تداولات هذا الأسبوع أكدت الاستقلالية التامة لأسواق الأسهم المحلية عن ما يحدث في الأسواق الدولية أو الخليجية. تصوير: باتريك كاستيللو

1.18 مليــار درهـم متوسـط التـداول اليــومي للأسهم

حافظ المؤشر العام لسوق الإمارات للأوراق المالية على ارتفاعه للأسبوع الثالث على التوالي، حيث ارتفع خلال الأسبوع المنقضي بنسبة 1.9 ٪، وذلك في أعقاب ارتفاع سوق أبوظبي بنسبة5.62 ٪ وانخفاض مؤشر سوق دبي بنسبة 2.64 ٪.

وارتفعت قيمة التداولات الأسبوعية لتصل إلى 5.9 مليارات درهم مقارنة بـ 4.15 مليارات درهم في الأسبوع السابق، ما يعنى ارتفاع متوسط قيمة التداول اليومية من 830 مليون درهم إلى 1.18 مليار درهم.

إلى ذلك، انخفض صافى الاستثمار الأجنبي السالب خلال الأسبوع ليصل إلى 88.91 مليون درهم مقارنة بـ 184 مليون درهم خلال الأسبوع السابق، وبذلك ترتفع القيمة السوقية للأسهم المدرجة بالسوق مع نهاية هذا الأسبوع لتصل إلى 354.5 مليار درهم .

إيجابيات

وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همام الشمّاع إن «قيام مصرف الإمارات المركزي بالاكتتاب في كامل المرحلة الأولى من برنامج السندات الذي أطلقته حكومة دبي، والبالغ قيمتها 10 مليارات دولار أحدث ردود فعل إيجابية في أسواق الأسهم، حيث سجلت سوق دبي في يوم صدور القرار مكاسب كبيرة عبر الارتفاع الذي وصل إلى 8٪ ».

وأضاف «على الرغم من عمليات جني الأرباح التي أطاحت بالمكاسب خلال بقية أيام الأسبوع، ورغم الذبذبات السعرية العالية في الجلسة الواحدة، فإن حالة الثقة قد عادت جزئيا وأصبح بالإمكان رؤية آفاق ايجابية قد تظهر خلال الأسابيع القليلة المقبلة».

وعزا الشماع ذلك إلى أن «العشرة مليارات دولار قد تكون أكبر من الالتزامات الواجبة التسديد للدائنين خلال عام ،2009 وخصوصاً لأن هناك قروضاً ستعاد جدولتها وفقا لتصريحات مدير عام دائرة المالية في حكومة دبي ناصر الشيخ، ما يعني أن هناك بعض الفوائض التي سيكون بإمكان حكومة دبي استخدامها عبر إيداعها لدى المؤسسات المالية المحلية، وبما يؤدي إلى زيادة حجم الودائع بنحو 4٪».

ولفت إلى أنه «في حال عدم جدولة تلك الديون وتأجيل دفعها لما بعد الأزمة، فسيعني ذلك أن الجزء الأكبر من العشرة مليارات دولار، سيذهب لتسديد ديون خارجية، وبالتالي فإن حصيلة الاكتتاب سوف تخرج تدريجيا من السيولة المحلية مجددا مع اقتراب مواعيد تسديد الالتزامات الخارجية».

مبينا أنه «ولهذا السبب لم نجد تأثيرا فوريا في سوق الأسهم في دبي باستثناء التأثير النفسي الذي دفع السوق نحو الأعلى في اليوم الأول الذي أعقب إصدار السندات. فالمصارف ليست واثقة بإمكانية بقاء السيولة في خزائنها لفترة طويلة مقبلة، لكي تعيد نشاط الإقراض وتعيد بناء محافظها الاستثمارية في سوق الأسهم بالاعتماد على المستويات السعرية الجذابة الحالية للأسهم».

التزامات

وحول تصريحات مدير عام دائرة المالية في دبي، والتي أكد فيها أن الشركات العقارية ستكون في مقدمة الشركات التي ستحصل على الأموال لتغطية التزاماتها المالية أفاد الشماع بأن «الأسواق لا تزال تنظر إلى توقعات صعوبة إعادة جدولة الديون التي يمكن أن تستحوذ على معظم حصيلة مبالغ العشرة مليارات دولار التي اكتتب بها المصرف المركزي». وقال «لعل هذا ما دفع بالتذبذبات السعرية العالية وعمليات جني الأرباح في سوق دبي، والتي أطاحت بالمكاسب التي تحققت بعد إصدار السندات».

