محللون: السماح لشركات الوساطة بالتداول لحسابها يزيد نشاط الأسهم
قلل محللون وخبراء أوراق مالية من المخاوف التي انتابت المستثمرين بعد الانخفاضات التي حدثت في أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي، معتبرين أن حدوث عمليات جني الأرباح وتصحيح أسعار الأسهم ضرورة لمواصلة النمو.
وأكدوا أن الإحصاءات الرسمية تظهر أن الانخفاضات التي حدثت جاءت بسبب تعاملات بيع من قبل مستثمرين محليين، سواء المؤسسات أو الأفراد، ما ينفي المخاوف من أن يكون خروج الأجانب سبباً في فقدان السوق المكاسب التي تحققت.
وقالوا إن تراجع السوق جاء بعد ارتفاعات دامت أسابيع عدة، إذ استغل البعض نفي شركة «إعمار العقارية» مساهمتها في مشروع «مدينة المملكة» في السعودية، فرصةً للقيام بعملية بيع لجني الأرباح.
وأشاروا إلى أن هناك الكثير من العوامل التي تضمن تحسن أداء الأسواق المالية، ومنها انخفاض الفجوة في ما بين القروض والودائع، وإعلان المصرف المركزي عن إعادة هيكلة سياساته النقدية والأنظمة المصرفية والتنظيمية والإدارية والقانونية للجهاز المصرفي، ما سيزيد من درجة الثقة في الجهاز المصرفي ويشجع الاستثمار الأجنبي على التوجه نحو ضخ المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد الإماراتي وسوق الأسهم.
لافتين إلى أن إعلان هيئة الأوراق المالية والسلع عن أنظمة عدة مهمة جداً لسوق الأوراق المالية، سيدعم الاتجاه الصاعد للسوق، ومنها نظام الحفظ الأمين، وكذا السماح لشركات الوساطة بالتداول لحسابها في ظل مجموعة من الضوابط وتحت الرقابة الفعالة من جانب الهيئة، ما سيؤدي إلى زيادة قيمة التداولات في السوق خلال الفترة المقبلة.
مناسبة لجني الأرباح
وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همّام الشمّاع إن «نفي «إعمار» خبر بناء أكبر برج في العالم في السعودية بالتحالف مع شركة «المملكة القابضة» كان بمثابة «المناسبة» لجني الأرباح، ما أدى إلى تراجع مؤشر دبي بنحو 3.5٪».
وأضاف أن «طلبات الشراء التي لايزال يقودها الاستثمار الأجنبي تمكنت من تقليل الخسائر التي كادت تتحول إلى مكاسب بعد الساعة الأولى من التداولات، غير أن قيام مستثمرين أجانب غير عرب بالبيع بشكل طفيف، بعد ظهور مؤشرات وبيانات أميركية تنبئ باحتمالية تراجع الأسواق العالمية في أول يوم من تداولات الأسواق، أدى إلى معاودة عمليات البيع وجني الأرباح».
وأوضح أن «ضغوط البيع كانت بقوة أقل مما بدأتها السوق عند الافتتاح، وذلك بسبب قيام مضاربين محليين وعرب بالشراء، ما أدى إلى التخفيف من التراجع في قيمة المؤشر».
وأكمل أن «ارتفاع سعر الدولار والين الياباني، صباح يوم الاثنين، إزاء العملات ذات العائد المرتفع، أأشر إلى احتمالية تراجع مؤشرات البورصات الأميركية والآسيوية، وكذلك أسعار النفط، ما رفع المخاوف في أسواق الأسهم المحلية من أن تنتهي روح التفاؤل وتتواصل عمليات جني الأرباح».
واستطرد الشماع أن «الأسواق المحلية افتتحت بالفعل على تراجع قوي يوم الثلاثاء بسبب قوة التراجع الذي طرأ على البورصات الأميركية والآسيوية، لكن بعد أن تمكنت الأسواق الأوروبية من الافتتاح على ارتفاع، وبعد أن عاودت أسعار النفط الاتجاه الصعودي، وبدأت العملات الرئيسة تسجل ارتفاعاً أمام الدولار، خففت أسواق الأسهم المحلية خسائرها التي كانت وصلت إلى 3٪ في دبي و2.5٪ في أبوظبي، حيث تمكن سوق دبي من الإغلاق بخسارة خمس نقاط فقط شكلت نسبةأ 0.24٪ فقط، فيما تراجعت خسارة أبوظبي إلى 63 نقطة شكّلت نسبة 2.18٪».
