بيع الأسهم بهوامش سعرية ضيقة يضرّ بالمستثمرين والوسطاء
أكد محللون ماليون أهمية انتهاء ثقافة البيع والشراء بالهوامش السعرية الضيقة، التي لا تتجاوز فلسين أو ثلاثة، عند المتعاملين في الأسواق المالية المحلية، لأن ذلك صبغ السوق بصبغة المضاربة، وأخرج المستثمر متوسط وطويل الأجل، وأضرّ بمكاتب الوساطة إلى الحد الذي دفع بعضها إلى تقليص عدد موظفيها، أو إعلان الرغبة في الاندماج أو الإغلاق النهائي.
وقالوا إن «تماسك أسواق المال مرهون باقتناع المستثمرين والمضاربين على السواء، إن مفردات الاقتصاد الوطني لها ما يميّزها ويدعمها في مواجهة التقلبات، خصوصاً في ظل وجود خطط استراتيجية وتنموية مستمرة، على الرغم من الأزمة المالية وما خلفته من تباطؤ وركود في كثير من الاقتصادات العالمية».
ولفتوا إلى وجود سيولة جيدة في الأسواق، لكنها تتخذ موقف «المتفرج»، بسبب الخوف والضبابية التي ترافق الكثير من الأحداث في الداخل والخارج، والتي يتعلق بعضها بإعادة هيكلة بعض الشركات أو مدى تأثر القطاع المصرفي المحلي بأزمة الديون السيادية في اليونان، على الرغم من تطمينات محافظ المصرف المركزي بأن تداعيات تلك الأزمة «غير جوهرية» على اقتصاد الإمارات.
وقال المحلل المالي في شركة «الرمز للوساطة المالية»، محسن الخطيب، إن «من مصلحة جميع الأطراف أن تكون أحجام التداولات أكبر من السائدة حالياً، وأن تمنح الأسهم فرصة لالتقاط الأنفاس، فلا يتم التداول عند التذبذبات السعرية الضيقة التي لا تتجاوز فلسين أو ثلاثة، والتي أصبحت للأسف ثقافة أغلبية المتعاملين بالسوق».
وأوضح أن «الوضع الحالي للمستثمرين والمضاربين يغلب عليه الخوف في ظل وجود سيولة متحفظة تفضل اتخاذ موقف المتفرج أو المراقب بسبب توالي الأحداث المؤثرة، مثل أزمة ديون مجموعة دبي العالمية، التي أخذت وقتاً حتى هدأت، وتم التوصل لاتفاق مع الدائنين أخيراً، أما عالمياً فقد ألقت الديون السيادية لليونان بظلالها على الأسواق العالمية، ومنها أسواقنا المحلية».
وأضاف الخطيب أن «هناك مخاوف جادة من تسرب أزمة الديون السيادية باليونان إلى الاقتصاد العالمي، ما يعني زيادة كلفة الائتمان، وبالتالي تباطؤ في النمو الاقتصادي بما يؤدي إلى خفض أسعار النفط والعملات، إضافة مطالبات بعض الدول بفرض رقابة على الأسواق، فهذه كلها عوامل تثير قلق المستثمر المحلي الذي أصبحت لدية تجارب تاريخية غير جيدة من وراء استثماره بالأسهم».
وتابع «على الرغم من ذلك، هناك بيانات أساسية قوية ومؤشرات أداء الشركات للربع الأول تظهر أن الاقتصاد الوطني بخير ويبقى أن يقتنع المستثمرون بذلك».
من جانبه، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشماع، إن «شريحة المضاربين هم الفئة المستفيدة من التذبذب الضيق لأسعار الأسهم»، مشيراً إلى أن «كميات كبيرة من الأسهم تعرض للبيع بمجرد ارتفاع السعر فلساً واحداً أو اثنين».
وأوضح أن «عرض كميات كبيرة من سهم معين عند الارتفاعات الزهيدة في الأسعار يؤثر سلباً في نفسية المستثمرين ويوحي بأن هناك رغبة في التخلص من الأسهم، ما يجعل قرار البيع والشراء عشوائي، في الوقت الذي يفترض أن يبنى على خلفية معلوماتية بعيدة عن الجانب العاطفي».
وأضاف الشماع أن «انتهاء حالة الركود التي غالباً ما تصاحب المسار الأفقي للسوق تحدث عندما يقتنع المستثمرون أن أملهم لن يخيب باستمرار الارتداد فيتمسكوا بأسهمهم ويبتعدوا عن البيع العشوائي».
وفي سياق متصل، قال مدير عام إحدى شركات الوساطـة الماليـة، طلب عدم نشر اسمه، إن «مكاتب الوساطة تضررت كثيراً جرّاء تواصل البيع عند الهوامش السعرية الضيقة، حتى وصل الأمر بأن أصبح أكثر من ثلثيها يعاني من عدم قدرة العائد على تغطية التكاليف التشغيلية، وباتت هناك رغبة لدى الكثير من أصحابها في الانضواء تحت مظلة أحد المكاتب الـ10 الكبار، التي تستحوذ على حصة الأكبر من التداولات اليومية، وبالتالي تستطيع تأمين أرباح معقولة تمكنها من الاستمرار».
وأضاف أن «هناك أهمية لأن يتم إعادة النظر في نسب العمولة التي تحصلها المكاتب، والتي تم تخفيضها أكثر من مرة أيام فورة الأسواق، لأن ذلك قلل كثيراً من الأرباح وأعطى المضاربين فرصة للسيطرة على السوق».