التكنولوجيـا والصيانـة تعزّزان سلامة الطيـــران
أكد مديرون وعاملون في قطاع النقل الجوي، وصيانة الطائرات، أن نسبة الخطر في مجال النقل الجوي تقل عن 1٪، مقارنة بنسبة 100٪ للمسافرين براً، مشيرين إلى أن ارتفاع تكاليف الصيانة، واعتماد تكنولوجيا حديثة في صناعة الطيران من العوامل التي تسهم في خفض عدد الحوادث الجوية، وتعزز سلامة النقل الجوي بشكل مستمر.
وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، أن 10٪ فقط من أسباب الحوادث والكوارث الجوية تقنية، فيما تتوزع النسب الأخرى بين الأخطاء البشرية، وعدم تجهيز المطارات بشكل مناسب، لافتين إلى أن الزيادة السنوية لعدد المسافرين بنسب تراوح بين 5 و6٪، فضلاً عن ساعات الطيران الطويلة، ووصول تكنولوجيا الصيانة إلى مرحلة التعقيد، من أهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع تكاليف الصيانة.
وبينوا أن تسلم بعض شركات الطيران في المنطقة من طائرة إلى طائرتين شهرياً، يتطلب تقديم خدمات صيانة عالية، فضلاً عن التركيز على معايير السلامة.
صناعة مكلفة
وتفصيلاً، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة العربية للطيران عادل علي، إن «صناعة الطيران باتت مكلفة للغاية، كما أن عمليات الصيانة والإصلاح تمثل الجزء الأكبر من هذه التكاليف»، مشيراً إلى أن «حجم العائدات من صناعة الطيران بلغ 425 مليار دولار، منها 120 مليار دولار حجم سوق الصيانة».
| تقرير «إياتا» وقال في تقرير حديث صدر أخيراً، إنه «على الرغم من الخسائر التي تكبدتها شركات الطيران العالمية خلال العقد الجاري، والمقدرة بنحو خمسة مليارات دولار سنوياً، فإنها استطاعت أن تحقق انخفاضاً في معدلات الحوادث، وبلغ عدد المسافرين الذين تمكنوا من الوصول الى وجهاتهم بأمان نحو 2.3 مليار مسافر من خلال 35 مليون رحلة عام .2009 وسجلت حوادث الإقلاع والهبوط 26٪ من مجموع الحوادث في عام .2009 وبلغ حجم سوق إصلاح وصيانة الطائرات في العالم نحو 120 مليار دولار، في الوقت الذي تبلغ حصة المنطقة نحو 5٪، أي ستة مليارات دولار. ووفقاً للتقرير، تعد الإمارات أكبر سوق في المنطقة من حيث إصلاح وصيانة الطائرات، واستحوذت دول مجلس التعاون الخليجي على 70٪ من حجم الإنفاق على صيانة الطائرات، الذي وصل إلى 2.3 مليار عام ،2009 منها 32٪ للإمارات، تليها السعودية بـ17٪. |
وأوضح أنه «على الرغم من الحوادث التي تقع كل سنة، فإن النقل الجوي لايزال أكثر وسائل النقل أمناً، حيث تعد حوادث الطيران أقل بكثير من الحوادث التي تسجلها وسائل النقل في أي بلد»، لافتاً إلى أن «جميع الحوادث تتضمن وجود عناصر بشرية مسببة لها، لكن التكنولوجيا الذكية المستخدمة في صناعة الطيران باتت تخفف من هذه الحوادث بشكل كبير».
وتوقع علي أن «يبلغ حجم النمو في النقل الجوي لدى (العربية للطيران) في مطار الشارقة 10٪ خلال العام الجاري»، مضيفاً أن «نسب النمو العالمي التي ستراوح بين 5 و7٪، تعد مشجعة في ظل الانخفاض العالمي الذي شهده قطاع الطيران».
ووأوضح أن «عدد العاملين في قطاع الطيران العالمي بشكل مباشر بلغ 5.5 ملايين عامل، فضلاً عن 15 مليون عامل في القطاعات الداعمة للنقل الجوي»، لافتاً إلى أن «عدد المسافرين على متن الناقلات الجوية بلغ مليوني مسافر يومياً».
عائق اللغة
من جانبه، كشف الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لتقنيات الطائرات، غورغن هاكر، أن «نسبة الخطر في مجال النقل الجوي أقل من 1٪، مقارنة بـ100٪ للمسافرين بالسيارات»، مشيراً إلى أن «10٪ فقط من أسباب الحوادث والكوارث الجوية تقنية، أما الأسباب الأخرى فتكمن في الأخطاء البشرية، ومدى إمكانات وتجهيزات المطارات التي تهبط وتقلع منها الناقلات الجوية».
وتابع: «لاتزال الملاحة الجوية أكثر وسيلة نقل آمنة، وباتت عملية توفير أيدي عاملة ماهرة من المتطلبات الأساسية في صناعة الطيران، سواء أكان للإصلاح أم التصنيع، لتطبيق أكثر المعايير سلامة على متن الناقلات».
