شركات الصرافة عزت رفع سعر العملات أيام السبت إلى محاولة تفادي تآكل الأرباح حال تراجع سعر العملة وقت بدء التداول. تصوير: زافيير ويلسون

تباين في أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية

أظهر مسح استقصائي، أجرته «الإمارات اليوم»، لقياس مدى التفاوت في أسعار العملات الأجنبية لدى شركات الصرافة السبت الماضي، وهو اليوم نفسه لثباتها عالمياً، أن هناك تبايناً ملحوظاً بين أسعار البيع والشراء لدى الشركات المختلفة في دبي، وفيما اعتبر مستهلكون شاركوا في المسح أن سوق الصرافة في الإمارات تشوبها الفوضى، وتغيب عنها هيئة للتنظيم والرقابة، قال مصدر مسؤول في البنك المركزي، فضل عدم ذكر اسمه، إن «قانون المصرف المركزي تحت المراجعة في الوقت الحالي بجميع بنوده، ومنها التي تغطي شركات الصرافة»، وتابع أن «وجود هوامش مسموح بها للتذبذب في سعر العملة الواحدة من مكتب إلى آخر يجب ألا تتعدى فلسين أو ثلاثة، إذ يتم تحديد هذا الهامش في ضوء حجم المبلغ ونوع العملة وطبيعة الموسم».

وقال متعاملون مع سوق الصرافة إن هناك مبالغات من قبل الشركات في أسعار بيع العملات الأجنبية التي تتغير على الشاشات، وفقاً لرغبة الشركة في تحديد الأسعار التي تناسبها، إذ لاحظوا تبايناً كبيراً في أسعار بيع وشراء العملات الظاهرة على شاشات محال الصرافة، في مناطق مختلفة من الإمارة.

وأظهر المسح أن التباين بين أسعار شركات الصرافة لا يقف عند حد اختلافها بين شركات الصرافة المختلفة، وإنما يمتد إلى الشركة الواحدة في فروعها، بحسب المناطق.

وبين عدم اعتماد شركات صرافة على إظهار الأسعار على الشاشات، إذ يوقف بعضها عمل شاشات الأسعار، ويلجأ إلى البائع لمعرفة السعر، وهو ما يعرض المتعاملين لمساومة البائع، لمنحهم سعراً تنافسياً بحسب كمية العملة المباعة.

وكشف المسح عن تغيير شركات صرافة الأسعار لحظياً في يوم ثباتها عالمياً، على الرغم من أنها ثابتة في السوق، بزعم أن السعر داخلياً يتغير وفقاً للعرض والطلب المحلي على العملات الأجنبية والدرهم الإماراتي.

وأقر بائعون في محال صرافة وجود تباين في أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية بين الكميات الكبيرة والصغيرة من العملات، وأنهم يمنحون بعض العملاء سعراً تفضيلياً حسب الكمية ونوع العملة إذا كان الطلب عليها كبيراً، لافتين إلى أن أسعار فروع الشركة في بعض مناطق الإمارة تختلف عن أخرى، ومنها المولات الفخمة التي تختلف أسعارها عن الأسواق الشعبية في مناطق مثل السبخة والمرقبات.

وأظهر المسح الذي أجري بين محال صرافة في مناطق عدة من دبي تبايناً ملحوظاً بين أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية لدى شركات صرافة عدة، بحسب البيانات المثبتة على شاشات الأسعار أو بناء على أجوبة عاملين في الشركات، إذ بلغ الفرق بين سعري بيع وشراء الدولار الأميركي فلساً واحداً في صرافة «وول ستريت» و«النفيس للصرافة»، بينما بلغ الفرق 1.5 فلس لدى شركات «الفؤاد العالمية»، و«الأنصاري للصرافة»، و«صرافة الإمارات»، وكان الفرق فلسين عند صرافة «النبال العالمية»، وثلاثة فلسات في شركتي «فيدرال» و«الغرير الدولية للصرافة».

لكن وعلى النقيض من الدولار، سجل اليورو تبايناً كبيراً في أسعاره، إذ راوح الفرق بين سعري البيع والشراء بين 1.5 فلس و35 فلساً، وكان الفرق بين السعرين في صرافة «وول ستريت» 1.5 فلس، وفلسين في «فيدرال»، و6.4 فلسات في «النبال العالمية»، وتسعة فلسات لدى «الأنصاري للصرافة»، و10 فلسات عند «صرافة الإمارات»، و20 فلساً عند «الفؤاد»، بينما بلغ الفارق أقصاه عند «النفيس للصرافة» بواقع 35 فلساً بين سعري بيع وشراء اليورو. وأما الجنيه الإسترليني، فسجلت الفروق بين سعري بيعه وشرائه تبايناً واضحاً، فبلغ الفرق في «وول ستريت» 1.5 فلس، وفي «الفؤاد» 16 فلساً، وأما في «النفيس» فبلغ الفرق 30 فلساً.