بيع محلي.. شراء أجنبي
ولفت الشماع إلى أنه «في يوم الأربعاء افتتحت الأسواق بتردد المستثمرين في الدخول، بعد أن كانت الأسواق الأميركية قد تراجعت في جلسة الثلاثاء، إثر تصاعد مخاوف من تغير سياسات التوسع النقدي، حيث حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما طمأنت الأسواق في تصريحاته عقب جلسة التداول، ورغم ارتداد سوق دبي الطفيف في ربع الساعة الأولى، إلا أن الأسواق لم تتمكن من حسم التردد، كما أن دخول طلبات شراء على سهم «إعمار» لم يكن من القوة ليجعل سوق دبي يلحق بسوق أبوظبي الذي كان قد افتتح على ارتفاع، حيث استمر سوق دبي بالتقلب المتردد ليعمق تراجعه في الساعة الأخيرة، ويقفل على تراجع بنسبة 2.76٪».
وعزا الشماع ذلك إلى أن «عودة النفط للارتفاع لم تفلح في عكس موجة جني الأرباح التي تواصلت في كل الأسواق الخليجية، حيث تلاحظ أن من قاموا بجني الأرباح والبيع القوي في سوق دبي في الساعة الأخيرة كانوا من المواطنين، ومن المرجح أن يكونوا من المؤسساتيين».
وأشار إلى أن «تداولات الخميس التي افتتحت على تراجع قوي بلغ في سوق دبي أكثر من 1٪ في نصف الساعة الأولى، تؤكد وجود ضغوط بيع قوية من مؤسسات محلية، قابلها شراء من مؤسسات أجنبية على الأسهم العقارية «ديار» و«أرابتك» و«دريك اند سكل» و«إعمار»، إضافة إلى سهم سوق دبي المالي، حيث بلغت قيمة تداولات على هذه الأسهم 152 مليوناً قبل انتهاء الساعة الأولى، لتشكل نسبة تزيد على 65٪ من إجمالي قيمة التداول، ما يرجح أن تكون هذه التداولات لمؤسسات محلية تبيع وأجنبية تشتري».
واختتم الشماع بالقول إن «قوة ضغوط البيع من المؤسسات دفع الأفراد في دبي أيضاً إلى ركوب موجة جني الأرباح والبيع على أمل إعادة الشراء من الأسفل، وتكررت الظاهرة نفسها مع المؤسسات في أبوظبي ما شكل سبباً مهماً في دفع السوقين نحو التراجع يوم الخميس، وأعاد لسوق دبي تراجعه الذي تعمق بعد الساعة الأولى ليغلق على تراجع بنسبة 3.12٪، وليغلق سوق أبوظبي على تراجع بنسبة 2.25 ٪».
ظاهرة صحية
من جهته، اعتبر مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية» الدكتور محمد عفيفي، أن «تراجع أسواق الأسهم المحلية بعد (ماراثون) من الارتفاعات استمر أربعة أسابيع متتالية، يعد ظاهرة صحية، وفقاً لمعطيات التحليل الفني، كما أن التراجعات كانت متوقعة بعد ارتفاع مؤشر سوق الإمارات بنسبة تزيد على 15٪ منذ الأسبوع الأخير من شهر مايو».
وقال إن «السوق الإماراتية لاتزال رغم تحولها خلال الأسبوع الماضي إلى الاتجاه الهابط، محتفظة بما نسبته 79.6٪ من إجمالي الأرباح التي حققتها خلال الأسابيع الأربعة الماضية، كما أنها لاتزال أيضاً محتفظة بمتوسط قيمة التداول اليومي عند مستوى 2.1 مليار درهم حداً أدنى للتداولات، ما يعني أن الاتجاه الهابط الذي اتخذه المؤشر العام للسوق خلال الأسبوع تخللته حركة تذبذب سعري نتجت عن محاولات جدية قام بها المستثمرون أصحاب النظرة المتفائلة».
وأضاف عفيفي أن «معايير التحليل الأساسي وما أضيف إليها من أنباء ومعطيات إيجابية خلال الأسبوع كانت سبباً مباشراً في انخفاض حدة درجة التراجع التي شهدتها السوق المحلية خلال الأسبوع المنقضي، مع الحفاظ على المعنويات المرتفعة للمستثمرين، التي دفعتهم إلى محاولة مقاومة ذلك التراجع في كثير من جلسات التداول لهذا الأسبوع».
وأكد أن «من الأخبار الإيجابية التي أعلنت خلال الأسبوع الماضي ارتفاع حجم الودائع البنكية، ما أدى إلى انخفاض الفجوة في ما بين القروض والودائع، وذلك على الرغم من ارتفاع حجم القروض الممنوحة بنسبة أعلى من ارتفاعها خلال الأشهر الثلاثة السابقة على شهر مايو، ما يشير إلى نمو الودائع البنكية بمعدلات تفوق النمو في القروض الممنوحة».