وأوضح أن «اللغة باتت تشكل عائقاً أمام الطيارين في فهم الإرشادات أثناء عمليات الهبوط والإقلاع، حيث إن اللغة المعتمدة هي الانجليزية فقط».
وبين أن «أبراج المراقبة في بعض المطارات ونظم الإرشاد تفتقر إلى الانجليزية، فضلاً عن أن بعض المطارات الموجودة في بعض دول إفريقيا، وروسيا غير مؤهلة بشكل كاف لاستقبال طائرات تعتمد أجهزة توجيه أكثر من تلك التي توفرها المطارات».
ولفت إلى «جهــود حثيثة في المرحلة الراهنة لربط أجهزة الإرشاد والتوجيه بالأقمار الاصطناعية، حيث يمكن للطائرة من خلالها الهبوط والإقلاع ذاتياً، من دون الحاجة إلى الإرشادات التي توفرها المطارات».
سوق الصيانة
وذكر أن «حجم سوق الصيانة مرتفع للغاية، إذ بلغ 120 مليار دولار، منها 60٪ للطيران العسكري»، عازياً ذلك إلى «الزيـادة السنوية في أعداد المسافرين جواً بنسبة تراوح بين 5 و6٪، ما يعني ساعات طيران أطول للناقلات، وبالتالي عمليات صيانة أكثر».
ولفـت الى تعقيد صنـاعة الطيران، نظراً للتكنولوجيا الحديثة المستخدمة فيها.
واشار إلى أنه «يتم صيانة الطائرات في شركات كبيرة محدودة، فضلاً عن زيادة تكاليف مواد التصنيع والتصليح، ما يرفع من التكاليف».
نمو أعداد المسافرين
إلى ذلك، قال المدير العام لدائرة الطيران المدني في مطار الفجيرة الدولي، خالد المزروعي، إن «ارتفاع تكاليف الصيانة، واعتماد تكنولوجيا حديثة، من العوامل التي تسهم في خفض عدد الحوادث الجوية، وتعزز سلامة النقل الجوي بشكل مستمر».
ولفت إلى أن «نمو شركات الطيران في المنطقة بالنسبة لعدد المسافرين، وعمليات الشحن، الذي فاق المعدل العالمي بنسبة 7٪ خلال العام الماضي، جعل من الحفاظ على معايير أمان وسلامة عالية من أولويات الصناعة في المرحلة الراهنة، فضلاً عن دعم ورش الصيانة بأفضل التقنيات».
وأوضح أن «هناك الكثير من المتطلبات أمام شركات الطيران، خصوصاً في الخليج، نظراً لأن بعضها بات يتسلم طائرة أو طائرتين شهرياً، ما يتطلب تقديم خدمات صيانة عالية، والتركيز على معايير السلامة، وفق المعايير العالمية، ومتطلبات الشركات المصنعة لهذه الطائرات»، مستبعداً أن «تشكل مسائل الصيانة والسلامة تحديات أمام صناعة الطيران في المنطقة».
أخطاء بشرية
وذكر المزروعي أن «بعض شركات الطيران العالمية في بعض الدول، لا تعطي أولويات لسلامة الركاب والمسافرين، وبالتالي نلحظ حوادث خاصة في هذه الشركات بين فترة وأخرى»، لافتاً إلى أن «الكثير من حوادث الطائرات يتضمن أخطاء بشرية، وتتمثل في أن يكون الطيار مرهقاً، نظراً لطول ساعات السفر أو قلة الخبرة لدى البعض، وهذه عوامل تزيد من نسبة الخطر في مجال السفر الجوي».
وتابع «بالنسبة للأخطاء في عمليات الصيانة فهي قليلة جداً، نظراً لوجود معايير محددة يتم اتباعها داخل ورش الصيانة».
وبين أن «هناك طائرات انتهى عمرها الافتراضي، وعليها التوقف عن العمل فوراً، مراعاة لأمن العامة وتقليل عدد الحوادث الجوية عموماً»، مشيراً إلى «تشديد المعايير الدولية في السلامة التي كانت عبارة عن توصيات، تحولت خلال السنوات الخمس الماضية إلى معايير ملزمة على شركات الطيران التقيد بها، وهذا محفز آخر لتقليل نسبة الحوادث».
إلى ذلك، أوضح مدير التسويق لخدمات الصيانة العالمي في شركة «بريت أند ويتني» براين اينغستروم أنه «رغم الحوادث التي تسجل سنوياً فإن مسألة تأمين سفر الركاب وسلامتهم تصدرت خلال السنوات القليلة الماضية أجندة معظم شركات التصنيع والصيانة، وباتت الشركات تولي مزيداً من الاهتمام للاستحواذ على أفضل التكنولوجيا المعتمدة في هذه الصيانة»، نافياً أن «يكون النمو السريع لصناعة الطائرات أهمل توفير أفضل معايير الأمان فيها».