بفعل الذكاء الاصطناعي وتقنية الجيل الخامس

الشرطة الأوروبية و«دارك تريس» تحذران من أنماط جديدة للجرائم الإلكترونية

الشرطة الأوروبية تتوقع أن تستفيد العمليات الإجرامية من التقنيات الناشئة لتصبح أكثر خطورة. غيتي

في مقابل الجوانب المضيئة التي تحملها بعض التقنيات المتطورة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، وتقنية الجيل الخامس للمحمول وأجهزة الكمبيوتر، فإن هناك جانباً مظلماً يجعلها مرتعاً خصباً لأنماط جديدة بالغة الخطورة من الجرائم الإلكترونية التي لم يسمع بها أحد من قبل، فأجهزة الكمبيوتر الكمية بقدراتها الخارقة غير المعتادة، يمكن أن تجعل أعقد وأقوى نظم ومعايير التأمين والتشفير الحالية، تتهاوى أمامها خلال دقائق، والتعقيد والتقدم الذي سيطرأ على بطاقات التعريف وشرائح الاتصال في هواتف الجيل الخامس للمحمول، سيجعل من الصعب تتبع مواقع الهواتف.

أما الذكاء الاصطناعي فسيجعل البرمجيات الخبيثة والفيروسات على اختلاف أنماطها واعية بالسياق الذي تتحرك فيه. كانت هذه مجمل تحذيرات صدرت أخيراً عن كل من الشرطة الأوروبية «يورو بول» عبر بيان ظهر على «غرفة الأخبار» بموقعها الرسمي تضمن تقريراً بعنوان «كيف ستشكل التقنية مستقبل الجريمة الإلكتروني»، وشركة «دارك تريس» المتخصصة في أمن المعلومات التي نشرت على موقعها darktrace.com تقريراً بعنوان «الهجمات الإلكترونية المدارة بالذكاء الاصطناعي».

مواكبة التهديدات

وفقاً للتحذيرات الصادرة عن الشرطة الأوروبية «يورو بول»، وشركة «دارك تريس»، فإن تطبيق القانون بات يحتاج إلى مزيد من الابتكار والإبداع والديناميكية والتحديث بوتيرة متسارعة، وأن يعمل القائمون عليه من الآن على مواكبة التهديدات الإجرامية في المستقبل القريب، التي يتوقع أن تستفيد بشدة من التقنيات الناشئة لتصبح أكثر خطورة من أي وقت مضى.

وقالت المديرة التنفيذية للشرطة الأوروبية، كاثرين دي بول: «لم يعد الأمر جيداً بما يكفي ليكون رد فعل جهات إنفاذ القانون تقليدياً أو كما هو معتاد الآن، بل لابد من القدرة على التنبؤ بتأثير أي تقنيات ناشئة مقبلة سيلجأ إليها المجرمون، حتى يمكن الحفاظ على سلامة مواطني الاتحاد الأوروبي».

الذكاء الاصطناعي

وحذرت الشرطة الأوروبية من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تزويد المجرمين والمتسللين والمهاجمين بنواقل هجومية جديدة للقيام بنشاطات ضارة غير معهودة من قبل، مثل تحسين نجاح هجمات التصيد الاحتيالي عبر تصميم رسائل البريد الإلكتروني الخادعة والردود الخبيثة، كما أن الذكاء الاصطناعي قد يجعل الجريمة الإلكترونية أكثر بساطة بالنسبة للجهات الإجرامية ذات مستويات الخبرة المحدودة، ويمكنها من شن هجمات متطورة وخطرة. ومن أبرز المجالات المحتملة في هذا المجال عمليات «التزييف العميق»، سواء للفيديو أو الصوت، للقيام بحملات تضليل واسعة النطاق. وقد بدأ بعض المجرمين بالفعل في استخدام ملفات فيديو وملفات صوتية لانتحال صفة الرؤساء التنفيذيين، في محاولة للاحتيال على المؤسسات والمنظمات.