وبالنسبة للعملات العربية، بلغ الفرق بين سعري بيع وشراء الجنيه المصري سبعة فلوس في «الأنصاري» و«الإمارات»، وتسعة فلوس في «الفؤاد»؛ فيما شهد الدينار الأردني تبايناً طفيفاً في الفرق بين سعري البيع والشراء، بلغ 5.5 فلسات في «الإمارات»، ستة فلسات في «الفؤاد»، وسبعة فلسات في «الأنصاري».

ولاحظ المسح بعض الممارسات التي تعمد إليها شركات صرافة، إذ لم تضع «الغرير الدولية للصرافة» في سوق نايف شاشة مضاءة توضح أسعار العملات، كما لم توضح في فرعها في شارع الرقة أسعار بيع اليورو أو الدولار أو الجنيه الإسترليني، بينما لم تضئ شركة طاهر للصرافة شاشاتها، فيما عمدت شركة دبي الدولية للصرافة إلى وضع عدد محدود من أسعار العملات على شاشتها.

متعاملون

وتفصيلاً، قال المتعامل حمد عبدالله، إن «تفاوت الأسعار بين شركات الصرافة المحلية والمبالغة في أسعار بيع بعض العملات الأجنبية، أربك تعاملي مرات عدة مع شركات الصرافة»، مضيفاً «لاحظت تبايناً كبيراً في أسعار بيع وشراء العملات الظاهرة على الشاشات الإلكترونية في منافذ شركات الصرافة، وبين الأسعار التي يمكن أن يقدمها البائع».

ولفت إلى أن «هناك شاشات مطفأة في بعض شركات الصرافة، وعملات تتغير أسعارها يومي السبت والأحد، ومن المفترض أن يكون السعر ثابتاً في هذين اليومين نظراً لثباته عالميا»، وتابع «أتفاوض مع البائع أحياناً حينما أجد الشاشة مطفأة، وأحاول الحصول منه على أفضل سعر».

وأردف: «لا أعرف السبب في اختلاف أسعار بيع وشراء العملات من فرع إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، على الرغم من أن الشركة هي نفسها».

من جانبه، قال المتعامل براغ كومار: «دائما أحول أموالاً إلى الهند، لكني لا أجد أسعار العملة الهندية موجودة عند معظم شركات الصرافة، فهناك محال صرافة محددة يمكنني التعامل معها في هذا الإطار»، مضيفاً: «حولت مبلغاً من المال السبت الماضي، وأنا على علم بأن الأسعار ثابتة، لكن وقبل خروجي من محل الصرافة فوجئت بتغير السعر، وخسرت بذلك بعض الأموال».

وتساءل «هل تغير السعر محلياً عند ثباته عالمياً أمر جائز قانوناً أم أنه ينم عن نوع من الفوضى بسبب غياب الرقابة؟».

من ناحيته، قال العميل محمود المصري، إنه «دخل إلى إحدى شركات الصرافة لتبديل بعض العملات، لكنه بعد انتهاء المعاملة فوجئ بأن السعر المبين على الشاشة ليس هو الذي منحه البائع»، واستطرد: «أرجعت الأمر إلى أحد احتمالين، فإما أن الشاشة لم تتغير منذ الصباح، وهو ما يعني تقاعساً واضحاً عن تغيير بياناتها، أو أن البائع أعطاني سعراً وفقاً لما يراه هو».

وأكد المصري أنه لا يعرف الجهة التي تشرف على شركات الصرافة، لكن دعاها، بغض النظر عن ماهيتها، إلى تشديد الرقابة ووضع معيار واضح ومحدد تلتزم به الشركات لحماية الزبون.

وتساءل عن سبب اختلاف أسعار تبديل العملات في المطارات عن المراكز التجارية أو الأسواق الشعبية، على الرغم من أن الشركة هي نفسها وما يختلف هو مكان فرعها فقط.

