خارج الصندوق

ما هو بعيد عن الواقع لا صلة له بالحقيقة

إسماعيل الحمادي

إنّ كثرة التقارير العقارية وكثرة الآراء والأرقام عن السوق العقارية في دبي، بقدر ما هي مفيدة لتنوير الرأي العام وتوضيح مستويات الأداء التي تمر بها السوق، بقدر ما هي مضرة اليوم.

في وقت مضى كنا نعاني المضاربة في الأسعار لكثرة الوسطاء العشوائيين وعدم وجود قانون تنظيمي واضح للسوق، اليوم للأسف نحن نعاني نوعاً آخر من المضاربة، وهو المضاربة في الأرقام المرفقة بالتقارير العقارية الصادرة عن شركات الأبحاث والدراسات العقارية بمختلف أنواعها.

عندما تقرأ في الصباح ذاته بالجريدة نفسها وبالصفحة نفسها، تقريرين عقاريين عن أداء سوق العقارات في دبي للعام الجاري، التقرير الأول يفيد بأن هناك تزايداً في عدد المشروعات الجديدة في السوق، بينما التقرير الثاني يفيد بأن هناك تراجعاً في عدد المشروعات الجديدة في السوق مع إرفاق أرقام عن ذلك، فإن هذه هي «المضاربة في الأرقام» وهنا تختلط أوراق المستثمرين والمتتبعين للسوق حتى وإن كان أحد التقريرين مصيباً والآخر مخطئاً، وبغض النظر عن نمط الصورة التي سيطبعها كل تقرير في ذهن القارئ عن السوق.

ربما عند هذه النقطة يجب أن نتوقف كثيراً وليس قليلاً، لأن قوة الإعلام وسلطته على العقول أكبر بكثير من أي قوة أخرى، لو ندرك حجم هذه الحقيقة ولو أدرك القائمون على تحرير تلك الجريدة حجم هذه الحقيقة، ما تم نشر تقريرين متنافيين في يوم واحد وبصفحة واحدة، أو حتى بفارق زمني مدته أسبوع.

وفي مثل هذه الحالات دائما أنصح الباحثين عن الحقيقة بالعودة إلى الواقع واستقائها من أرض الواقع ولو كانت بدرجة تقريبية ونسبية، لكنها ستظل حقيقة تغنيك عن كل التقارير المتضاربة.

ولأجل القضاء على مثل هذه الحالات، أتمنّى من شركات الأبحاث والدراسات العقارية النزول كذلك إلى الواقع وإحصاء الأرقام الصحيحة لوضع تقارير مفيدة تؤتي أكلها عند نشرها، تفيد المستثمر والمطور والبائع والشاري والمالك والمستأجر، وكم أتمنّى من الجهات القائمة على السوق أن تضع حداً لمثل هذه التقارير بإيجاد مصدر معلومات ثابت، يتسم بصدقية الأرقام والإحصاءات المستقاة عن القطاع العقاري في دبي، لتكون مرجعاً موحداً لشركات الأبحاث في إنجاز تقاريرها السنوية، فلا مضاربة في الأرقام ولا تضارب في الآراء ولا اختلاف في تكوين الانطباعات عن السوق.

ليس صعباً، هو أمر يستلزم فقط بعض الجهد للنزول إلى أرض الواقع لاستقاء الإحصاءات الحقيقية والأرقام الدقيقة، وبعض الحزم في كيفية نشر تلك الأرقام عبر التقارير الدورية لتوضيح الصورة، فالواقع دائماً وأبداً سيظل هو الحقيقة مهما كان نوعها، وكل ما هو بعيد عن الواقع لا صلة له بالحقيقة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


«يجب النزول إلى أرض الواقع لاستقاء الإحصاءات الحقيقية والأرقام الدقيقة».

تويتر