عبر آليات شديدة الصرامة أبرزها «حماية البيانات العامة» و«مكافحة الاحتكار»

2018.. عام خضوع عمالقة التقنية الأميركيين للقانون الأوروبي

البرلمان البريطاني جاهز لاستجواب مارك زوكربيرغ. من المصدر

شهد عام 2018، أعلى مستوى من النفوذ والتأثير لأوروبا على عمالقة التقنية الأميركيين، وفي مقدمتهم «فيس بوك» و«غوغل» و«مايكروسوفت» و«أبل»، وغيرها من الشركات الكبرى التي كثيراً ما جرى تصنيفها على أنها باتت عملاقة غير قابلة للمنافسة أو الانزياح من الساحة العالمية، وليس الأميركية فقط.

وحدث ذلك بعدما تأكد للأوروبيين، أنه لا مجال لمنافسة العمالقة الأميركيين بقوة التقنية، وأنه ليس أمامهم سوى معادلة الموقف بقوة القانون وحقوق السيادة، فانتقل العمالقة من وضعية التأثير الكاسح لطرف واحد، إلى التأثير المتبادل بين طرفين، وبهذا خضعت كبرى شركات التقنية الأميركية للقانون الأوروبي.

جاء ذلك في تحليل لموقع «سي نت نيوز» المتخصص في التقنية، الذي أكد أن تأثير أوروبا على شركات التقنية الأميركية كان أكثر قوة من أي وقت مضى خلال العام الجاري، موضحاً أن هذا حدث عبر الآليات القانونية الأوروبية شديدة الصرامة، التي كان في مقدمتها قانون حماية البيانات العامة «جي دي بي آر»، وآليات مكافحة الاحتكار، إضافة إلى التشدّد في تحصيل ما ترى الدول الأوروبية أنه نصيبها العادل من عائدات الإعلانات الرقمية التي تقدّر بمئات المليارات من الدولارات سنوياً، فضلاً عن المواقف الصلبة للغاية في قضايا بعينها، مثل قضية تسريب بيانات «فيس بوك» الى شركة «كمبريدج أنالتيكا»، وعلاقتها بالتأثير على الانتخابات الأميركية الأخيرة.

مراقبة دقيقة

وأفاد التحليل بأن الاتحاد الأوروبي أخذ على عاتقه مراقبة الشركات الأميركية، مراقبة دقيقة ولصيقة عبر آلياته القانونية المختلفة، للتأكد من التزامها بكل القوانين المحلية الأوروبية، بغرض توفير أفضل تجربة ممكنة للمواطنين الأوروبيين، وتحمّل المسؤولية الكاملة للشركات الأميركية عن أي أخطاء تقع في حق المواطن الأوروبي العادي.

وأشار إلى أنه إذا رغبت تلك الشركات في الاستمرار بالعمل عبر القارة الأوروبية، فلا خيار أمامها سوى الالتزام، حيث تجسد ذلك عملياً بالعديد من الوقائع كانت نتيجتها تعرّض عمالقة التقنية الأميركيين لمزيد من التدقيق والعقوبات، الأمر الذي جعلهم يعترفون تباعاً بالقوة الجماعية لأوروبا، وبالضرر الهائل المحتمل أن يتعرضوا له إذا ما قاوموا الصلابة القانونية الأوروبية ولم يرضخوا لها، كون أوروبا تمثل ثاني أكبر مصدر للدخل لهؤلاء العمالقة مجتمعين بعد أميركا الشمالية.

فضيحة

ووفقاً لتحليل «سي نت نيوز»، فإنه عندما كشفت الأخبار في مارس الماضي أن شركة «كمبريدج أنالتيكا» تعمل لحساب حملة دونالد ترامب خلال انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، كان مكتب المفوض الإعلامي في المملكة المتحدة هو الجهة الوحيدة في العالم التي فرضت على «فيس بوك» غرامة قدرها 645 ألف دولار، لدوره في هذه الفضيحة، وهي أقصى غرامة مسموح للمكتب توقيعها على الأطراف التي يثبت أنها مخالفة ومتورطة في قضايا تخص خرق البيانات.

وأضاف التحليل أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تشكلت لجنة في البرلمان البريطاني، يقودها عضو البرلمان، داميان كولينز، تسعى إلى التحفظ على مكالمات للرئيس التنفيذي لشركة «فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، لتكون جاهزة لتقديمها إلى الاستجواب بالبرلمان، على غرار ما حدث معه حينما مثل أمام الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي.

غرامة قياسية

ولفت التحليل إلى أن شركة «غوغل» كانت أيضاً بالمواجهة مع لجنة حماية المنافسة في الاتحاد الأوروبي، التي وقعت على «غوغل» غرامة قياسية بقيمة خمسة مليارات دولار، في قضية تتعلق بقيام الشركة الأميركية على إرغام شركات تصنيع الهواتف الذكية على وضع تطبيقات خاصة بـ«غوغل» وخدماتها، على متجر «غوغل بلاي»، لتعمل على جميع الهواتف العاملة بنظام التشغيل «أندرويد».

وبيّن التحليل أن حالة «أندرويد» تعتبر القضية الثانية من ثلاث قضايا مكافحة الاحتكار التي تحقق فيها اللجنة، إذ إن هناك قضية تتعلق بكيفية ترويج «غوغل» لخدمات التسوق والإعلان المعروفة باسم «غوغل إدسنس» الخاصة بها عبر محرك بحث «غوغل»، التي فرضت فيها اللجنة غرامة قدرها 2.7 مليار دولار.

نداء باريس

وذكر التحليل أن الموقف الفرنسي تجاه عمالقة التقنية الأميركيين كان صارماً أيضاً، خصوصاً بعد تولي إيمانويل ماكرون الرئاسة، حيث تجلى ذلك في منتدى إدارة الإنترنت في نوفمبر الماضي، عندما أصدر ماكرون إعلان نداء باريس من أجل الثقة والأمن عبر الإنترنت، لجعل الشبكة آمنة وجديرة بالثقة، وهو نداء وجدت كلٌّ من «مايكروسوفت» و«غوغل» و«فيس بوك» أنه لا خيار أمامها سوى التوقيع عليه، حماية لمصالحها التجارية في فرنسا.

قانون حماية البيانات

دخل قانون حماية البيانات العامة الأوروبي، حيز التنفيذ في مايو الماضي، بعد إصلاحه بحيث يكون مناسباً لعالم الإنترنت، إذ غيّر القانون القواعد الخاصة بالشركات التي تجمع أو تخزن أو تعالج كميات كبيرة من المعلومات خاصة بسكان الاتحاد الأوروبي، بحيث يتطلب ذلك مزيداً من الانفتاح حول البيانات التي تملكها تلك الشركات. وفرض القانون عقوبات تصل إلى 20 مليون يورو، أو 4% من إيرادات الشركة السنوية على الشركات المخالفة.

تويتر