ارتباط أداء الأسواق المحلية بالبورصات العالمية ظهـر جلياً خلال الأسبوع الماضي. تصوير: إيرك أرازاس

الأسواق المحلية تتجاهل المعطيات الإيجابية وتواصل الهبوط

واصلت أسواق الأسهم المحلية السير على نهج البورصات العالمية من حيث تماثل الأداء، بعيداً عن العوامل والمستجدات المحلية التي كان معظمها إيجابياً.

وبحسب محللين، فإن تتبع أداء البورصات العالمية أدى إلى عمليات بيع عشوائية للأسهم ناجمة عن مخاوف لدى المستثمرين من استمرار التراجع في المؤشرات السعرية لمجرد تراجع المؤشرات الأميركية أو الأوروبية، مشيرين إلى أن ارتباط الأداء يعد أمراً غير منطقي لأسباب عدة، أهمها اختلاف تقييم الأسهم المحلية كلية عن الأسواق العالمية، إذ أن أسهم الأسواق الإماراتية هي الأرخص على الإطلاق من بين تسعة أسواق رئيسة في العالم، وأيضاً من بين الأسواق المماثلة في المنطقة.

الدولار وتبعية الأسواق

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع إن «أسواق الأسهم المحلية واصلت السير على نهج تطابق الأداء مع البورصات العالمية، إذ انزلقت في أول أيام الأسبوع وراء موجة التصحيح العنيفة للأسواق العالمية».

وأضاف «في يوم الإثنين تتبعت الأسواق المحلية أداء الأسواق الأميركية وارتفعت بنسب تقارب نسبة انخفاض اليوم السابق، وذلك إثر صدور أخبار سلبية أسهمت في تراجع الدولار وعودة المستثمرين للدخول إلى أسواق الأسهم، ما قاد إلى ارتفاعها في جلسة الإثنين».

وتابع الشماع «بات واضحاً أن أي ارتفاع في أسعار النفط مرده إلى انخفاض الدولار، وهذا الأخير يتراجع مع البيانات الاقتصادية السلبية، التي تعني بقاء أسعار الفائدة والسياسة النقدية المنفتحة والمتساهلة مستمرة»، مشيراً إلى أنه «مع توقع تراجع الدولار، فإن المستثمرين يفضلون السلع والأسهم والذهب ويتخلون عن الدولار، الذي يتراجع على وقع دخولهم إلى الأسواق المختلفة».

وأكمل أن «الأسواق الإماراتية افتتحت في جلسة الثلاثاء على تقلب وحيرة ولم تتراجع إلا بعد افتتاح الأسواق الأوروبية التي حسمت الحيرة والتردد بين الأداء الجيد للأسواق الأميركية في جلسة الاثنين، والأداء السيئ للأسواق الآسيوية التي افتتحت على تراجع كبير صباح الثلاثاء، حيث فقدت ما حققته من ارتفاعات في اليوم السابق».

موضحاً أن «الحال انعكس تماماً في جلسة الأربعاء، حيث كانت الأسواق الأميركية أغلقت على ارتفاع مساء الثلاثاء والأسواق الآسيوية افتتحت على ارتفاع صباح الأربعاء، فتواصل ارتفاع الأسواق المحلية وتعزز بعد افتتاح الأسواق الأوروبية على ارتفاع».

تماثل غير منطقي

ورفض الشماع الآراء التي تؤكد منطقية وموضوعية تماثل أداء الأسواق المحلية والأسواق العالمية، عازياً ذلك إلى أن «تقييم الأسهم المحلية مختلف كلية عن الأسواق العالمية، فأسعار الأسهم في أسواق الإمارات هي الأرخص على الإطلاق من بين تسعة أسواق رئيسة في العالم، وأيضاً من بين الأسواق المماثلة في المنطقة».

وأوضح أن «المؤشرات الإحصائية تثبت أيضاً عدم منطقية تماثل الأداء، فعند قياس معامل الارتباط بين التغير الأسبوعي لمؤشر (داو جونز) الأميركي مع التغير الأسبوعي لصافي حركة الأجانب غير العرب في سوقي دبي وأبوظبي لن نجد سوى علاقة موجبة ضعيفة جداً لا تتجاوز ،0.016 وهي تعني أن صافي حركة الأجانب غير العرب لا يرتبط بتغير مؤشرات الأسواق العالمية».

واستطرد «وعلى العكس من ذلك توجد علاقة إحصائية أقوى بين صافي حركة الأجانب الأسبوعية والتغير الأسبوعي لمؤشر سوق الإمارات، وهو ما يعني أن حركة الأجانب غير العرب ترتبط بمؤشر السوق الإماراتية بأكثر من ارتباطها بمؤشر السوق الأميركية».

وأكد الشماع أنه «لا يوجد تأثير مباشر للمستجدات العالمية على اقتصاد الدولة يبرر ارتباط أداء أسواق الأسهم المحلية مع البورصات العالمية سوى من خلال أسعار النفط».

