مبادرة الحكومة بإنشاء "مصرف الإمارات للتنمية" تعدّ خطوة كبيرة نحو التغلب على مشكلة أزمتي السيولة والثقة. تصوير: لؤي أبو هيكل

إجراءات الحكومة لتنشيط «الـعقارات» تعيد الثقة إلى المستثمرين

اعتبر محللون أن ارتفاع أسعار النفط خلال الأيام القليلة الماضية، كان السبب الرئيس في تحسن أداء أسواق الأسهم إلى جانب عوامل أخرى، منها: صعود البورصات العالمية، وعدد من التطورات الإيجابية على المستوى المحلي.

ورصد محللون التطورات الإيجابية على الصعيد المحلي، ومنها بدء شركات إجراءات للحدّ من الانهيارات المتتالية في أسعار أسهمها، ومنها إعادة الشراء الفعلي لجزء من الأسهم، أو تغيير سياسة التوزيعات من سنوية إلى نصف سنوية، أو النظر في توزيع أسهم مجانية على المساهمين.

وقالوا إن مبادرة الحكومة الاتحادية بإنشاء كيان تمويلي ضخم تحت مسمى «مصرف الإمارات للتنمية» يعدّ خطوة كبيرة نحو التغلب على مشكلة أزمة السيولة، أو أزمة الثقة التي يعيشها النظام المصرفي حالياً، إذ قد يساعد البنوك التجارية على الخروج من أزمة السيولة لديها بشكل غير مباشر، إذا ما أقدم على شراء القروض العقارية لدى تلك البنوك.

وأضافوا أن إعلان «دبي القابضة» عن سداد قروض وسندات تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار، ساعد في التخلص من شائعات مواجهة إمارة دبي لعجز مالي قد يقلل من قدرتها على التحكم والسيطرة على تداعيات الأزمة الحالية. 

البورصة والنفط وقال المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همّام الشمّاع: «إن أسواق الأسهم المحلية شهدت الثلاثاء الماضي توافق الأداء مع ما هو متوقع منذ اللحظة الأولى للتداول، حيث حدثت ارتفاعات بنسب كبيرة نسبياً تفاعلاً مع ارتفاع أسعار النفط وصعود البورصات العالمية».

وأضاف «واصلت الأسواق يومي الأربعاء والخميس تتبع خطى الأسواق العالمية، ما يؤكد أن علة الأسواق، إلى جانب نقص السيولة، هي عله نفسية وترتبط بوضع أسواق الدول الصناعية الكبرى، وتلعب أسعار النفط دوراً رئيساً في تحديد التوقعات سواء المتفائلة أو المتشائمة». وأوضح الشماع ذلك بأن «كبار المستثمرين في سوق الأسهم، وبالأخص المؤسساتيين، يدركون أكثر من غيرهم من المستثمرين، أن المشكلة تكمن في السيولة الشحيحة في أسواق المال، فضلاً عن شح تمويلات المصارف للأنشطة الرئيسة في الاقتصاد، وخصوصاً النشاط العقاري الذي بدأ يعاني من التباطؤ وتصحيح في الأسعار».

واستطرد «وحيث إن الشح المالي الحالي، لا يمكن أن يعالج بشكل فعال ما لم يتم ضخ أموال حكومية في أسواق المال بكامل مكوناتها، وبالمستوى الذي يعوّض السيولة الساخنة التي سحبها الأجانب من أسواق المال الإماراتية، فإن الأمر أصبح مرتبطاً بأسعار النفط، لأن مثل هذا التعويض للسيولة الساخنة، لا يمكن أن يوفر المبالغ المطلوبة له وبالسرعة المرجوة، ما لم ترتفع أسعار النفط بشكل كبير وملموس».

وأكد أن «التوقعات حالياً تدور في فلك حدوث موجة صاعدة لأسعار النفط، تبدأ مع منتصف العام المقبل، الأمر الذي يعني أن اقتصادات الخليج واقتصاد الدولة، سوف يخرج من عنق الزجاجة التي سببتها الأزمة العالمية قبل الاقتصادات الصناعية التي سيتأخر خروجها من أزمة الركود حتى نهاية الربع الأول من عام 2010». لافتاً إلى أن «بارقة الأمل التي يقدمها الارتفاع المتوقع لأسعار النفط خلال الأشهر القادمة، اعتباراً من نهاية الربع الأول من العام المقبل، لا تعني أن الاقتصاد يحتمل الانتظار من دون تدخل قوي من المال العام لدعم أسواق المال بالمعنى الواسع، والتي تشمل المصارف وتمويلاتها والعقار وتمويله بشقيه التطويري والاستثماري، وكذلك سوق الأسهم».