وأضاف أنه «على الرغم من قوة الدفع التي حدثت في أسواق الأسهم المحلية بحكم الإجراءات المتتالية التي اتخذتها الدولة، فلا يزال هناك عامل ثان قائم يهدد تحسن أداء أسواق الأسهم، ألا وهو العلاقة بين مكونات أسواق المال المترابطة».

وفسر ذلك بأن «الأموال التي تم الإعلان عن ضخها خلال الفترة الماضية أمنت جانب المصارف والسيولة لديها، وأبعدتها عن المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى إفلاسها، ولكنها وحتى الآن لم تتمكن من أن تعيد للمصارف قدرتها وثقتها الضرورية لإعادة الإقراض للأفراد والمؤسسات».

وأوضح الشماع أن «مثل هذا الأمر يمكن أن يبقي القطاع العقاري في حالة معاناة من شح التمويل لأغراض شراء الوحدات العقارية، وبالتالي فإن شركات التطوير العقاري حتى وإن حصلت على بعض الدعم من فوائض الأموال التي اقترضتها دبي، فإنها لن تكون كافية لإدامة زخم نشاطها بسب تراجع الطلب على الوحدات المنتجة، والذي بدوره قد يخفض النشاط الاقتصادي وينعكس على أسواق العقار والأسهم مجددا. مقدرا «التمويل الضروري لشراء الوحدات العقارية خلال العام الحالي والذي يمكن له أن يوقف تراجع أسعار العقارات في دبي مابين 10 إلى 12مليار درهم».

السيولة

ومن جهته، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر» للأوراق المالية الدكتور محمد عفيفي إن «الزيادة المضطردة في معدلات التداول أخيرا تشير وبوضوح إلى بدء رحلة عودة السيولة المهاجرة من أسواق الأسهم المحلية، خصوصا مع تزايد احتمالات عودة حركة النشاط الاقتصادي إلى طبيعتها من جديد مع نهاية هذا العام».

وأضاف «تمكنت أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع الماضي أن تصمد أمام عمليات جني الأرباح التي كانت متوقعة، في ظل ارتفاع الأسواق لمدة أسبوعين متتالين، لاسيما خلال جلسة يوم الاثنين الماضي، حيث استطاعت الأسواق الحفاظ على استمرارية مؤشرها العام في الارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي في ظاهرة جديدة».

وتابع عفيفي أن «استمرار ذلك الارتفاع يشير بوضوح إلى انتهاء موجة الهبوط الرئيسة لأسواقنا المحلية التي مرت بها منذ منتصف العام الماضي، وكذا إلى عودة الاستقرار إلى جلسات التداول، بل وبدء تحول الأسواق إلى الارتفاع التدريجي مع التزايد المستمر في درجة تفاؤل المستثمرين وتضاؤل أعداد المتشائمين، في ظل استمرار اهتمام الدولة باتخاذ المزيد من الإجراءات التي تكفل للاقتصاد بقطاعاته كافة التعافي السريع من تبعات الأزمة العالمية».

مؤكدا أن «تداولات هذا الأسبوع أكدت الاستقلالية التامة لأسواق الأسهم المحلية عن ما يحدث في الأسواق الدولية أو الخليجية، إذ لم يعد المستثمرون على درجة الاهتمام نفسها بتطورات التداول بالأسواق الأخرى».

واستطرد عفيفي أن «ما حدث يؤكد أن الأسواق المحلية انتهت من البحث عن القاع وأصبحت الآن مهيأة أكثر من ذي قبل لارتفاعات مرضية مع عودة شرائح السيولة إليها بصورة تدريجية، وذلك بعد تلقيها دفعة معنوية هائلة، من خلال الإعلان عن برنامج لتوفير السيولة لإمارة دبي، من خلال إصدار سندات متوسطة الأجل بقيمة 20 مليار دولار».