ولفت إلى أن «أسعار النفط على الرغم من أنها تؤثر في مجمل الأداء الاقتصادي للدولة من خلال توفير التمويل الحكومي الداعم للأنشطة الاقتصادية، وبما يؤدي إلى تحسين بيئة الأعمال التي تصب في النهاية في أداء الشركات المدرجة في الأسواق، إلا أن هذا التأثير لا يمكن أن يظهر بشكل فوري بحيث يؤدي إلى تماثل في أداء الأسواق المحلية مع العالمية».

وبين أن «هذا الارتباط لا توجد مبررات حقيقية لحدوثه، وهو مجرد حالة نفسية تعمقت بعد الأزمة المالية العالمية التي أظهرت المعنى التطبيقي والعملي للعولمة المالية».

تطورات عالمية

أما الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في «الإمارات دبي الوطني»، غاري دوغان، فقال: إن «التطوّرات العالمية أدّت إلى تراجع أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام».

وأضاف أن «تراجع مؤشرات أسواق الأسهم الإماراتية جاء على الرغم من الأخبار المحليّة الجيدة والمستمرّة، وأهمها تفوق نتائج الشركات بشكلٍ عام على التوقّعات، خصوصاً «إعمار»، التي حققت عائداً صافياً بقيمة 655 مليون درهم، متفوّقةً بذلك على تقديرات السوق التي بلغت 360 مليون درهم».

وتوقع دوغان أن يشهد الأسبوع المقبل مزيداً من الاهتمام العالمي بأسواق دبي بعد وجود عدد من شركات دبي في نيويورك في عرضٍ متنقّل، شارك في استضافته سوقا «دبي المالي» و«ناسداك دبي».

وأشار إلى أن «الاهتمام العالمي المتنامي بأسواق الشرق الأوسط ظهر واضحاً في النجاح الذي حقّقه طرح شريحتين من صكوك حكومة دبي أخيراً، إذ بلغت محصلة الاكتتاب في الإصدارين نحو 6.55 مليارات دولار (24 مليار درهم)، وهو ما يمثل أضعاف المبلغ المطلوب جمعه، حيث إن حكومة دبي حدّدت سعر إصدار الصكوك المقوّمة بالدولار بقيمة 1.25 مليار دولار (4.6 مليارات درهم) عند معدّل 6.39٪، والصكوك المقوّمة بالدرهم بقيمة 2.5 مليار درهم، عند معدّل 5.65٪»، وبمجموع يزيد قليلاً على سبعة مليارات درهم.

 

بيع عشوائي

ذكر التقرير الأسبوعي لشركة «شعاع للأوراق المالية» أن «الأسبوع المنقضي شهد مزيداً من التراجع نتيجة استمرار عملية التصحيح التي ظهرت بوادرها منذ أسبوعين، ليتعمق تأثيرها نتيجة لعمليات البيع العشوائي الناتجة عن مخاوف لدى المستثمرين من استمرار التراجع في المؤشرات السعرية».

وقال التقرير إن «عمليات البيع اليومية السريعة لجني الأرباح من جانب المضاربين اليوميين أدت إلى عدم الاستقرار في التداولات على مدار الأسبوع الماضي، وأدت إلى انخفاض المؤشرات السعرية الرئيسة».

وانخفض مؤشر سوق الإمارات المالي الصادر عن هيئة الأوراق المالية والسلع 115 نقطة بنسبة 3.6٪ ليغلق على مستوى 3046 نقطة، كما فقد مؤشر سوق دبي المالي 100 نقطة على مدار الأسبوع بنسبة 4.6٪ ويغلق على 2097 نقطة، وطال التراجع مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية الذي خسر 103 نقاط بنسبة 3.4٪ مع انخفاض في قيم التداول المجمع بنسبة 21.9٪.

وتابع التقرير «نتيجة للأخبار السلبية التي ظهرت خلال الأسبوع في الأسواق العالمية، فقد أظهر صافي الاستثمار الأجنبي في الأسواق المحلية حصيلة تداول سلبي بمبلغ 229 مليون درهم، وقابل ذلك تنامي الاستثمار المحلي نتيجة ثقة المستثمرين بقوة الارتداد المنتظر بعد استكمال إعلان البيانات المالية للشركات عن الربع الثالث للعام الجاري».

وأكد أن «الأسواق المحلية أظهرت مزيداً من القوة والتماسك، على الرغم من التراجع الحادث، لتثبت الأسهم القيادية قدرتها على إحداث ارتدادات جيدة، مثلما حدث في جلسة الإثنين الماضي، نتيجة ظهور مزيد من أخبار الشركات المحلية للربع الثالث، والتي تبشر بنتائج مالية سنوية جيدة».

الأكثر مشاركة