خـبراء: الأسهـم فرصـة استثمارية ممتـازة على المـدى المتـوســـط
أكد محللان ماليان أن التراجعات الحادة التي شهدتها أسواق الأسهم المحلية أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء الماضية كان يمكن أن تعتبر طبيعية لو أن التراجع حدث بسبب قيام الأجانب غير العرب بالبيع، لكن الأمر لم يكن كذلك، حيث كان صافي مشتريات الأجانب، بمن فيهم العرب، نحو 21.2 مليون درهم حتى يوم الأربعاء في سوق دبي المالي، الذي كان الأكثر تراجعاً، فيما اقتصرت مبيعاتهم على أقل من 40 مليوناً في سوق أبوظبي.
وقالا إن من قام بالبيع هم مواطنون، وعلى الأغلب أفراد وليسوا مؤسسـات، وقاموا بعمليات بيع اضطراري للأسهم نتيجة لضغوط مارستها بنوك عليهم، عازيين مثل هذه الضغوط إلى تخوف البنوك من احتمال تعرضها لأزمة سيولة مدفوعة بعاملين، الأول هو تأخر سداد مستحقات لهذه البنوك على الغير، والثاني عدم وجود مصادر تمويل محلية ودولية.
وأشار المحللان إلى أن الأسعار الحالية لكثير من الأسهم المدرجة لم يكن يتوقعها أحد قبل أسبوعين، لافتَين إلى أنها أصبحت تمثل فرصاً استثمارية ممتازة على المدى المتوسط.
أسوأ أسبوع
وتفصيلا قال الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية»، محمد علي ياسين إن «أسواق الأسهم المحلية عاشت أسوأ أسابيعها أداءً، إذ انخفض المؤشر العام بنسبة تقارب 16٪، وفقدت الأسواق كل مكاسبها السعرية التي حققتها خلال عام ،2009 بل وعادت إلى المنطقة الحمراء بنسبة طفيفة».
وأضاف «على الرغم من تحقيق الأسواق ارتداداً جيداً يوم الخميس، خصوصاً في سوق دبي المالي بارتفاع نسبته 7٪ في تلك الجلسة، إلا أن نسبة التذبذبات العالية تعطي إشارات إلى عدم استقرار نفسية المستثمرين وقلقهم المستمر من الآثار السلبية لأزمة بعض شركات مجموعة دبي العالمية».
وأوضح أن «الأسواق تحتاج لانخفاض نسبة التذبذبات بشكل كبير حتى تبدأ بجلب الاستثمار المتوسط إلى الطويل الأجل الذي يجلب معه استقراراً أكبر في التحركات السعرية للأسهم».
لافتاً إلى أن «المستثمرين استقبلوا خبر إلغاء عملية الاندماج ما بين شركة (إعمار العقارية) والشركات العقارية التابعة لشركة (دبي القابضة) بارتياح نسبي ساعد على إغلاق سعر السهم مرتفعاً عند الحد الأقصى 2.94 درهم، بعد أن كان قد وصل إلى الحد الأدنى 2.32 درهم في بداية جلسة الخميس، وهو الأمر الذي يظهر قدرة الأسواق على أن تعكس خسائرها وتحولها إلى أرباح بمجرد صدور أخبار إيجابية في مصلحة الشركات المساهمة المدرجة فيها».
وأشار ياسين إلى أن «الأسعار الحالية لكثير من الأسهم المدرجة لم يكن يتوقعها أحد قبل أسبوعين، وهي تمثل فرصاً استثمارية ممتازة على المدى المتوسط، لأنه بمجرد وضوح النتائج الإيجابية لمفاوضات إعادة جدولة ديون بعض الشركات التابعة لمجموعة دبي العالمية والبنوك الدائنة لها ستزول الضغوط البيعية في الأسواق وتعود القوة الشرائية للتغلب عليها، ما سيسمح بحركة تداولات طبيعية ومستقرة بشكل أكبر مما تمر به الأسواق حالياً».
مفاجآت
من جهته، قال المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشمّاع، إن «تداولات الأسبوع بدأت على ارتفاع فاجأ الجميع، كونه لم يكن متوقعاً، وتلا التهويل الإعلامي الغربي الذي أعقب طلب تأجيل سداد مستحقات على «دبي العالمية» لمدة ستة أشهر».