بدوره، قال المتعامل أحمد خان، إن «هناك شركات صرافة كثيرة في السوق، ولا نعرف أي تلك الشركات يراعي حقوق العميل فعلاً، فكلها تبدو في الظاهر جيدة، ولا تظهر لنا الفروق السعرية وكأنها كبيرة، لكن من المؤكد أنه عندما نجري معاملات ذات قيم أكبر سنشعر بتلك الفروق السعرية»، وتابع «أشعر أن هناك نوعاً من الفوضى في هذه السوق المعقدة».

تفاوت جائز

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي في شركة الأنصاري للصرافة، محمد الأنصاري، إن «تفاوت السعر بين أسعار بيع وشراء العملات بين شركات الصرافة المختلفة، أو حتى بين فروع الشركة الواحدة، هو أمر جائز».

وأضاف «قد ترغب الشركة في التخلص من عملة معينة فتخفض سعر بيعها، أو شراء أخرى فترفع سعر شرائها»، وتابع «ليس في هذا الأمر شيء، فتلك آليات السوق التي تحكم أعمالنا، والبنك المركزي لا يتدخل في هذا الأمر، طالما أن السعر غير مبالغ فيه».

ورفض الأنصاري فكرة أن السوق تعمها الفوضى، وقال «هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى توضيح، ومنها أهمية أن يتوجه العميل الذي يحمل مبلغاً يزيد على 20 ألف درهم، للتفاوض مع الشركة للحصول على أفضل سعر»، لافتاً إلى أن «هناك تعليمات صارمة من البنك المركزي بشأن عرض الأسعار على الشاشات، ويجري مفتشو البنك زيارات ميدانية إلى مقار شركات الصرافة للتأكد من ذلك».

وبالنسبة لإطفاء شاشات الأسعار، قال: «لا أظن أن إطفاء الشاشات يكون متعمداً من قبل الشركات، فهي تسعى إلى كسب ثقة العميل».

وأشار إلى أن «هناك بورصة داخلية لأسعار العملات، تشبه بورصة بيع الأسهم، فالطلب إذا زاد على عملة معينة، يزداد سعرها محلياً من دون أن يرتفع عالميا».

وأكد أن «كل شركة تسعى إلى وضع الهامش السعري المثالي لها»، مبيناً أن «الإمارات حذت خطوات مهمة في تنظيم سوق الصرافة، وهي أفضل كثيراً من أسواق خارجية متقدمة».

التزام

من جانبه، قال المدير العام في شركة الفردان للصرافة، أسامة آل رحمة، إن «البنك المركزي يلزم جميع شركات الصرافة بوضع أسعار العملات على شاشات واضحة في شركات الصرافة»، مشيراً إلى أن «إطفاء الشاشة أو عدم تحديثها هو مخالفة واضحة لتعليمات (المركزي) في هذا الصدد».

ونفى أن «تكون سوق الصرافة تعاني أي فوضى، إذ تشيد بالسوق المحلية مؤسسات عالمية، وتعتبرها من أكثر أسواق الصرافة تنظيماً في العالم، فهناك دول عربية وأجنبية كبيرة لا تعطي العميل فاتورة عند المعاملة، ولا حقوق للعميل فيها».

وقال إن «جزءاً من المشكلات التي يواجهها العملاء قد تتعلق بعدم جاهزية الفروع، فالشاشة أمر مهم للعميل، لاتخاذ قراره بالشراء بعد المقارنة».

وتابع «لا توجد ضوابط محددة للأسعار، لكن أكثر الضوابط حزماً هو سياسة العرض والطلب التي تفرض على الشركات تقديم أفضل الأسعار، حتى لا تخسر العميل».

وذكر أن «عملية تثبيت السعر مسألة شـبه مستحيلة، وشركات الصرافة حاولت من قبل وضع معايير لتثبيت السعر، لكنه عملـياً أمر صـعب جدا»، مضيفاً أنه «حتى في أيام السبت والأحد، وهي الراحة الأسبوعية للسوق العالمية، فإن الشركات يمكنها أن تغير السعر، وفقاً للعرض والطلب المحلي».

