ذلك بأن «تحسن نتائج الأعمال وتحقيق الشركات نمواً في أرباحها سيكسب السوق زخماً جديداً يجعلها تصل إلى مستويات جديدة، سواء من حيث أسعار الأسهم أو مؤشرات الأداء».

ولفتت إلى أن «الكثير من المتداولين أو المستثمرين حالياً توجهوا الى التداولات العالمية في أسواق العملات والسلع، وخصوصاً الذهب للاستفادة من العائد الاستثماري الذي يزيد على العائد الحالي من الاستثمار في الأسهم»، مبينة أن «هذا التوجه أسهم في توفير مشكلة نقص السيولة في أسواق الأسهم، لكن سيقل تدريجياً في حال عودة الثقة وبدء عودة السيولة تدريجياً إلى الأسهم مثلما يحدث حالياً».

الأسهم والعقارات

بعيداً عن المبالغات

قال المستثمر في سوق دبي المالي، مصطفى إبراهيم، إن «الربط بين تحسن أداء أسواق الأسهم والقطاع العقاري، أمر منطقي، لكن يجب ألا يعني هذا الربط أن تعود أسعار العقارات إلى ما كانت عليه من مبالغات نتيجة للمضاربات».

وأضاف أن «تحسن القطاع العقاري الذي ينعكس إيجاباً على الأسهم يتحقق في حال بدء عودة عمليات الشراء ووجود طلبات حقيقية للتمويل»، موضحاً أن «زيادة الطلب ينعكس على مبيعات وأرباح الشركات العقارية التي تقود أسهمها السوق، وعلى أرباح البنوك التي تمول تلك العقارات، ومن ثم على عودة النشاط الاقتصادي بشكل عام».

وأكد إبراهيم أهمية أن «يمنح المضاربون من ملاك العقارات أسواق الأسهم فرصة لمواصلة الصعود، بمعنى ألا يجروا عمليات بيع عنيفة للأسهم في حال ارتفاعها إلى مستويات جيدة لتدبير السيولة اللازمة لمواجهة التزاماتهم العقارية».

وعن ارتباط الأسهم بالعقارات وإمكان أن تواصل الأسهم المحلية الصعود على الرغم من استمرار تراجع أسعار العقارات، أفادت وهبة بأن «هناك علاقة وثيقة بين القطاع العقاري والأسهم، خصوصاً أن أسهم الشركات العقارية تعد الأنشط التي تقود الأسهم المتبقية».

وقــالت إن «القطاع العقاري في الإمارات يرتبط بشــكل مباشر بالقطاعات المختـــلفة كافة، سواء البنوك أو الشركات أو حتى التوظيف، لكن إذا استقر القطاع العقاري من دون تراجعات جديدة فقد تحقق أسواق الأسهم ارتفاعات جيدة».

وأضافت أن «الأزمة المالية العالمية جعلت ارتباط أسواق الأسهم في العالم بأسره أكثر ارتباطاً بالعقارات»، مفسرة ذلك بأن «القطاع العقاري في أميركا كان سبب الأزمة، ومن ثم أصبح الجميع يظن أن الأزمة لن تزول إلا في حالة تعافي القطاع العقاري، وهنا ستعود أسواق الأسهم إلى الارتفاع». واختتمت وهبة بالإشارة إلى أنه «بعد بدء ظهور إشارات مؤكدة على الخروج من الأزمة المالية العالمية، فإن الارتباط بين العقارات وأسواق الأسهم سيقل تدريجياً، وتالياً ستحقق أسواق الأسهم ارتفاعات مرضية حتى إذا لم ترتفع أسعار العقارات لما كانت عليه».

الأكثر مشاركة