5 دقائق

عفواً.. لقد فشلت الاستراتيجية

الدكتور علاء جراد

التخطيط الاستراتيجي، الأداء الاستراتيجي، الخبراء الاستراتيجيون، الأهداف الاستراتيجية، والتحول الاستراتيجي، مصطلحات نسمعها كل يوم، سواء في مكان العمل أو في الأخبار، والاستراتيجية تسري على كل شيء، ويحتاج إليها الجميع على المستوى الفردي والمؤسسي والحكومي وعلى المستوى العالمي، خصوصاً في التعامل مع قضايا تمسّ سكان هذا الكوكب، وحتى سكان الكواكب الأخرى عندما نعثر عليهم أو يعثروا علينا إذا كان لهم وجود، الاستراتيجية مثل البوصلة التي تدلنا على اتجاه الشمال، وبالتالي نعرف أين نتجه ومتى سنصل، لكن ماذا لو كانت البوصلة معطوبة وأعطتنا اتجاهات خطأ، ماذا لو وصلتنا رسالة في نهاية الرحلة تقول عفواً لقد سلكت الدرب الخطأ فاستراتيجيتك فاشلة!

تعود كلمة الاستراتيجية للإغريق وفنون التخطيط العسكري، فهي خطة محكمة للانتصار في معركة ما، وأصبحت الآن من أكثر المصطلحات في علم الإدارة، وتعد المكون الرئيس في مئات الآلاف من الدراسات والدرجات العملية والمؤلفات، والاستراتيجية يمكن أن تكون خطة قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل، للانتقال من النقطة ألف إلى النقطة باء، أو لتحقيق أهداف مؤسسة أو شخص أو دولة. والصفة الغالبة في معظم الأعمال أن الاستراتيجيات لا تنجح بالقدر المطلوب، وإن نجحت تماماً فتلك هي الاستثناءات وليست القاعدة، من هنا يأتي جزء مهم جداً في تكوين وصياغة الاستراتيجيات، وهو تقييم الاستراتيجية للوقوف على مدى مواءمتها لبيئة العمل، سواء من ناحية الثقافة المؤسسية، أو من ناحية تلبية احتياجات وتوقعات كل المعنيين وذوي العلاقة، بالإضافة إلى جانب آخر هو مدى واقعية الاستراتيجية وإمكانية تحقيقها على أرض الواقع، في حدود المحددات المالية التي تم وضعها، وأخيراً مدى رشاقة وقدرة تلك الاستراتيجية على التحول واستيعاب التغيرات المفاجئة، التي قد تكون عاصفة أو مدمرة.

يمكن القول إن هناك ثلاثة أنواع من تقييم الاستراتيجية، وهي التقييم القبلي، أي ما قبل البدء في تنفيذ الاستراتيجية، وبالطبع من المنطقي أن يقوم بعملية التقييم طرف محايد لم يشترك في وضع الاستراتيجية، والتقييم المرحلي، وهو تقييم مستمر بصفة دورية للوقوف على مدى ملاءمة الاستراتيجية وتوافُق التنفيذ مع المخطط، وبالتالي التدخل لتصحيح أي تباين، والتقييم اللاحق، ويتم بعد الانتهاء من تنفيذ الاستراتيجية للوقوف على مدى تحقيق النتائج والأهداف المرسومة.

ما يحدث أن معظم المؤسسات تركز على النوعين الثاني والثالث، وتهمل النوع الأول وهو التقييم القبلي، الذي هو - في رأيي - أهم بكثير من التقييمين المرحلي واللاحق، حيث قد يوفر التقييم القبلي موارد كثيرة عند اكتشاف قصور استراتيجي قبل البدء في التنفيذ، فإذا كانت الاستراتيجية معطوبة فيمكن إصلاحها قبل استخدامها، بدلاً من محاولة إصلاح العطب أثناء التنفيذ، أو تعمد تجاهله حتى لا يقع من وضعوا الاستراتيجية في مأزق.

وسأتحدث في مقال آخر عن طرق التقييم القبلي بصورة أكثر تفصيلاً.

• يمكن القول إن هناك ثلاثة أنواع من تقييم الاستراتيجية، وهي التقييم القبلي، والتقييم المرحلي، والتقييم اللاحق.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر