كـل يــوم

لنتحدث معاً..

سامي الريامي

لنتحدث معاً، هذا كل ما نحتاج إليه لحل معضلات كثيرة، وتجاوز مراحل صعبة، وتحقيق إنجازات مشرّفة، فمعظم المشكلات، خصوصاً تلك التي يعانيها الشباب والفتيات في المدارس والجامعات، تتفاقم وتكبر لأننا لم نتحدث معهم عنها، ولم نقترب منهم لنسمعهم وهم يتحدثون عنها، لذلك تحولت إلى مشكلة، والمشكلة تتحول إلى ظاهرة، يصعب أو يطول حلها، مع أنه كان بالإمكان وأدها في مهدها بأسلوب بسيط جداً، وهو تُرك صاحبها يتحدث عنها!

حالياً يمرّ التعليم في الإمارات بمرحلة مهمة جداً، عنوانها الرئيس التطوير والتأهيل وتمكين الطلبة من مهارات المستقبل، التي تجعلهم يواكبون التطور التكنولوجي السريع، ولكن في خضم هذه الأمور كلها يجب علينا ألا ننشغل أو نغفل عن بناء شخصية الطلبة والطالبات، وتمكينهم نفسياً وأخلاقياً وتربوياً، قبل أن نحرص على إتقانهم العلوم الفيزيائية والكيميائية وعلوم البرمجة وغيرها من المواد العلمية، فلا فائدة من طالب متمكن في الرياضيات والفيزياء، وضعيف في شخصيته لا يمتلك الجرأة على الكلام، ولا يستطيع إبداء رأيه، أو اتخاذ قرار ولو بسيطاً في حياته!

البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، التقط هذا الخيط المهم، وربطه بالأجندة الوطنية لجودة الحياة، التي تتضمن تسعة بنود، بينها: تبني الفكر الإيجابي، وتعزيز جودة الترابط والعلاقات الاجتماعية، وبناء مهارات الحياة الجيدة.. ومن ثم تم إسقاط هذه الأهداف على طلبة وطالبات المدارس في الحلقتين الثانية والثالثة، للوصول إلى أهداف مدروسة بعناية، تتمثل في تعزيز الصحة النفسية للطلاب، والتخفيف من ضغوط الحياة اليومية عليهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وإكسابهم مهارات شخصية في الحياة الاجتماعية، والقيم الأخلاقية، وإثراء الوعي الذاتي.

كل ذلك عبر مبادرة بسيطة في فكرتها، غزيرة في أهدافها، هي مبادرة «لنتحدث»، وهي ببساطة تخصيص وقت معين للطلبة والطالبات، ومن خلال مجموعات عددية مختلفة، يجلسون فيها مع بعضهم بعضاً، بحضور مشرف تربوي، ويتحدثون بكل صراحة عن موضوع معين، أو مشكلة معينة، كل منهم يعبر عما يجول في خاطره، وكل منهم يحاول تقديم الحل والعون لزميله، كل ذلك بسرية تامة، وبأريحية، ومن دون خوف أو توتر، فالهدف ألا يعاني أحد منهم بصمت، وألا يُترك وحده إن كانت هناك مشكلة تؤرقه، وفي الحلقة ذاتها يتلقون التوجيه من المشرف التربوي، إضافة إلى وجود مختص نفسي، يتولى إكمال المهمة في حالة وجود حالات تستدعي تدخل الطب النفسي لعلاجها.

بهذه الطريقة المبتكرة نستطيع التأثير إيجابياً في شخصيات الطلبة والطالبات، حيث نمنحهم الجرأة على التعبير والتحدث، ونمنحهم مزيداً من الثقة، ونمنحهم التوجيه الصحيح، ونغذيهم بالقيم والأخلاق، ونمنع عنهم التفكير السلبي، ونحفظهم من الانزلاق نحو الأمور السيئة.

مبادرة مميزة، نحتاج أن نتابعها، وأن نقيس نتائجها، ومن ثم نسعى لتعميمها، في حالة نجاحها، على جميع مدارس الدولة، الحكومية والخاصة، بل تعميمها على المجتمع بشكل عام، بدءاً من الأسرة إلى «الفريج»، وفي كل تجمعات الشباب والفتيات، فهي خير وقاية وحلّ لكثير من المشكلات الاجتماعية.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر