نتائج «إعمار» الإيـجابية تفوق توقعات المستثمرين
فاجأت شركة «إعمار العقارية» المتعاملين في أسواق الأسهم المحلية بإعلان نتائج أعمال إيجابية عن الربع الثالث بعد نهاية تداولات الخميس الماضي.
واعتبر محلل مالي أن نتائج شركة «إعمار العقارية» فاقت توقعات المستثمرين، وأنها تؤشر لمرحلة مقبلة تعتمد على توقعات نتائج الشركات للربع الرابع لتعيد جذب السيولة من جديد إلى الأسواق المحلية، ولتبدأ معها موجة صعود جديدة.
إلى ذلك، عزا محلل آخر هدوء تداولات الأسبوع المنقضي وتراجع أسعار الأسهم إلى التفاعل مع الأسواق العالمية، التي كان لابدّ أن تأخذ استراحةً بعد الارتفاعات السريعة التي شهدتها.
وقال محلل ثالث إن الأجانب غير العرب لم يضيفوا أية سيولة جديدة إلى الأسواق المحلية طوال الشهر الجاري وحتى يوم الأربعاء الماضي، وإنما سحبوا منها 55 مليون دولار (202 مليون درهم)، وأدت موجة المضاربات القوية التي قادوها في الثلاثة أيام الأولى من الأسبوع إلى ارتداد السوق في بعض الجلسات، فيما بقيت على تراجعها في معظم أيام الأسبوع.
مفاجأة
وتفصيلاً، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية» محمــد علي ياسين، أن «أسواق المال المحلية شهدت انخفاضاً ملحوظاً في مؤشراتها السعرية وفي أحجام التداولات للأسواق، وخصوصاً نهاية الأسبوع المنقضي، حيث اقتربت المؤشرات الرئيسة من نقاط دعم مهمة، نتمنى ألا تكسرها الأسبوع المقبل».
وقال «بدا واضحاً تأثر الأسواق المحلية بالانسحاب التدريجي للاستثمار الأجنبي خلال الأسبوعين الماضيين، حيث انخفضت أحجام التداولات اليومية بشكل كبير نهاية الأسبوع لتقارب مليار درهم مقارنة بمعدل ملياري درهم للأسبوع الذي سبقه».
وأضاف أن «شركة «إعمار» فاجأت السوق بنتائجها الإيجابية للربع الثالث، حيث تحول سعر سهم الشركة القيادي في سوق دبي المالي ليغلق مرتفعاً إلى سعر 4.61 دراهم، بعد أن كان قد وصل إلى سعر 4.45 دراهم، ليعكس ذلك تجاوز النتائج لتوقعات المستثمرين في مستوى الأرباح التي تحققت خلال هذا الربع والتي وصلت إلى 655 مليون درهم».
واستطرد «نتمنى أن يساعد هذا الارتداد على سعر سهم شركة «إعمار العقارية» معدلات التداول في الأسواق على الاستقرار عند مستوياتها الحالية وحتى الانتهاء من موسم إعلانات الشركات لنتائجها المالية، ومن ثم بدء مرحلة جديدة تعتمد على توقعات نتائج الشركات للربع الرابع وتعيد جذب السيولة من جديد إلى الأسواق المحلية، ولتبدأ معها موجة صعود جديدة».
مفترق طرق
من جهته، قال الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في «الإمارات دبي الوطني»، غاري دوغان إن «الأسواق المالية العالمية وصلت في الأسبوع الماضي إلى مفترق طرق، ولم تؤكد الاتجاه الذي يمكن أن تسلكه».
وأضاف «على الرغم من أن الكثير من البيانات الاقتصادية تشير إلى نمو اقتصادي، وأن نتائج أعمال الشركات فاقت التوقّعات، فإن الأسواق كان لابدّ أن تأخذ استراحةً بعد الارتفاع السريع الذي شهدته».
وأكد أن «النتائج الضعيفة التي صدرت عن «بنك أوف أميركا» و«جنرال إليكتريك» و«سيتي غروب» إلى جانب تقرير ثقة المستهلك الأميركي الضعيفة، كلّها أسباب دفعت الأسواق إلى التراجع في نهاية الأسبوع»، لافتاً إلى أن «أسواق الأسهم العالمية شهدت مبالغةً في الشراء وكانت بحاجة إلى استراحة، بعد أن تحسّنت بشكلٍ ملحوظ على إثر حركة تراجعها الأخيرة».
وعن أوضاع أسواق الأسهم في دبي، قال دوغان «بدت الرياح المعاكسة واضحةً في التقارير الأخيرة الصادرة عن «كولييه انترناشيونال» والمتعلّقة بالقطاع العقاري، وعن «ستاندرد أند بورز» حول تحدّي الديون التي يجب تسديدها خلال السنوات القليلة المقبلة».
ووفقاً لتقرير «ستاندرد أند بورز» يجب على الهيئات المرتبطة بحكومة دبي أن تسدّد ديوناً بقيمة 50 مليار دولار أميركي خلال السنوات الثلاث المقبلة، فيما أشار تقرير شركة «كولييه انترناشيونال» إلى أنّ ثلاثة أرباع شركات تطوير العقارات تتوقّع أن تتراجع أسعار العقارات أكثر فأكثر على المدى القريب.
وأكد دوغان أنه «إذا كان سعر النفط سيرتفع خلال العام المقبل، وإن كانت السيولة ستبقى متوافرة بكثرة، فإنّ الدين بقيمة 50 مليار دولار لا يطرح مشكلة لا يمكن معالجتها.
