المرحلة الحالية تشهد تبايناً كبيراً في قرارات المستثمرين من جلسة إلى أخرى. تصوير: زافيير ويلسون

التداول الإلكتروني يقضي على تسريبات الوســــــــــطاء

قال محللان ماليان إن عمليات تدوير الأسهم التي قام بها مستثمرون أجانب في الأسبوع المنقضي أدت إلى تذبذب مؤشرات أسواق المال، لكنها رفعت معدلات التداول الأسبوعية إلى مستويات غير مسبوقة هذا العام، إذ جاوزت قيمة التداولات 10 مليارات درهم.

ويقصد بعمليات التدوير بيع كمية معينة من الأسهم عند السعر الأعلى وإعادة شراء الكمية ذاتها عند أدنى سعر ممكن.

وأضافوا أن دخول الأجانب وخروجهم من أسهم منتقاة، سحب معه مضاربين أفراداً ومؤسسات محلية انساقوا وراء خروج ودخول الأجانب بناء على تسريبات من وسطاء، وأكدوا أن مثل هذه العمليات حدت من الارتفاعات المتوقعة لأسواق الأسهم المحلية رغم تحسن أداء اقتصاد الدولة بشكل كبير وتخلصه من كثير من آثار وانعكاسات الأزمة المالية العالمية، لافتين إلى ضرورة تحول كبار المتداولين المواطنين أو الأجانب إلى التداول الإلكتروني الذي يضمن السرية التامة للتداولات، بحيث تتم بمعزل عن شركة الوساطة ووسطائها، ما يقلل لحد كبير السلوك الاستباقي المبني على تسريبات غير موضوعية تحد من أرباح المضاربة ومن ارتفاعات الأسواق.

وقال المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشمّاع، إن «أداء السوق تميز بعمليات التدوير المستمرة من خلال البيع عند السعر الأعلى وإعادة الشراء من السعر الأدنى، والتي مارسها الأجانب غير العرب وشاركهم فيها مستثمرون محليون بتأثير من السلوك الجمعي، ما رفع من قيمة التداولات إلى مستويات غير مسبوقة لهذا العام تجاوزت 10 مليارات درهم».

وأوضح أن «عمليات المضاربة والتدوير هذه يمكن التعبير عنها وقياسها من خلال تراجع نسبة صافي عمليات الأجانب غير العرب أو صافي حركتهم ـ سواء كانت سالبة أم موجبة ـ منسوبة إلى مجموع تداولاتهم بيعاً وشراء، فقد تراجعت هذه النسبة في كلا السوقين إلى 5٪ من 13٪ في الأسبوع السابق، ومن 15٪ خلال الربع الثالث بأكمله».

واعتبر الشماع أن «عمليات التدوير التي قام بها الأجانب غير العرب كانت واضحة في سوق دبي بصورة خاصة، وأدت إلى تذبذب المؤشر العام مرات عدة في الجلسة الواحدة، فيما تذبذب سوق أبوظبي ارتفاعاً وانخفاضاً في جلسات متعاقبة».

اهتمام عالمي
اعتبر الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في «الإمارات دبي الوطني»، غاري دوغان، أن زيادة أحجام التداول في أسواق الأسهم المحلية يؤشر إلى أنّ المزيد من المستثمرين مقتنعون بأن ارتفاع الأسعار له عوامل مسببة أساسية.

وقال «شهدت أسواق الإمارات كذلك اهتماماً من قبل المستثمرين العالميين الذين يرغبون في تنويع قطاعات استثماراتهم في السوق النامية، بعيداً عن الأسواق التي حقّقت نتائج جيدة خلال الربع الأوّل من عام .2009

وأكد أن «حدوث استقرار نسبي في الأسعار لفترة يعد أفضل لتعزيز الأرباح المحققة».

متوقعاً أن تواصل أسواق الأسهم الإماراتية الارتفاع في حال ما إذا تابعت أسواق الأسهم العالمية الازدهار بفضل الأخبار الجيدة من الولايات المتحدة».

وعزا التذبذب إلى «تقلب دخول الأجانب وخروجهم من أسهم منتقاة يسحب معه مضاربين أفراداً ومؤسسات ينساقون وراء خروج الأجانب ودخولهم بناء على تسريبات تصلهم من وسطاء على قرب من حركة الأجانب».

واستشهد على ذلك بما حدث في أول يومين من الأسبوع، إذ خرج الأجانب غير العرب بما قيمته أكثر من 81 مليون درهم وتركز الخروج على «العربية للطيران» بما يصل إلى 41 مليون سهم، لكنهم عادوا في اليومين التاليين لشراء 14 مليون سهم، وكذلك الأمر بالنسبة لسهم «دريك اند سكل» الذي باعوا فيه 11.5 مليوناً ثم عادوا في اليوميين التاليين لشراء نحو سبعة ملايين سهم، وكذا «سوق دبي المالي» الذي باعوا فيه ثمانية ملايين سهم ثم قاموا بالشراء لاحقاً، لكنهم اشتروا في اليوم الأخير من الأسبوع، فيما ركزوا في دخولهم على «إعمار العقارية» حيث اشتروا أكثر من 10 ملايين سهم، وزادوها إلى 15 مليونا، ما يعني أن الأجانب اتبعوا استراتيجية المناوبة على الأسهم دخولاً وخروجا».