موضحاً أن «إقرار المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون الدين العام الذي يتزامن مع إعلان المصرف المركزي عن إعادة هيكلة سياساته النقدية والأنظمة المصرفية والتنظيمية والإدارية والقانونية للجهاز المصرفي، سيزيد من درجة الثقة في الجهاز المصرفي الإماراتي، وبالتالي سيتشجع الاستثمار الأجنبي على التوجه نحو ضخ المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد الإماراتي وسوق الأسهم».
ولفت عفيفي إلى أن «من الخطوات ذات الأهمية الكبرى في إصلاح وتطوير سوق رأس المال في دولة الإمارات، إعلان هيئة الأوراق المالية والسلع عن أنظمة عدة مهمة جداً لسوق الأوراق المالية، ومنها السماح لشركات الوساطة بالتداول لحسابها في ظل مجموعة من الضوابط وتحت الرقابة الفعالة من جانب الهيئة، ما سيؤدي إلى زيادة قيمة التداولات بالسوق خلال الفترة المقبلة».
واختتم بالقول إن «مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع أقر كذلك نظاماً خاصاً بإضافة نشاط جديد إلى الهيكل التنظيمي والتشريعي لسوق الأوراق المالية الإماراتية يتمثل في نشاط الحفظ الأمين، الذي يشكل دعماً كبيراً في ثقة المستثمرين ويشجعهم على زيادة استثماراته في السوق، نظراً لارتفاع درجة الحماية والأمان التي يوفرها ذلك النظام للمتعاملين كافة».
حدة التذبذبات
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية» محمد علي ياسين إن «الأسواق شهدت تراجعاً في جميع مؤشراتها السعرية بعد أن مرت بجلسات جني أرباح كان متوقعاً حدوثها منذ فترة، أدت إلى تذبذبات سعرية عالية خلال جلسات التداول المختلفة، وانتهت بتراجعات ملحوظة يوم الخميس الماضي».
وتوقع ياسين أن «تخف حدة هذه التذبذبات خلال الجلسات المقبلة، وأن تستقر أسعار الأسهم عند نقاط الدعم الرئيسة التي ليست بعيدة عن إغلاق يوم الخميس الماضي، في انتظار بدء ظهور نتائج أولية لأداء الشركات المساهمة خلال الربع الثاني والنصف الأول من العام الجاري، وبالتالي يأخذ المستثمرون قراراتهم للمرحلة المقبلة بناء على قراءاتهم لتلك النتائج».
وأكد أن «الأسواق تحتاج إلى مرورها بمرحلة استقرار أفقي خلال الفترة المقبلة لبناء قاعدة سعرية تمثل نقطة انطلاق للمؤشر السعري بعد ظهور نتائج الشركات وتكون قد حافظت فيها على المكاسب التي حققتها خلال الشهرين الماضيين».
موضحاً أن «تحسن نسب السيولة في القطاع المصرفي ووصولها إلى القطاعات المختلفة في الاقتصاد ـ سواء شركات قطاع خاص أو أفراد ـ وعودة نشاط الإقراض لهم، سيساعد على استمرار ارتفاع ثقة المستثمرين وتشجيعهم على توجيه جزء مهم من سيولتهم للاستثمار في أسواق الأسهم أو السندات، ما سيسهم في استمرار إيجاد سيولة جديدة للاستثمار».
وصف المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همّام الشمّاع، تراجعات أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع المنقضي، التي وصلتأفي دبي إلى نسبة 4.03٪، وفي أبوظبي إلى 2.41٪، بأنها «أمر طبيعي» بعد أن جاوزت نسبة ارتفاع سوق دبي 30٪ وأبوظبي 20٪».
معتبراً أن «جني الأرباح ضروري لكي يتواصل الارتفاع، إذ يعد بمثابة التنفيس الذي يضمن للنمو استمراره من دون انفجار، فكما تحتاج المضخة إلى إخراج الفقاعة الهوائية، فإن الأسواق تحتاج إلى التصحيح الذي يضمن أن الارتفاع لن يخلّ بالتوازنات الاقتصادية بين القطاعات المختلفة».
ودعم الشماع وجهة نظره بالتأكيد على أن «حركة تعاملات الأجانب لاتزال إيجابية، ولا يوجد ما يؤشر إلى إمكانية خروجهم بشكل جماعي كماأحدث في العام الماضي، حيث بلغ صافي دخول الأجانب حتى إغلاق يوم الخميس الماضي 145.76 مليون درهم في سوق دبي المالي بمفرده».