مكوّنات السوق وحذر الشماع من أن «العلاقة المترابطة بين مكونات سوق المال الثلاثة (المصارف، والقطاع العقاري، وسوق الأسهم) والتدخل لدعم أحدها أو بعضها دون أخرى، سوف يخلق خللاً يضيّع الأثر الايجابي لمثل هذا الدعم، خصوصاً في ظل التدخل الحكومي الذي يتصاعد في مجال العقار، من خلال القرارات التي اتخذها مجلس إدارة «المصرف المركزي»، وقرارات تأسيس ثلاثة مصارف ومؤسسات تمويل عقارية في الدولة».

وذكر أن «تلك الإجراءات لدعم القطاع العقاري كانت قد سبقتها قرارات دعم الجهاز المصرفي، بما يجنبه المخاطر التقليدية الناجمة عن شحّ السيولة، ولذلك فيكون من الضروري التنبيه إلى مخاطر عدم التدخل في دعم أسواق الأسهم، كي تستقر بعد أن تجد قاعها». 

ونبه الشمّاع إلى خطورة التدخل الحكومي لمنع تراجع مكونين اثنين من مكونات أسواق المال، وهما المصارف والتمويل العقاري وتجاهل دعم أسواق الأسهم، فقال «إن السيولة ستستمر في التسرب من المّكون الضعيف إلى المّكونات الأقوى، وهذا ما سيؤدي إلى انهيار كامل لأسواق الأسهم في الدولة، والتي فقدت لحد الآن نسبة 60% من القيمة السوقية».

وتابع «لو افترضنا أن سوق التمويل العقاري استعادت عافيتها، وعادت أسعار العقارات للانتعاش  بعد التمويل الوفير الذي توفره المصارف ومؤسسات التمويل العقارية الجديدة، فإن المستثمرين سيغادرون سوق الأسهم الضعيفة، ويقومون بالتسييل في أي مستوى سعري ممكن، ما يعمق من خسائر أسواق الأسهم».

تطورات إيجابية من جهته، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي: «إن نهاية تداولات الأسبوع أشارت إلى تماسك مؤشرات الأداء، وكانت مرضية إلى حد ما، حيث تزامنت مع الإعلان عن تطورات إيجابية عدة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، أعادت إلى حد ما الأمل بإمكانية السيطرة على التداعيات المحلية أو الدولية  للأزمة المالية العالمية».

وحدد عفيفي التطورات الايجابية على المستوى الدولي في «ظهور خطة الإنقاذ الأميركية الجديدة بمبلغ 800 مليار دولار لمساعدة المتضررين من المستهلكين، فضلاً عن استهداف الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما لتشغيل ما يقرب من 2.5 مليون أميركي خلال العامين المقبلين».كما ظهرت أكبر عملية إنقاذ لمصرف «سيتى غروب» الأميركي، وكذا إعلان المفوضية الأوروبية عن برنامج تحفيز اقتصادي بقيمة 200 مليار يورو، بمعنى أن هناك توجها مكثفا نحو دفع الاقتصادات العالمية للخروج سريعاً من حالة الركود الاقتصادي، من خلال تحفيز الطلب الفعال، وليس من خلال مجرد شراء أو ضمان ديون المؤسسات المصرفية».

وأضاف  أن «التطورات الإيجابية على المستوى المحلي، تمثلت في بدء بعض الشركات في اتخاذ إجراءات للحد من الانهيارات المتتالية في أسعار أسهمها، وراوحت بين إعادة الشراء الفعلي لجزء من أسهمها مثل «سلامة» و«بنك الخليج الأول»، أو تغيير سياسة التوزيعات من سنوية إلى نصف سنوية مثل «الخليج للملاحة»، أو النظر في توزيع أسهم مجانية على المساهمين مثل «أرابتك».

من جهتها رصدت المحللة المالية، مها كنز، ظاهرة إيجابية في سوق أبوظبي للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي، وهي استمرار توجه المستثمر المؤسسي إلى الشراء للأسبوع الثاني على التوالي، حيث بلغت محصلة تعاملات تلك الفئة من المستثمرين محصلة شراء بقيمة 19.39 مليون درهم. 

الأكثر مشاركة