ولفت إلى أن «اكتتاب مصرف الإمارات المركزي في كامل الدفعة الأولى من هذا الإصدار أنهى تماما الشكوك حول قدرة الاقتصاد الإماراتي على التعافي بسرعة فائقة من تبعات الأزمة المالية العالمية».ولفت إلى أنه «قضي نهائيا على آخر نقطة ضعف كان يستغلها المتشائمون وأصحاب استراتيجيات التداول من خلال البيع على المكشوف لإضعاف الأسواق المحلية والضغط عليها لأسفل من أجل تحقيق مكاسب ذاتية».

مشيرا إلى أن «اكتتاب المصرف المركزي سوف يقضى تماما على مشكلة السيولة في إمارة دبي وسوف يوفر البيئة المناسبة لعودة حركة النشاط الاقتصادي سريعا في أنحاء الاقتصاد الإماراتي كافة».

اتجاه صاعد

وبدورة ذكر الرئيس التنفيذي لشركة شعاع للأوراق المالية محمد علي ياسين أن «أسواق المال المحلية حافظت على اتجاهها التصاعدي للأسبوع الثالث على التوالي مع ارتفاع ملحوظ في نشاط التداولات ومعدل التذبذبات السعرية لكثير من الأسهم التي جذبت إليها المزيد من سيولة المضاربين اليوميين».

وقال «كان للأنباء الإيجابية الخاصة بإصدار حكومة دبي برنامج سندات حكومية بقيمة 20 مليار دولار أميركي، دون ضمانات لمدة خمس سنوات، وتغطية 10 مليارات دولار منها من قبل المصرف المركزي للدولة، دور كبير في رفع مستويات الثقة في الاقتصاد بشكل عام وفي الأسواق المالية والشركات المدرجة فيها بشكل خاص»، واستطرد «أظهرت تلك الأنباء التزام الحكومة بوعدها بالمحافظة على مكتسبات الدولة ودعم الاقتصاد الوطني والشركات العاملة فيه خلال الأزمة العالمية، والرد على كل المشككين في قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها وتسديد قروضها».

وأضاف ياسين أن «ما يشجع أيضا أن الأسواق مرت بفترات جني أرباح قوية خلال الأسبوع الماضي، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على اتجاهها الإيجابي، ما سيساعد على رفع مستويات الثقة تدريجيا و بالتالي جذب سيولة جديدة».

مؤكدا «أهمية أن تزيد السيولة ذات السياسة الاستثمارية الطويلة الأجل، بدلا من المضاربة القصيرة الأجل حتى تنخفض نسبة التذبذبات اليومية تدريجيا، وإن كان هذا سيحتاج إلى بعض الوقت».

وأشار ياسين إلى أنه «لوحظ نشاط الاستثمار المؤسساتي الأجنبي بشكل كبير في خضم هذه التداولات والتذبذبات، في الأسواق المالية بشكل عام، وسوق دبي المالي بشكل خاص، ما يعني أن هذا الاستثمار هو قصير الأجل، و كان له دور رئيس في قيادة المضاربات اليومية على الأسهم في السوق».

 
ضغوط البيع

حذر المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همام الشمّاع من «إمكانية تلاشي التحسن الذي حدث في سوق دبي، مع ضغوط البيع التي تخلقها الحاجة إلى السيولة في القطاع العقاري، إذ إن معظم المستثمرين في سوق الأسهم هم مستثمرون في العقار في الوقت نفسه، ويفضلون تحت ضغط عقود الإذعان التي يبرمها المطورون العقاريون والتي تضيع عليهم الدفعات السابقة، أن يسيلوا الأسهم على أن يخسروا قيمة الدفعات المسددة بالفعل». وأشار إلى أن «استمرار تراجع أسعار العقارات قد يؤدي إلى تبخر السيولة التي ضخت في المصارف، بسب تزايد المخصصات التي تضطر لأخذها مقابل رهون عقارية قد تتعرض قيمها للانخفاض». واختتم بتأكيد «ضرورة الإسراع بخطة إنقاذ القطاع العقاري المتمثلة في توفير التمويلات المناسبة لشراء المعروض، عبر آلية أعادة تمويل الرهن العقاري أو أية آلية أخرى». على أن تتزامن خطة الإنقاذ العقارية مع ضوابط تقيد معدلات النمو السنوية للتطوير العقاري بما يتناسب مع معدلات النمو في الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي».

الأكثر مشاركة