وأضاف أن «الأسواق فاجأت المتعاملين مرة أخرى في بقية أيام الأسبوع بتراجعات قوية لا تتناسب مع الارتفاعات التي حدثت في يوم الأحد، وفي آخر أيام الأسبوع تنفست الأسواق الصعداء مستبشرة بخبر عدم إتمام صفقة (دبي القابضة) مع (إعمار) التي قادت السوق نحو الارتفاع بعد صراع مع قوى البيع، التي ظلت تأخذ السوق في تقلبات، حتى استقرت في نهاية الأمر بانتصار إرادة التفاؤل».
وتابع الشماع أن «تراجعات أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء كان يمكن أن تعتبر طبيعية لو أن التراجع حدث بسبب قيام الأجانب غير العرب، خصوصاً المؤسسات، بالبيع؛ لكن الأمر لم يكن كذلك، حيث كان صافي مشتريات الأجانب، بمن فيهم العرب نحو 21.2 درهم حتى يوم الأربعاء في سوق دبي المالي، الذي كان الأكثر تراجعاً، فيما اقتصرت مبيعاتهم على أقل من 40 مليوناً في سوق أبوظبي، أي أن من قام بالبيع هم مواطنون وعلى الأغلب من الأفراد، وليسوا من المؤسسات».
وعن كيفية تفسير المفارقات التي سادت الأسواق حتى يوم الخميس، عندما غيرت أخبار عدم إتمام عملية اندماج «دبي القابضة» و«إعمار» الاتجاه الهبوطي، أوضح الشماع أن «هذه المفارقات المتمثلة بارتفاع في أول يوم تداول يعقبه تراجعات قوية، لا يقف وراءها أجانب ولا مؤسسات وطنية، خصوصاً أن التراجع كان ظاهرة عمّت الأسواق الخليجية كافة».
ضغوط بيع
وعـزا الشماع تواصل عمليات البيع أياماً متتالية عدة، والتي دفعت أسعار الأسهم القيادية إلى الهبوط للحدود الدنيا في كل الجلسات تقريباً، إلى «حدوث بيع اضطراري لا يضع في اعتباره الربح أو الخسارة».
واستطرد «مثل هذا البيع الاضطراري من مواطنين لابد أن يكون نتيجة لضغوط مارستها بنوك عليهم، ومثل هذه الضغوط قد تكون ناجمة عن شعور البنوك بأنها ستتعرض لأزمة سيولة سببها عاملان اثنان، الأول يتمثل في تأخر سداد المستحقات لهذه البنوك على الغير، والثاني في عدم وجود مصادر تمويل محلية ودولية».
وقال الشماع «على الرغم من أن مصرف الإمارات المركزي وضع تحت تصرف المصارف سيولة وتسهيلات مرتبطة بودائع البنوك لدى المركزي، فإن البنوك ربما تكون فضلت وفقاً لتوقعاتها بشأن السيولة المستقبلية استرجاع سيولة من الزبائن»، عازياً ذلك إلى «توقع البنوك تزايد حالة العسر المالي لديها بسبب تأخر متوقع لسداد التزامات مستحقة على الشركات، الأمر الذي ينطبق أيضاً على أسواق الخليج الأخرى، حيث ان توقع تأخر تسديد التزامات مستحقة، أجج، منذ أن أعلنت دبي العالمية عن طلبها تأخير تسديد التزامات عليها لمدة ستة أشهر، مخاوف البنوك من إمكانية حدوث نقص حاد في التدفقات النقدية لديها».
وأضاف أن «الأسواق لم تتأثر بما سمي (أزمة ديون دبي)، وإنما هي في حال ترقب لما يمكن أن يحدث في حال تأخر حكومة دبي في تسديد التزامات محلية مستحقة بمليارات الدراهم، وهو ما قد يدفع البنوك إلى سباق مع الزمن لجمع أكبر ما يمكن من السيولة لمواجهة النقص المحتمل في التدفقات النقدية، قبل أن تتفاقم أزمة السيولة وتدخل في دورة تنازلية».
وسوغ الشماع طلب البنوك جمع السيولة من المَدينين في هذا الوقت الذي طلبت فيه «دبي العالمية» تأجيل السداد لمدة ستة أشهر بأن «المصارف الخليجية تلقت معلومات تفيد بتوقف مصادر التمويل الدولي عن الإقراض لدول الخليج، بعد أن أدى تعثر مجموعتي (السعد) و(القصيبي) المنكشفتين على مصارف محلية وأجنبية بما يزيد على 22 مليار دولار إلى تراجع الثقة، التي اهتزت مجدداً بعد طلب (دبي العالمية) تأجيل سداد التزاماتها لمدة ستة أشهر».