تصحيح
وقال المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية» الدكتور همام الشمّاع «تعرضت الأسواق خلال الأسبوع المنقضي لموجة تصحيح تخللتها مضاربات قوية في معظم الجلسات، وأدت إلى ارتداد المؤشر في بعض الفترات، وإلى تفاوت في أداء السوقين خلال جلسات عدة».
وأضاف أن «الأجانب غير العرب قادوا موجة مضاربات في الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع، وكانت الأشد منذ 28 يوليو الماضي، وأدت هذه المضاربات القوية إلى ارتداد السوق في بعض الجلسات، فيما بقيت على تراجعها في معظم أيام الأسبوع».
وتابع «مع أن الأجانب غير العرب لم يضيفوا أية سيولة جديدة إلى الأسواق في الشهر الجاري وحتى يوم الأربعاء، وإنما على العكس حيث سحبوا منها 55 مليون دولار، فقد استمرت الأسواق باتجاهها الصعودي، حيث ارتفعت بنسبة 1.5٪ للفترة نفسها».
وأكمل «هذا يعني أن الارتفاعات القوية التي شهدتها الأسواق خلال أكتوبر، والتي زادت على 10٪، والتي بلغت صافي مشتريات الأجانب غير العرب فيها ما يزيد على 1.4 مليار درهم، لم تكن فقط نتيجة السيولة القوية الكبيرة التي أدخلها الأجانب للأسواق، وإنما أيضاً نتيجة لعوامل أخرى على رأسها ارتفاع أسعار النفط وما يترتب عليه من تحسن مستويات السيولة في الاقتصاد».
وأكد الشماع أن «العلاقة بين أسعار النفط الخام عالمياً وبين مؤشر سوق الإمارات علاقة طردية إيجابية، بمعنى أن كل ارتفاع بنسبة 1٪ في أسعار النفط (مع ثبات العوامل الأخرى) تسهم في ارتفاع بنسبة 0.16٪ في مؤشر سوق الإمارات».
ولفت إلى أن «احتساب هذه النسبة جاء على أساس الإقفال الأسبوعي لأسعار النفط وسوق الأسهم الإماراتية وللفترة من بداية 2008 وحتى إقفال الأسبوع الماضي، وهذه العلاقة قد لا تكون فورية الانعكاس بصورة يومية، لكنها مؤثرة بصورة إجمالية على المستوى الأسبوعي».
وأوضح أن «القول بوجود علاقة ثابتة بين ارتفاع أسعار النفط وبين مؤشر السوق لا يعني أن السوق سترتفع فور ارتفاع أسعار النفط، إذ إن النفط ليس سوى واحد من عوامل عدة تؤثر في أداء الأسواق»، مبيناً أن «مزاجية المستثمرين ومعنوياتهم قد تكون متراجعة لأسباب مختلفة في أوقات تكون أسعار النفط فيها مرتفعة».
تحسن
وذكر الشماع أن «ارتفاع أسعار النفط يحسن السيولة لدى الجهاز المصرفي، ما ينعكس على ارتفاع القروض والسلف التي تؤثر إيجابياً في أسواق الأسهم».
يشار إلى أن حجم القروض والسلف ارتفع بصورة مضطردة خلال الأشهر الماضية ليصل إلى 1020.7 مليار درهم، ارتفاعاً من 956.7 مليار درهم، وبمتوسط زيادة شهرية قدرها 5.3 مليارات درهم شهرياً خلال الـ12 شهراً الماضية.
وذكر الشماع أنه «لا شك أن ارتفاع أسعار النفط مرتبط بتراجع الدولار، الذي ينعكس على المستوى العام للأسعار بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وكنتيجة لذلك، فإن الرقم القياسي لأسعار المستهلك يرتفع مشيراً إلى تزايد التضخم».
وأوضح أنه «بما أن التضخم يدفع نحو ارتفاع أسعار الأسهم التي تصبح أرخص على الأقل أمام المستثمرين الأجانب، وخصوصاً ممن يتعاملون بالعملات الأخرى غير الدولار، فإنه سيكون من المتوقع أن يتزايد دخول الأجانب كما يتزايد دخول المستثمرين المحليين على الأسهم التي تزداد رخصاً بسبب التضخم».
وأشار إلى أن «العلاقات الاقتصادية بين المعطيات الأساسية وهي النفط، القروض والسلفيات، أسعار الصرف والتضخم وأخيراً دخول الأجانب وصافي تعاملاتهم، هي علاقات مترابطة بشكل وثيق».
مفسراَ ذلك بأن «ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى زيادة السيولة، كما أن ارتفاع أسعار النفط يعني ارتفاع مستويات التضخم وتراجع سعر الصرف للعملة الإماراتية المرتبطة بالدولار، الذي يتزامن تراجعه مع ارتفاع أسعار النفط، في حين أن تراجع سعر صرف العملة الإماراتية يجعل الأسهم المحلية رخيصة في نظر المستثمرين الأجانب ويزيد من صافي الدخول لاقتنائها».
وأشار إلى أنه «هكذا تجتمع العوامل التي سترفع من سوق الإمارات في المدى القريب المنظور، بعد أن تنقشع موجة التشاؤم التي ولدتها توقعات الأرباح في الدول الغربية، وبعد أن تبدأ إفصاحات الشركات الإماراتية في الظهور، وخصوصاً في دبي، لتؤكد سرعة التعافي الذي شهده اقتصاد الدولة».