وبين آل رحمة أن «بعض شركات الصرافة تضع حداً معيناً للسعر يوم السبت يضمن لها التعاطي بمرونة مع تذبذب السعر، حتى تضمن ربحية عملية البيع والشراء حتى لو تعرضت السوق لبعض الهبوط في بداية الأسبوع»، واستطرد «إن وضع هامـش ربح بسيط قد يؤدي إلى تآكل الأرباح إذا تذبذب السعر هبوطاً في بداية يوم التـداول مع بدء جلسات الأسبوع، وبالتالي فإن البعض يزيد هامشه في يوم السبت، تفادياً لأي تراجع غير متوقع». ولفت إلى أن «تذبذب الأسعار واختلافها من صرافة إلى أخرى يرجع أحياناً إلى توافر الرغبة لدى الشركة في التخلص من عملة معينة، فتخفض سعرها، أو حاجتها إلى عملة معينة فترفع سعر شرائها لاجتذاب البائعين، وهذا أمر خاضع في المقام الأول للشركة وتقديرها الخاص».

تجاوزات

قال الخبير في تجارة العملات، الحسن البكر، إن «هناك تجاوزات من بعض شركات الصرافة في أدائها في سوق الصرافة، لكن تلك التجاوزات لا يمكن وصفها بأنها فوضى».

وأضاف «يمكن اعتبار الفروق الفردية بين الشركات بمثابة تحرك للمنافسة في ما بينها»، مشيراً إلى أن «فروق السعر بين فروع الشركة الواحدة قد تكون غير مقبولة، لكن مبررها الوحيد قد يكون رغبة الشركة في تعويض التكلفة التشغيلية لفرع معين في منطقة أو مركز تجاري ترتفع قيمة إيجاره، ما يدعوها إلى رفع السعر في ذلك الفرع لتغطية نفقاته».

ولفت إلى أنه «من المفترض أن تتطابق الأسعار بين الفروع وحتى بين الشركات، لكن شركات الصرافة الصغيرة قد ترتكب أخطاء، لكن القطاع بالكامل يمكن اعتباره منظما».

وأكد البكر أن «من حق العميل أن يرى السعر أمامه على الشاشة، وأن يعرف أسعار الكميات، وعند أي حد يمكن أن يزيد السعر أو يقل، في إطار من الشفافية والوضوح الكاملين»، داعياً إلى وجود رقابة من البنك المركزي على عمل شركات الصرافة، لكن مع عدم تشديدها، وإلا فإنها يمكن أن تؤثر سلباً في السوق.

وأكد أن «البنك المركزي يتدخل إذا وجدت مبالغة في الأسعار، وهو يمارس دوراً مهماً كجهاز رقابي يعمل قدر المستطاع على حماية السوق والارتقاء بها».

رقابة «المركزي»

إلى ذلك قال مصدر مسؤول في المصرف المركزي، إن «صلاحيات مراقبة شركات ومكاتب الصرافة، العاملة بالدولة، تخضع لإشراف ومتابعة المصرف المركزي بنص القانون»، مؤكداً أن «لا نية لنقل تلك الصلاحيات إلى أي جهة أخرى». وأضاف أن «قانون المصرف المركزي تحت المراجعة في الوقت الراهن بجميع بنوده، ومنها التي تغطي شركات الصرافة».

وتابع أن «فرق الأسعار الذي يجده العميل بين مكتب وآخر يرجع إلى عدد من العوامل، منها: ثمن شراء العملة، ومدى توافر المعروض منها، أو وجود موسم من عدمه، مثل وقت الحج مثلاً الذي يزداد فيه سعر الريال السعودي مقارنة ببقية أشهر السنة»، مشيراً إلى وجود هوامش مسموح بها للتذبذب في سعر العملة الواحدة من مكتب إلى آخر، لا تتعدى فلسين أو ثلاثة، ويتم تحديد هذا الهامش في ضوء حجم المبلغ ونوع العملة وطبيعة الموسم». مؤكداً أن «المنافسة وآلية السوق هي التي تحدد الأسعار بناء على السعر العالمي، إذ إن جميع شركات الوساطة مرتبطة بأنظمة عالمية إضافة إلى نظام المصرف المركزي». وتابع أن «شاشة الأسعار عبارة عن مؤشر فقط، ولا يعتد بها في حال الشكوى، وإنما الفيصل هو الإيصال الذي يحرر للعميل والسعر المدون به». وقال المصدر إن «هناك مفتشين من قبل المصرف المركزي مهمتهم متابعة أداء محال الصرافة دورياً، ورصد الانحرافات والمخالفات، وأي عميل يتعرض لغبن يمكنه التوجه بشكوى للمصرف المركزي الذي يبت فيها سريعا»، لافتاً إلى أن «العقوبات يتم توقيعها حسب طبيعة المخالفة وما يقرره القانون فيها، وتراوح بين لفت النظر والإنذار، وتصل حتى الإغلاق».

الأكثر مشاركة