تحجيم الارتفاعات
وأكد الشماع أن «التذبذبات القوية في المؤشر، رغم أنها رفعت من قيمة التداول، إلا أنها حدت من الارتفاعات المتوقعة لأسواق الإمارات التي تحسن فيها أداء اقتصاد الدولة بشكل كبير وتخلص من الكثير من آثار وانعكاسات الأزمة المالية العالمية».

وأكمل «إذا كان الأجانب هم المتسببون في هذه التدويرات والتذبذبات القوية التي شهدتها السوق خلال الأسبوع، فإن هناك عوامل مساعدة تدفع باتجاه تعميق هذه التذبذبات التي قد تخدم بعض شركات الوساطة من دون أن تخدم الأسواق».

وفسر ذلك بأن «ارتفاع قيمة التداولات بسبب تدوير الأسهم ودفع المؤشر نحو التقلب ترفع من هامش العمولة التي يتقاضاها الوسيط، ولذا يكون من المحتمل أن يقوم بعض المقربين للوسطاء الذين يقومون بالتداول للأجانب بتسريب أخبار عن بيع أو شراء على عدد من الأسهم».

وبيّن أن «مثل هذا الأمر يدفع بدوره العديد من المتداولين إلى اتخاذ إجراءات استباقية بالبيع أو الشراء من هذه الأسهم وبما يعمق من التدوير والمضاربة ويحول السوق بأسرها إلى ساحة مضاربة يومية بدلاً من أن تكون سوقاً للاستثمار متوسط وطويل الأجل».

وأشار الشماع إلى أن «هذه المضاربة أكلت من حصة الارتفاعات المنتظرة للأسواق كثيراً، وقد تستمر طالما أن هناك مجالاً للتسريبات يحد أصلاً من فرص المضاربين، كما يحد من إمكانية استمرار ارتفاع السوق».

واختتم بالقول إن «تحول كبار المتداولين المواطنين أو الأجانب إلى التداول الالكتروني، الذي يضمن ـ وفق برامج محددة ـ السرية التامة لتداولات العميل بمعزل عن شركة الوساطة ووسطائها، يقلل إلى حد كبير السلوك الاستباقي المبني على تسريبات غير موضوعية تحد من أرباح المضاربة ومن ارتفاعات الأسواق».

تذبذبات سعرية
إلى ذلك، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية»، محمد علي ياسين، أن «أسواق الأسهم المحلية حققت مكاسب من حيث أحجام التداولات وارتفاع المؤشرات السعرية للأسواق مع محافظتها على معدل التداول اليومي البالغ ملياري درهم يومياً تقريبا».

وقال إن «نسبة التذبذبات السعرية ارتفعت حدتها، فبينما كان مؤشر دبي يتراجع في إحدى الجلسات 1.6٪ ويرتفع في اليوم الذي يليه بنسبة 3٪، نراه انخفض في جلسة نهاية الأسبوع 1٪ تقريباً، ما يعني تبايناً أكبر في قرارات المستثمرين في المرحلة الحالية».

وأضاف أن «التباين بدا واضحاً بتسجيل الاستثمار الأجنبي صافي بيع خلال الأسبوع الماضي لأول مرة منذ شهر أغسطس الماضي، بينما كان صافي الاستثمار المحلي والعربي إيجابياً خلال الفترة نفسها ما يدلل على أن هذا الاستثمار هو المحدد لاتجاه الأسواق الآن، كما أنه المحافظ على قوة الدفع الإيجابية فيها».

وأكد ياسين أن «هذا التحول في دور فئات المستثمرين المختلفة وتناوبهم في قيادة حركة الأسواق يعد أمراً إيجابياً في استمرار موجة التداولات الإيجابية، كونها لا تعتمد على فئة مستثمرين معينة دون الأخرى، وتعطي تأكيدات أن هذه الموجة قد تستمر حتى لو انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي على الأسواق في بعض المراحل».

ولفت إلى «انخفاض نسبة ارتباط حركة مؤشرات أسواق الأسهم المحلية اليومية مع مؤشرات الأسواق الأميركية، حيث عاكس المؤشر السعري للأسواق المحلية في ثلاث جلسات اتجاه مؤشر الأسواق الأميركية، خصوصاً في نهاية الأسبوع عندما أغلق مؤشر «داو جونز» الأميركي حاجز 10 آلاف نقطة لأول مرة منذ عام مضى».

واوضح أن «نتائج الشركات الثلاث المساهمة من القطاع البنكي التي تم إعلانها أخيراً أظهرت نمواً جيداً في إيراداتها وأرباحها الإجمالية مقارنة بالربع الثالث من العام الماضي، إلا أن ارتفاع حجم المخصصات المأخوذة أثر سلباً في صافي أرباح بعضها، لكنها مازالت قريبة من توقعات المستثمرين، وبالتالي لم تؤثر سلباً في تقييم تلك الشركات».

الأكثر مشاركة