برامج واعية

ويعتقد خبراء «دارك تريس» أن الذكاء الاصطناعي سيجعل البرامج الضارة واعية تفهم السياق الذي تعمل به، كأن تعرف هل هذه بيئة «ويندوز» أم «لينكس» أم تطبيق للمحمول، أو شبكة تواصل، ثم تتخذ قراراتها بصورة مستقلة وفقاً لذلك الفهم، ومن ثم تكون قادرة على الانتشار الذاتي، واستخدام كل ثغرة أمنية معروضة لاستغلال الشبكات عن شبكة، كما أنها تستطيع أن تتخذ قراراً بتأجيل الهجوم لمزيد من التعلم والفهم، أو يكون قرارها تفعيل الهجوم «البطيء المنخفض»، الذي يتم في سكون وبطء ويجعله غير ملحوظ، كأن تنسخ كل فترة قدراً بسيطاً للغاية من الملفات والبيانات، وتنقله إلى القائمين على تشغيلها.

الأجهزة الكمية

من المعروف أن أجهزة الكمبيوتر الكمية ذات القدرات الخارقة التي تتخطى قدرات الأجهزة الحالية بآلاف المرات، بدأت الظهور ودخول مرحلة التشغيل التجاري، والخطورة هنا في أن امتلاك أي من الجهات أو العصابات الإجرامية لأجهزة كمبيوتر من هذا الجيل المتطور، يعني تلقائياً أن نسبة كبيرة، وربما معظم نظم ومعايير أمن المعلومات والتشفير والتكويد الحالية، ستتهاوى أمام هذه الأجهزة خلال دقائق معدودة، لتصبح البيانات والمعلومات وبيئات العمل مكشوفة أمام هؤلاء المجرمين، كما أن قوع هذه الأجهزة في الأيدي الخطأ سيمكنها من شن هجمات متطورة لا طاقة لنظم التأمين الحالية بها.

الجيل الخامس

من المعروف أن الجيل الخامس للاتصالات المحمولة يتضمن تقنيات معقدة، تعمل بها شرائح الاتصال ومعرفات بطاقات الهاتف المحمول الفريدة، التي ستجعل من الصعب تحديد الأجهزة وهويتها وموقعها، وهذا الأمر يجعل إجراء التحقيقات الجنائية الفنية المسموح بها قانوناً، ومراقبة المجرمين المشتبه فيهم أكثر صعوبة، وهو أمر تتم الاستعانة به الآن في حدود الإجراءات التي تسمح بها القوانين الحالية، ومن ثم فإن دخول الجيل الخامس بتعقيداته الجديدة، والصعوبات التي يدخلها على عمليات المراقبة والتتبع، يعني عملياً أن واحدة من أهم أدوات التشغيل والتحقيق الجنائي التكتيكية ستصبح بالية ومتقادمة وقليلة الفاعلية، أو في أقل تقدير بطيئة، ما يوفر فرصة جيدة محتملة، وربما نعمة كبيرة للمجرمين الذين يريدون الهروب والتخفي والاختباء.

«إنترنت الأشياء»

يرفع خبراء الشرطة الأوروبية من المخاطر الأمنية لأجهزة «إنترنت الأشياء»، ويرون أن الاندفاع الحالي في نشر هذه الأجهزة بالمئات والآلاف بالمؤسسات والشركات والمنازل، يترافق دوماً مع اهتمام غير كاف بمتطلبات الأمن الإلكتروني، سواء من جانب المصنعين أو المستخدمين، ويدخل في ذلك الكاميرات العاملة بالعناوين الرقمية عبر الإنترنت، ولعب الأطفال، والمحولات، ومراكز التحكم بالشبكات المنزلية، وهي أجهزة تحتوي على نقاط ضعف كبيرة، يمكن استغلالها للتجسس، وكنقطة دخول إلى الشبكة الأوسع لارتكاب جرائم الإنترنت الأخرى.

تويتر