5 دقائق

معايير تقييم الاستراتيجية

الدكتور علاء جراد

تناول مقال الأسبوع الماضي أهمية تقييم الاستراتيجية بمراحله الثلاث، القبلي والمرحلي واللاحق، وعادة يستحوذ التقييم اللاحق على نصيب الأسد، يليه التقييم المرحلي، ثم في النهاية التقييم القبلي، ولا أبالغ إذا قلت إنني منذ عملت مقيّماً ومدققاً، واشتركت في تقييم أكثر من 500 مؤسسة في مختلف القطاعات، لم أصادف سوى أربع مؤسسات فقط كانت تهتم بالتقييم القبلي، للتأكد من جودة استراتيجيتها ومواءمتها للتنفيذ، ثم كان النجاح حليفها، وتستحق أن يُطلق عليها بالفعل مؤسسات مدفوعة بالتعلم، حيث كانت تسعى دائماً للحصول على تقييم قبلي داخلي من خلال كوادرها، وخارجي من خلال خبراء مختصين وأطراف محايدة.

يقول «سيمور تايلز»، وهو من أهم أساتذة تقييم الاستراتيجية، إننا إذا اتفقنا على أن الاستراتيجية هي ببساطة مجموعة الأهداف والخطط لمؤسسة ما، فإنه على الرغم من بساطة التعريف، إلا أن الاتفاق على خارطة طريق، يؤمن بها جميع المديرين في المؤسسة، ويصرون على تنفيذها، أمر ليس سهلاً. وبالتالي يضع «تايلز» ستة معايير رئيسة، يمكن الاعتماد عليها في التقييم القبلي للاستراتيجية لتفادي فشلها، وهذه المعايير هي:

- أولاً: الاتساق الداخلي، ويعني وجود السياسات التي تدعم وتساند تلك الاستراتيجية، وتناغم تلك السياسات مع بعضها، فمثلاً عندما تعتمد الاستراتيجية بدرجة كبيرة على العنصر البشري في التنفيذ، ولا توجد السياسات الملائمة لتمكين العاملين أو تثقيفهم أو تقدير جهودهم، فلن تنجح الاستراتيجية، لغياب سياسات محورية.

- ثانياً: الاتساق والملاءمة مع البيئة الخارجية، لأن المؤسسة لا تعمل بمعزل عن البيئة الخارجية، فلابد من التأكد من دراسة التحديات والتهديدات المحيطة، فمثلاً إذا كانت الاستراتيجية تعتمد على وجود بنية تحتية رقمية متطورة، فهل ذلك متاح.. وإلى أي مدى؟ وهناك أمثلة كثيرة لشركات استثمرت مبالغ طائلة في تكنولوجيا لم تجنِ ثمارها، لرداءة البنية الرقمية بالدولة التي تعمل فيها الشركة، ولابد من النظر إلى التشريعات والسياسات الحكومية بعين الاعتبار.

- ثالثاً: ملاءمة وتوافر الموارد المتاحة لتنفيذ الاستراتيجية، حيث هناك استراتيجيات تعتمد إلى فرضية الحصول على تمويل من جهة ما، وتضع البيض كله في سلة واحدة، وقد لا تفي الجهة المانحة بالتمويل.

- رابعاً: الدرجة الملائمة من المخاطر، فلا يوجد عمل من دون مخاطر، ولكن على المؤسسة أن تعي جيداً مدى قدرتها على تقبل درجة المخاطر، وهل لديها قبول لمخاطر عالية، أو متوسطة أو فقط المخاطر البسيطة.

- خامساً: المدى الزمني المناسب، وهنا يلعب حجم المؤسسة دوراً مهماً، فعملية اتخاذ القرار في المؤسسات الكبيرة تحتاج إلى وقت أطول من المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وكذلك وقت تقديم المنتج إلى السوق يلعب دوراً جوهرياً في المنافسة ونجاح الاستراتيجية أو فشلها.

- وأخيراً: مدى قابلية الاستراتيجية للتنفيذ، ويمكن ببساطة أخذ رأي خبراء محايدين في مدى نجاح تلك الاستراتيجية. وبالطبع هناك العديد من الأدوات الإدارية التي تساعد إذا استخدمت بفعالية في نسج الاستراتيجية من البداية.

لا يوجد عمل من دون مخاطر، ولكن على المؤسسة أن تعي جيداً مدى قدرتها على تقبل درجة المخاطر.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر